ملف العدد < الرئيسية

جزيرة قولانغيوي.. التراث الثقافي العالمي في تجمع سكني

: مشاركة
2022-06-01 11:59:00 الصين اليوم:Source ما لي:Author

بتأثر شديد، قالت السيدة لي جينغ جينغ: "لم يتوقع جد جدي لي تشنغ تشونغ أن داره التي بناها بيديه ويرجع تاريخها إلى أكثر من مائة سنة سيتم تجديدها بأيدي جيلنا." لي جينغ جينغ، وهي من الجيل الخامس لأسرة لي والمالكة الحالية للدار، قالت ذلك تعليقا على أعمال ترميم دار ليتسوه ذات طراز العمارة الصينية التقليدية في جزيرة قولانغيوي المدرجة ضمن قائمة منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) للتراث الثقافي العالمي، والواقعة في مدينة شيامن بمقاطعة فوجيان.

"حياة جديدة" لدار ليتسوه

كلمة "تسوه" في لهجة "ميننان" (جنوبي مقاطعة فوجيان)، تعني "الدار" أو البناية التقليدية. في سنة 1897، بنى السيد لي تشنغ تشونغ وهو أول طبيب صيني متخصص في الطب الغربي في جزيرة قولانغيوي، دارا ذات فنائين استخدم فيها القرميد الأحمر، وأطلق عليها اسم "ليتسوه"، أي "دار لي".

قال السيد تساي سونغ رونغ، مدير مركز إدارة التراث الثقافي العالمي بمنطقة قولانغيوي السياحية في مدينة شيامن: "دار ليتسوه واحدة من البنايات القليلة بأسلوب "ميننان" المعماري، والتي تمت المحافظة عليها بشكل جيد، وما زال يعيش فيها أحفاد صاحبها الأول الذي بناها. وتتمتع دار ليتسوه بقيمة ثقافية عالية في هذا التجمع السكني التاريخي الدولي." في نوفمبر عام 2021، عندما وُجد أن الهيكل الحامل لهذه الدار القديمة يحتاج إلى إصلاح وترميم، وضعت لجنة إدارة البنايات القديمة المحلية خطة فورية لترميمها وحمايتها، بمشاركة السيدة لي جينغ جينغ كممثلة لعائلة لي.

قالت السيدة لي جينغ جينغ، "المبدأ الأساسي في عملية الترميم هو الإبقاء على الملامح الأصلية للدار. تم تبديل العتبات والعوارض والروافد الأفقية المتضررة بسبب النمل الأبيض بقطع جديدة، وترميم سنام السقف وغيره من الأجزاء أيضا. وقد جمعتُ كثيرا من المعلومات التاريخية حول دارنا القديمة لتقديمها لشركة التصميم والبناء، من أجل إعادة ملامحها التاريخية." ترى السيدة لي جينغ جينغ أن ترميم الدار القديمة ليس فقط للمحافظة على منزل "دافئ" للعائلة، ولكن أيضا لحماية التاريخ "الحي" لسكان قولانغيوي، الذين يعيشون فيها جيلا بعد جيل منذ أكثر من مائة سنة.

عندما دخلت أعمال ترميم الدار المرحلة النهائية، اتفقت لي جينغ جينغ مع أفراد أسرتها الآخرين على تخصيص غرفة في الدار لتكون معرضا لتاريخ عائلتهم. قالت: "سنعرض في هذه الغرفة بعض الصور لأسلاف العائلة والمعلومات التاريخية للعائلة لكي يعرف مزيد من الناس قصص هذه الدار."

بعد مطالعتها كمية كبيرة من المعلومات التاريخية حول جزيرة قولانغيوي، عرفت لي جينغ جينغ بوضوح تاريخ دار عائلتها الممتد لأكثر من مائة سنة. قالت: "من بين أحفاد جد جدي، هناك المهندس لي ون تشيوان الذي تخرج في تخصص الهندسة المدنية بجامعة أدنبره البريطانية، وتولى بعد عودته إلى الصين منصب المهندس العام لجسور طريق بورما الممتد من مدينة كونمينغ بمقاطعة يوننان الصينية إلى ميانمار؛ ولي ون كنغ الذي تولى منصب الرئيس التنفيذي لشركة تكساكو الأمريكية للنفط، وكان وكيلا لأربع دول؛ ولي ون دينغ، جدي، وهو مهندس معماري له أعمال كثيرة، منها إنشاء أول مطار في شيامن وبناء مكتبة جامعة شيامن." بفضل الصيانة الدقيقة خلال الأكثر من مائة سنة المنصرمة، تمت المحافظة بشكل كامل على هذه الدار القديمة حتى جيل لي جينغ جينغ.

من أجل مواصلة الثقافة الحية لدار ليتسوه بشكل أفضل، أنشأ والدا لي جينغ جينغ في عام 2009 جوقة ليتسوه الموسيقية، أول جوقة موسيقية مكونة من الجيران والأقرباء والأصدقاء من السكان المحليين. وقد شاهد عرضا للجوقة، أيام تقدمت جزيرة قولانغيوي بطلب للانضمام إلى التراث الثقافي العالمي، الدكتور سيغفريد إندرز وغيره من أكثر من عشرين خبيرا من لجنة خبراء إيكوموس حول التراث المشترك، وأثنوا عليها بأنها أفضل "عنصر حي" في التجمع السكني التاريخي الدولي. وعندما قامت السيدة إيرينا بوكوفا، المديرة العامة لليونسكو حينذاك بتسليم شهادة التراث الثقافي العالمي لجزيرة قولانغيوي في عام 2017، عزفت جوقة ليتسوه الأغنية الإيطالية المشهورة ((جزيرة كابري))، فرقصت السيدة بوكوفا مع الأغنية متأثرة بسحر الثقافة الفريدة لهذا "التجمع السكني التاريخي الدولي".

إحياء البنايات القديمة

اختلافا عن أبناء الجزيرة الآخرين، يفضّل السيد لين تسونغ هاي البالغ من العمر ثلاثة وأربعين عاما أن يسمى نفسه بـ"الابن الجديد لجزيرة قولانغيوي".

قال السيد لين: "جئت إلى الجزيرة في عام 2007، وفتحت أول نزل لي في دار قديمة. الآن، أملك ثلاثة نزل. وأفضّل أن أسميها بـ"النزل العائلية"، لأنني أسعى ليشعر كل ضيوفي وكأنهم يقيمون في بيوتهم بعد دخولهم إلى النزل الخاصة بي."

باعتباره من الدفعة الأولى من أصحاب النزل العائلية في جزيرة قولانغيوي، شهد لين تسونغ هاي تحول هذه الجزيرة الجميلة بعينيه، وقال إن بعض الديار القديمة سقطت نتيجة تدهور حالتها وعدم توفر الحماية لها لسنوات طويلة. ولكن منذ عام 2005، أولت حكومة مدينة شيامن مزيدا من الاهتمام لحماية وتطوير الديار القديمة بالجزيرة وشجعت رأس المال الخاص على الاستثمار المرن في الجزيرة، فبدأ تحويل الديار القديمة إلى نزل عائلية منذ ذلك الوقت.

بالإضافة إلى إدارة نُزله، يلاحظ السيد لين تسونغ هاي الوضع الحالي لتطور المئات من النزل في الجزيرة ويفكر فيها باعتباره رئيس جمعية النزل العائلية في جزيرة قولانغيوي. قال: "هذه الديار القديمة تتمتع بأساليب مختلفة، ويكن أصحابها مشاعر مختلفة تجاهها، يجب علينا أن نحمي ونتوارث الأجواء العامة لـ"التجمع السكني التاريخي الدولي" مع المحافظة على الملامح السابقة للبنايات القديمة." وفقا للسيد لين، فإن نحو 500 دار من أكثر من ألف دار قديمة في الجزيرة تحولت إلى نزل عائلية، وهكذا تم الإبقاء على وظائفها الأصلية في التجمع السكني، وإحياء البنايات القديمة والمحافظة على التراث في نفس الوقت، من خلال السياحة.

ربط الماضي بالحاضر

قال السيد تساي سونغ رونغ إن البنايات القديمة روح جزيرة قولانغيوي، وقصصها سحر الجزيرة. تحتضن جزيرة قولانغيوي 151 أثرا تاريخيا ثابتا و439 بناية تاريخية، وينبغي لنا حفظ هذا التراث التاريخي الثقافي واستخدامه بشكل مرن على خير وجه.

السيدة وو شياو ون أستاذة في كلية البناء والهندسة المدنية بجامعة شيامن ومديرة مركز أبحاث الثراث الثقافي لشركة معهد التصميم المعماري المحدودة التابعة لجامعة شيامن. قالت إنه لا غنى عن مشاركة سكان التجمع السكني في حماية التراث بجزيرة قولانغيوي، والكلمة المفتاحية للتراث الثقافي الدولي لجزيرة قولانغيوي هي "التجمع السكني". لقد تشكل التراث الثقافي لجزيرة قولانغيوي في العصر الحديث، ويشهد نشر وتبادل الثقافات الأجنبية، كما يحتوي على حكمة وإبداع المغتربين الصينيين والحرفيين المحليين. وتعتقد السيدة وو أن جزيرة قولانغيوي تراث حي يواصل وظيفته ليس فقط كتجمع سكني وإنما أيضا ثقافيا، وباعتباره تراثا حيا، يجب أن يكون الناس هم المشاركون الرئيسيون في حمايته. ورغم أن تركيب السكان في التجمع السكني لجزيرة قولانغيوي شهد بعض التغيرات، فإن لدى كل أبناء الجزيرة القدامى والجدد لديهم حماسة لحماية التراث.

في مجال الاستخدام المرن للتراث، قد قامت جزيرة قولانغيوي بمحاولات ناجحة عديدة. على سبيل المثال، تم الجمع بين نشر التجارة والثقافة المحلية وعرض التراث، في ظل الالتزام بمتطلبات الحماية، الأمر الذي يحقق الهدف التجاري، مع افتتاح مزيد من نقاط التراث مجانيا أمام الجماهير. قالت وو شياو ون: "يسرني أن ألاحظ أن طبيعة سياحة جزيرة قولانغيوي تتطور نحو سياحة التراث في السنوات الأخيرة. ومنذ أن تقدمت قولانغيوي بطلب إدراجها في قائمة التراث الثقافي العالمي ونجاحها في ذلك، أنجزت الجزيرة العديد من أعمال حماية التراث. وأرجو أن تواصل جزيرة قولانغيوي تنويع ثقافتها وبيئة حياتها العالية الجودة لتربط حاضرها بماضيها وتعرض تراثا ثقافيا عالميا حقيقيا حيا أمام الناس."

 

 

©China Today. All Rights Reserved.

24 Baiwanzhuang Road, Beijing, China. 100037

京ICP备10041721号-4