في الفترة من الثامن والعشرين من نوفمبر إلى الثاني من ديسمبر 2023، احتضنت بكين الدورة الأولى لمعرض الصين الدولي لسلاسل التوريد (يشار إليه فيما يلي باسم "معرض سلاسل التوريد")، والتي كان موضوعها "ربط العالم من أجل مستقبل مشترك". باعتباره أول معرض في العالم حول سلاسل التوريد على المستوى الوطني، ضم المعرض خمسة أجنحة لسلاسل السيارات الذكية والزراعة الخضراء والطاقة النظيفة والتكنولوجيا الرقمية والحياة الصحية، بمشاركة أكثر من 515 شركة ومؤسسة محلية ودولية، منها 53 من أقوى 500 شركة في العالم مدرجة في قائمة فورتشن 500، وعدد كبير من الشركات في بلدان مختلفة، ومن بينها شركات متخصصة تنتج منتجات جديدة وفريدة من نوعها وشركات بطلة خفية وشركات صغيرة ومتوسطة الحجم ذات تقنيات تنافسية. وفقا للإحصاءات المبدئية، تم في دورة المعرض هذه، توقيع أكثر من مائتي اتفاقية تعاون واتفاقية نوايا، بقيمة إجمالية أكثر من 150 مليار يوان (الدولار الأمريكي يساوي 1ر7 يوانات تقريبا حاليا). وأشار الحضور من دول عديدة إلى ما تشهده سلاسل التوريد العالمية الحالية من إعادة هيكلة، وأن الصين تلعب دورا مهما في بناء نظام عالمي لسلاسل التوريد آمن ومستقر وسلس وفعال ومفتوح وشامل ومتبادل المنفعة ومربح للجميع.
ضخ زخم جديد في سلاسل الصناعة الخضراء العالمية
قال ينس إسكيلوند، الممثل الرئيسي لمجموعة ميرسك في منطقة شمالي آسيا: "في الوقت الذي دخلت فيه سلاسل التوريد العالمية مرحلة جديدة من التكيف العميق، تقود الصين نموذجا جديدا للتحول والتنمية الخضراء." مجموعة ميرسك المدرجة بقائمة فورتشن 500، تأمل هي وغيرها من الشركات المتعددة الجنسيات المعروفة، في اغتنام فرص التحول للطاقة الجديدة والشبكات الذكية من خلال هذا المعرض، والتعاون مع الشركاء في الصين والعالم، لضخ زخم جديد في استقرار وتطور سلاسل التوريد الخضراء العالمية.
خطوط ميرسك، وهي شركة دنماركية دولية لشحن الحاويات تابعة لمجموعة ميرسك سيلاند، تعد أكبر شركة لشحن الحاويات في العالم وتغطي شبكة خدماتها أنحاء العالم. في يوليو من عام 2023، شغلت ميرسك أول سفينة حاويات في العالم تعمل بالميثانول الأخضر. قال ينس إسكيلوند: "إن ذلك يثبت أن تحول الطاقة ليس مجرد احتمال، ولكنه بدأ بالفعل. بالنظر إلى أن صناعة الخدمات اللوجستية العالمية ينتج عنها 5ر3 مليارات طن من ثاني أكسيد الكربون كل عام، بينما تنتج صناعة الشحن الدولية حوالي 3% من إجمالي انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في العالم، فإن مسؤوليتنا هي مواجهة تحدي تغير المناخ." وأضاف قائلا: "في المستقبل، سيكون الطلب على الميثانول الأخضر ضخما، ونحن مقتنعون بأن الصين لديها إمكانات كبيرة لتصبح المورد الرئيسي في العالم للميثانول الأخضر." وكشف ينس أن شركته وقعت مذكرة تعاون مع عدد من الشركاء الصينيين بشأن شراء الميثانول الأخضر. وأضاف: "تتطلع ميرسك بشدة إلى العمل مع منتجي الوقود والموانئ في الصين لتعزيز تحول الطاقة الخضراء. ونحن متفائلون بشأن آفاق التخلص من الكربون."
تسعى ميرسك إلى تحقيق صفر انبعاثات في جميع عملياتها بحلول عام 2040 وتوفير حلول خضراء بنسبة 100% لعملائها. قال ينس: "حددت الصين خطتي 2030 و2060، أي تحقيق الوصول إلى ذروة الكربون قبل عام 2030 وتحقيق الحياد الكربوني قبل عام 2060، وهو ما يتماشى مع أهدافنا لإزالة الكربون."
في مايو 2023، انتُخب ينس رئيسا لغرفة تجارة الاتحاد الأوروبي في الصين، وقال إنه سيلعب دورا أكبر في تعزيز تنمية العلاقات بين الصين والاتحاد الأوروبي. كما قال للصحفيين، إن العديد من القضايا، مثل تغير المناخ، تحتاج إلى حل من خلال التعاون العالمي. وأضاف: "أنا واثق من أن الصين والاتحاد الأوروبي سيواصلان الحوار والعمل معا لإيجاد حلول للتحديات. حماية البيئة ليست فقط هدفا مشتركا لميرسك والصين، ولكنها أيضا مجال مهم للتعاون وتحقيق مصلحة مشتركة لكل من الصين وأوروبا."
بناء منصة للتعاون والتلاحم في السلسلة الصناعية
قال ماتي بيستي، سفير المجر لدى الصين في كلمته بحفل افتتاح الجناح المجري في معرض سلاسل التوريد في التاسع والعشرين من نوفمبر عام 2023: "التواصل والترابط يتفقان مع مصلحتنا المشتركة، وأعتقد أن هذا هو ما يهدف إليه هذا المعرض." وأشار السفير على وجه الخصوص إلى مصنع البطاريات المجري لشركة CATL، الشركة الرائدة عالميا في تصنيع بطاريات السيارات الكهربائية. وقال: "هذا المشروع ذو أهمية كبيرة بالنسبة للمجر وسيعزز مكانتها كمركز لصناعة السيارات الأوروبية." يذكر أنه بعد الانتهاء من المشروع، قد يصبح مصنع البطاريات المجري لشركة CATL أكبر مصنع للبطاريات في أوروبا، وثاني مصنع خارج المجر لشركة CATL بعد مصنعها في ألمانيا.
المجر لها تاريخ طويل في صناعة السيارات، ولديها حزمة صناعية جيدة ومواد خام وفيرة في المناطق المحيطة بها. بالإضافة إلى ذلك، تقع المجر في قلب أوروبا، فلها مزايا جغرافية بارزة، تجذب عددا كبيرا من شركات صنع السيارات الكاملة، فإقامة المصانع في تلك المناطق تسهل الاستجابة لاحتياجات العملاء في أسرع وقت. والأهم من ذلك أن هناك تعاونا وثيقا اقتصاديا وتجاريا بين الصين والمجر. المجر شريك مهم في آلية التعاون بين الصين وأوروبا الوسطى والشرقية ومبادرة "الحزام والطريق"، وهذا يوفر بيئة سياسة وتجارة مستقرة قابلة للتنبؤ بالنسبة للمؤسسات الصينية التي ترغب في تطوير أعمالها في أوروبا.
هناك أيضا العديد من الشركات الأوروبية التي تتطلع إلى تعاون متعمق مع الصين. في المنتدى العالمي للابتكار والتطوير في سلاسل التوريد الذي عقد أثناء المعرض، قابل توماس شيبولا، رئيس الاتحاد البولندي للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة الحجم مراسلينا، حيث قال: "أدت الحرب في أوكرانيا إلى ارتفاع أسعار الطاقة، وجعلت الحكومة البولندية تضع الطاقة كأولوية قصوى، وتسعى جاهدة لإنشاء سلسلة توريد خضراء وتعزيز التنمية المستدامة. من أجل تحقيق هذه الغاية، تولي الحكومة البولندية أهمية كبيرة لتطوير محطات تخزين الطاقة وإنتاج الكتلة الحيوية ومحطات طاقة الرياح." وأضاف: "نحن بحاجة إلى تحقيق الاستقلال في مجال الطاقة، والطاقة النظيفة هي الوسيلة المهمة لتحقيق ذلك."
كما أشار شيبولا إلى أن رواد الأعمال البولنديين يرغبون في تعميق التعاون في مجال الطاقة النظيفة مع الشركات الصينية، ويعتبرون الصين نموذجا لسوق الطاقة النظيفة. الصين مهمة جدا للسوق البولندية. إن بولندا، باعتبارها أكبر سوق للطاقة في أوروبا الوسطى، يمكنها أن تصبح رائدة في مجال الطاقة النظيفة من خلال التعاون مع الصين. ويرى شيبولا أن هذا المعرض فرصة عظيمة. قال: "لقد بنى المعرض منصة مثالية لنا للترويج وعرض التقنيات والمنتجات والخدمات الرئيسية الجديدة في المنبع والوسط والمصب لسلاسل التوريد العالمية. واغتنام هذه الفرصة، يمكننا من تعزيز التعاون مع رواد الأعمال الصينيين والشركاء التجاريين والوكلاء، وجلب العارضين المهتمين بتوسيع أعمالهم في الاتحاد الأوروبي إلى بولندا."
تعزيز التعاون على الابتكار في سلسلة الصناعة بأكملها
في جناح سلسلة صناعة السيارات الذكية التابعة لشركة CATL، كان هناك حوالي 90 شركة صينية وأجنبية مرتبطة بالسلسلة الكاملة لصناعة السيارات، حيث عرضت دفعة من التقنيات المتطورة والمنتجات والخدمات المتقدمة، التي تغطي جميع جوانب تصنيع مركبات الطاقة الجديدة.
وفقا لإحصاءات الرابطة الصينية لمصنعي السيارات، في الأشهر العشرة الأولى من عام 2023، بلغت صادرات الصين من سيارات الطاقة الجديدة 995 ألف وحدة، بزيادة سنوية بلغت نسبتها 1ر99%. ووفقا للمجلس الصيني لتعزيز التجارة الدولية، فإن صناعة السيارات في الصين لديها سلسلة صناعية كاملة من جانب الطلب إلى جانب العرض، مع مزايا بارزة في مجالات الطاقة الجديدة وتكنولوجيا البطاريات ومستوى الذكاء، وذلك يدفع تحول السوق الصينية من سوق مستهلكة تماما إلى سوق تعاون كبيرة في مجال تكنولوجيا السيارات.
عرضت CATL، بصفتها أكبر مورد للبطاريات في الصين، بطارية شنشينغ القابلة لإعادة الشحن الفائق التي تم إطلاقها مؤخرا، والتي يمكنها تحقيق "الشحن 10 دقائق يكفي لمسافة 400 كيلومتر"، وقد جذبت شركة أخرى حضرت المعرض في الجناح نفسه، مقر تلك الشركة العام في دولة لوكسمبورغ، واسمها IEE.S.A.
قال مايكل ماتياس أولك، مدير تطوير أعمال الترويج والتسويق والتجديد في شركة IEE.S.A، إن شركته هي "البطل الخفي" في مجال أجهزة الاستشعار للسيارات في العالم، وقد أنشأت مصنعا في الصين منذ 18 عاما. وزودت ورشات الإنتاج الصينية بالكثير من المعدات المنتجة في أوروبا، بينما تشتري المواد الخام في الصين. قال: "تدل عملية إنتاجIEE.S.A بكل وضوح أن هناك تعاونا جيدا بين السلاسل الصناعية الصينية والأجنبية." وقال إن IEE.S.A تزود شركات السيارات الرائدة في العالم بحلول مبتكرة لجهاز الاستشعار. على سبيل المثال فإن جهاز الاستشعار لمقاعد السيارة VitaSense، يستشعر وجود الأطفال في السيارة إذا تُركوا بداخلها لفترة طويلة ويطلق تحذيرا. يأمل مايكل ماتياس أولك في البحث عن فرص للتعاون المتعمق مع CATL في سلسلة صناعة السيارات الذكية.
لذلك يأمل مايكل ماتياس أولك في البحث عن فرص للتعاون المتعمق مع CATL في سلسلة صناعة السيارات الذكية.
وفقا للمنظمين، خلال المعرض، تعرف ثلث العارضين على أكثر من عشر شركاء في سلاسل التوريد، ويتطلع العديد منهم إلى زيادة تعزيز التلاحم مع الشركاء المحتملين وتعزيز تنفيذ اتفاقات نوايا التعاون التي تم التوصل إليها خلال المعرض.
في معرض سلاسل التوريد لعام 2023، أنشئت أيضا محطة عمل خاصة للملكية الفكرية والخدمات القانونية، وقدم سون مينغ يان، مدير الملكية الفكرية في CATL شخصيا، طلب براءة اختراع وطلب تسجيل علامة تجارية على الفور. وقال إن منتجات وخدمات CATL، بصفتها مؤسسة تعمل عالميا ولها فروع في أكثر من مائة دولة ومنطقة، تتمثل إحدى المهام للملكية الفكرية في تحويل مزايا ابتكار الشركة إلى مزايا تنافسية لها.
وأشار لونغ تشوان هونغ، مدير مكتب براءات الاختراع والعلامات التجارية التابع للمجلس الصيني لتعزيز التجارة الدولية، ونائب رئيس فرع الصين للجمعية الدولية لحماية الملكية الفكرية، إن تعزيز حماية حقوق الملكية الفكرية يمكن أن يحفز ويدفع الشركات العاملة في السلاسل لمواصلة الاستثمار في الابتكار التكنولوجي، مما سيكون له تأثير إيجابي على استقرارها. كما أشار إلى أن تعزيز حماية حقوق الملكية الفكرية يفضي أيضا إلى خلق بيئة أعمال تجارية صالحة للتسويق وتنفيذ القانون وتحقيق العالمية، وهذا له دور بالغ الأهمية لجذب شركات الاستثمار الأجنبية، وخاصة الشركات التي تمتلك التقنيات الأساسية الرئيسية منها للاستثمار في الصين، مما يدعم استقرار سلاسل التوريد.