ملف العدد < الرئيسية

تعزيز التعاون الصيني- العربي في مجال الطاقة الجديدة والعمل معا لتحقيق "الانتعاش الأخضر"

: مشاركة
2022-12-07 13:54:00 الصين اليوم:Source فنغ لو لو:Author

في العصر الحاضر، يواجه بقاء البشرية وصحتها تحديات غير مسبوقة، حيث نشهد الظواهر المناخية المتطرفة والتقلبات الشديدة في درجة الحرارة في العالم باستمرار، مع تدهور البيئة الإيكولوجية يوما بعد يوم. في نفس الوقت، تتعرض اقتصادات دول مختلفة بدرجات متفاوتة لصدمات ناتجة عن الأزمة المالية وجائحةكوفيد- 19 والنزاع الروسي- الأوكراني وغيرها من العوامل الأخرى. وأصبحت كيفية تحقيق انتعاش الاقتصاد على أساس حماية بقاء البشرية وصحتها موضوعا مشتركا لجميع البلدان. في الوقت الراهن، تمر الصين والدول العربية بمرحلة تحول هيكلي للاقتصاد، حيث أصبح الارتقاء بالصناعات والابتكار التقني وتعديل الهيكل الصناعي اتجاها لا يقاوم، وتحقيق التوازن بين التنمية الاجتماعية والاقتصادية والتنمية الخضراء والمستدامة تطلعات مشتركة للشعبين الصيني والعربي.

بناء رابطة المصير المشترك وتعزيز الانتعاش الأخضر حاجة مشتركة للجانبين الصيني والعربي

تم اقتراح "الانتعاش الأخضر" لأول مرة رسميا في منتدى بوآو الآسيوي عام 2010، وفي الدورة الثانية لقمة الشراكة من أجل النمو الأخضر والأهداف العالمية 2030 تم تطويره إلى "تحقيق رؤية الحياد الكربوني من خلال الانتعاش الأخضر الشامل". في الدورة الخامسة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة عام 2020، قدم الرئيس شي جين بينغ في خطابه تجارب الصين في السيطرة على جائحة كوفيد- 19 وتطوير الاقتصاد الأخضر، وأشار إلى أن جميع البلدان عليها تبني مفاهيم التنمية الجديدة والعمل المشترك لتعزيز "الانتعاش الأخضر" للاقتصاد العالمي بعد الجائحة. "الانتعاش الأخضر" و"الاقتصاد المنخفض الكربون" ليسا موضوعين مهمين للصين فحسب، وإنما لكل دول العالم في فترة ما بعد الجائحة.

منذ عام 2000، مر العالم بثلاثة تحديات تاريخية خطيرة. أولا، صدمة الأزمة المالية التي تعرض لها الاقتصاد العالمي في عام 2008، حيث تَمثل التناقض الرئيسي الذي واجه تنمية البشرية في عدم التوازن بين الاقتصاد الحقيقي والاقتصاد الافتراضي، وبين الإنتاج والاستهلاك، وبين العرض والطلب، وفي العلاقة بين الحكومة والسوق. ثانيا، اندلاع جائحة كوفيد- 19 في عام 2020، حيث برز التناقض الرئيسي المتمثل في التعارض بين سلامة الحياة وتنمية الاقتصاد والتعارض بين استقرار المجتمع وضمان الإنتاج. ثالثا، النزاع الروسي- الأوكراني الذي سبب سلسلة من التداعيات على اقتصاد العالم وجعل مشكلة الطاقة أكثر بروزا، مما أدى إلى تفاقم التأثير السلبي الناجم عن التحديين السابقين. أما التحدي الذي كان موجودا دائما خلال هذه الفترة فهو الاحتباس الحراري والظواهر المناخية المتطرفة في أنحاء العالم، ويتجلى ذلك كتناقض بين البشرية والمجتمع والطبيعة.

ومنذ اندلاع الأزمة الأوكرانية على نحو خاص، اجتاحت جولة جديدة من التضخم المالي العالم أجمع، مما جلب تحديات خطيرة غير مسبوقة لانتعاش الاقتصاد، ولا سيما في البلدان النامية. إن التحديات التي تواجهها البلدان النامية أشد بروزا نتيجة لتراكب المشكلات الناجمة عن الأزمة المالية وأزمة الطاقة وأزمة الغذاء والأزمة الإيكولوجية وأزمة الحوكمة ومشكلات عدم الإنصاف والعدالة في التنمية السياسية والاقتصادية للعالم، إلخ. تتطلب هذه المشكلات الواقعية إعادة بناء النظام الاقتصادي العالمي والتحول الهيكلي للاقتصاد على وجه السرعة. إن التخلي عن نموذج التصنيع الأصلي والبحث عن نقاط جديدة للنمو الاقتصادي وتطوير الاقتصاد المنخفض الكربون والصناعات الناشئة الخضراء مع صناعة حماية البيئة كقوة رئيسية، سيصبح اختيارا حتميا لدول العالم في التنمية المستقبلية.

من أجل التخلص من الهيكل الاقتصادي الذي يعتمد بشكل كبير على مصادر الطاقة التقليدية، تعمل الدول العربية، خاصة الدول المنتجة للنفط، على تنويع اقتصاداتها منذ سنوات عديدة. إن هذه الدول تمر حاليا بمرحلة حاسمة لتطور الطاقة وتحولها. الدول العربية من أكثر مناطق العالم تضررا من تغير المناخ، وتتسم عموما بالطقس الحار والجفاف وشح الأمطار، وبسواحل طويلة لأن فيها العديد من البلدان الساحلية، وتعاني من التصحر الخطير والبنية البيولوجية الأحادية. أما الصين، فتعاني أجزاء من أراضيها أيضا من الظواهر المناخية المتطرفة. وتعمل الصين الآن أيضا على تسريع تعديل هيكل الطاقة وتشكيل نظام الطاقة النظيف والمنخفض الكربون والآمن والفعال. لذلك، لدى الصين والدول العربية رؤية مشتركة للتنمية. سيساعد التعاون في الطاقة الجديدة، كموضوع مهم لمبادرة التنمية العالمية، على فتح مجال أكبر للتبادلات الاقتصادية والتجارية والتكنولوجية بين الصين والدول العربية والدول الأخرى، وسيدفع تعميق التعاون في الطاقة الجديدة جميع الدول إلى تشكيل قوة مشتركة في التبادل التكنولوجي والابتكار العلمي والتكنولوجي والترقية الصناعية، مما يدفع التنمية الاجتماعية والاقتصادية على نحو شامل.

قوة دافعة لتعزيز "الانتعاش الأخضر"

من الممكن أن تعزز الدول العربية التعاون في تطوير الطاقة الجديدة وفقا للظروف المحلية، فهي غنية بموارد الطاقة المتجددة. أعلنت دول عربية عديدة أهداف التنمية والسياسات الداعمة في مجال الطاقة النظيفة، مما يوفر الفرص لتطوير التعاون الدولي في هذا المجال. في عام 2021، أعلنت دولة الإمارات العربية المتحدة عن هدفها لتحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2050، وأعلنت المملكة العربية السعودية أنها ستحقق صفر انبعاثات كربونية بحلول عام 2060. وعقدت الدورة السابعة والعشرون لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة بشأن تغير المناخ لعام 2022 في مصر، وستعقد الدورة الثامنة والعشرون له في الإمارات العربية المتحدة في عام 2023. من أجل تحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة من خلال تقليل الاعتماد على مصادر الطاقة التقليدية وتطوير الطاقة النظيفة والمتجددة، أكدت معظم الدول العربية سواء في "رؤية 2030" أو في "رؤية 2035" على زيادة تطوير واستخدام الطاقة النظيفة، مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والطاقة النووية، ووضعت خططا لزيادة نسبة الطاقة الجديدة.

في الوقت الحاضر، حققت الصين تقدما ملحوظا في تنمية الطاقة الجديدة. تعد الصين منتجا كبيرا للفحم وتتمتع بالعديد من التقنيات الناضجة للفحم النظيف، بما في ذلك تغويز الفحم وتسييل الفحم وغسل الفحم ومزج الفحم بالطاقة والفحم الحجري والاحتراق النظيف وتوليد الكهرباء بالفحم، إلخ. تحتل الصين المرتبة الأولى في العالم في عدد محطات الطاقة النووية قيد الإنشاء. في الصين، تُستخدم الطاقة الشمسية والكهرومائية وطاقة الرياح على نطاق واسع، ولديها وفرة من احتياطيات طاقة الكتلة الحيوية، وتولي الصين الاهتمام لتطوير وتطبيق تكنولوجيا طاقة الهيدروجين، ولديها تقنية خلايا الوقود وتقنية ناضجة نسبيا لمركبات خلية الوقود. والصين على استعداد لتعزيز التبادلات التقنية والتعاون في الابتكار ومشاركة التقنيات الجديدة وخبرات تطوير الابتكار مع الجانب العربي.

أولا، توليد الكهرباء من الطاقة الجديدة سيصبح المجال الرئيسي للتعاون الصيني- العربي

في الوقت الراهن، وفي مجال تطوير توليد الكهرباء من الطاقة الجديدة، تتمتع الصين بزخم تنموي جيد، وأحرزت اختراقات كبيرة في تقنية توليد الكهرباء من الطاقة الجديدة وتقنية ربط شبكات الكهرباء. بفضل ذلك، انخفضت تكاليف توليد الطاقة بشكل كبير، خاصة في طاقة الرياح والطاقة الكهروضوئية. أما في الدول العربية، فإن حجم الاستهلاك والاستثمار ضخم في مجال الطاقة الكهربائية. لذلك، يمكن للجانبين الصيني والعربي أن يحققا تكامل المزايا في هذا المجال، وسيتم توسيع وتعميق التعاون في الطاقة الكهربائية بين الجانبين بالتأكيد.

ثانيا، بناء إنترنت الطاقة هو المفتاح لتحقيق التنمية المستدامة للتعاون الصيني- العربي في مجال الطاقة الجديدة

تمر دول العالم حاليا بمرحلة البداية لبناء إنترنت الطاقة، وثمة إمكانات هائلة وفرص عظيمة في تنمية الطاقة. تم تشكيل تحالف عابر للحدود الوطنية على نطاق معين بين الدول العربية، وأصبح الطلب المحلي على الكهرباء قويا. لذلك، أصبحت الصين والدول العربية شركاء التعاون الطبيعي في مجال الطاقة، ولديها آفاق واسعة في هذا التعاون. وفي  إطار رؤية تطوير شبكة الإنترنت في مجال الطاقة في أنحاء العالم، ستتعاون الصين مع الدول العربية في تعزيز تطوير الطاقة النظيفة وبناء إنترنت الطاقة بشكل مشترك. سيستفيد الجانبان من تجارب مختلف البلدان في بناء إنترنت الطاقة، لتعزيز مشروعات الشبكات عبر الوطنية، وإنشاء نظام إنترنت للطاقة الخضراء والمفتوحة والمشتركة مع الربط البيني للطاقة والابتكار التعاوني كجوهر.

ثالثا، آفاق واسعة للتعاون في مركبات الطاقة الجديدة

تطوير القطاع الناشئ لمركبات الطاقة الجديدة بقوة هو سياسة وطنية أساسية للصين، وتشهد الصين اليوم نموا هائلا في مجال مركبات الطاقة الجديدة. الدول العربية، لديها طلب قوي على مركبات الطاقة الجديدة، وتعد أسواقا مهمة لتصدير السيارات الصينية. في عام 2020، شكلت حصة أسواق الشرق الأوسط، بما في ذلك الدول العربية، 33% من صادرات السيارات ذات العلامات التجارية الصينية. ومن بينها، أصبحت المملكة العربية السعودية ومصر أول وثاني أكبر الأسواق للسيارات ذات العلامات التجارية الصينية في منطقة الشرق الأوسط. ويتحول المزيد من شركات السيارات الصينية من تصدير السيارات الكاملة إلى الاستثمار في بناء المصانع في المناطق المحلية، مما يوفر عددا كبيرا من الوظائف والأكفاء التقنيين للمناطق المحلية، ويعزز تحسين سلسلة صناعة السيارات في البلدان العربية.

بالإضافة إلى ذلك، سيحقق الجانبان الصيني والعربي تقدما كبيرا في التعاون بشأن الطاقة الحيوية وطاقة النقل وغيرهما من المجالات.

إن عام 2022 عام استثنائي للغاية، والقمة الصينية- العربية الأولى التي ستعقد خلال أيام ستصبح ثمينة وذات أهمية فريدة في ظل الوضع الدولي غير المسبوق. ستتضامن الصين والدول العربية بشكل أوثق حول القضايا ذات الاهتمام المشترك والتحديات والصعوبات المشتركة، وستنفذ بشكل أعمق التعاون في الطاقة الجديدة والاتصالات والأقمار الاصطناعية الفضائية والتقنيات الزراعية وغيرها من المجالات، من أجل تحقيق الفوز المشترك للجانبين في التحول الاقتصادي والنمو الاقتصادي. وسيبذل الجانبان معا جهودا ومساهمات أكبر في تحقيق الانتعاش الأخضر للاقتصاد العالمي والبناء المشترك لرابطة المصير المشترك بين الصين والدول العربية.

--

فنغ لو لو، أستاذة ونائبة عميد كلية اللغة العربية في جامعة نينغشيا (المعهد الصيني للدول العربية).

 

 

 

©China Today. All Rights Reserved.

24 Baiwanzhuang Road, Beijing, China. 100037

京ICP备10041721号-4