قد لا يتخيل كثيرون أن شركة نيوتن الدولية المحدودة للتجارة (تيانجين)، التي يعمل فيها 21 موظفا فقط، تصدر منتجات قيمتها 50 مليون يوان إلى 37 دولة ومنطقة!

بفضل الدفع الرقمي وغيره من التقنيات التي قللت من حواجز التجارة العالمية منذ عام 2020، انضم عدد كبير من رواد الأعمال والمؤسسات الصغيرة والمتناهية الصغر إلى قطاع التجارة الإلكترونية عبر الحدود وأصبحت "شركات صغيرة متعددة الجنسيات " مثل شركة نيوتن.

كيف نشأ هذا النوع من الشركات؟ وما هي الاتجاهات الجديدة في التجارة العابرة للحدود التي تم الكشف عنها خلف الكواليس؟

التجارة الإلكترونية عبر الحدود ليست لعبة الشركات الكبيرة والمتوسطة الحجم فقط

ما هي الشركات الصغيرة المتعددة الجنسيات؟

يحدد "الكتاب الأبيض لقطاع التجارة الإلكترونية للتصدير عبر الحدود لعام 2020" الذي أصدرته الوكالات المعنية، صور الشركات الصغيرة والمتعددة الجنسيات، بأنها الشركات الصغيرة والمتناهية الصغر النموذجية، والعديد منها عبارة عن شركات ناشئة تضم أقل من مائة موظف؛ يمكنهم إنجاز الأعمال بسرعة من خلال الاستخدام الجيد للمنصات الرقمية؛ معظم الشركات تخدم ثلاث أسواق خارجية أو أكثر؛ حتى في ظل التحديات المعقدة والمتقلبة للوباء والوضع العالمي حققت نموا في المبيعات بنسبة 130%.

شركة نيوتن شركة نموذجية من هذا النوع من الشركات. تأسست الشركة في عام 2015، وتعمل بشكل رئيسي في تصدير الرافعات الشوكية. في عام 2020، وفي ظل تفشي الوباء، صدرت الشركة منتجات بلغت قيمتها خمسون مليون يوان عبر منصة علي بابا الدولية، بزيادة بلغت نسبتها أكثر من 100% مقارنة بعام 2019. قال تشيو يي بوه، مدير عام شركة نيوتن: "في العام الماضي، قمنا بتوسيع أكثر من 20 سوقا خارجية دفعة واحدة. والآن تُصدر رافعاتنا الشوكية إلى 37 دولة ومنطقة في الخارج، من بينها ألمانيا والمملكة المتحدة وكندا وإسبانيا والمملكة العربية السعودية، التي تتمتع بأعلى مبيعات."

منذ العام الماضي، ظهرت الشركات الصغيرة والمتعددة الجنسيات مثل براعم الخيزران بعد المطر الربيعي. وعلى سبيل المثال، فإنه في شهر مايو فقط عام 2020 انضم إلى منصة تيانماو (Tmall) للتوزيع الخارجي أكثر من مائة وخمسين ألف شركة صغيرة ومتوسطة الحجم، بزيادة أكثر من ثمانية أضعاف مقارنة مع نفس الشهر في العام السابق.

شركة تشوبي المحدودة لمنتجات الكريستال، في محافظة بوجيانغ بمدينة جينهوا في مقاطعة تشجيانغ، تعمل بشكل رئيسي في إنتاج حبات الكريستال من نوع "اعملها بنفسك"، ولديها منفذ للبيع بالجملة في مدينة إيوو بمقاطعة تشجيانغ، تم انفتاحه منذ عشر سنوات. في عام 2020، مع مفاجأة ظهور "الاقتصاد المنزلي" خارج الصين بسبب تفشي وباء كوفيد- 19، ازداد الطلب على حبات الكريستال في منصة علي بابا الدولية سريعا. قالت مسؤولة الشركة ليوي ري هونغ: "في العام الماضي، زاد عملاؤنا الجدد، من خلال المبيعات عبر الإنترنت، أكثر من الضعف مقارنة مع العام السابق، وزادت المبيعات بنسبة 80% على أساس سنوي. بفضل استخدام خدمة لوجستيات الشحن بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية لمحطة علي بابا الدولية، تم تخفيض تكاليف الشحن بنسبة 50% مقارنة بالعام السابق، مع ضمان موعد وصول المنتجات إلى حد كبير. يمكن أن تصل منتجاتنا إلى الولايات المتحدة الأمريكية في غضون عشرين يوم عمل فقط. كان لدينا عميل يشتري في كل مرة منتجات منا قيمتها ألف دولار أمريكي، الآن يشتري منتجات قيمتها عشرة آلاف دولار أمريكي في كل مرة!"

  مع مشاركة الشركات الصغيرة المتعددة الجنسيات، لم تعد التجارة الإلكترونية عبر الحدود مقتصرة على الشركات الكبيرة وحدها. أشار "الكتاب الأبيض لقطاع التجارة الإلكترونية للتصدير عبر الحدود لعام 2020" إلى أنه بمساعدة المنصات الرقمية تغير المشاركون في سوق التجارة الإلكترونية عبر الحدود من الشركات الكبيرة في السابق إلى رواد الأعمال والشركات الصغيرة في الوقت الحاضر.

قال تشانغ جيان بينغ، نائب مدير اللجنة الأكاديمية لمعهد بحوث التجارة الدولية والتعاون الاقتصادي التابع لوزارة التجارة الصينية: "في السابق، كان من غير المتصور أن تقوم شركة صغيرة أو متناهية الصغر بأعمال تصدير إلى الخارج." أضاف تشانغ، أن منصات التجارة الإلكترونية عبر الحدود يمكنها ربط المشتريات والمبيعات والخدمات اللوجستية وغيرها من الروابط، فهي توفر منصة تطوير جيدة جدا وقناة تطوير للشركات الصغيرة والمتوسطة والمتناهية الصغر ورواد الأعمال لتوسيع الأسواق الخارجية، مما يخلق فرص تطور جديدة غير مسبوقة. وقد اغتنمت هذه الشركات الصغيرة والمتوسطة والمتناهية الصغر ورواد الأعمال الفرصة ليصبحوا لاعبين جددا في مجال التجارة الإلكترونية عبر الحدود.

اختراق نقاط حجب التجارة الإلكترونية عبر الحدود

كيف استطاعت الشركات الصغيرة المتعددة الجنسيات، التي تعد لاعبا جديدا في التجارة الإلكترونية عبر الحدود، أن تنطلق إلى الخارج بسلاسة وتحظى برواج؟ السبب يكمن في الحجم المتزايد باستمرار لمعاملات التجارة الإلكترونية عبر الحدود.

وفقا لبيانات مصلحة الجمارك الصينية، بلغت واردات وصادرات التجارة الإلكترونية عبر الحدود في الصين 69ر1 تريليون يوان في عام 2020، بزيادة سنوية بلغت نسبتها 1ر31%. من بينها، الصادرات هي العامل الرئيسي. في عام 2020، بلغت صادرات التجارة الإلكترونية عبر الحدود في الصين 12ر1 تريليون يوان، بزيادة سنوية بلغت نسبتها 1ر40%. وكذلك، زادت صادرات التجارة الإلكترونية عبر الحدود في الصين بشكل أسرع من الواردات في الربع الأول من عام 2021، حيث بلغت نسبتها 3ر69% مقارنة مع نفس الفترة من العام السابق.

لا يمكن فصل النمو السريع للاعبين الجدد عن التربة العالية الجودة التي يوفرها دعم السياسات. منذ إنشاء أول منطقة تجريبية شاملة للتجارة الإلكترونية عبر الحدود في الصين (هانغتشو) في عام 2015، ظلت المنطقة تستمر في التوسع. حاليا، يوجد في الصين 105 مناطق تجريبية من هذا النوع موزعة في 30 مقاطعة ومنطقة ذاتية الحكم وبلدية. في مارس 2021، أصدرت وزارة التجارة الصينية واللجنة الوطنية للتنمية والإصلاح وغيرهما من ست إدارات أخرى بشكل مشترك "الإشعار بشأن توسيع البرنامج التجريبي لواردات التجزئة للتجارة الإلكترونية عبر الحدود والتنفيذ الصارم للمتطلبات التنظيمية". أوضح الإشعار أن نطاق البرنامج التجريبي لاستيراد التجزئة للتجارة الإلكترونية عبر الحدود سيتم توسيعه ليشمل جميع المدن (والمناطق) حيث توجد منطقة تجريبية للتجارة الحرة ومنطقة تجريبية شاملة للتجارة الإلكترونية عبر الحدود، ومنطقة جمركية شاملة، ومنطقة عرض ابتكارية لترويج تجارة الاستيراد، ومركز لوجستي جمركي (من النوع ب).

التحسين المستمر للروابط الخارجية، مثل الخدمات اللوجستية والدفع عبر الحدود النمو المستمر للتجارة الإلكترونية عبر الحدود، يدعم نمو التجارة الإلكترونية عبر الحدود باستمرار، ويسهّل أيضا النمو السريع للاعبين الجدد.

يتواصل تحسن الخدمات اللوجستية عبر الحدود. يعتبر الطلب على لوجستيات التصدير للتجارة الإلكترونية عبر الحدود في الصين مرتفعا نسبيا على مستوى العالم. وفقا لبيانات من مصلحة البريد الصينية، من أغسطس 2019 إلى يوليو 2020، شكلت الطرود المرسلة من الصين 60% من حزم التجارة الإلكترونية العالمية عبر الحدود. أدى الارتفاع الصاروخي في الطلب إلى زيادة المتطلبات على مستوى الخدمات اللوجستية، فظهرت المستودعات الخارجية التي تتبنى نموذج " تجهيز البضائع أولا، قبل تقديم الطلب". بالإضافة إلى وظائف التخزين الخارجية، تمتلك المستودعات الخارجية أيضا وظائف شاملة مثل النقل والمبيعات، وتوفير خدمات التخزين الاحترافية للبائعين عبر الحدود، وتقليل التكلفة اللوجستية وتسريع وقت الخدمات اللوجستية.

وخدمات الدفع عبر الحدود تقدم تسهيلات أكثر. أشار "الكتاب الأبيض لقطاع التجارة الإلكترونية للتصدير عبر الحدود لعام 2020" إلى أن منصات الدفع عبر الحدود لم تخفض فقط تكلفة وعتبة الخدمات المالية باستخدام الوسائل التقنية، بما زاد تواتر استخدام المستخدمين، ولكنها تتمتع أيضا بمزايا الأمان وسرعة الدفع العالية، وأصبحت قناة دفع لا غنى عنها.

في عام 2020، استجابة لصعوبات البائعين في سحب الأموال وبطء عمليات السحب، قامت منصة "وانليهوي" WorldFirst للدفع عبر الحدود، وهي الأسرع نموا في هذا المجال، بإطلاق الخدمات المعنية مثل الدفع السريع والسحب إلى آليباي. كما أطلقت مؤسسات الدفع مثل ليانليان وبينغبونغ أيضا خدمات الدفع الفوري لحل مشكلة السحوبات الصعبة والبطيئة للبائعين، وتلبية الاحتياجات العاجلة لدوران رأس مال الشركات الصغيرة المتعددة الجنسيات

الدخول في المزيد من المنصات الخارجية والاندماج في السوق العالمية

لا تزال "أراضي" البائعين الصينيين في الخارج تتوسع. أشار "الكتاب الأبيض" إلى أن ما يقرب من 60% من البائعين قاموا بتشغيل أكثر من موقعين خارجيين من أمازون في نفس الوقت، وأن 82% من البائعين يخططون لتوسيع مواقع جديدة على الأساس الحالي.

من حيث توزيع السوق، فإن أسواق أمريكا الشمالية وأوروبا هي الأكثر نضجا وهي اختيار أكثر من 50% من بائعي التجارة الإلكترونية عبر الحدود. ومن الجدير بالذكر أن سوق جنوب شرقي آسيا كانت شديدة السخونة في السنوات الأخيرة وأصبحت ثالث أكبر سوق ناشئة بعد أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية.

من حيث المنصات، ظهرت منصات التجارة الإلكترونية عبر الحدود مثلLazada   وShopee التي تعمل لجذب التجار الصينيين على نطاق واسع. بالإضافة إلى منصات التجارة الإلكترونية مثل Mercado Libre وNoon في أمريكا اللاتينية والشرق الأوسط، مما يوفر فرصة عالية الجودة في المحيط الأزرق للتجارة الإلكترونية عبر الحدود.

قال تشيو يي بوه: "في عام 2020، شهد معدل تغلغل التجارة الإلكترونية الخارجية نموا بشكل كبير. لقد تحول المشترون الذين اعتادوا على عمليات الشراء دون اتصال بالإنترنت إلى الإنترنت، مما أدى إلى تحقيق قدر كبير من النمو الجديد. وهذا هبة من السماء بالنسبة لنا!"

يواصل البائعون الصينيون دخول المزيد من منصات التجارة الإلكترونية عبر الحدود في الخارج ويتم دمجهم بعمق في السوق العالمية. قال تشانغ جيان بينغ: "تتمتع الشركات الصغيرة المتعددة الجنسيات بمزايا الاستجابة السريعة للسوق والتوزيع السريع للبضائع في العرض والطلب والكفاءة التشغيلية العالية. لقد أصبحت نموذجا جديدا يلبي احتياجات "الاقتصاد المنزلي" وتربط العرض والطلب بشكل مباشر في ظل تفشي الوباء".

من يناير إلى إبريل 2021، بلغ حجم صادرات شركة نيوتن 20 مليون يوان (الدولار الأمريكي يساوي 4ر6 يوانات). قال تشيو يي بوه، وهو واثق من توسيع الأسواق في الخارج: "من المتوقع أن يبلغ حجم صادرات الشركة هذا العام ما بين 70 و80 مليون يوان! لا يزال هذا تقدير متحفظ. موسم الذروة الحقيقي للتجارة الخارجية في صناعة الرافعات الشوكية هو من يوليو إلى ديسمبر، وقد تكون هناك زيادات أكبر في ذلك الوقت."

--

شيوى بي يوي، صحفية في مجلة "الشعب" الأسبوعية الصينية.