ملف العدد < الرئيسية

بناء "سفينة التراث" الرقمية

: مشاركة
2022-06-01 12:07:00 الصين اليوم:Source لو رو تساي:Author

قال البروفيسور دياو تشانغ يوي، عضو فريق "سفينة التراث" بجامعة تشجيانغ، إن "سفينة التراث"، كما يوحي الاسم، تعني أننا نسابق الزمن لتخزين المزيد من المعلومات حول التراث الثقافي. البروفيسور دياو وزملاؤه يرون أنفسهم "البحارة" الذين يساعدون التراث الثقافي "في عبور تقلبات تاريخ الألفية للوصول بأمان إلى هذه النقطة الزمنية، وكذلك إلى الجانب الآخر من المحيط، حاملين بذور الحضارة الصينية إلى العالم".

على مدى السنوات العشر الماضية، استخدم الفريق تقنية الطباعة الثلاثية الأبعاد لإعادة إنتاج الآثار الثقافية وعرضها وتقريبها من عامة الناس.

البدء من دونهوانغ

يعود تاريخ رقمنة التراث الثقافي إلى أواخر تسعينات القرن العشرين، حينما قام بان يون خه، رئيس جامعة تشجيانغ في ذلك الوقت، بأول زيارة إلى كهوف موقاو في دونهوانغ بمقاطعة قانسو في يوليو 1997، حيث بدأ بان مع السيد فان جين شي، رئيسة أكاديمية دونهوانغ آنذاك، البحث في رقمنة وترميم جداريات دونهوانغ، وأسسا فريق بحث متعدد التخصصات لتسجيل وحفظ تلك اللوحات الجدارية بشكل جيد.

قالت لي مين، قائدة فريق "سفينة التراث" بجامعة تشجيانغ: "ذات مرة، قال فان جين شي إن شيخوخة واختفاء كهوف موقاو وجدارياتها يمكننا فقط تأخيرهما، ولا نستطيع تحويل مسارهما." قام الفريق الأثري العلمي والتكنولوجي في بجامعة تشجيانغ، من عام 2010 إلى عام 2014، بترميم الكهف رقم 220، في كهوف موقاو، والذي تم حفره في أوائل فترة أسرة تانغ (618- 907). حافظت تماثيل بوذا في هذا الكهف على أسلوب ومظهر أوائل أسرة تانغ بشكل جيد، وهي أعمال قياسية لدراسة التماثيل في أوائل فترة أسرة تانغ. أوضحت السيدة لي مين أن "الكهف الذي أعيد إنتاجه وتكوينه بقياس 1:1، استخدمت فيه بيانات ثلاثية الأبعاد بدقة، وتم تلوين اللوحات الجدارية فيه بورق الأرز، وهو ورق عالي الجودة مناسب لفن الرسم والخط الصيني التقليدي، تم تثبيته على الطبقة الأرضية، بحيث تستعيد لون وملمس الكهف الأصلي إلى أقصى حد."

تأسس فريق "سفينة التراث" بجامعة تشجيانغ في عام 2012، بالاعتماد على معهد دراسات التراث الثقافي بالجامعة، ويعمل منذ تأسيسه لمدة عقد من الزمن لاستكشاف الحماية الرقمية للآثار الثقافية. وقد أنجز الفريق، حتى الآن، 133 مشروعا للرقمنة، بعد أن سافر أعضاؤه لمسافة 150 ألف كيلومتر في 24 مقاطعة بأرجاء الصين، وأمضوا أكثر من 150 يوما سنويا، في جمع البيانات. السيدة لي مين، التي تفخر بمنجزات فريقها، قالت: بالإضافة إلى الكهوف، قام فريقنا أيضا بجمع المعلومات وإعادة الإنتاج للجداريات والمقابر والمعابد التراثية." وأشارت بشكل خاص إلى كهفي يونقانغ رقم 3 ورقم 12، وكهوف لونغمن والجداريات بمعبد تولين في ولاية نغاري بالتبت، ومتحف تشينغتشو وقطع صخرة داتسو الأثرية. ومن بين هذه المواقع، تعد منحوتات الكهف رقم 12 ضمن كهوف يونقانغ، أول كهف متنقل ثلاثي الأبعاد في العالم، صنعها الفريق بالتعاون مع معهد بحوث يونغقانغ للوحات الجدارية.

في هذا الكهف، المعروف أيضا باسم "كهف الموسيقى"، يمكن رؤية لوحات لعازفي موسيقى سماويين، فوق الجدار الشمالي لغرفة الانتظار، يحملون آلات موسيقية للأقليات القومية، ما يعكس بشكل واضح أسلوب أداء فرقة البلاط الموسيقية خلال فترة أسرة وي الشمالية (386- 534). البيانات المكتشفة هنا نفيسة جدا من حيث القيمة لدراسة تاريخ الموسيقى الصينية القديمة. هذا الكهف الذي أعيد إنتاجه يبلغ ارتفاعه 5ر8 أمتار وعرضه 2ر12 مترا وعمقه 5ر14 مترا. قالت لي مين إن عملية إعادة الإنتاج استغرقت أكثر من ثلاث سنوات. وهي المرة الأولى لاستخدام تقنية الطباعة الثلاثية الأبعاد لإجراء مثل هذا المشروع الكبير في العالم. لا يتجاوز الخطأ في إعادة الترميم بالتقنية الثلاثية الأبعاد 2 ملم، وهو أفضل أداء في المجال. إنه تجميع لمائة وعشر كتل بناء، فمن السهل والمريح أن يتم نقله، مما يتيح لأول مرة العرض المتنقل للآثار الثقافية الضخمة وخروج كهوف يونقانغ إلى العالم.

التغلب على الصعوبات الفنية

قائدة الفريق لي مين، حاصلة على درجة الدكتوراه من معهد علوم الكمبيوتر بجامعة تشجيانغ. في الأصل، قاد المشروع فريق بحث في هذا المعهد، وكان هدفه استخدام التكنولوجيا الرقمية لجمع وحفظ المعلومات حول عناصر التراث الثقافي. بعد إنشاء معهد الفنون والآثار بالجامعة في عام 2019، انضم طلاب وباحثون من تخصصات أخرى مثل علم الآثار وعلم المتاحف إلى المشروع، وأطلقوا إمكانيات جديدة لتحقيق معارض عابرة للأقاليم، للتراث الثقافي الثابت أو غير المتنقل، باستخدام تقنية الطباعة الثلاثية الأبعاد. هذا أيضا يمثل نموذج "الفن+ التكنولوجيا" الذي يؤكده المعهد في حماية الآثار.

هناك 15 عضوا في الفريق بمن فيهم لي مين، وهم مقسمون إلى فريق العمل الأثري وفريق العمل الإبداعي وفريق عمل تكنولوجيا المعلومات في سلسلة العمل، من أجل تنفيذ المشروع بشكل مشترك. إن جمع البيانات، وتشكيل النماذج الثلاثية الأبعاد، والطباعة الثلاثية الأبعاد، والتركيب والعروض، هي جوهر المهام للحماية الرقمية والعرض لهذا الفريق. قالت لي مين: "الجزء الأصعب هو جمع البيانات وتشكيل النماذج. ونظرا للشكل المعقد للكهوف، نستخدم تقنية المسح بالليزر الثلاثي الأبعاد جنبا إلى جنب مع المسح التصويري لجمع البيانات. ومن أجل تفادي إلحاق الضرر بالجداريات، يجب ألا يكون الضوء قويا جدا عند جمع البيانات، ولكن هذا يسبب اختلاف اللون." ولذلك، طور الفريق تقنية معايرة الألوان، يمكن بها إعادة إنتاج دقيقة للألوان على سطح الكهف في ظل ظروف الإضاءة المختلفة.

إضافة لذلك، أدخل الفريق تقنيات التعلم العميق لأول مرة، لاستعادة لون سطح الكهف المتضرر. وكمثال، فإنه لإنجاز عمل الكهف رقم 12، التقطوا أكثر من 50 ألف صورة على مدار 3 أشهر باستخدام نظام المعلومات الجغرافية، وطائرات بدون طيار، والمسح التصويري الأثري. وعندما تعلق الأمر بجزء من تشكيل النماذج، كان عليهم استكمال حساب معلومات الصورة 3100G في نفس الوقت. قالت لي مين: "هذه الكمية من البيانات تتجاوز حد الحساب لجميع برامج إعادة البناء الثلاثية الأبعاد." في النهاية، طوروا نظاما أساسيا للبيانات الكبرى للقيام بالحوسبة المتوازية وإنجاز عملية إعادة البناء الثلاثية الأبعاد على نطاق واسع للغاية.

وعلى مدى السنوات القليلة الماضية، واصل الفريق تحقيق اختراقات تكنولوجية. فمعدات التجميع العالية الدقة من الجيل الخامس لبيانات الرسم الجداري والخط، والمطورة بصورة مستقلة من قبل جامعة تشجيانغ، تعتبر في طليعة التكنولوجيا العالمية. والماسح الضوئي الثلاثي الأبعاد، الذي صمموه، بإمكانه أن يحقق جمع الآثار العاكسة للغاية، على مستوى عالمي متقدم.

ووفقا لما قالته الدكتورة لي مين، فإنه مع التطور المستمر لتقنية الطباعة الثلاثية الأبعاد، سيولي فريق "سفينة التراث" المزيد من الاهتمام لاستخدام تقنيات الواقع الافتراضي والواقع المعزز لبناء مساحة افتراضية للتراث الثقافي. في الوقت نفسه، سيتم التركيز بشكل أكبر على الابتكار وتكنولوجيا الاستنساخ من أجل تحقيق الاستعادة الكاملة لملمس الآثار الثقافية.

وراثة الذاكرة الاجتماعية

وعن أهمية عمل الفريق، قالت الدكتورة لي مين، إن الفريق لا يروج للتعليم في المدارس المتوسطة والابتدائية المحلية فحسب، بل يتعاون أيضا مع أفضل الجامعات في الخارج لإعداد دورات وبرامج، بهدف زيادة الوعي العام بحماية التراث الثقافي وزيادة احترام الناس للتاريخ والمساهمة في توارث الثقافة الصينية التقليدية وتطويرها.

قام فريق "سفينة التراث" بالتعاون مع جامعة هارفارد لتطوير برنامج الواقع الافتراضي للأهرامات في مصر، ومع كلية لندن الجامعية، لإطلاق برنامج حول الحماية الرقمية لجداريات المعابد المهددة بالانقراض في مقاطعة شانشي بالصين ونشرها، ومع هيئة الآثار في نيبال للدراسة الرقمية لبرج باسانتبور ذي التسعة طوابق في كاتماندو، وتدريب علماء الآثار المحليين.

قال البروفيسور دياو تشانغ يوي: "بدأت الاستكشافات الرقمية للآثار الثقافية بالخارج في وقت أبكر بكثير من بلادنا، ولكن معظمها يركز على مجال الآثار الثقافية المتنقلة، وتخصص جهدا أقل للآثار الثقافية الثابتة، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى أن العديد من البلدان التي تحتل موقع الصدارة في حماية التراث، ليس لديها مثلما تمتلك الصين من الآثار غير المتنقلة الكبيرة الحجم." وأشار إلى أن الصين بها عدد كبير من معابد الكهوف، والبنايات الخشبية، والجداريات. وأضاف: "كل هذه كنوز ثقافية ثمينة جدا في العالم."

قالت الدكتورة لي مين: "في بعض الأحيان، يبدو لنا أن التراث فن رفيع المستوى وغامض لأنه نادر ويصعب الوصول إليه. الأشخاص العاديون قد يعتقدون أيضا أنه لا علاقة لهم بالتراث، لكنه في الواقع ثمار حكمة أسلافنا ذات الصلة الوثيقة بالجميع." يستخدم فريق سفينة التراث بجامعة تشجيانغ التكنولوجيا الرقمية لتسجيل المعلومات حول التراث الثقافي بشكل منهجي، ذلك لحماية الآثار الثقافية، وفي نفس الوقت لحماية الذاكرة الاجتماعية التي تحملها.

 

©China Today. All Rights Reserved.

24 Baiwanzhuang Road, Beijing, China. 100037

京ICP备10041721号-4