إن هدف "تحقيق ذروة انبعاثات ثاني أكسيد الكربون وتحقيق الحياد الكربوني"، لا يدفع التحول الأخضر لأسلوب الحياة وطرق الإنتاج وتوسيع حجم سوق تجارة الكربون في الصين والعالم فحسب، وإنما أيضا سوف يعزز التنمية المبتكرة لشركات في صناعة حماية البيئة على مستوى العالم.

في معرض الصين الدولي لتجارة الخدمات لعام 2021، رأى الزوار عناصر موضوع المعرض المتمثلة في "الأخضر ومنخفض الكربون وحماية البيئة" في كل أنحاء المعرض. فبالإضافة إلى جميع المنتديات الخمسة عشر التي أقيمت خلال المعرض، مثل "المنتدى الدولي للتنمية الخضراء لعام 2021- تحقيق ذروة انبعاثات ثاني أكسيد الكربون وتحقيق الحياد الكربوني" و"حياة منخفضة الكربون، وبناء مدن تقلل تأثير المخلفات الصلبة على البيئة إلى أقصى حد" و"منتدى تطور الحياد الكربوني في الصين لعام 2021"، فإن جوانب المعرض المختلفة، مثل تصميم الأجنحة وبناء الأكشاك والمنتجات المعروضة والحلول المبتكرة، تجسد مفهوم حماية البيئة والمفهوم الأخضر أيضا.

التكنولوجيا الخضراء لحماية الكرة الأرضية

عند دخول جناح المعرض الرئيسي في المركز الوطني للمؤتمرات في بكين حيث أقيم معرض الصين الدولي لتجارة الخدمات لعام 2021، أول ما يلفت الأنظار هو معرض منجزات تجارة الخدمات الصينية. حسب اللجنة المنظمة للمعرض، يمكن إعادة تدوير أكثر من 90% من مواد البناء في الجناح وإعادة استخدامها.

الهواتف النقالة أجهزة إلكترونية لا غنى عنها في الحياة اليومية حاليا، فكيف يمكن التعامل مع الهواتف النقالة المعاد تدويرها بطريقة غير ضارة؟ بل وتحويل نفايات الهواتف المستعملة إلى كنز؟ قالت السيدة لي ون شيوي، مساعدة الأمين العام لجمعية الصين لتجارة الخدمات، وهي تقف في "غابة مطيرة خضراء" مرتبة بعناية في جناح المعرض، مشيرة إلى شاشة إلكترونية: "انظروا إلى هذين الاثنين من القرود العنكبوتية، اللذين يعيشان في الغابات الاستوائية المطيرة في كوستاريكا الجمهور، وهما يقدمان التحية للجمهور، هذا هو نظام مراقبة الغابات المطيرة الشمسية الذي أنشأته شركة هواوي باستخدام الهواتف النقالة المعاد تدويرها بتقنية الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء." وأضافت أنه يمكن للهواتف النقالة المعاد تدويرها المثبتة في كل نقطة تجميع معلومات للنظام التقاط بيانات صوتية مختلفة، مثل أصوات القرود، وصوت المناشير الكهربائية في المناطق التي يحظر بها قطع الأخشاب، ونقلها إلى خادم الذكاء الاصطناعي المثبت على السحابة في الوقت الفعلي. بمجرد أن يحصل النظام على صوت المنشار، يقوم بتنشيط الإنذار في أسرع وقت ممكن، وتقديم الموقع المحدد لقطع الأخشاب الجائر إلى حراس الغابات المحليين. وأضافت: "تلعب الغابات الاستوائية المطيرة المحمية بواسطة الحل المبتكر "حارس الغابة" دورا حيويا في تقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون والمحافظة على التوازن البيئي عالميا."

وأمام كشك "متجر أسرة جينغ للأوراق"، وهي ماركة عريقة في بكين، تعرض مديرة التصميم بالشركة جيانغ شيويه جياو للجمهور مجموعة من الأدوات المكتبية الصديقة للبيئة بموضوع دورة الألعاب الأولمبية الشتوية؛ مثل دفاتر "بينغ دون دون" (اسم تميمة الألعاب الأولمبية الشتوية في بكين)، المصنوعة من الورق الحجري، وأقلام الحبر الجاف المصنوعة من قنينات المياه المعاد تدويرها.

يُصنع هذا النوع من الدفاتر من الحجر الجيري الشائع، حيث يسحق ويستخدم في صنع ورق صديق للبيئة مقاوم للماء وللتمزق وللحشرات. لا تستهلك عملية إنتاجه بأكملها الخشب، وهو ورق قابل للتحلل ومنخفض الكربون وصديق للبيئة، مما يعكس مفهوم الألعاب الأولمبية الشتوية الخضراء.  قالت السيدة جيانغ شيويه جياو: "يمكن إنتاج قلم حبر جاف واحد من إعادة تدوير قنينتين من البلاستيك، كما أن حقائب التخزين المعروضة مصنوعة أيضا من مواد صديقة للبيئة وقابلة للتحلل البيولوجي وآمنة وغير سامة."

كما تقترح شركة إبسون اليابانية حلولا مبتكرة صديقة للبيئة. في كشكها الذي يجسد موضوع "المستقبل الأخضر يقود بالابتكار"، شرح أحد الموظفين كيفية تحويل الورق المستعمل إلى قصاصات ورقية من خلال آلة تمزيق، ثم من خلال ثلاث خطوات يتم فصل الألياف، وتقوية الترابط والتشكيل بالضغط، ليتم إخراجها على شكل ورق معاد تدويره. تستغرق العملية بأكملها دقيقة واحدة فقط لإنتاج ورقة مقاس A4 معاد تدويرها.

أوضح أكيهيرو فوكايشي، رئيس شركة إبسون (الصين) المحدودة للزوار، أن حل الحلقة المغلقة من "الطباعة وإعادة التدوير والطباعة" الذي يسمى بـ"نظام إعادة تدوير ورق الألياف بالمعالجة الجافة"، يمكن أن يحل بذكاء مشكلة كثرة استهلاك المياه في إنتاج الورق التقليدي. هذا المنتج التكنولوجي الأخضر المبتكر الذي يحقق إعادة تدوير الورق المكتبي بدون ماء، يساعد المزيد من الشركات على تحقيق التنمية المستدامة، وتحقيق الوعد بتنفيذ هدف "تحقيق ذروة انبعاثات ثاني أكسيد الكربون وتحقيق الحياد الكربوني".

منطقة حديقة معرض قابلة لإعادة التدوير

في حديقة شوقانغ الجديدة للخدمات الشاملة للصناعة الراقية، تم تحويل مصنع الصلب القديم إلى معرض بنمط يجمع بين خصائص المساكن والمتنزهات الحضرية. حسب ((الخطة العامة للتحول الحضري لمدينة بكين (2016- 2035)))، ستصبح حديقة شوقانغ الجديدة منطقة نموذجية للتحول الأخضر والارتقاء بالصناعات التقليدية، وقاعدة ثقافية ورياضية إبداعية في عصر ما بعد الصناعة، مما يعكس تماما "التنمية والتحول الأخضر لمدينة بكين."

قال مدير التصميم لشركة البناء والاستثمار لمجموعة شوقانغ يوي هوا: "ثمة تغيران رئيسيان لمجموعة شوقانغ لهما علاقة بالألعاب الأولمبية." تأسست مجموعة شوقانغ في عام 1919، وقد شهدت مائة عام من تغيرات الصناعة الصينية من الولادة إلى التطور. بعد نجاح بكين في استضافة دورة الألعاب الأولمبية الصيفية التاسعة والعشرين، بدأت مجموعة شوقانغ تحويل تقنياتها في عام 2005، بحيث تضمن جودة الهواء في العاصمة، وأيضا تتكيف مع المتطلبات الجديدة للتعديل الهيكلي لصناعة الصلب في الصين. في عام 2016، أقيم مقر اللجنة المنظمة لأولمبياد بكين الشتوية في حديقة شوقانغ.  قال يوي هوا: "هذا تغير كبير للمجموعة. تجمع حديقة شوقانغ بشكل مبتكر بين التراث الصناعي والمناظر الطبيعية، مما يضيف وظائف جديدة ويضفي حيوية على شوقانغ التي يرجع تاريخها إلى مائة عام."

عند دخول حديقة شوقانغ، ما يلفت الانتباه هو النمط الصناعي لما بعد الحداثة. على طول المحور المركزي إلى الشمال، في منطقة خضراء مفتوحة، تتوزع أجنحة العرض الخمسة عشر لمعرض الصين الدولي لتجارة الخدمات على الجانبين. توجد فيها بنايات صناعية مثل المداخن وأفران فحم الكوك وأبراج التبريد بعد أن تم تحويلها إلى مناظر طبيعية فريدة، لتشكل مكانا لإقامة المؤتمرات والمعارض الدولية على طراز الحدائق مع مناظر صناعية فريدة من نوعها. أثناء التجول في الأجنحة، يمكن للجمهور زيارة جبل شيجينغ وبحيرة تشيونمينغ وبحيرة شيويتشي ومنصة القفز على الثلوج وفرن الصهر لصناعة الحديد وغيرها من المناظر المميزة.

في وسط العشب الأخضر، يوجد جناحان مفتوحان يشبهان جناحي طير. قال يوي هوا: "هنا يوجد سقف بهيكل الغشاء المشدود، الذي يستفيد من الإضاءة الطبيعية واستخدام الطاقة بالحد الأدنى." وأضاف، أن مادة هذا الهيكل الغشائي لها تأثير ظلال جيد، خاصة وقت الظهيرة، مما يوفر مساحة وظيفية أكثر مرونة لإقامة الأنشطة.

تم تبني مفهوم حماية البيئة الخضراء خلال عملية تحويل وتطوير حديقة شوقانغ، وقام المصممون أيضا بتطبيق تقنيات الهدم الأخضر والترابط الوثيق بين البنايات الجديدة والقديمة. قال يوي هوا، إن الحصى والطوب والنفايات الصلبة الأخرى الناتجة من هدم بنايات المصنع القديمة تم سحقها وخلطها مع الأسمنت، لصنع ألواح جدران خارجية منخفضة الكربون وخفيفة الوزن، وبلاط للأرضيات وغير ذلك. أسقف الأجنحة مصنوعة أيضا من صفائح فولاذية مطلية بالألومنيوم والزنك من إنتاج مجموعة شوقانغ نفسها، والتي تتميز بخصائص مقاومة التآكل والمتانة العالية والقابلية لإعادة التدوير.

استكشاف المسار المناسب لتحقيق هدف "تحقيق ذروة انبعاثات ثاني أكسيد الكربون وتحقيق الحياد الكربوني"

في منتدى تطور الحياد الكربوني في الصين لعام 2021، الذي عقد في الخامس من سبتمبر 2021، قالت فانغ لي، رئيسة مكتب بكين التمثيلي لمعهد الموارد العالمية، وهو منظمة غير هادفة للربح ويقع مقره الرئيسي في واشنطن: "يجب قطف الثمار المنخفضة أولا، فمن السهل قياس وتقييم مواد البناء الصديقة للبيئة لشركات البناء، ويمكن استخدامها كوحدة تجريبية لمعاملات سوق الكربون." حسب بيانات وزارة البيئة الإيكولوجية الصينية، أصبحت سوق الكربون التجريبية في الصين ثاني أكبر سوق للكربون في العالم من حيث حجم تجارة الحصص.

وقال الخبراء خلال المنتدى، إن فترة "الخطة الخمسية الرابعة عشرة" هي فترة فرص إستراتيجية هامة، لتعزيز جودة وكفاءة صناعة حماية البيئة المنخفضة الكربون وتسريع التنمية. في الوقت الحاضر، في جميع أنحاء الصين، تم وضع قوائم جرد إقليمية لانبعاثات غازات الاحتباس الحراري وتم إصدار خطط معنية لتحقيق هدف "تحقيق ذروة انبعاثات ثاني أكسيد الكربون والحياد الكربوني"، وتم إصدار طرق المحاسبة لانبعاثات غازات الاحتباس الحراري من صناعات وشركات متعددة، وطرق التقليل الطوعي من انبعاث غازات الاحتباس الحراري، وغيرهما. قالت نائبة رئيس اتحاد البيئة لعموم الصين شيه يوي هونغ: "انبعاثات غازات الاحتباس الحراري مرتبطة بجميع جوانب الاقتصاد الوطني، من الضروري إنشاء نظام بيانات متعدد الأبعاد وفعال على مستوى كل البلاد."

في المنتدى، أطلقت شركة روك كونترول للصناعة رسميا بالتعاون مع اتحاد البيئة لعموم الصين وبورصة بكين الخضراء، "منصة تحليل البيئة الإيكولوجية على الإنترنت لتحقيق ذروة انبعاثات ثاني أكسيد الكربون والحياد الكربوني". يتم عرض خريطة محدثة في الوقت الفعلي للصين على شاشة إلكترونية. يمكن للأشخاص من خلال النقر على أي مقاطعة أو مدينة أو محافظة على الشاشة، رؤية ومتابعة جودة الهواء وحجم انبعاثات الشركات وعدد السكان والزراعة والنقل والبنايات واستهلاك الطاقة وهيكل الصناعة وغيرها من البيانات الأخرى منذ عام 2007، كما أن لديهم إمكانية الوصول في الوقت الفعلي إلى بيانات مثل الطقس واستخدام الطاقة للشركات وانبعاثات الكربون، وبهذا تم إنشاء بنك بيانات يساعد في اتخاذ السياسات وتجارة الكربون.

يعتقد ليو تشيانغ، مدير مكتب أبحاث الطاقة في معهد الاقتصاد الكمي والتقني بالأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية، أن نظام البيانات الكبرى هذا هو حقا حل جاء في وقت مناسب.  وقال: "في كثير من الحالات، عند إجراء بحث حول الحياد الكربوني أو عندما تصمم الإدارات المعنية مسارات للحد من انبعاثات الكربون، من الصعب العثور على بيانات محدثة منتظمة ودقيقة وفي الوقت الفعلي." أنشأ هذا النظام مسارا عمليا لتحقيق "هدف تحقيق ذروة انبعاثات ثاني أكسيد الكربون والحياد الكربوني".

قال رئيس مجلس إدارة شركة روك كونترول للصناعة لي وي: "بشكل أساسي، تهدف "منصة تحليل البيئة الإيكولوجية على الإنترنت" إلى الجمع بين البيانات المرتبطة ارتباطا وثيقا بالبيئة الإيكولوجية وانبعاثات الكربون على مرور السنين مع المراقبة في الوقت الفعلي لبيانات إنترنت الأشياء، وإنشاء نظام بيانات متعدد المصادر." وأضاف، أنه وفقا لموارد البيانات الموثوق بها من "منصة تحليل البيئة الإيكولوجية على الإنترنت"، يمكن لكل مقاطعة ومدينة ومحافظة وهيئة إدارة صناعية وشركة وضع الجداول والخطط وغيرهما من الخطط الطويلة الأجل لتحقيق ذروة انبعاثات ثاني أكسيد الكربون والحياد الكربوني، وتنفيذ التحليل المرحلي والمراقبة الفعلية والإدارة الفعلية في العملية. ويكمن تحسين جودة البيانات ومستوى إدارة أصول الكربون، ومساعدة جميع أنواع المستخدمين على تحقيق هذا الهدف.

قال مدير عام بورصة بكين الخضراء مي ده ون: "تجارة انبعاثات الكربون لا تجسد مفهوم حماية البيئة الشائع دوليا فحسب، وإنما الأهم من ذلك أنها يمكن أن تجلب فوائد طويلة الأجل للتنمية المستدامة للمؤسسات." وأضاف، أنه فقط من خلال تسعير الحقوق البيئية ودفع التنمية المنخفضة الكربون، يمكننا حقا تحقيق ابتكار مثمر.