يتزايد عدد الشركات التي تستجيب لدعوة الحكومة الصينية للمؤسسات لتساهم بقوتها في بناء الرخاء المشترك، فأضحى ذلك تيارا ساخنا في المجتمع الصيني حاليا. قال تشيوي يونغ يي، أمين لجنة الحزب الشيوعي الصيني ونائب مدير معهد الاقتصاد الصناعي بالأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية في مقابلة صحفية أجريت معه مؤخرا: "أصبحت المساهمة في بناء الرخاء المشترك مظهرا للمسؤولية الاجتماعية للشركات حاليا." ما قاله السيد تشيوي يمثل توافقا عاما للصينيين في الوقت الحالي.

من "نقل الدم" إلى "تكوين الدم"

الحديث عن مسؤولية الشركات في تعزيز الرخاء المشترك يثير مشاعر خاصة عند السيد لي آن بينغ، رئيس شركة تشندونغ المحدودة للأدوية في مقاطعة شانشي، الذي كان قد انقطع عن الدراسة في صباه من أجل تخفيف أعباء أسرته الفقيرة. في عام 2015 أطلق اتحاد الصناعة والتجارة لعموم الصين حملة "عشرة آلاف مؤسسة تساعد عشرة آلاف قرية فقيرة". وعندما سئلت شركة تشندونغ عن القرية أو البلدة التي ترغب في مساعدتها، كانت الإجابة: "محافظة بينغشون"، التي تتبع مدينة تشانغتشي بمقاطعة شانشي. تقع محافظة بينغشون في أعماق جبل تايهانغ، وكان وضعها الطبوغرافي سببا في فقرها ومعاناة أهلها وصعوبة التخفيف من حدة الفقر بها. كانت المحافظة هي الأولى في معدل الفقر وانتشار الفقر ودرجة الفقر في مقاطعة شانشي. كانت فيها مائتان وواحد وأربعون قرية فقيرة و18011 عائلة فقيرة و51997 فردا فقيرا مسجلا.

قاد لي آن بينغ فريق التخفيف من حدة الفقر للقيام بالاستطلاع والمسح الميداني، وبعد فترة من البحث الدقيق، وجدوا أن بينغشون لديها تاريخ طويل في زراعة الأعشاب الطبية الصينية، وأن بها ثلاثمائة نوع من الأعشاب الطبية، مما يجعلها "مملكة الأعشاب الطبية الصينية". انطلاقا من هذه الظروف المؤاتية، قررت شركة تشندونغ تطوير قطاع زراعة الأعشاب الطبية الصينية في محافظة بينغشون، وإنشاء مشروع "قاعدة زراعة خمسمائة ألف مو (الهكتار يساوي 15 مو) من الأعشاب الطبية الصينية في محافظة بينغشون"، لتعزيز التنمية الاقتصادية المحلية والتخلص من الفقر، وتحقيق التحول من مرحلة "نقل الدم" إلى مرحلة "تكوّين الدم"، وتطوير محافظة بينغشون لتصبح "المحافظة الأولى في مجال زراعة الأعشاب الطبية الصينية في البلاد"، وتحقيق التنمية الاقتصادية والصناعية من خلال الاستفادة من ظروف الموقع الجبلي المحلي لتطوير زراعة الأعشاب الطبية، وفتح طريق للتخفيف من حدة الفقر بالاعتماد على هذا الأسلوب في التنمية الصناعية.

في الوقت نفسه، ابتكرت شركة تشندونغ نموذجا للإدارة الهرمية، بمعنى أن القادة من المستويات المختلفة مسؤولون عن مستويات مختلفة من المناطق، بحيث تكون الإدارة العليا مسؤولة عن المناطق الكبيرة، والإدارة الوسطى مسؤولة عن القرى، والموظفون مسؤولين عن المزارعين، لتشكيل هيكل إدارة شبكي لتغطية جميع العائلات الفقيرة. من خلال نموذج التشغيل "حكومة+ شركة+ منظمة تعاونية متخصصة+ مُزارع = قاعدة"، تم إنشاء مسار تواصل بين الإنتاج والتسويق لضمان وجود شركات متخصصة تباشر العملية بكاملها من الزراعة إلى التسويق، وتبديد مخاوف المزارعين بشأن زراعة الأعشاب الطبية الصينية، ليتأكدوا من أن زراعة الأعشاب الطبية ستحقق بالفعل نتائج اقتصادية. كما استحدثت شركة تشندونغ مزيجا من أسلوب التداول وأسلوب الدفع المسبق وأسلوب الطلب والزيادة المرتبة والمؤقتة للعمالة، لمساعدة المزارعين على زيادة دخلهم، وتعاقدت معهم على استخدام حقولهم. وقد أتاحت فرص العمل الموسمية دخلا إضافيا للعائلات الفقيرة بالإضافة إلى دخلها اليومي. ما أثلج صدر لي آن بينغ، هو أن محافظة بينغشون تخلصت من الفقر في عام 2019 قبل الموعد المقرر بعام كامل.

هناك العديد من القصص المماثلة. منذ أن أطلقت مجموعة "Trip.com" لخدمات السفر عبر الإنترنت برنامج "الجبال والأنهار الرائعة" السياحي للتخفيف من حدة الفقر، قامت بتنشيط الموارد المحلية وتشغيل المتاجر في أربعمائة مدينة على مستوى المحافظة في جميع أنحاء البلاد، وقد غطى عملها الفعلي ست عشرة محافظة فقيرة. وقد مكن "التخفيف من حدة الفقر عن طريق تكوين الدم" مئات الشباب في المدن الصغيرة من العثور على وظائف في مكان إقامتهم. من بين هؤلاء الشباب يحقق المتميز منهم دخلا أكثر من عشرة آلاف يوان (الدولار الأمريكي يساوي 4ر6 يوانات حاليا) في الشهر، اي ما يزيد عن 3 إلى 4 أضعاف متوسط دخل الفرد المحلي. بالإضافة إلى ذلك، تعطي مزرعة العطلات التابعة للشركة أولوية لتوظيف السكان المحليين بهدف دفع التنمية الاقتصادية المحلية عن طريق المساعدة الصناعية. وفقا للسيد لو يون، الرئيس التنفيذي لمجموعة Rezen Group، وهي علامة تجارية في مجال الفنادق الراقية تحت إدارة مجموعة "Trip.com"، فإن مجموعته تتولى الآن مسؤولية التشغيل اليومي للخدمات في مزرعة العطلات. بالإضافة إلى مساعدة ودعم الفنادق والمنتجعات المحلية من حيث أنظمة الفنادق الراقية والتكنولوجيا وإدارة التسويق، تولي الشركة أيضا اهتماما خاصا لتوظيف الأكفاء المحليين وتدريبهم. على سبيل المثال، تعطي المنتجعات أولوية التوظيف للسكان المحليين وخاصة من العائلات ذات الدخل المنخفض.

تهيئة الظروف لتطوير الأكفاء الريفيين

أصبح الاقتصاد الخاص، باعتباره قوة لا غنى عنها لتعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية في الصين، ميدانا هاما لتنظيم المشروعات وتشغيل العمالة، وكيانا هاما للإبداع التكنولوجي، ومصدرا هاما للضرائب الوطنية. كما أنه يلعب دورا بالغ الأهمية في تحقيق الرخاء المشترك في الصين.

قبل عامين، زار مجموعة "Trip.com"، منغ ون هاي قائد الدفعة التاسعة من كوادر شانغهاي لمساعدة التبت ونائب أمين لجنة الحزب الشيوعي الصيني بمدينة شيغاتسه في التبت (في الصين، كانت المناطق المتقدمة نسبيا ترسل مجموعات عمل حكومية للمساعدة في تنمية المناطق المتخلفة نسبيا)، أملا في أن تساعد المجموعة، باستخدام مواردها السياحية ومزايا أكفائها، شيغاتسه في استغلال موارد السياحة المحلية والتغلب على مشكلات التنمية في السياحة. وقد أسفرت زيارته عن التوصل إلى اتفاق بين الحكومة المحلية والشركة، وأصبحت مجموعة "Trip.com" أول شركة خاصة في شانغهاي تقدم المساعدة لمنطقة التبت في التغلب على الفقر، باستخدام مواردها. فقد اختارت الشركة دنغ تشي، وهو شاب من مواليد ما بعد تسعينيات القرن العشرين، من بين أكثر من ثلاثين ألف موظف من المستوى المتوسط في الشركة، ليكون المسؤول عن أعمال السياحة الإقليمية وإدارة وقيادة مشروع المساعدة لكل منطقة التبت. بفضل الجهود المشتركة للسيد دنغ وفريق الاتصال لمساعدة التبت في شانغهاي، تشكل خط سياحي دائري جديد، يتخذ جبل تشومولانغما كنواة له. وفقا للخطة، ستنقل الشركة سنويا خمسين ألف سائح على خط جبل تشومولانغما- شيغاتسه السياحي الدائري في العامين المقبلين. وعلى أساس حساب قيمة كل طلب بخمسة آلاف يوان، ستحقق الشركة مبيعات مباشرة بقيمة 250 مليون يوان.

وكذلك فإن شركة سي دي فاينانس مانجمنت المحدودة (CD Finance) تهدف منذ إنشائها إلى مساعدة الفئات المحرومة في المناطق الريفية على تطوير الإنتاج وزيادة الدخل وتحقيق الرخاء، وبالاستفادة من الخبرات الدولية، أجرت الشركة تحسينات محلية لتلبية الاحتياجات المحلية، وتصمم منتجاتها خصيصا لتلبية الاحتياجات المالية الريفية على نحو دقيق وإعطاء الدور الكامل لمزايا القروض الصغيرة في التخفيف من حدة الفقر. وفقا للسيد ليو دونغ ون، رئيس مجلس الإدارة والمدير العام لشركة CD Finance، أسست الشركة خلال النصف الأول من عام 2021، فروعا لها في أربعمائة محافظة في جميع أنحاء البلاد، بإجمالي أكثر من 7ر4 ملايين قرض بقيمة أكثر من ثمانين مليار يوان، وبلغ رصيد القروض ثلاثة عشر مليار يوان، من بينها، بلغت نسبة القروض المستخدمة مباشرة في قطاع الزراعة وتربية المواشي 44%. وتخدم الشركة حاليا ما يقرب من أربعمائة وثلاثين ألف عميل مقترض، من بينهم أكثر من 70% نساء. مكنت أعمال القروض الخاصة بالشركة أكثر من سبعة ملايين مزارع من الحصول على مساعدات كبيرة. قال ليو دونغ ون: "كأداة قوية للتخفيف من حدة الفقر، لا يمكن للقروض الصغيرة أن تكون مكملا فعالا للمؤسسات المالية التقليدية فحسب، وإنما أيضا يمكن أن تثير الحافز الداخلي للفقراء من خلال توفير الأموال مباشرة، حتى يتمكنوا من تطوير الإنتاج في مكان إقامتهم وتعزيز العمالة المحلية. هذا هو أيضا مسعى CD Finance كمؤسسة مهنية للخدمات المالية الريفية للوفاء بمسؤوليتها المتمثلة في خدمة 'آخر 100 متر' بالمناطق الريفية."

في السنوات الأخيرة، مع تعزيز إستراتيجية إنهاض الريف، شهدت احتياجات سكان الريف أيضا تغييرات هائلة، مما فرض متطلبات جديدة على منظمات الخدمات الزراعية. وفي هذا السياق، واصلت CD Finance تطوير أعمالها التجارية، والابتكار في خدماتها، واستخدام التكنولوجيا الرقمية للسعي إلى دمج العناصر المالية مع عناصر الإنتاج من أجل تعزيز نهضة الصناعة وزيادة دخل المزارعين. قال ليو دونغ ون إن CD Finance تأمل في المستقبل أن تستهدف "الصناعة" و"الأكفاء" و"البيئة" و"الثقافة" والقطاعات الرئيسية الأخرى، وأن تواصل تعميق محتوى الخدمات، وأن تبني منصة خدمات شاملة بمساعدة التكنولوجيا الرقمية. وفي ظل النموذج المكثف والواسع النطاق والرقمي لخدمات المنصات، تشكلت وظائف الربط المعلوماتي، وتكامل الموارد، والتفاوض على الأسعار وفرق القيمة، والقدرة الممتازة على الشراء والبيع، والدعم المالي، والتدريب التقني، والتوجيه في مجال تنظيم المشروعات، من أجل تعزيز تنمية الزراعة الحديثة في المناطق الريفية وتفعيل حيوية تنظيم المشروعات الريفية، ومواصلة تعزيز قدراتها الخاصة وبناء منظماتها لتوفير بيئة عمل أفضل وتربة إنمائية للأكفاء الريفيين. في الوقت الحاضر، يعمل في الشركة أكثر من ستة آلاف موظف، أكثر من 80% منهم يعملون في فروع الشركة. هؤلاء الموظفون يأتون من عشرات الآلاف من القرى في أكثر من أربعمائة محافظة في جميع أنحاء البلاد ومعظمهم مزارعون محليون أو أصحاب مشروعات صغيرة ومتناهية الصغر، ومؤهلهم التعليمي هو المعاهد المهنية وما دونها بشكل أساسي، ويبلغ متوسط أعمارهم حوالي 36 سنة.

فيما يتعلق بكيفية المساهمة بشكل أفضل في تحقيق الرخاء المشترك، قال لي آن بينغ: "المجتمع يتطور، والاستهلاك يتطور، ودخل الجميع يرتفع أكثر فأكثر. الآن خرج المزارعون من دائرة الفقر، لكن، في الخطوة التالية، من المحتمل أن يصبح المزارعون فقراء بسبب المرض أو الحوادث أو الكوارث الطبيعية وأسباب أخرى. لذلك، ستركز الشركة على ضمان التنمية طويلة الأجل للمزارعين وتعزيز قدرتهم على الاستجابة للمخاطر. سيركز نموذج الإدارة الهرمية أيضا على تطوير كل مزارع لضمان أساس متين لتطوير قطاع زراعة الأعشاب الطبية الصينية وتعزيز حيوية القطاع بأكمله. حتى الآن، ساعدت شركة تشندونغ المزارعين على تشكيل 486 منظمة تعاونية متخصصة، وبناء قواعد زراعة موحدة في تسع عشرة محافظة فقيرة بما في ذلك محافظة بينغشون ومحافظة تشينشيان، مما أدى إلى زيادة مطردة في دخل مائتين وعشرين ألف عائلة فقيرة، وبلغ متوسط دخل العائلة 2000 إلى 3000 يوان. بفضل ذلك، أصبحت تشندونغ الشركة الوحيدة الحائزة على "الجائزة الوطنية للمساهمة في التخفيف من حدة الفقر" وجائزة "الشركة النموذجية للتخفيف من حدة الفقر على المستوى الوطني".

--

يوان شواي، صحفي في مجلة ((شياوكانغ)) الصينية.