ملف العدد < الرئيسية

باتريك إريكسون: الصين بلد مثير للاهتمام

: مشاركة
2022-09-01 13:57:00 الصين اليوم:Source وو شينغ دوه:Author

باتريك إريكسون خبير فنلندي في البناء الإيكولوجي والمدن الذكية وتنمية المدن الصغيرة، يشغل حاليا منصب المستشار الأول للجنة إدارة منطقة شيونغآن الجديدة بالصين. في عام 2019، منحت حكومة مقاطعة خبي السيد إريكسون "جائزة يانتشاو للصداقة".

بعد ظهر السابع عشر من يناير عام 2020، بمناسبة العام القمري الصيني الجديد، التقى رئيس مجلس الدولة الصيني لي كه تشيانغ في قاعة الشعب الكبرى مع ممثلي الخبراء الأجانب العاملين في الصين. خلال اللقاء، أعرب لي كه تشيانغ عن تهنئته بمناسبة العام القمري الصيني الجديد وشكره للخبراء الأجانب وأسرهم على إسهاماتهم في الإصلاح والانفتاح والتحديث في الصين.

إريكسون، الذي كان حاضرا في هذا اللقاء، قال: "هذه أول مرة أدخل فيها قاعة الشعب الكبرى، والمرة الثانية التي ألتقي فيها برئيس مجلس الدولة لي كه تشيانغ، فقد التقيت به لأول مرة قبل حوالي عشر سنوات. لقد تأثرتُ بشدة بسلوكه الودي والمنفتح."

أشار لي كه تشيانغ إلى أن التنمية الصينية هي تنمية منفتحة، وسوف تعمل الصين على حماية السلام العالمي والتمسك بالتعددية وحماية التجارة الحرة، وستقوم بالتعاون مع مختلف البلدان في إطار تعزيز الانفتاح على نطاق أوسع لتحقيق المنفعة المتبادلة والفوز المشترك. ستتبنى الصين سياسة أكثر نشاطا وانفتاحا وفعالية بشأن الأكفاء، لتوفير المزيد من الراحة للخبراء الأجانب في أعمالهم وحياتهم في الصين. جعلت كلمات لي كه تشيانغ السيد إريكسون يشعر بحماسة شديدة.

قال إريكسون: "لاحظت أن الخبراء الذين شاركوا في اللقاء كانوا متوترين إلى حد ما، لكن السيد لي كه تشيانغ خفف توتر الجميع بجاذبيته الشخصية. في مأدبة العشاء التي أعقبت الندوة، تجاذبت أطراف الحديث مع السيد لي كه تشيانغ حول لقائنا قبل عشر سنوات. هذه التجربة لحظة بارزة بعد وصولي إلى الصين." وأضاف: "أشعر أحيانا أنني في الصين مثل طفل صغير، فالصين بلد مثير للاهتمام للغاية. شهدتُ التنمية والتغيرات الصينية، لذا، أنا مهتم جدا بالتخطيط الحضري فيها. حاليا، أقوم بالأعمال التي أهتم بها كثيرا في الصين، وأنا على استعداد لخدمة الجميع، ولدي مشاعر عميقة للصين."

المرحلة الجديدة في الصين

قال إريكسون: "أبلغ من العمر أربعة وسبعين عاما هذه السنة. عندما كان عمري ستين عاما، سألني أحد أصدقائي إذا كنتُ سأتقاعد، فقلتُ له إنني سأذهب إلى الصين."

جاء باتريك إريكسون إلى الصين في ديسمبر عام 2008. في الحقيقة، قبل مجيئه إلى الصين، كان فريق عمل إريكسون يضم موظفين صينيين. أثارت الأشياء التي قالها الزملاء والمتدربون الصينيون عن الصين، فضوله وتوقعاته.

وصف إريكسون المشروعات، التي شارك فيها بعد الوصول إلى الصين، بشكل مفصل قائلا: "أنا محظوظ جدا للمشاركة في بعض المشروعات الصينية المثيرة للاهتمام مثل مشروع بناء المدينة الإيكولوجية في إطار التعاون بين الصين وسنغافورة وتطوير حي تشنغقونغ بمدينة كونمينغ في مقاطعة يوننان وصياغة الخطة العامة لحي منتوقو ببكين. كما شاركنا في بعض مسابقات التصميم، وفزنا بجوائز مثل الجائزة الثالثة في مشروع مركز التبادل الاقتصادي والتجاري والثقافي بين الصين وفنلندا في نانجينغ."

في يونيو عام 2015، زار إريكسون مقاطعة خبي لإلقاء محاضرة حول التنمية الإيكولوجية للبلدات الصغيرة. في يوليو عام 2015، استقبل إريكسون وفد خبي في ستوكهولم بالسويد، ووقّع مذكرة تعاون بشأن تطوير المدينة الإيكولوجية في إطار التعاون بين خبي وشركة Tengmbom بالسويد في المقر الرئيسي للشركة. في أكتوبر عام 2015، شارك إريكسون كممثل لوحدة المشروع في مفاوضات المشروعات بشأن استقدام الأكفاء في المجال الاقتصادي في خبي. في يوليو عام 2017، استقبل إريكسون وفد مكتب الخبراء الأجانب بخبي في هلسنكي بفنلندا، ورافق الوفد في زيارة المشروعات الفنلندية الممتازة بشأن بناء المدن الإيكولوجية. في ديسمبر عام 2017، قدّم في شيجياتشوانغ بمقاطعة خبي، تقريرا حول تصميم وبناء المدن الإيكولوجية في شمالي أوروبا والدول الإسكندنافية، وزار جامعة خبي للجيولوجيا لمناقشة التعاون بين الجامعات الصينية والفنلندية.

قال السيد إريكسون مبتسما: "أستمتع بالعيش والعمل بهذه الطريقة. أعرف أنني أقدم مساهماتي في التنمية المستدامة، وأود أن أفعل ذلك بشكل مستدام."

بناء منطقة شيونغآن الجديدة مثل بناء جامعة

تقع منطقة شيونغآن الجديدة في مدينة باودينغ بمقاطعة خبي، وهي منطقة جديدة على المستوى الوطني، قررت اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني ومجلس الدولة الصيني إنشاءها في الأول من إبريل عام 2017، وهي أيضا جزء من المنطقة التجريبية الصينية للتجارة الحرة في خبي. إن إنشائها له أهمية عملية وتاريخية عميقة لإعفاء بكين من الوظائف غير الضرورية لدورها كعاصمة واستكشاف النماذج الجديدة لتطوير وتحسين المناطق المكتظة بالسكان وتحسين التخطيط الحضري والهيكل المكاني لمنطقة بكين- تيانجين- خبي وخلق قوة محركة جديدة للتنمية والابتكار. زار إريكسون، باعتباره المستشار الأول للجنة إدارة منطقة شيونغآن الجديدة، هذه المنطقة الجديدة عدة مرات، ويكن مشاعر خاصة لشيونغآن ويركز على تنمية المنطقة. قال: "يجب علينا بناء شيونغآن كما لو كنا نقوم ببناء جامعة." وأضاف: "يقوم الطلاب، الذين يدرسون في الجامعات الشهيرة في العالم، بالتعلّم والعيش وممارسة الرياضة واللعب في الحرم الجامعي. ويتمتع الطلاب بالبيئة الخضراء، حيث يمكنهم الجلوس على العشب للقراءة وتجاذب أطراف الحديث، يا لها من حياة ممتعة. لذلك، يستمتع الطلاب بهذه الحياة الصديقة للبيئة في الجامعات. كما يشعر المعلّمون بالراحة للقيام بأعمال التدريس والعيش في هذه البيئة. فلِمَ لا نصمم المدينة كما نصمم الجامعات؟ لِمَ لا ندع الجميع في المدينة يستمتعون بالراحة التي توفرها المدينة لهم؟"

قدّم السيد إريكسون أربع كلمات رئيسية متعلقة ببناء شيونغآن، ألا وهي: بطاقة العمل الصينية والنقل الذكي والمدينة الخالية من النفايات والمدينة ذات البيئة الخضراء وبحيرة باييانغ الزرقاء.

فيما يتعلق ببطاقة العمل الصينية، قال: "يجب أن تصبح شيونغآن كبطاقة عمل جديدة للصين، تُظهر الصورة الصينية الجديدة والجهود الصينية في تعزيز التنمية المستدامة، فهي مدينة جديدة تماما." من المعروف أن بناء شيونغآن قد جذب اهتماما عالميا، فمن الضروري تصميم شيونغآن بالمفاهيم الأكثر تقدما والمعايير العالمية من الدرجة الأولى، ويجب بناء المشروعات المعيارية لإنشاء نموذج للبناء الحضري. تتمتع منطقة شيونغآن بمزايا الموقع والنقل المريح والبيئة الإيكولوجية الجيدة وقدرة البيئة القوية على التحمل، لذا، تتوفر لها الشروط الأساسية للتطوير والبناء بالمعايير العالية المستوى. يجب بناء شيونغآن بموجب معايير عالية منذ البداية، لجعلها تصبح بطاقة عمل جديدة للصين.

فيما يتعلق بالنقل الذكي، يجب أن تكون وسائل النقل الذكية والصديقة للبيئة محور بناء شيونغآن. اقترح السيد إريكسون استخدام السيارات الكهربائية، وقال: "السيارة الكهربائية هي اتجاه تنموي ووسيلة نقل مهمة. فالسيارات الكهربائية يمكنها التقليل من التلوث وتعزيز أتمتة النقل العام." علاوة على ذلك، يجب بناء مساحة مختلطة فعالة للحافلات والأنشطة العامة من أجل تلبية احتياجات الفئات العمرية المختلفة، على سبيل المثال، يجب أن تشمل المدينة وظائف تجارية وترفيهية وصناعية، والمساحة المختلطة تستطيع خلق حياة حضرية أكثر راحة. كما أشار السيد إريكسون إلى أن استخدام الدراجات هو الاتجاه الآخر، لذا، يجب بناء ممرات منفصلة للدراجات في التصميم الحضري. قال أيضا: "يمكن للناس استخدام الدراجات التشاركية عبر تطبيق الهاتف النقال، وهو عامل يجب أخذه في الاعتبار عند تحسين المدينة." بالإضافة إلى ذلك، فإن التسوق عبر الإنترنت هو أيضا اتجاه متزايد يجب أخذه الخدمة اللوجستية في الاعتبار خلال تصميم المدينة، لأن ذلك يعني زيادة مليارات من الطرود، مما يعزز الضغوط المرورية، بل ويؤدي إلى الاختناقات المرورية أيضا.

فيما يتعلق بالمدينة الخالية من النفايات، استشهد السيد إريكسون بقول خبير حائز على جائزة نوبل: "لا يوجد شيء يُعد نفايات في حد ذاته، إنما فقط وُضع في غير محله." يجب أن تصبح شيونغآن مدينة خالية من النفايات. بالطبع، لا تعني المدينة الخالية من النفايات القضاء تماما على النفايات، ولكن يجب استخدام النفايات الصلبة بفعالية والتقليل من إنتاج النفايات الصلبة وحل مشكلة النفايات الصلبة المتراكمة من الماضي، مما يضمن دائرة جيدة لإعادة التدوير والاستخدام في المدينة. يجب على منطقة شيونغآن الجديدة اغتنام الفرص المتعلقة ببناء المدينة الذكية والمنخفضة الكربون لتخطيط إدارة النفايات الصلبة وإنشاء مدينة خالية من النفايات على مستوى عالمي. قال إريكسون: "أتمنى بشدة أن تصبح شيونغآن مدينة مستدامة، فنحتاج إلى استخدام مواد البناء الصديقة للبيئة والقابلة لإعادة التدوير خلال بناء شيونغآن، أعتقد أننا يمكننا تحقيق هذا الهدف."

فيما يتعلق بالمدينة ذات البيئة الخضراء وبحيرة باييانغ الزرقاء، أكد السيد إريكسون على أن التخضير يلعب دورا مهما للغاية في الحد من انبعاثات الكربون ومكافحة التلوث. قال: "إن كنت تعتقد أن الناس لا يحتاجون إلى التواصل مع المدينة كثيرا، فأنتَ مخطئ. مع تطور التكنولوجيا، يمكن للناس العمل في أي مكان. فلو كنت تعيش في مدينة صديقة للبيئة، ستشعر بالراحة أيضا."

وفقا للمعلومات المعنية، قد تم وضع منطقة شيونغآن الجديدة بوضوح على أنها مدينة إيكولوجية فيها بحيرة باييانغ الزرقاء والبيئة الخضراء والنظيفة وشبكة المياه الكاملة. يجب ضمان أن تحتل مساحة بحيرة باييانغ والغابات أكثر من 70% من مساحة منطقة شيونغآن الجديدة، وهذا يعني أن المنطقة الإيكولوجية الخضراء كبيرة جدا، ولا يمكن أن تتجاوز مساحة البنية التحتية ومواقع الإنتاج والمعيشة 30% من مساحة شيونغآن، مما يعزز تحسين البيئة الإيكولوجية، إنه شرط أساسي مهم لبناء المدينة المناسبة للحياة وتحسين نوعية حياة السكان وتعزيز صورة المدينة، وميزة شيونغآن البارزة في علاج "المرض الحضري".

التبادلات بين الصين وفنلندا

هناك كثير من التجارب يمكن أن تشاركها فنلندا مع الصين مثل حماية الغابات والتحريج الاصطناعي.

قال باتريك إريكسون: "فنلندا دولة متقدمة للغاية، لكن مناخها وبيئتها الطبيعية قاسية جدا، إن تلك الظروف الطبيعية القاسية تجعل الفنلنديين يدركون كيفية العيش مع الطبيعة. ’الإستراتيجية الخضراء‘ هي إستراتيجية ضربت جذورها في أعماق الشعب الفنلندي، ويضع الفنلنديون الكثير من اهتمامهم في حماية الطبيعة والغابات."

قال السيد إريكسون إن الغطاء الحرجي في فنلندا يتجاوز 70%، ويقترب من 75% الآن. تتمتع فنلندا بخبرات كثيرة في زراعة الغابات التي يمكن مشاركتها مع الصين، حيث أن هناك مجالا كبيرا لتحسين تغطية الغابات في الصين.  كما يمكن للصين وفنلندا تعزيز التبادل في مجال الرياضات الشتوية. قال السيد إريكسون مبتسما: "في فنلندا، يمكنك التزلج من شهر أكتوبر حتى شهر مايو من العام التالي." كما قال بفخر إن فنلندا دولة متقدمة للغاية في جميع الرياضات الشتوية، وأعجب بعام الرياضات الشتوية بين الصين وفنلندا في العام الماضي، وأضاف: "تعاونت الصين مع فنلندا لتعزيز إقامة دورة الألعاب الأولمبية الشتوية لعام 2022 وتطوير الرياضات الشتوية. في فبراير عام 2018، كنتُ سعيد الحظ للمشاركة في تعزيز التعاون بين الصين وفنلندا ودول أوروبية أخرى في المجال الصحي كعضو مؤسس في مجلس الصحة والرياضة الصيني- الأوروبي."

السيد إريكسون من محبي الفلسفة التقليدية الصينية، ويشيد بشدة بحكمة كونفوشيوس، ويتفق أيضا مع النظريات الصينية القديمة مثل "النظرية القائلة بأن الإنسان جزء لا يتجزأ عن الطبيعة" و"التوازن بين ين ويانغ". التوازن هو طريقة التفكير التي يقدرها إريكسون بشكل كبير. يعمل إريكسون دائما في مجال التصميم الحضري المستدام، والذي يشكل التوازن في مختلف المجالات. كما أشار إلى أهمية المياه في التقاليد الصينية، وعبّر عن تقديره قائلا: "أحب المدن والمنازل على الماء والعيش في قارب. بالطبع، هذا لا يعني أن تطفو المدينة على المياه تماما، فيمكن أن تكون على ضفاف الأنهار مثل نهر تشينهواي في نانجينغ والخندق المائي حول المدينة المحرمة. أعتقد أن المدينة المحرمة هي المكان الأكثر استرخاء في العالم." في رأي السيد إريكسون، تضمنت التصاميم المعمارية الصينية القديمة مفهوم التنمية المستدامة مثل المدينة المحرمة.

__

وو شينغ دوه، المراسل الخاص لمجلة ((الأكفاء الدوليون)) الصينية.

 

©China Today. All Rights Reserved.

24 Baiwanzhuang Road, Beijing, China. 100037

京ICP备10041721号-4