ملف العدد < الرئيسية

قوى غير حكومية تشارك في حماية التراث الثقافي

: مشاركة
2022-06-01 12:06:00 الصين اليوم:Source لو جيا جيون:Author

تركت الحضارة الصينية القديمة تراثا ثقافيا ماديا رائعا عظيما على أرض الصين، لا يشمل ذلك البنايات الإمبراطورية الرائعة فحسب، وإنما أيضا الآثار الشعبية المنتشرة في جميع أنحاء البلاد. منذ تنفيذ سياسة الإصلاح والانفتاح، عززت الصين حماية التراث الثقافي، بالإضافة إلى تعزيز الإجراءات التشريعية والإدارية لحماية التراث الثقافي على المستوى الوطني والحكومات المحلية، فقد ساهمت في الحماية أيضا العديد من القوى غير الحكومية.

مركز حماية التراث الثقافي ببكين، وهي منظمة غير هادفة للربح، تعاونت منذ إنشائها قبل نحو عشرين عاما مع خبراء في المجالات المعنية وجندت المتطوعين، وتعمل على الاستفادة الكاملة من هذه القوى لتنفيذ مشروعات وأنشطة مميزة لمساعدة السكان المحليين على حماية التراث الثقافي من حولهم.

سجلات التغيير في الأزقة

منذ إنشائه في عام 2003، واصل مركز حماية التراث الثقافي ببكين الاهتمام بالتراث الثقافي المنتشر على مستوى المجتمع المحلي والمستوى الشعبي. وفقا للبيانات، فقد أجرى مركز حماية التراث الثقافي ببكين مشروع بحث لمدة عامين بعنوان "أصدقاء بكين القديمة" في الفترة من عام 2006 إلى عام 2008، خلال هذين العامين، ومن خلال الجولات الميدانية، جمع المركز المعلومات الأساسية حول حالة حماية المحميات التاريخية والثقافية والأزقة والبنايات القديمة في المنطقة الأساسية لمدينة بكين القديمة، كما أصدر تقريري تقييم سنويين سعيا لتعزيز حماية المدينة القديمة في بكين.

يعود تاريخ هوتونغ (الأزقة)، كممثل نموذجي للمنطقة القديمة في بكين، إلى أكثر من 750 عاما عندما تأسست العاصمة في فترة أسرة يوان (1271-1468). في داخل الطريق الدائري الثاني (أحد الطرق الرئيسية في بكين حاليا)، لا يزال هناك العديد من الأزقة في المنطقة القديمة التي تبلغ مساحتها 65ر62 كيلومترا مربعا، وهي مسارات مهمة للمرور في بكين وشاهد صامت على تطور المدينة والتغيرات في حياة الناس على مر السنين.

منذ تأسيس جمهورية الصين الشعبية في عام 1949، انخفض عدد الأزقة بسبب التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستمرة للبلاد، وهناك معلومات محدودة للغاية حول الأزقة الموجودة في بكين. في عام 2006، أصدر معهد بكين للتخطيط والتصميم الحضري ومعهد بكين للهندسة المعمارية (جامعة بكين للهندسة المعمارية حاليا) بشكل مشترك ((تقرير عن الوضع الحالي للأزقة في بكين القديمة (2005- 2006)))، والذي أظهر أن هناك 1353 زقاقا في منطقة المدينة القديمة ببكين حتى عام 2005.

استنادا إلى أكثر من عشر سنوات من الخبرة الشاملة في التسجيل والتحقيق لمدينة بكين القديمة، بدأ المركز "خطة التجوُّل في بكين القديمة" في عام 2016. قال مدير المركز هو شين يوي، إنه من خلال المعلومات المحدودة عن الأزقة، تبين أن العدد الإجمالي للأزقة يتراجع عاما بعد عام، وقد تغيرت العديد من بنغلات على طول الأزقة الى بنايات تجارية شاهقة الارتفاع مع التطور الاقتصادي المستمر. كما أن بعض مرافق المساكن الحالية لم تعد تلبي المعايير التقليدية. وقال: " إن الهدف الأصلي من إطلاق هذه الخطة هو فهم الوضع الحالي للأزقة في بكين القديمة، وتحديد الصعوبات القائمة فيها، ومحاولة إيجاد حلول لهذه الصعوبات بقدر المستطاع."

اعتبارا من عام 2019، تم تنفيذ الخطة على ثلاث مراحل، قام خلالها فريق المركز وأكثر من 160 متطوعا بجولات في الأزقة للتصوير والمراقبة والقياس والتسجيل بشكل شامل ودقيق. وعلى هذا الأساس، أنشئت قاعدة بيانات جديدة حول الأزقة. كما أصدر المركز ((دليل التجوُّل في أزقة بكين القديمة)) و((تقرير التحقيقات في أزقة بكين القديمة)) لمساعدة الجمهور على تجربة وفهم تاريخ وثقافة بكين القديمة بصورة عميقة. يأمل فريق عمل المركز في جعل "خطة التجوُّل في بكين القديمة" مشروعا طويل الأجل، لمواصلة الاهتمام بأزقة بكين القديمة وتسجيل أحوالها مع التغيرات الاجتماعية.

يضم فريق المتطوعين أفرادا من سكان بكين المحليين و"سكان بكين الجدد" الذين جاءوا من أماكن أخرى ويعيشون في بكين الآن. يأتي الكثير من الناس إلى هنا من أجل فهم أعمق لبكين وبهدف المساهمة فيها. قال هو شين يوي: " ومن أي وجهة نظر، فإننا نساعدهم على المشاركة في قضية حماية التراث الثقافي في شكل مشاركة عامة، وهذا ما نفعله طوال الوقت."

ترميم الدور الرباعية (سيخيوان)

كما هو معروف، الدار الرباعية (سيخيوان) مبنى صيني تقليدي نموذجي، حيث تقام البنايات على أربعة جوانب من الفناء الذي يتوسط البنايات. وللدار الرباعية تاريخ طويل يعود إلى فترة أسرة تشو الغربية (1046- 771 ق. م) قبل أكثر من 3000 سنة. وهي تعكس الفكرة الصينية التقليدية للشكل الهرمي للمنزلة الاجتماعية ونظرية ين ويانغ والعناصر الخمسة.

مع النمو المستمر لطلب المواطنين على الحياة العصرية، تظهر العديد من مواد البناء وطرق الترميم الجديدة، مما أدى بشكل مباشر إلى تدمير الهيكل المعماري والقيمة الجمالية للدار الرباعية التقليدية. أصبح الأسمنت يُستخدم كمواد بناء لأعمدة الدار الرباعية بدلا من الخشب، واُستبدلت هياكل الأبواب التقليدية من الطوب والخشب بأبواب مصنوعة من سبائك الألومنيوم.

في الوقت الحاضر، ينفذ مركز حماية التراث الثقافي ببكين برنامجا تدريبيا حول إصلاح الدور الرباعية التي تواجه مشكلات في ترميمها، ويقدم فريق المركز الدعم الفني الاحترافي والاقتراحات المختلفة للسكان وأصحاب العقارات وفرق التشييد، في إطار سعيه للجمال التقليدي، مع تحقيق أقصى قدر من الفوائد، والحد من التناقضات غير الضرورية ومشكلات المتابعة المتبقية.

قال هو شين يوي، إنهم يركزون على إيجاد المصالح المشتركة لجميع الأطراف، ومن ثم تعزيز حماية هياكل البنايات التقليدية على هذا الأساس. وأضاف: "عندما تجري عملية الإصلاح للمبنى القديم، نوصي بتركيب مواد عازلة ومقاومة للماء في داخل الجدران. حتى لو كان هذا سيزيد من التكلفة، فإنه يمكن أن يقلل من مشكلات الاستخدام اللاحقة، ولا يتسبب في إلحاق الضرر بالجمال العام للمبنى، بل ويمكن أن يلعب أيضا دورا في إضافة قيمته."

علاوة على ذلك، يقوم المركز بتجنيد وتنظيم المتطوعين لمسح الأفنية القائمة ورسم خرائط لها، وتسجيل البيانات الأساسية للأفنية وحفظها. في الوقت نفسه، وتماشيا مع الموضوع الأساسي لحماية وترميم الدور الرباعية، أقام المركز في عام 2020 ثلاث محاضرات، تدور موضوعاتها حول التاريخ الشفوي وإصلاح واستخدام الأفنية التقليدية والبيوت على الطراز الغربي.

النهوض بالفن الوطني

تحتضن الصين أبناء ست وخمسين قومية: قومية هان، وهي القومية الرئيسية، و55 أقلية قومية أخرى، وخصائص توزيع هذه القوميات جغرافيا، هي الانتشار الواسع مع تمركز بعضها في أماكن محدودة، وأن تتداخل وتتشابك أماكن سكنها مع بعضها البعض. وفقا لنتائج بيانات التعداد السكاني الوطني السابع، فإنه حتى الأول من نوفمبر عام 2020، بلغ عدد أبناء الأقليات القومية ما يقرب من 130 مليون نسمة، أي ما يمثل 89ر8% من إجمالي عدد سكان الصين، بزيادة بلغت نسبتها 26ر10% مقارنة مع نتائج التعداد الوطني السادس في عام 2010.

بشكل عام، فإن الأشكال المجتمعية للعديد من الأقليات القومية محفوظة بشكل جيد، وهناك أيضا أنظمة كاملة نسبيا للغات وأزياء وعادات الأقليات القومية ومعتقداتها الدينية. ومع ذلك، وبسبب تأثير التنمية الصناعية والكوارث الطبيعية وتنقل السكان، عانى التراث الثقافي لبعض الأقليات القومية من الضياع والدمار بدرجات متفاوتة.

وفقا للبيانات، في سبيل مساعدة الأقليات القوية على توارث ثقافاتها وإظهار الخصائص القومية وإحياء القوة القومية، فقد نفّذ مركز حماية التراث الثقافي ببكين بنجاح أربعة مشروعات منذ عام 2005، لحماية تراث الأقليات القومية، بتمويل ودعم من مصادر مختلفة، حيث أصدر أرشيفات تشمل ثلاث مناطق في يوننان وقويتشو وسيتشوان، وقدم مساعدة لمشروع لحماية الحرف اليدوية، ولقي بذلك تقديرا عاليا من الأوساط المختلفة في الداخل والخارج. والكتب التي ألفها المركز، المنشورة في مجلدات، قد تم جمعها من قِبَل مجموعات الأقليات المحلية والمكتبات والمتاحف، كما تباع المشغولات اليدوية المنسوجة المعنية داخل البلاد وخارجها.

من عام 2009 إلى عام 2010، أطلق مركز حماية التراث الثقافي ببكين "مشروع حماية ثقافة قومية تشيانغ في قرية أرتسون"، والذي يهدف إلى مساعدة القرويين على حماية ثقافة تشيانغ في قريتهم. تشيانغ قومية عريقة لديها مجموعة فريدة من الموروثات الثقافية، وأبناء هذه القومية ينتشرون بشكل رئيسي في مقاطعتي سيتشوان وقويتشو. تقع قرية أرتسون في محافظة ونتشوان بمقاطعة سيتشوان، وخلال زلزال ونتشوان عام 2008، تم للأسف فقدان وتدمير العديد من الآثار الثقافية. من أجل مواصلة الشعلة الثقافية المتبقية، قام فريق مشروعات المركز بتنظيم السكان المحليين لتشكيل فرق من المتطوعين، لتدوين الثقافة التقليدية لقوميتهم في مختلف المجالات، على يد القرويين ذوي الخلفيات التعليمية والمهن المختلفة، مثل النجارين والبنائين والحدادين والمزارعين والشامانات، وما إلى ذلك. وبعد ذلك تم ترجمة هذه السجلات من لغة تشيانغ إلى اللغة الصينية الرسمية ونشرها في مجلدات. قال هو شين يوي: "نفذنا المشروع في شكل سجلات، وسلطنا الضوء على ثقافة المجتمع المحلي، ليدرك القرويون المحليون أن ثقافتهم ذات قيمة، وتزيد بذلك قوتهم الداخلية التي تشجعهم على الاعتراف بهذه الثقافة." بالإضافة إلى ذلك، ساعد المركز أيضا القرويين المحليين على ترميم برج مراقبة محلي كان قد تضرر إثر الزلزال، للمحافظة على بنايات تشيانغ التقليدية التي كانت تُستخدم للدفاع.

حماية التراث الثقافي شأن عام، لكن لا تزال هناك مشكلات واقعية في هذا الصدد، مثل ضعف الوعي ونزاعات المصالح، ويلتزم مركز حماية التراث الثقافي ببكين بالتعاون المستمر مع الخبراء والعلماء والمحامين ووسائل الإعلام والقوى الأخرى من كافة الأوساط، لمواصلة الاهتمام بقضايا حماية التراث الثقافي ومناقشتها وتعزيزها، سعيا للمحافظة على الموروثات الثقافية التقليدية الصينية بقدر المستطاع وتوراث الحكمة الثقافية الصينية من خلال الجهود.

©China Today. All Rights Reserved.

24 Baiwanzhuang Road, Beijing, China. 100037

京ICP备10041721号-4