ملف العدد < الرئيسية

الاستراتيجيات المناسبة للمحافظة على الأمن الغذائي

: مشاركة
2022-08-12 15:31:00 الصين اليوم:Source تشاو يانغ:Author

أكد الأمين العام للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني شي جين بينغ مرارا وتكرارا، على أن ضمان الأمن الغذائي هو القضية الأبدية التي لا يمكن إغفالها، وضرورة أن يكون لدينا دائما شعور بأزمة الأمن الغذائي، في وقت تفاقمت فيه أزمة الغذاء في أنحاء العالم. قبل أيام، أصدر برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة تحذيرا من أن البشرية قد تواجه "أكبر أزمة غذاء بعد الحرب العالمية الثانية"، حيث يعاني أكثر 7ر1 مليار شخص من تدمير أنظمة الغذاء والطاقة والمالية، مما أدى إلى ازدياد الفقر والجوع. في ظل هذا الوضع الخطير، لم تنجح الصين في ضمان إمدادات الغذاء الخاصة بها فحسب، وإنما تقدم أيضا مساهماتها في الأمن الغذائي للعالم.

الوضع الخطير لأزمة الغذاء

قالت تانغ لي شيا، نائبة عميد كلية التنمية الدولية والزراعة العالمية التابعة لجامعة الزراعة الصينية: "السبب الرئيسي لهذه الأزمة الغذائية هو الصراع الروسي- الأوكراني وانتشار جائحة كوفيد- 19." وأوضحت: "تعتمد الكثير من الدول على واردات المواد الغذائية لحل مشكلتها الغذائية، لذلك فإن التجارة الدولية السلسلة هي شرط مهم لضمان الأمن الغذائي. في الوقت الحاضر، الدول المُصدِّرة للمواد الغذائية محدودة، فالقمح والذرة، اللذان تنتجهما روسيا وأوكرانيا، هما المصدر الرئيسي للإمدادات الغذائية للعديد من الدول الأفريقية، وخاصة العديد من الدول النامية. وتسبب الصراع بين الدولتين في اضطرابات في سوق الغذاء العالمية."

أثر الصراع الروسي الأوكراني على صناعة الخدمات اللوجستية التي كانت متضررة بالفعل بسبب تفشي كوفيد- 19، مما تسبب في ارتفاع المخاطر الأمنية والتكاليف بسرعة في صناعة الخدمات اللوجستية. ومما يزيد الطين بلة أن بعض مناطق الإنتاج الزراعي، مثل أفريقيا، تتعرض كثيرا لكوارث طبيعية شديدة.

بعد إجراء المقارنات التحليلية، أشارت تانغ لي شيا إلى أن الخطر على الأمن الغذائي في الماضي كان سببه الكوارث الطبيعية إلى حد كبير، فيمكن التنبؤ بوقت انتهاء الأزمة وفقا لتغير المناخ ووصول الموسم الجديد للزراعة. وفي الوقت نفسه، عادة ما تحدث الكوارث الطبيعية في منطقة معنية، فيمكن للمناطق غير المتضررة من الكوارث معالجة مشكلة إمداد الغذاء بسرعة عبر النظام اللوجستي الدولي ونظام التداول في سوق المنتجات الزراعية. كما يمكن للمجتمع الدولي تقديم المساعدات الغذائية لحل الأزمة بشكل سريع. ومع ذلك، من الصعب التنبؤ بنهاية أزمة الغذاء الحالية لعدة أسباب معقدة.

التمسك بالخط الأحمر لحماية الأراضي الزراعية

ضمان الأمن الغذائي للصين أمر مثير للاهتمام. قالت تانغ لي شيا، إن الوضع المحلي في الوقت الحالي يشهد استقرارا من حيث الإمدادات الغذائية وكميتها وأسعارها. لقد حان وقت الحصاد الصيفي الآن، وفي ظل التنفيذ الصارم لإجراءات مكافحة كوفيد- 19، قدمت الحكومات المحلية المختلفة ممرات وتصاريح خاصة لتسهيل حصاد الحبوب الصيفية، واتخذت إجراءات كثيرة لضمان إنتاج الحبوب الصيفية ونقل كل حبة إلى مستودعات الحبوب. أشارت الإدارة الوطنية للغذاء والاحتياطات الإستراتيجية، إلى أن إنتاجية القمح أفضل بكثير من عام 2021، وجودته هي الأفضل في السنوات الأخيرة، فلا شك أن الصين حققت حصادا وفيرا في هذا الصيف. ومن المتوقع أن يصل حجم شراء الحبوب الصيفية في موسم الذروة إلى حوالي 65 مليار كيلوغرام، وسيبقى عند مستوى عال.

في الواقع، بحلول عام 2021، استقر إنتاج الصين من الغذاء عند أكثر من 650 مليار كيلوغرام سنويا لمدة سبع سنوات متتالية، مما يجعلها أكبر دولة منتجة للغذاء وثالث أكبر دولة مصدرة للغذاء في العالم، وتجاوز معدل الاكتفاء الذاتي من الحبوب 95%.

لطالما اعتبرت الحكومة الصينية أن حل مشكلة الغذاء للشعب هو المهمة الأساسية لإدارة البلاد واستقرارها. بعد تأسيس الصين الجديدة، أولت الصين دائما الاهتمام للإنتاج الزراعي والتنمية الزراعية، واتخذت الكثير من الإجراءات لضمان الأمن الغذائي.

أشار الكتاب الأبيض للأمن الغذائي الذي صدر في عام 1996 والكتاب الأبيض للأمن الغذائي الذي صدر في عام 2019، إلى أن الصين يمكنها الاعتماد على نفسها في تحقيق الاكتفاء الذاتي الأساسي من الغذاء، وأنها شرعت بالفعل في طريقها لتحقيق الأمن الغذائي ذي الخصائص الصينية.

منذ انعقاد المؤتمر الوطني الثامن عشر للحزب الشيوعي الصيني، أنشأت الصين مفهوما جديدا للأمن الغذائي يتمثل في ضمان الاكتفاء الذاتي الأساسي من الحبوب والأمن المطلق للحصص الغذائية. تؤكد الوثيقة المركزية الصينية رقم 1 لعام 2022، على المحافظة على "خطيْن أساسيين"، أحدهما هو الأمن الغذائي. قالت تانغ لي شيا: "ظلت الصين تتمتع بالأمن الغذائي الأساسي حتى عندما كان المستوى الاقتصادي العام منخفضا في الماضي، ونادرا ما اعتدمت على استيراد الأغذية إلا بعض الأنواع المحدودة للغاية. في السنوات الأخيرة، ازدادت كمية المواد الغذائية المستوردة في الصين بسبب تعديل هيكل النظام الغذائي وهيكل الإنتاج الزراعي في المجتمع الصيني، ولكن بغض النظر عن الهيكل الاقتصادي والوضع الاقتصادي الصيني، يظل الأمن الغذائي دائما قضية ذات أولوية في الصين."

خلال فترة "الخطة الخمسية الثالثة عشرة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية الوطنية"، حددت الصين تنفيذ النظام الصارم لحماية الأراضي الصالحة للزراعة والتمسك بالمحافظة على الخط الأحمر للأراضي الصالحة للزراعة، ونفذت إستراتيجية "حماية الأراضي الزراعية وتطوير التكنولوجيا من أجل ضمان الأمن الغذائي" لزيادة إنتاج الحبوب. قالت تانغ لي شيا: "تسعى إستراتيجية ’حماية الأراضي الزراعية لضمان الأمن الغذائي‘ إلى المحافظة على الخط الأحمر البالغ 8ر1 مليار مو (الهكتار يساوي 15 مو) من الأراضي الزراعية، وكان ذلك في الماضي يتمثل في حجم الأراضي المزروعة فقط، ثم تغيّر تدريجيا إلى الاهتمام بجودة الأراضي الزراعية؛ أما التدابير مثل ثورة البذور وتعديل هيكل الزراعة وتحسين تكنولوجيا الإنتاج والإدارة في الصناعة الزراعية، التي تم اتخاذها في السنوات الأخيرة، فهي ممارسات فعالة لإستراتيجية ’تطوير التكنولوجيا لضمان الأمن الغذائي‘."

جامعة الزراعة الصينية جامعة رائدة بين جامعات الزراعة والحراجة في الصين، تعمل على ابتكار التقنيات المتعلقة بالإنتاج الزراعي وتقديمها بشكل كامل، وهي أحد أدلة تطور المجال الزراعي في الصين. قالت تانغ لي شيا، إن جامعة الزراعة الصينية اقترحت بناء علوم زراعية جديدة قبل بضع سنوات، مع اتخاذ الزراعة الذكية كاتجاه مهم لها. على سبيل المثال، تعاونت جامعة الزراعة الصينية مع مؤسسات التكنولوجيا الفائقة مثل شركة هواوي للبحث في نظام الزراعة الذكية وإنشاء نظم التتبع والتحكم في المياه والأسمدة ونظام الدوران الصناعي وغيرها؛ فيما يتعلق ببناء مرافق الأراضي الزراعية العالية المستوى، حققت كلية الهندسة الهيدوروليكية التابعة لجامعة الزراعة الصينية الكثير من المنجزات وتم تطبيقها في العديد من الأماكن؛ وتجري كلية الهندسة التابعة لجامعة الزراعة الصينية أبحاثا حول الآلات الزراعية، وقامت بتحويل المنجزات العلمية والتكنولوجية لبحث وتطوير روبوتات المجال الزراعي والمعدات الزراعية الحديثة إلى منتجات، إلخ.

قالت تانغ لي شيا: "لا تزال أكبر مشكلة يواجهها الأمن الغذائي في الصين حاليا هي تجنب ظاهرة زراعة المحاصيل غير الغذائية في الأراضي الصالحة للزراعة. حيث أن الربح العائد من زراعة المحاصيل الغذائية أقل بالمقارنة مع زراعة المحاصيل النقدية، فيجب حل التناقض بين حاجة المزارعين لزيادة دخلهم وزراعة المحاصيل النقدية على الأراضي المزروعة." وتابعت قائلة: "علاوة على ذلك، من الصعوبات الرئيسية الأخرى التي تواجهها الصين هي كيفية تحقيق التوازن بين الإنتاج المحلي والاستيراد من الخارج والتوازن بين التنمية الزراعية وتطوير الصناعات الثانوية وصناعات الخدمات، في ظل محدودية موارد الأراضي."

تقديم المساعدات الخارجية وتحمل مسؤولية الدولة الكبرى

بالإضافة إلى ضمان الأمن الغذائي في الصين، تقدم الصين مساعدات للعديد من البلدان الأكثر تضررا من أزمة الغذاء من خلال التعاون مع برنامج الغذاء العالمي والقنوات الثنائية. وفي الواقع، لطالما اعتبرت الصين الزراعة مجالا مهما للمساعدات الخارجية. تتمسك الصين بتحمل مسؤوليتها كدولة كبيرة، وقدمت الخبرات الصينية للعالم في مجال الزراعة. ففي زراعة الأرز، على سبيل المثال، بدأت الصين نشر تكنولوجيا زراعة الأرز الهجين في الخارج منذ تنفيذ الإصلاح والانفتاح. في الوقت الحاضر، يُزرع هذا النوع من الأرز في عشرات البلدان والمناطق في آسيا وأفريقيا والأمريكتين، وتصل مساحة زراعته السنوية إلى ثمانية ملايين هكتار. في السنوات الأربعين الماضية، زار الأكاديمي يوان لونغ بينغ وفريقه البحثي الهند وباكستان ودولا أخرى لتقديم المشورة والإرشاد لباحثي الأرز فيها، كما قاموا بتدريب أكثر من 14 ألف تقني متخصص في زراعة الأرز الهجين من أكثر من ثمانين دولة نامية عن طريق عقد الدورات التدريبية الدولية.

في 21 سبتمبر عام 2021، اقترح الرئيس الصيني شي جين بينغ لأول مرة "مبادرة التنمية العالمية" في الدورة السنوية السادسة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة، معتبرا الأمن الغذائي أحد مجالات التعاون الرئيسية الثمانية. ولمدة طويلة، تبرعت الصين بمبلغ 130 مليون دولار أمريكي لصندوق التعاون فيما بين دول الجنوب لمنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة، وبعثت العديد من الخبراء والموظفين التقنيين إلى آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية ومناطق أخرى، لتصبح بذلك الدولة النامية التي تقدم أكبر قدر من المساعدات المالية، والتي ترسل أكبر عدد من الخبراء، وتطلق أكبر عدد من المشروعات في إطار التعاون فيما بين دول الجنوب لمنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة.

قال تشيوي دونغ يوي، المدير العام لمنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة، إن الصين تظل شريكا إستراتيجيا هاما لمنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة في التعاون فيما بين دول الجنوب. كما تقدر منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة مساهمات الصين المستمرة، وستواصل تعزيز علاقة الشراكة مع الصين. وأشادت أغنيس كاليباتا، المبعوثة الخاصة لقمة للأمم المتحدة بشأن النظم الغذائية: "لقد أدارت الصين مخزونها من الحبوب بشكل جيد، ليس فقط لضمان الإمدادات الغذائية للشعب الصيني، وإنما أيضا للمساهمة في الأمن الغذائي لشعوب العالم."

 

©China Today. All Rights Reserved.

24 Baiwanzhuang Road, Beijing, China. 100037

京ICP备10041721号-4