مال واقتصاد < الرئيسية

مؤشرات الأداء الرئيسية للمحلات الصغيرة في الصين

: مشاركة
2021-02-04 15:16:00 الصين اليوم:Source نينغ دي:Author

في مقاطعة قانسو بشمال غربي الصين، مطعم عريق يقدم "معكرونة ميانبي"، مساحته تزيد قليلا على عشرة أمتار مربعة، توضع فيه ثلاث موائد ومنضدة عمل. صاحب المطعم يُدعى السيد لي، غادر مسقط رأسه في سنة 2008 وهو شاب لم يبلغ العشرين من عمره، وعمل في مقاطعات خبي وشنشي وقانسو وغيرها، حتى فتح هذا المطعم في عام 2011، فتوقفت "حياة التشرد" التي كان يعيشها.

ينهض الرجل من نومه في الساعة الرابعة صباحا كل يوم، ويبدأ في إعداد عجين الطحين الذي يُستخدَم في صنع "معكرونة ميانبي" قبل قدوم الزبائن، ويستمر في العمل حتى إغلاق مطعمه في الساعة التاسعة مساء. يعترف السيد لي بأن تشغيل مطعمه الصغير مرهق له، غير أنه حر ويمكنه أن يعود إلى بيته في أي وقت إذا احتاج إليه أفراد عائلته.

في الصين أكثر من ثمانين مليون محل صغير توفر فرص عمل لمائتي مليون فرد. هذه المحلات الصغيرة تحمل أحلام الشباب بتأسيس المشروعات الخاصة بهم، وقد تكون محطة الطمأنينة لزوجين بعد حياة التشرد، أو "محفظة النقود" لعائلة عادية أو "ظاهرة ازدهار" لمدينة.

جار قريب للسكان

في عام 2019، فتح رجل يدعى السيد دو متجرا صغيرا تبلغ مساحته أكثر من 80 مترا مربعا في شارع جينتاي بحي تشاويانغ في مدينة بكين. بلغت استثمارات هذا المتجر حوالي ستمائة ألف يوان (الدولار الأمريكي يساوي 5ر6 يوانات)، شاملة إيجار المتجر البالغ أربعمائة ألف يوان سنويا ونفقات الترتيب والزخرفة وقيمة جلب البضائع الجديدة. بسبب تداعيات وباء كوفيد- 19، لم يحقق هذا المتجر ربحا حتى الآن.

السيد دو لديه خبرة ممتدة ثلاثين سنة في إدارة المتاجر، وكان متجره السابق يقع بالقرب من محطة الحافلات العامة في دونغتشيمن ببكين، رغم أن مساحة المتجر لم تكن كبيرة، كان يرتاده عدد كبير من الزبائن، بفضل موقعه الممتاز. عندما بدأ إصلاح وتعديل الشوارع في بكين، لم يكن ممكنا أن يواصل استئجار ذلك المتجر، فشرع يبحث عن مكان آخر حتى وجد متجره الحالي الذي يقع بالقرب من أحد التجمعات السكنية. يشتري السكان المشروبات والمستلزمات الأخرى من متجره وهم في طريق عودتهم إلى بيوتهم بعد انتهاء الدوام، وأثناء ذلك يتجاذبون أطراف الحديث أحيانا مع السيد دو، وكأنه واحد من جيرانهم.

على مسافة أقل من كيلومتر من متجر السيد دو يوجد متجران آخران. يفكر السيد دو دائما في كيفية جذب الزبائن وخاصة الشباب منهم، قال: "ديكورات المتجر عادية وطريقة عرض البضائع تقليدية، وأنا كبير في السن، فليست لدي أفكار إبداعية كثيرة مثل الشباب." وهو يرى أنه من أجل تغيير النمط التقليدي لمتجره عليه أن يعهد بذلك إلى فريق متخصص في تصميم وإدارة المتاجر، ولكنه أمر يرفع التكلفة والاستثمار. كان يفكر في فتح متاجر أخرى، ولكنه تعلم من تجربته أنه في ظل عملية إصلاح وتعديل الشوراع في بكين ليس من المفضل استئجار المتجر لوقت طويل.

ثمة ارتباط وثيق بين المتاجر في التجمعات السكنية وحياة السكان. قال السيد بان خه لين، المدير التنفيذي لأكاديمية الاقتصاد الرقمي في جامعة تشونغنان للاقتصاد والقانون، إن المتاجر الصغيرة تخدم السكان حولها، فينبغي لها أن تلبي احتياجات هؤلاء السكان، وأن تتمتع بخصائص ذاتية في أنواع البضائع وديكورات المتجر وثقافة البضائع والأجواء الثقافية وغيرها من الجوانب.

ويرى السيد فو يي فو، وهو باحث كبير في أكاديمية الشؤون المالية التابعة لمجموعة سونينغ، أن المتاجر الصغيرة في طريقها إلى الرقمنة. وهذا يعني بالنسبة لأصحاب المتاجر التقليدية، المزيد من الاستثمار الأساسي في هذا القطاع، إذ لا يحتاجون فقط إلى بناء نظام رقمي مطابق، بل يحتاجون أيضا إلى أشخاص أكفاء يفهمون العمليات الرقمية، من أجل رقمنة مشترياتها وحسابها وشحناتها.

مفهوم إدارة المتاجر بين جيلين

يجد الشباب في الرقمنة فرصا عديدة تضيف حيوية كبيرة لترويج المتاجر. آ يان، وهو شاب مولود بعد تسعينات القرن الماضي، ويعمل في قطاع شبكة الإنترنت. من أجل توفير مكان ثابت يلتقي فيه مع أصدقائه، استثمر ثلاثمائة ألف يوان لفتح مطعم صغير للكباب. كان مستعدا لتحمل خسارة مطعمه لمدة ستة أشهر بعد افتتاحه، ولكن المطعم خالف التوقعات وحقق ربحا منذ الشهر الأول بعد افتتاحه، والسبب هو أن أحد ذواقة الطعام المشهورين على شبكة الإنترنت أوصى لمتابعيه بمطعمه، فشهد المطعم إقبالا واكتظ بالزبائن، فحقق ربحا في اليوم الرابع بعد افتتاحه.

قبل افتتاح المطعم، دعا آ يان أحد أبناء مسقط رأسه في شمال شرقي الصين ويدعى باو، وهو من مواليد ما بعد سبعينات القرن الماضي، لمساعدته على إدارة المطعم. عندما يكون آ يان مشغولا بالعمل في الشركة، يدير السيد باو المطعم. قال آ يان: "السيد باو يعادل فرقة بأكملها."

يدير باو وزوجته أربعة محلات. تدير زوجته سوبرماركت صغيرا، وهو يدير بنفسه محل زهور ومطعم كباب ومحل للأشغال الفنية اليدوية. يدير محل الزهور نهارا، ويعّد شيش الكباب في وقت فراغه. وفي الساعة الرابعة مساء، يزخرف مطعم الكباب بالزهور، ويمكن أن يشتري زبائن المطعم تلك الزهور مباشرة، ويسمّي ذلك بـ"الفوز المزدوج في محل واحد". في أيام المطر، يصنع الأعمال الفنية اليدوية ويبيعها. قال: "أرفض أن أظل بلا عمل، بل أود أن أخلق مزيدا من القيم الصغيرة استفادة من مهاراتي."

آ يان والسيد باو ينتميان إلى جيلين مختلفين، ولهذا تتعارض أفكارهما في إدارة المطعم أحيانا. فيرى السيد باو أن المطعم يجب أن يوفر أكبر عدد ممكن من الأطعمة لجذب المزيد من الزيائن، بينما يصر آ يان على أنه يجب التركيز على جودة الطعام، ويكفي التركيز على أفضل طبق يتميز به المطعم.

آ يان لديه دخل ثابت من عمله في الشركة، فلا يقلقه كثيرا ربح المطعم، وكل ما يبتغيه هو عدم الخسارة. في عطلة العيد الوطني التي تعتبر "الوقت الذهبي" لقطاع المطاعم، أغلق آ يان مطعمه من أجل الاستراحة. بينما يرى السيد باو أن مدير المحل الصغير يسعى إلى مؤشرات الأداء الرئيسية، وهو مطالب بدفع إيجار المحل ورواتب العاملين ويريد أن يربح أكثر. لذلك، هو في خوف دائم؛ خوف من الفشل عندما تتدهور الأعمال التجارية، وخوف من النجاح غير المستدام عندما تزدهر الأعمال.

في الخامس من أغسطس عام 2020، استقال آ يان من عمله في الشركة وتفرغ لإدارة مطعمه، وقال إنه سيواصل تأسيس المشروعات بعد دخول المطعم إلى مرحلة أفضل.

حل مشكلة التنمية الاختصاصية للمحلات الصغيرة

كان آ يان يفكر في التركيز على خصائص بكين التقليدية في مطعمه وإدخال بعض الأطعمة المنتشرة على شبكة الإنترنت، ولكنه قرر في النهاية أن مطعمه يجب أن لا يتبع هذا الاتجاه. على عكس أقرانه في الشارع الرئيسي، فهو يلبي احتياجات زبائنه الذين يرتادون مطعمه بشكل متكرر. قال آ يان: "إن نزعة العاطفة الإنسانية ثمينة الآن، وأود أن أدير مطعما دافئا. عندما يتناول الزبائن طعامهم يروننا ونحن نجهز الأطباق ويتحدثون معنا مثل الأصدقاء، ويتذكروننا حينا بعد حين. لدينا زبون مخلص من تيانجين، يأتي مرتين أو ثلاث مرات كل أسبوع. بعض الزبائن الذين يأتون إلى المطعم يدفعون في المواصلات أكثر مما يدفعون لطعامهم، فهم يأكلون في مطعمنا بحثا عن الشعور بالانتماء."

عدد الزبائن الكبير في الشوارع والمناطق السياحية يعني فرصا تجارية أكبر، وتبرز مشكلة تشابه الأطعمة والبضائع في بعض المناطق السياحية، وتحولت بعض المتاجر الصغيرة إلى تسويق سلع متطابقة غالبا ما تكون من نفس المصادر، مثل إييو، أكبر مركز توزيع للسلع الصغيرة في الصين.

قال بان خه لين إن البضائع التي تباع في المناطق السياحية لا ينبغي أن تنفصل عن المناطق السياحية، بل يجب إقامة منظومة متكاملة للإنتاج والبيع وتشكيل سلسلة عرض وطلب البضائع الصغيرة الخاصة لمختلف المحلات الصغيرة الواقعة في مختلف المناطق السياحية، فيمكن أن تطرح المحلات الصغيرة طلبات لمختلف المنتجات، وتنتج المصانع وفقا لطلباتها بعد تنظيم احتياجاتها من خلال هذه المنظومة المتكاملة والسلسلة الإنتاجية، مما يدفع اندماج خصائص المحلات الصغيرة مع ثقافة المناطق السياحية.

في يوليو عام 2020، أصدرت وزارة التجارة الصينية بالتعاون مع الهيئات المعنية ((وثيقة بشأن القيام بأعمال دفع اقتصاد المحلات الصغيرة))، التي طرحت هدف بناء "ألف منطقة محلات صغيرة في "الأماكن المكتظة الصاخبة" خلال السنوات الخمس المقبلة. إن هذا يفرض مطالب عالية على صانعي القرار في المدن، نظرا لأن "الأماكن المكتظة والصاخبة" غالبا ما ترتبط بضعف النظام الصحي والفوضى. وذلك يتطلب التعاون والتنسيق بين المراقبين والمديرين في مختلف المجالات.

--

نينغ دي، صحفي بجريدة ((شباب الصين)) الصينية.

©China Today. All Rights Reserved.

24 Baiwanzhuang Road, Beijing, China. 100037

京ICP备10041721号-4