في الساعة الرابعة وثلاثين دقيقة من يوم 24 نوفمبر عام 2020 بالتوقيت المحلي، تم إطلاق المسبار القمري "تشانغ آه- 5" بواسطة الصاروخ الحامل "المسيرة الطويلة- 5" من مركز ونتشانغ لإطلاق المركبات الفضائية في مقاطعة هاينان.

في موقع النقل العمودي لـكل من "المسيرة الطويلة- 5" و"تشانغ آه- 5"، لفتت الأنظار شابة ترتدي فستانا تقليديا، وحرص كثير من الحضور على التقاط الصور معها. هذه الشابة هي تسوي يي هان التي يُطلق عليها "الأخت تشانغ آه"، وتنتمي إلى ما يسمى بالجيل "Z" (أي الجيل المولود بين عامي 1995 و2009)، ومسقط رأسها مدينة بويانغ بمقاطعة خنان، وهي عالمة في الخطوط الأمامية بمركز ونتشانغ لإطلاق المركبات الفضائية.

يتميز الشباب من الجيل "Z" بالسعي إلى العلوم والتكنولوجيا والشجاعة على الابتكار، ومع ظهورهم على المسرح التاريخي، بشر مجال الابتكار العلمي والتكنولوجي بالشباب المثابرين والمصممين ولديهم مثل عليا، ويصفهم الناس بـأنهم "النواة الصلبة".

الثقة بقوة العلوم والتكنولوجيا

فنغ تشونغ، المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة شنقوانغ للتكنولوجيا ببكين، شاب من الجيل "Z"، عمره خمسة وعشرون عاما. قال في فعالية الحوار الرفيع المستوى بين الشباب على هامش المنتدى الفرعي للدورة الثالثة والعشرين للاجتماع السنوي للجمعية الصينية للعلوم والتقنيات، إن الشباب من الجيل "Z" يثقون بقوة العلوم والتكنولوجيا وقوة الوطن وقوة الإيمان.

قد يكون السبب في شغف فنغ تشونغ بالإبداع العلمي والتكنولوجي خياله الواسع، فقد فكر في تحويل مشاهد الخيال العلمي في فيلم "سبايدرمان" إلى حقائق واقعية. لذلك، شرع هو والعديد من الطلاب في رحلة ريادية لبحث التكنولوجيا التفاعلية للواقع المعزز بالعين المجردة.

في الأيام الأولى للمشروع، واجه فنغ تشونغ وشركاؤه صعوبات كبيرة في التمويل. ولكن ذلك لم يثبط همتهم قط، بل بذلوا جهودهم لمواصلة مشروعهم، اعتمادا على الإيمان الكبير. أدرك فنغ تشونغ أنه من المستحيل أن يسير كل شيء بسلاسة في البداية. على العكس، لا بد له أن يتقدم ويتطور من خلال التغلب على التحديات وحل المشكلات.

شاهد وقرأ فنغ تشونغ كثيرا من أفلام وروايات الخيال العلمي منذ طفولته، ويثق بأن مشاهد الخيال العلمي يمكن أن تتحول إلى حقائق واقعية يوما ما وأن العلوم التكنولوجية يمكن أن تتطور إلى مستوى يفوق خيال البشر، وأن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يجلب قوة إنتاجية ضخمة، وأن تقنيات الاندماج النووي القابل للسيطرة يمكن أن تحل مشكلات الطاقة للمجتمع البشري وأن الأدوية البيولوجية تتمكن أن تعالج معظم الأمراض وأن المركبات الفضائية ستنجح في استكشاف الفضاء السحيق. بفضل هذا الإيمان العميق، يتمسك فنغ تشونغ بعمله حتى ولو في أصعب الظروف ويتطلع إلى مستقبل مشرق بعزيمة لا تلين.

 الآن، يدرس فنغ تشونغ في الجامعة للحصول على درجة الماجستير، وفي نفس الوقت، يعمل على تحقيق حلمه. في بداية عام 2021، حصلت شركته على تمويل من شركة فنغروي للاستثمار وشركة تشيدي تشيشينغ للاستثمار وذلك من أجل إنتاج مصابيح بتقنيات الواقع المعزز وإجراء البحث والتطوير في المرحلة التالية.

قال فنغ تشونغ، خلال مشاركته في مسابقة نجوم MARS للابتكار وريادة الأعمال في عام 2019: "بدون حاجة إلى الهاتف النقال أو أجهزة أخرى، يربط مصباحنا الأغراض في العالم الواقعي مع العالم الافتراضي. من المتوقع أن تغير تقنية الإسقاط التفاعلي التي نعمل على تطويرها، أساليب التفاعل بين الناس. وبجهوده الكبيرة، صار فنغ تشونغ قريبا من تحقيق حلمه.

قوة الشباب

وانغ جينغ يوي، وهي شابة في ربيعها السادس والعشرين، تعمل في قسم التصميم العام للمعهد الأول لمجموعة الصين لعلوم وتكنولوجيا الفضاء منذ ثلاث سنوات. تفخر وانغ جينغ يوي بإنجازات الصين في استكشاف الفضاء في السنوات المنصرمة. في عام 2018، أنجزت الصين 39 عملية إطلاق فضائية، فتجاوزت دول العالم الأخرى من حيث مرات الإطلاق؛ في عام 2019، نجحت الصواريخ الحاملة من طراز "المسيرة الطويلة" في الإطلاق للمرة الثلاثمائة. فضلا عن ذلك، أطلقت الصين المسبار "تيانون- 1" والمسبار "تشانغ آه- 5"، ووحدة تيانخه في عام 2020 والنصف الأول لعام 2021، الأمر الذي حقق حلم الصينيين باستكشاف المريخ والقمر وبناء محطة فضائية.

مع تطور المشروعات الفضائية الوطنية الضخمة، يتم دفع عدد كبير من الباحثين الشباب إلى طليعة المهمة. ووانغ جينغ يوي واحدة منهم. قالت وانغ جينغ يوي إن متوسط العمر للعلماء الذين بحثوا وصنعوا المسبار "تشانغ آه- 5" أقل من 33 عاما. في الماضي، كان يجلس في قاعة الإطلاق الفضائي علماء مسنون بالشعر الفضي، أما الآن، يعمل في القاعة علماء شبان.

تحب وانغ جينغ يوي تقييم أحد كبار السن للشباب: الشباب الصينيون المولودون بعد عام 1995، مجموعة من الأشخاص الذين لديهم نار في قلوبهم، ونور في أعينهم، ولا يُقهرون. وقالت: "سنكون مثل هؤلاء الناس، نصعد سلم الأحلام، ولن نتوقف أبدا في رحلة بحر النجوم". اليوم، يزداد عدد الشباب الذين يشاركون في أعمال الابتكار العلمي والتكنولوجي ويقدمون مساهماتهم الكبيرة في تلك الأعمال.

الدكتور شن يي فَي، شاب عمره ثلاثة وعشرون عاما، التحق بجامعة دونغنان وهو في الخامسة عشر من عمره وبدأ يعمل في تكنولوجيا الجيل الخامس في المختبر الوطني الرئيسي للاتصالات المحمولة وهو في السابعة عشر من عمره. باستخدام تقنية كود الاستقطاب الاتجاهي التي يعمل شن يي فَي على تطويرها، يتم تشغيل مائتي ألف مجموعة من البيانات في ثانية واحدة فقط. لقد أدرج مشروع البحث لفريق شن يي فَي ضمن سلسلة المعايير لتقنيات الجيل الخامس. في الحقيقة، فإن شن يي فَي، كطالب جامعي شاب، فشل في الاختبار ووقع في حيرة وصعوبة. لحسن الحظ، بتشجيع من معلميه وزملائه، أدرك شن يي فَي أهمية الاجتهاد في العمل وإيجاد قيمته فيه.

مثل شن يي فَي، يعد ليو هونغ جي، 22 عاما، الرئيس التنفيذي لشركة شانغرونغ للتكنولوجيا شابا موهوبا أيضا. أنشأ ليو هونغ جي منتدى ACG وكان في السادسة عشرة من عمره. بفضل نجاحه في التطوير والإدارة، سجل أكثر من مائتي ألف شخص في موقع منتدى ACG خلال شهرين فقط. حصل على شهادة "شخصية صاعدة في مجال الاقتصاد في الصين لعام 2019" الصادرة من مجلة ((هواشيا الاقتصادية والتجارية)) لعام 2019 وكان في العشرين من عمره. على أساس هذه الإنجازات الكبيرة، حافظ ليو هونغ جي على الابتكار وطور مع فريقه تطبيق بينغشينغ يويتشو للتواصل الاجتماعي بين الشباب في ديسمبر عام 2020 وكسب تقديرا عاليا بين المستخدمين الشباب من الجيل "Z".

يترعرع الشباب من الجيل "Z" في ظل الابتكار العلمي والتكنولوجي وظهور المعلومات الجديدة، فيتميزون بالمواهب الكبيرة والحب المخلص للعلوم والشجاعة على الابتكار، مما يعزز قوة الشباب في أعمال الابتكار العلمي والتكنولوجي.

تطلعات إلى قوة الشباب في المستقبل

تشن روي، نائب مدير مركز نشر العلوم والتكنولوجيا بالجمعية الصينية للعلوم والتقنيات، يرى أن الشباب من الجيل "Z" يعيشون في عصر تطوير العلوم والتكنولوجيا، حيث تحولت تقنيات مثل الهاتف الذكي والدفع عبر الهاتف والقيادة الذاتية والذكاء الاصطناعي، من أشياء غير معروفة إلى أشياء عادية مألوفة في أقل من عشر سنوات. لذلك، فإن الشباب من الجيل "Z" يتميزون بالإيمان بالعلوم والتكنولوجيا والشجاعة على الابتكار، وتحولهم إلى القوة الرائدة في الابتكار العلمي والتكنولوجي المستقبلي هو اتجاه ونتيجة حتمية. قال السيد تشن إنه وفقا لقانون الابتكار العلمي، تعتبر الفترة بين الخامسة والعشرين والخامسة والأربعين من العمر أفضل فترة للشخص للقيام بالابتكار، والبيانات الإحصائية تشير إلى أن متوسط العمر للعلماء الحائزين على جوائز نوبل كان حوالي 37 عاما عندما حققوا إنجازاتهم العلمية التي حصلوا بها على الجوائز. يعتقد السيد تشن أن الشباب من الجيل "Z" سيدخلون إلى الفترة الذهبية لهم للابتكار بعد عدة السنوات.

يتفق تشانغ شوانغ نان، مدير مركز الفيزياء الفلكية للجسيمات، التابع لمعهد فيزياء الطاقة العالية بالأكاديمية الصينية للعلوم مع رأي تشن روي، إذ يرى أن مستقبل العلوم الصينية يكمن في الشباب الذين سيكون لهم مجال واسع للعمل في المستقبل.

برغم الثقة بالنفس الكبيرة والجرأة على الابتكار لدى العلماء الشباب، فإن من عيوبهم الهشاشة النفسية وبنيتهم المعرفية غير الكافية. لذا، يجب علينا خلق البيئة الجيدة لهم لإجراء الابتكار وريادة الأعمال وتقديم الدعم الضروري لهم.

مثل ما فعلت منطقة تشونغقوانتسون، التي يتجمع فيها مجموعة من الأكفاء الممتازين في العلوم والتكنولوجيا، وخاصة القوى العلمية والتكنولوجية الشابة، فقد أصبحت المنطقة راية للابتكار والتنمية في الصين. قال تشن روي إن منطقة تشونغقوانتسون لديها بيئة ابتكار جيدة، ففي عام 2020 وحده، جذبت أكثر من 100 مليار يوان (الدولار الأمريكي يساوي 5ر6 يوانات حاليا) من رأس المال الاستثماري، وهو ما يمثل أكثر من 1/3 من الإجمالي الوطني. اليوم، تعمل في منطقة تشونغقوانتسون 25 ألف شركة للتكنولوجيا العالية، وأكثر من أربعمائة شركة مدرجة في البورصة و93 شركة يونيكورن، وهي الشركات الناشئة الخاصة التي تقدر قيمتها بأكثر من مليار دولار أمريكي. بالإضافة إلى ذلك، تظهر أكثر من مائة شركة تكنولوجية جديدة في هذه المنطقة كل يوم. هكذا، صارت منطقة تشونغقوانغتسون منصة قوية للابتكار وريادة الأعمال.

قال تشن روي إنه في هذه البيئة المناسبة للابتكار، ينبغي لنا أن نستمع إلى أفكار الشباب وآرائهم لمعرفة احتياجاتهم بصورة كافية وتقديم منصة التبادلات لهم من أجل إظهار مواهبهم بصورة منفتحة وحرة ومتساوية وجريئة. مع هذا الدعم، من المتوقع أن يكون هؤلاء المبتكرون الشباب الصينيون من الجيل "Z" النواة الصلبة للصين في العلوم والتكنولوجيا، بفضل ما يتمتعون به من مثل عليا وطموحات كبيرة.