مال واقتصاد < الرئيسية

الامتثال لقرارات منظمة التجارة العالمية للمحافظة على النظام الاقتصادي والتجاري المتعدد الأطراف

: مشاركة
2022-05-05 18:18:00 الصين اليوم:Source تشو مي:Author

في السادس والعشرين من يناير عام 2022، أصدرت هيئة المحكَمين في منظمة التجارة العالمية قرارا بالحكم في النزاع التجاري بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية بشأن الإجراءات التعويضية (DS437). وفقا للمادة الثانية والعشرين من قواعد وإجراءات تسوية المنازعات الخاصة بمنظمة التجارة العالمية (DSU)، يمكن للصين التقدم بطلب إلى هيئة تسوية المنازعات التابعة لمنظمة التجارة العالمية بتعليق التنازلات أو الالتزامات الأخرى تجاه الولايات المتحدة الأمريكية بحد أقصى لا يتجاوز 121ر645 مليون دولار أمريكي سنويا". وعلى الرغم من أن هذا المبلغ يمثل 25% من المبلغ الذي طالبت به الصين (4ر2 مليار دولار أمريكي)، فإن القرار الذي اتخذته منظمة التجارة العالمية يؤكد حقيقة انتهاك الولايات المتحدة الأمريكية لالتزاماتها تجاه منظمة التجارة العالمية وتسببها في الإضرار بمصالح المؤسسات الصينية، ويرسل إشارة إيجابية للمحافظة على سلطة وفاعلية وعقلانية النظام الاقتصادي والتجاري المتعدد الأطراف.

قبل عشر سنوات، في الخامس والعشرين من مايو عام 2012، قدمت الصين طلبا لمنظمة التجارة العالمية للتشاور مع الولايات المتحدة الأمريكية بشأن فرضها رسوم تعويضية على بعض المنتجات الصينية. لقد طعنت الصين في قرار الولايات المتحدة الأمريكية ببدء وإجراء التحقيقات وفرض الرسوم التعويضية، كما شككت الصين في معايير الولايات المتحدة الأمريكية لمعاملة الشركات المملوك غالبيتها للحكومة على أنها "هيئات عامة". يمكن القول إن تشاور الجانب الصيني مع منظمة التجارة العالمية ليس فقط بسبب التعامل غير العادل الذي تواجهه الشركات والمنتجات الصينية، وإنما أيضا يهدف إلى تطوير عملية وضع القواعد المعنية. يرى تقرير التحكيم الصادر عن منظمة التجارة العالمية أن النهج الأمريكي لتحديد الهيئات العامة يتعارض مع قواعد منظمة التجارة العالمية. وعلى العكس من ذلك، فإن لم تقم الصين بمعارضة استخدام الولايات المتحدة الأمريكية المتزايد لإجراءات الرسوم التعويضية وتطلب منها الوفاء بالالتزامات التي وعدت بها عند انضمامها إلى منظمة التجارة العالمية، فقد يكون لهذا تأثير كبير على الأنشطة التجارية الأوسع نطاقا في المستقبل. ولهذا السبب، وعلى الرغم من حدوث هذا النزاع بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية فقط، فإنه عندما شكلت منظمة التجارة العالمية هيئة التحكيم في سبتمبر عام 2012، احتفظت أستراليا والبرازيل وكندا والاتحاد الأوروبي والهند واليابان وجمهورية كوريا الجنوبية والنرويج وروسيا وتركيا وفيتنام، باعتبارها أهم اقتصادات في العالم، بحق المشاركة كطرف ثالث في عملية تسوية النزاع، وانضمت إليها لاحقا المملكة العربية السعودية أيضا.

في إبريل عام 2013، أبلغت هيئة التحكيم منظمة التجارة العالمية، أنها ستقدم تقريرها النهائي إلى جميع الأطراف قبل يناير 2014. ولكن نظرا لتعقد المشكلة، تم تقديم التقرير فعليا في يوليو 2014. في وقت لاحق، قدمت كل من الصين والولايات المتحدة الأمريكية استئنافا، واستكملت هيئة الاستئناف تقريرها في نهاية عام 2014، ونظرا لأن هيئة الاستئناف هي آلية تسوية المنازعات في منظمة التجارة العالمية للفصل النهائي في الحكم من مستويين، يجب على جميع الأطراف تنفيذ قرارها. في ذلك الوقت، كان لا يزال هناك ما يقرب من خمس سنوات قبل إغلاق هيئة الاستئناف التابعة لآلية تسوية المنازعات التابعة لمنظمة التجارة العالمية في 11 ديسمبر عام 2019.

في فبراير عام 2015، أخطرت الولايات المتحدة الأمريكية منظمة التجارة العالمية بعزمها على احترام وتنفيذ قرار هيئة الاستئناف، لكنها تحتاج لفترة زمنية معقولة للقيام بذلك. قام مدير عام منظمة التجارة العالمية، بناء على طلب الجانب الصيني، بتحديد فترة التنفيذ، وانتهت الفترة الزمنية المعقولة التي حددتها هيئة المحكَمين في الأول من إبريل عام 2016، لكن الجانب الأمريكي لم ينفذ في الفترة المحددة. لذلك، وفي يوليو عام 2016، طلبت الصين، وفقا لقواعد منظمة التجارة العالمية، تشكيل لجنة امتثال، والتي أكملت تقريرها وأصدرته في مارس عام 2018. وفي إبريل، طلبت الولايات المتحدة الأمريكية توضيحا بشأن بعض المسائل القانونية في تقرير لجنة الامتثال. في أكتوبر عام 2019، قدمت الصين طلبا لهيئة تسوية المنازعات بتعليق التزاماتها تجاه الولايات المتحدة الأمريكية بسبب فشل الأخيرة في الامتثال لتوصيات هيئة تسوية المنازعات خلال الفترة الزمنية المعقولة المتفق عليها، واعترضت الولايات المتحدة الأمريكية على هذا الطلب. بشكل عام، مرت الرسوم التعويضية غير الملائمة التي اتخذتها الولايات المتحدة الأمريكية ضد الصين بجولتين من الحكم وجولتين من التحكيم، وهي عملية معقدة للغاية استغرقت عقدا من الزمان. خاصة وأنه تم تعليق أعمال هيئة الاستئناف التابعة لآلية تسوية المنازعات بسبب تعمد الولايات المتحدة الأمريكية عرقلة المحكَمين، مما أثر بالسلب على الأداء الفعال للنظام الاقتصادي والتجاري المتعدد الأطراف.

الصين، منذ انضمامها إلى منظمة التجارة العالمية في عام 2001، داعم وممارس لآلية تسوية المنازعات التابعة لمنظمة التجارة العالمية. خلال العشرين عاما الماضية وحتى العاشر من ديسمبر عام 2021، رفعت الصين 22 قضية، ورُفع ضدها 47 قضية، وشاركت في 190 قضية كطرف ثالث، وأصبحت واحدة من أهم مستخدمي آليات تسوية المنازاعات بمنظمة التجارة العالمية. ومع الزيادة المستمرة في حجم التجارة، أصبحت الروابط التجارية بين الصين والاقتصاد العالمي وثيقة ومعقدة يوما تلو الآخر، فليس من الغريب ظهور التناقضات والصراعات. ولكن لم تبتعد الصين عن النظام الاقتصادي والتجاري المتعدد الأطراف بسبب تعرضها للمعالجات التجارية من مختلف الأطراف مثل مكافحة الإغراق التجاري والدعم والتدابير التعويضة وغيرها لأكثر من عشرين عاما على التوالي. بل على العكس، فإنها تفي بالتزاماتها التي تعهدت بها عند انضمامها إلى منظمة التجارة العالمية، وتقوم بدأب باستكشاف المسارات والقواعد الفعالة مع الأطراف المعنية للتحقيق الفعال للمفاهيم الأساسية وأهداف منظمة التجارة العالمية.

بالطبع، فإن الآلية الاقتصادية والتجارية متعددة الأطراف بعيدة كل البعد عن الكمال. وبالنسبة لمنظمة التجارة العالمية، التي تأسست قبل أكثر من عشرين عاما، فلم يعد حجم الأنشطة التجارية وحيويتها كما كان عليه من قبل، حيث تظهر باستمرار نماذج ومحتويات تجارية جديدة، كما تمر البيئة المؤسسية بتغيرات مستمرة أيضا، لذلك ينبغي تحسين القواعد الاقتصادية والتجارية الدولية من خلال الحوار والتشاور. لطالما أُثيرت تساؤلات حول ما إذا كانت آلية تسوية المنازعات تحكم بما يتجاوز صلاحياتها، ولكن ليس من المستحسن أيضا اتخاذ تدابير مباشرة، كما فعلت الولايات المتحدة الأمريكية، لجعل آلية تسوية المنازعات غير فعالة. في إطار النظام الاقتصادي والتجاري العالمي، فقط من خلال العمل الإيجابي والتعاون من قِبَل جميع الأطراف، يمكن تشكيل قاعدة أوسع أكثر منطقية، وإفساح المجال كاملا لدور التعاون الاقتصادي والتجاري في تعزيز النمو الاقتصادي والاجتماعي، وحماية مصالح المستهلكين والاقتصادات الضعيفة نسبيا أو اللاعبين في السوق في الوقت نفسه. لقد شكلت جائحة كوفيد- 19 تحديا كبيرا للأنشطة الاقتصادية والتجارية العالمية، ويتطلب ذلك من جميع الأطراف أن تضع في الاعتبار المتطلبات الصحية للأطراف الأخرى في تنميتها.

--

تشو مي: باحث بأكاديمية الصين للتجارة الدولية والتعاون الاقتصادي التابعة لوزارة التجارة الصينية.

©China Today. All Rights Reserved.

24 Baiwanzhuang Road, Beijing, China. 100037

京ICP备10041721号-4