ملف العدد < الرئيسية

مبادرة "الحزام والطريق" ومبادرة التنمية العالمية تدفعان التنمية المشتركة الصينية- العربية

: مشاركة
2022-12-15 16:50:00 الصين اليوم:Source وانغ جيان:Author

تنتمي الصين والدول العربية إلى الدول النامية، وتمثل معا سدس مساحة اليابسة وحوالي ربع عدد سكان العالم، ويعادل إجمالي الحجم الاقتصادي لها ثمن إجمالي الحجم الاقتصادي العالمي. إن العمل معا لتعزيز التعاون والتنمية العالميين مسؤولية ومهمة مشتركة للصين والدول العربية.

في الوقت الحالي، تقع الدول العربية في مفترق طرق لتطور التاريخ. لقد فقدت دول عربية كثيرة فرصة التنمية بسبب التدخل الطويل الأمد من الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، كما أن ضعف الهيكل الاقتصادي والاضطرابات والنزاعات المحلية المستمرة أدت إلى مواجهة بعض الدول العربية ظروفا مالية صعبة لوقت طويل، حيث بلغ معدل النمو الاقتصادي لمنطقة الشرق الأوسط حوالي 1ر4% في عام 2021، وتواجه الدول في هذه المنطقة ضغوطا ضخمة لاستئناف التنمية الاقتصادية وضمان معيشة الشعب. أما الصين، فتواجه أيضا تحديات ومخاطرات خارجية في المسيرة الجديدة لبناء دولة اشتراكية حديثة قوية. تمارس الولايات المتحدة الأمريكية منافسات إستراتيجية شاملة ضد الصين، مع تقلب الاقتصاد العالمي وتفشي وباء كوفيد- 19، مما يجلب ضغوطا ضخمة على نمو اقتصاد الصين. في سبتمبر وأكتوبر عام 2013، طرح الرئيس شي جين بينغ المبادرة الهامة للبناء المشترك لـ"الحزام والطريق" خلال زيارته إلى كازاخستان وإندونيسيا. وفي سبتمبر عام 2021، طرح الرئيس شي جين بينغ مبادرة التنمية العالمية خلال حضوره للمناقشة العامة للدورة السادسة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة. تُعتبر هاتان المبادرتان تطبيقات حية لمفهوم رابطة المصير المشترك للبشرية في مجال التعاون والتنمية في العالم، وتقدمان مفاهيم هامة وطرقا فكرية لحل الصعوبات أمام البشرية.

الدول العربية داعمة ومشاركة نشيطة في هاتين المبادرتين الهامتين، وهي الشريك الطبيعي للصين في البناء المشترك لـ"الحزام والطريق"، كما أبدت استجابة إيجابية لمبادرة التنمية العالمية. حتى بداية عام 2022، وقعت الصين وثائق تعاون لـ"الحزام والطريق" مع عشرين دولة عربية، وحققت بذلك المواءمة مع إستراتيجيات التنمية للدول العربية مثل ((رؤية عام 2030)) لكل من مصر والسعودية والإمارات وقطر والبحرين وغيرها من الدول و((رؤية عام 2025)) للأردن و((رؤية عام 2035)) للجزائر ومشروع بناء مدينة محمد السادس طنجة تيك للمغرب، والقائمة التي تضم 157 مشروعا لإعادة إعمار العراق. وحقق الجانبان الصيني والعربي نتائج ملحوظة في الاستثمار في مرافق البنية التحتية ودفع التعاون في الطاقة وتعزيز تيسير التمويل وفتح مجالات العلوم والتكنولوجيا الحديثة العالية، مثل الطاقة النووية والطاقة الجديدة والطيران الفضائي وبناء طريق الحرير الصحي وغيرها من المجالات. بعد طرح مبادرة التنمية العالمية، انضمت دول عربية كثيرة إلى "مجموعة أصدقاء مبادرة التنمية العالمية"، للتعبير عن دعمها لهذه المبادرة من خلال الأعمال الحقيقية. في العاشر من مايو عام 2022، أجيز ((بيان منظمات الصداقة في الصين والدول العربية بشأن صون الإنصاف والعدالة في العالم وتحقيق التنمية المشتركة)) في حوار عُقد برعاية مشتركة من جمعية صداقة الشعب الصيني مع البلدان الأجنبية ورابطة جمعيات الصداقة العربية- الصينية، داعيا إلى تنفيذ مبادرة التنمية العالمية، وصون السلام العالمي، وحماية المصالح المشتركة للشعبين الصيني والعربي بإجراءات عملية.

تاريخيا، تبادلت الصين والدول العربية الدعم في شؤون التنمية. تدعم الصين بثبات الدول العربية لاستكشاف طرق التنمية الذاتية المناسبة لظروفها المحلية. في ديسمبر عام 1963، طرح رئيس مجلس الدولة الصيني تشو أن لاي المبادئ الخمسة لعلاقات الصين مع الدول العربية والأفريقية خلال زيارته إلى مصر.

في المستقبل، يجب على الجانبين الصيني والعربي أن يعززا التعاون لدفع التنمية المشتركة الصينية- العربية والبناء المشترك لرابطة المصير المشترك بين الصين والدول العربية، باتخاذ مبادرة "الحزام والطريق" ومبادرة التنمية العالمية كمرشد.

أولا، في مجال التعاون الاقتصادي، يجب على الجانبين الصيني والعربي أن يدفعا بنشاط تنفيذ مبادرة التنمية العالمية في المنطقة. ينبغي التمسك بدفع التعاون الصيني- العربي العالي الجودة في مبادرة "الحزام والطريق"، واتخاذ إطار التعاون "1+ 2+ 3" كالمحور الرئيسي، للقيام بالتعاون الاقتصادي الشامل المستويات مع الدول العربية، ودفع تعميق التعاون مع الشرق الأوسط في التجارة والاستثمار والصناعة والتمويل وغيرها، مع تحمل المؤسسات الاقتصادية مسؤولياتها الاجتماعية. وبشأن التعاون في القدرة الإنتاجية، ينبغي زيادة الاستثمار تدريجيا في المساحات الخضراء في الدول العربية، ودفع تنمية تصنيع الشرق الأوسط، وتوسيع التوظيف المحلي. مثلا، في مجال التعاون في الطاقة الجديدة، يمكن النظر في استخدام المزايا التقنية للصناعة الكهروضوئية في الصين ومزايا التكلفة في الشرق الأوسط لزيادة إنتاج وتركيب أجهزة توليد الكهرباء بالطاقة الشمسية محليا. ينبغي دفع المفاوضات مع مجلس التعاون لدول الخليج العربية ومختلف الدول العربية بشأن منطقة التجارة الحرة، لتحسين مستوى تيسير التجارة، وتحقيق توسيع التجارة بين الصين والدول العربية، وخاصة التجارة في مجالات غير المتعلقة بالطاقة. وفي الوقت نفسه، فإن إنشاء منطقة التجارة الحرة للصين ودول مجلس التعاون الخليجي سيساعد أيضا على تسعير النفط بالرنمينبي الصيني ودفع تدويل الرنمينبي. ومن خلال تسوية حسابات النفط المصدر إلى الصين باستخدام الرنمينبي، يمكن للدول الأخرى الاستثمار في الصين باستخدام الرنمينبي مباشرة، لتشكيل تعاون ذي سلسلة صناعية كاملة لقطاع النفط، بين الصين ودول مجلس التعاون الخليجي.

ثانيا، في مجال التعاون العلمي والتكنولوجي، يجب على الجانبين الصيني والعربي أن يغتنما الفرصة الجديدة التي تجلبها الدورة الجديدة من الثورة العلمية والتكنولوجية وتغيرات الصناعات، للعمل على تضييق فجوة التقدم التقني. أظهرت نتيجة أحد البحوث الصادرة من معهد البحوث الأمريكي للمعلومات العلمية، أن نسبة عدد الأطروحات التي نشرتها منطقة الشرق الأوسط في الفهرس العالمي لشبكة العلوم سنويا ارتفع من 2% إلى 8% في الفترة من عام 1980 إلى عام 2019، ونحو 50% منها نشرتها السعودية ومصر وتونس والجزائر والإمارات وغيرها من الدول العربية، وثمة اتجاه لاستمرار الارتفاع السريع لهذه النسبة. أما الصين، فقد ارتفعت نسبتها من أقل من 1% إلى 25% في نفس الفترة، مما يشير إلى أن الجانبين الصيني والعربي شهدا تقدما سريعا في مجال الإبداع العلمي والتكنولوجي، ويجب على الجانبين أن يعززا نقل التقنيات والتعاون في الإبداع بين الجانبين في تكنولوجيا المعلومات والزراعة الحديثة والتصنيع الذكي وحماية البيئة الإيكولوجية وغيرها من المجالات، وخاصة إقامة شراكة تعاونية للاقتصاد الرقمي بين الصين والدول العربية، في إطار خطة أعمال الإبداع العلمي والتكنولوجي لـ"الحزام والطريق" وبرنامج الشراكة للعلوم والتكنولوجيا للصين والدول العربية.

ثالثا، في مجال تبادل الخبرات في حوكمة الدولة وإدارة شؤونها، يجب على الجانبين الصيني والعربي أن يعززا التشارك في المعارف والخبرات حول التنمية، لدفع استقرار وتنمية الجانبين بجهود مشتركة. لقد أدركنا أن أحد الأسباب الهامة لتخلف الدول النامية لوقت طويل هو اعتمادها على الدول الأخرى في مجالات المعرفة، مثل وضع الأنظمة الإدارية والتعليم والعلوم والتكنولوجيا. لقد فشلت بلدان كثيرة في إيجاد طريق مناسب لتنميتها، وقعت في حلقة مفرغة من الاضطرابات السياسية والاضطرابات الاجتماعية وانهيار الاقتصاد لوقت طويل، ولا تستطيع أن تتخلص من ذلك. وفي الوقت نفسه، قدرة الدول النامية على الإبداع العلمي والتكنولوجي الذاتي ضعيفة، وطريق تنميتها هو نمط يعتمد على المعارف من خارجها، مما يجعل قيام الدول النامية بتبادل معارف التنمية وخبرات حوكمة الدولة وإدارة شؤونها أمرا ذا مغزى مهم جدا في تعميق تعاون الجنوب- الجنوب وتنفيذ خطة الأمم المتحدة للتنمية المستدامة لعام 2030. في الرابع والعشرين من يونيو 2022، ذكر الرئيس شي جين بينغ في الحوار الرفيع المستوى للتنمية العالمية، أن الصين ستقوم ببناء منصة دولية لتبادل المعارف والخبرات حول التنمية، وإنشاء مركز تعزيز التنمية العالمية وإنشاء شبكة المعارف للتنمية العالمية وتبادل الخبرات في الحوكمة والإدارة. يتمتع كل من الجانبين الصيني والعربي بحضارة تاريخية عريقة، ولديهما تجارب تنموية متراكمة وافرة. إن مسار التنمية في الصين، كونها أكبر دولة نامية، لا يوسع نطاق اختيار مسار التحديث للبلدان النامية فحسب، وإنما أيضا يجتذب اهتماما واسع النطاق من البلدان النامية الأخرى بما فيها الدول العربية. وترغب الصين في مشاطرة خبرات حوكمة الدولة وإدارة شؤونها، بينما تهتم الصين بخبرات التنمية للدول العربية. مثلا، خبرات تنمية منطقة التجارة الحرة في دبي تتمتع بمغزى مهم لتستفيد منها الصين في بناء مناطق التجارة الحرة.

باختصار، يشهد العالم تغيرات كبيرة لم يسبق لها مثيل منذ مائة سنة، فيجب على الجانبين الصيني والعربي أن يبذلا مزيدا من الجهود في تعزيز التضامن والتعاون ليصبحا نموذجا مثاليا لتعاون الجنوب- الجنوب، ويقدما مساهمات أكبر لتقدم وازدهار البشرية.

--

وانغ جيان، مدير معهد أبحاث الشؤون الدولية في أكاديمية شانغهاي للعلوم الاجتماعية.

 

©China Today. All Rights Reserved.

24 Baiwanzhuang Road, Beijing, China. 100037

京ICP备10041721号-4