ملف العدد < الرئيسية

رحلة وانغ وي من الأدوية والفضاء إلى الحلوى

: مشاركة
2022-05-07 14:42:00 الصين اليوم:Source ليو تشانغ:Author

تتمتع السيدة وانغ وي، مؤسِسة العلامة التجارية للمخبوزات اليدوية "قوجيانغ"، بخبرات واسعة متنوعة، فقد عملت في بحث وتحضير الأدوية الصينية التقليدية بصيدلية أحد المستشفيات، وشغلت منصب مديرة قسم الموارد البشرية في شركة كبيرة، ودرست في فرنسا قبل أن تعود إلى الصين لإنشاء متجر للحلوى الفرنسية. قالت وانغ وي إن حياتها نضجت كثيرا خلال محاولاتها للقيام بأعمال مختلفة.

الحياة المستقرة أم الحلم؟

وُلدت وانغ وي في بكين، في عائلة تعمل في مجال الفضاء. كان والداها وأقاربها من الجيل الأكبر مهندسين يقدمون الدعم الفني للنظام الفضائي الصيني. حصلت وانغ وي على البكالوريوس في كمياء الطب الصيني التقليدي من جامعة بكين للطب الصيني التقليدي. بعد تخرجها في الجامعة، عملت في إعداد المستحضرات الصيدلانية في أحد المستشفيات. على الرغم من أن هذا العمل يتناسب مع اختصاصها، شعرت وانغ وي بالملل بسبب نمط العمل والحياة الرتيب. من أجل القيام بأشياء أكثر ابداعا وتحديا، تركت وانغ وي عملها في المستشفى، وتقدمت إلى وظيفة في شركة تابعة لشركة الصين لعلوم وصناعة الفضاء، فأصبحت موظفة في قسم الموارد البشرية فيها.

تكيفت وانغ وي مع حياتها العملية الجديدة بشكل سريع، تأثرا بعائلتها بطريقة غير مباشرة. لكن بعد بضع سنوات، بدأت بعض الأفكار "غير المستقرة" تدور في رأسها مرة أخرى.

ذات يوم في عام 2014، قرأت وانغ وي منشورا لمدون طعام على موقع ويبو. غالبا ما كان هذا المدون، الذي درس كيفية إعداد الحلوى في معهد لو كوردون بلو العالمي لفنون الطهي والضيافة في فرنسا، يشارك مقاطع فيديو وملاحظات على الإنترنت حول صنع المخبوزات. جذبت تلك المقاطع المصورة والملاحظات انتباه وانغ وي، التي تحب الأطعمة اللذيذة والتمتع بالحياة، وتأثرت بها. كانت عملية تخمير الحلوى وصناعة المخبوزات من الصفر تُشعر وانغ وي بالراحة. منذ ذلك الحين، شرعت وانغ وي في دراسة عملية صنع الحلوى، عن طريق شراء الكتب المعنية ومشاهدة مقاطع الفيديو والمشاركة في الدورات التعليمية على الإنترنت في أوقات فراغها، غير مبالية بضغط العمل الشديد عليها.

في عام 2016، أخذت وانغ وي من وحدة عملها إجازة طويلة للذهاب إلى مدينة تشانغشا، حيث تلقت دورات تدريبية لصنع الخبز لمدة شهر تقريبا، من محترف في صنع المخبوزات، كان قد عاش في فرنسا لفترة من حياته. خلال هذه الفترة، حاولت خلط العجين الرخو، واستخدمت الفرن لصنع الخبز بنفسها لأول مرة، مما جعلها تشعر بسعادة غامرة. بعد العودة إلى بكين، اشترت وانغ وي مجموعة من معدات صنع المخبوزات، وفتحت "بيت المخبوزات المنزلية" بغرض التدريب على صنع الحلوى. عندما أشادت عائلتها وأصدقاء لها بالحلوى التي تعدها، شعرت وانغ وي برضا غير مسبوق. ومنذ ذلك الوقت، أدركت وانغ وي أن صنع المخبوزات لم يعد مجرد هواية لها، وقررت تكريس نفسها لهذا العمل، لأنه المجال الذي ترغب فيه ويجلب لها إحساسا بالإنجاز حقا.

تعمل عائلة وانغ وي في مجال الفضاء منذ أجيال، كانت وانغ وي مترددة بين الاستمرار في وظيفتها المستقرة بقسم الموارد البشرية، والتخلي عن الوظيفة للسعي وراء حلمها، لتبدأ وهي في الثلاثينات من عمرها السير في طريق جديد غير مألوف.

لم يفت الأوان بعد

في نهاية المطاف، اختارت وانغ وي استكشاف "إمكانيات لا حصر لها" بدلا من "القيام بوظيفة مستقرة لمدة عشرين أو ثلاثين سنة". في عام 2017، استقالت وانغ وي، بعدما أصبحت مديرة لقسم الموارد البشرية، من وظيفتها التي أمضت فيها عشر سنوات. وعلى مدى سنة كاملة، عكفت على تعلم اللغة الفرنسية وجمع المعلومات حول المعاهد الفرنسية من أجل الاستعداد لدراسة صنع المخبوزات في فرنسا.

في بداية عام 2018، بدأت وانغ وي الدورات المتخصصة في صنع الحلويات في مدرسة لينوتر في فرساي بباريس. يعود تاريخ مجموعة لينوتر إلى أكثر من ستين عاما، يُعرف غاستون لينوتر، مؤسس المجموعة، بأنه أول صانع للحلوى الفرنسية الحديثة. ثقافة العلامة التجارية لمجموعة لينوتر ومكانتها كانا السبب في إعجاب وانغ وي واختيارها لهذه المدرسة في النهاية. حاولت وانغ وي، باستمرار، تكييف نفسها مع البيئة المعيشية غير المألوفة التي تواجهها، والضغط الأكاديمي الشديد، وسرعان ما جعلها شغفها بتعلم الحلوى تستمتع بهذه الحالة. تقوم مدرسة لينوتر بفرنسا بتنظيم خمسة أيام كاملة من الدورات الدراسية أسبوعيا، وتعقد اجتماعات التقييم بانتظام كل يوم جمعة، حيث يقيّم المعلّمون أعمال الطلاب فيها. إن سُمْك العجين وعمق ماء السكر وغيرهما من العوامل الأخرى، إذا اختلفت ولو قليلا عن المواصفات المطلوبة، تؤثر على تصنيع الحلوى على الوجه الأكمل. عن تلك الفترة، قالت وانغ وي قائلة: "كل معلّم في مدرستي صارم للغاية بشأن تفاصيل صنع الحلوى، وقد ترك هذا الموقف الجاد والمسؤول للغاية تجاه الطلاب وأعمالهم انطباعا عميقا لدي."

لا يظهر هذا الموقف الجاد والمسؤول في المدرسة فحسب، وإنما أيضا يظهر في متاجر الحلوى الكبيرة والصغيرة في شوارع باريس. من أجل تحسين مهاراتها في صنع الحلوى، غالبا ما كانت وانغ وي تذهب إلى متاجر الحلوى المشهورة في باريس في أوقات فراغها لتجربة الحلوى وتبادل الخبرات وتعلّمها. اكتشفت وانغ وي ظاهرة غريبة، وهي أن بعض متاجر الحلوى الشعبية الشهيرة تغلق أبوابها وتوقف العمل مؤقتا في بعض الأحيان. بعد الاستكشاف، عرفت وانغ وي أن ذلك كان بسبب متطلبات الصانع الصارمة للحلوى. على سبيل المثال، إذا كانت المواد الخام غير كافية أو حدثت مشكلات صغيرة أخرى أدت إلى أن تكون الحلوى غير مثالية، حتى وإنكان لا يوجد أي فرق في المذاق بالنسبة للعملاء العاديين، ولكن لا تتوافق مع معايير الطاهي الرئيسي، فسيتوقف المتجر عن بيع المنتجات على الفور. قالت وانغ وي: "لهذا السبب، زرتُ أحد المتاجر ثلاث مرات حتى تمكنت من تذوق أحد المخبوزات." عندما تذوقت وانغ وي ذلك الخبز، جعلتها النكهة اللذيذة تدرك على الفور أهمية هذا الإصرار العنيد. قالت وانغ وي: "بالإضافة إلى تعلّم مهارات صنع الحلوى، تعلّمتُ درسا أكثر قيمة، وهو روح صانعي الحلوى الفرنسيين."

في الطريق لتحقيق الحلم

أرست بضعة أشهر من تعلّم صنع الحلويات في فرنسا أساسا متينا لوانغ وي لفتح متجرها وبدء العمل التجاري. بعد العودة إلى بكين، ركزت وانغ وي على بناء علامتها التجارية للمخبوزات. مع أخذ الظروف المحدودة في الاعتبار، قررت وانغ وي فتح إستوديو للحلوى على الإنترنت لوضع أساس متين لها أولا. ليس لديها شريك آخر، فهي تقوم بكل شيء بنفسها كالبحث عن المكان المناسب وشراء المعدات والبحث في المنتجات وترويجها، إلخ. في نهاية عام 2018، تم تأسيس إستوديو وانغ وي رسميا. يقوم الإستوديو بشكل أساسي ببعض الأعمال التجارية بالطلب الخاص، مثل إعداد الحلوى لاستراحات الشاي في بعض الشركات والمقاهي وغيرها. تهدف وانغ وي إلى تعزيز المنتجات وضمان الجودة لجذب المزيد من العملاء تدريجيا، وقد حققت ذلك بالفعل. خلال أكثر من عامين، نجحت وانغ وي في خلق علامتها التجارية عبر تأسيس الإستوديو على الإنترنت والتعاون مع متاجر في الموقع، كما تعاونت مع مؤسسات مشهورة مثل شركات جينغدونغ وتنسنت وفولكس فاغن. وتجاوزت قاعدة العملاء التراكمية تسعة آلاف شخص.

قالت وانغ وي: "إنشاء علامة تجارية يشبه تربية الطفل، إذا بقيت دائما على الإنترنت، فستظل طفلا لا يكبر." بعدما جمعت الخبرات من خلال تشغيل الإستوديو على الإنترنت، قررت وانغ وي إنشاء متجر فعلي. التحول من تشغيل الإستوديو على الإنترنت إلى تشغيل متجر فعلي كان تحديا كبيرا آخر بالنسبة لوانغ وي، فبذلت كل جهودها في اختيار موقع المتجر وتجديده وتحديد المنتجات وتعيين الموظفين، وبعد ما يقرب من نصف عام من العمل التحضيري، في الكريسماس لعام 2021، تم افتتاح المتجر رسميا.

أطلقت وانغ وي اسم "قوجيانغ" على علامتها التجارية للمخبوزات، واسم برديس (Pardes) بالفرنسية، وهو مأخوذ من النصف الأول من الكلمات الفرنسية partager وdessert، والتي تعني "مشاركة الحلوى". حددت وانغ وي استخدام المكونات الغذائية الطبيعية والصحية وصنع المنتجات يدويا كمبدأ وهدف لـ "قوجيانغ" بعد أن ترسخت معرفتها حول الصحة، وروح صانعي الحلوى فيها أثناء دراستها في فرنسا. تتمسك وانغ وي بالمحافظة على نكهة الحلوى الفرنسية، لكنها قامت ببعض التعديلات في الوصفات، مثل تقليل السكر والزبدة لجعلها تصبح أكثر ملاءمة لأذواق السكان في شمالي الصين، ومناسبة لمتطلبات الشباب المعاصرين المتعلقة باتباع نظام غذائي صحي منخفض الدهون.

بعد أقل من شهرين من افتتاحه، احتل متجر "قوجيانغ" المرتبة الأولى بين متاجر الحلوى والمخبوزات في بكين على تطبيق "داتشونغديانبينغ". اجتذب متجر "قوجيانغ" العديد من الأجانب من الشركات الأجنبية المحيطة والشباب الذين يحبون الحلوى الفرنسية لتجربة الحلوى فيه. منذ وقت ليس ببعيد، أقامت رابطة الخريجين الصينيين في فرنسا لمنظمة الحرم الجامعي الفرنسي بالصين ورشة الحلوى اللذيذة في متجر "قوجيانغ"، اجتمع الأصدقاء، الذين يريدون الدراسة في فرنسا ومن كانوا يدرسون فيها، في المتجر لتذوق الأطعمة اللذيذة وتجربة صنع الحلوى بأنفسهم والتعرف على ثقافة الطعام الفرنسي.

قالت وانغ وي: "في المستقبل، أسعى إلى تنويع الأعمال التجارية لمتجر قوجيانغ، ليكون منصة لتنظيم أنشطة مختلفة الموضوعات والأشكال، وأن يصبح جسرا للتبادلات الثقافية والغذائية بين الصين وفرنسا."

©China Today. All Rights Reserved.

24 Baiwanzhuang Road, Beijing, China. 100037

京ICP备10041721号-4