سياحة < الرئيسية

خزائن أسرار قرى قومية داي

: مشاركة
2021-10-25 12:48:00 الصين اليوم:Source تشاو يان تشينغ:Author

يعيش أبناء قومية داي في مناطق شيشوانغباننا ودهونغ وقنغما ومنغليان في مقاطعة يوننان بجنوب غربي الصين. لديهم ثقافة رائعة وتاريخ عريق ولغة خاصة ويؤمنون ببوذية هيناياتا (المركبة الصغرى) والديانات البدائية والدين القائم على عبادة الطبيعة.

الثقافة الشعبية

حديقة مانتينغ في مدينة جينغهونغ بولاية شيشوانغباننا، هي الحديقة الإمبراطورية لمملكة داي (1180- 1949)، وهي شاهدة على تاريخ قومية داي منذ تأسيس با يا تشن مملكة لقومية داى قبل 700 عام، وحتى تنازل داو شي شيون الملك الأخير للمملكة عن العرش بعد تأسيس جمهورية الصين الشعبية. لقد حكمت عائلة واحدة المنطقة بنظام حكم واحد لمدة أكثر من 770 سنة متواصلة، وهي سابقة نادرة في تاريخ الصين بل وفي تاريخ العالم.

وفقا للسجلات التاريخية، في السنوات الأولى لفترة أسرة يوان (1271- 1368)، عندما اقتربت القوات المنغولية من حدود رويلي، فر أبناء المملكة إلى الجنوب حتى وصلوا إلى منغليان التي يعني اسمها "مكان جيد للعيش تم العثور عليه" في لغة قومية داي، واستقروا بها. وبعد ذلك، أسس الجيل الأول من زعماء هذه القومية مدينة منغليان. وفي فترة يونغ له "الإمبراطور تشو دي" (1403- 1424) لأسرة مينغ (1368- 1644)، اعترفت الحكومة الإمبراطورية بزعيم عائلة داو من قومية داي، وأنشأت جهازا إداريا محليا نصّبت زعيم القومية مسؤولا له بالمرتبة السادسة وفقا لنظام المراتب الإمبراطوري آنذاك. في فترة أسرة تشينغ (1644- 1911)، رفعت الحكومة الإمبراطورية هذا الجهاز إلى مستوى إدارة شيوانفو (إبلاغ شؤون الإمبراطور وطمأنة الجيش والشعب). كان مقر إدارة شيوانفو يقع في بلدة نايون (كلمة نايون تعني "العاصمة")، وهي حاضرة محافظة منغليان الذاتية الحكم لقوميات داي ولاهو ووا بمدينة بوآر حاليا، وآخر بلدة قديمة لقومية داي لا تزال محفوظة في الصين حتى الآن، وقد حددتها حكومة مقاطعة يوننان كمدينة تاريخية وثقافية مشهورة لقومية داي. كانت المناطق التي خضعت لإدارة شيوانفو تشمل كلا من منغليان ولانتسانغ وشيمنغ وغيرها من المراكز السياسية والاقتصادية والثقافية والدينية.

مانتشانغ، وهي قرية قديمة يرجع تاريخها إلى خمسمائة عام، تقع في مدينة جينغهونغ، ويعني اسمها "قرية الفيل" في لغة قومية داي. المنازل القديمة بالقرية محمية بشكل جيد، والبيئة الطبيعية فيها جميلة. هذه القرية ليست فقط قرية جميلة ذات مظهر خارجي بديع، وإنما أيضا تحتفظ بثقافة تقليدية كاملة وعادات وتقاليد شعبية. تعمل كل عائلات القرية بصنع النبيذ، فتفوح رائحة نبيذ الأرز اللزج المختلطة برائحة نبيذ العسل في أزقة وأركان القرية. ولا يزال أبناء القرية يحتفظون بعادات وتقاليد الحياة الشعبية لقومية داي، مثل جدل الخيزران وصنع الفخار والنقش على سعف النخيل وصنع الورق وإبداع الورق المقصوص على طريقة قومية داي، وغير ذلك.

يستخدم أبناء قومية داي الأقلام الحديدية في النقش على سعف النخيل منذ آلاف السنين، فأبدعوا "ثقافة سعف النخيل" العريقة. ويُعرف سعف النخيل بـ"أوراق قولان"، والتي لها مكانة سامية في قلوب أبناء قومية داي، حيث تحمل تاريخ وثقافة قومية داي. المخطوطات البوذية على سعف النخيل التي تم اكتشافها في شيشوانغباننا منها مخطوطات بلغة قومية بالي، وهي لغة في الهند القديمة، وبلغة قومية داي. وتحتوي مضامينها على أسفار هيناياتا والعديد من الأساطير والقصص والقصائد التي تسجل التقلبات والتغيرات التاريخية.

يجيد أبناء قومية داي ركوب الأفيال ورقصة الطاووس، وهم محبون للنظافة ويرتدون التنانير المميزة. بالإضافة إلى الاحتفال بعيد رش الماء المعروف في العالم، لديهم أيضا بعض المهرجانات والأعياد الدينية التقليدية. يوافق اليوم الخامس عشر من الشهر التاسع في تقويم داي (منتصف الشهر السابع في التقويم القمري الصيني) كل عام مهرجان قوانمن (غلق الأبواب)، والذي يستمر لمدة ثلاثة أشهر، وخلال هذا الوقت، تكون الأنشطة البوذية كثيرة، ولا يُسمح للناس بالتنقل أو الزواج، ويتم تعليق العديد من الشؤون الدنيوية مؤقتا من أجل عبادة بوذا. ثم يليه مهرجان كايمن (فتح الأبواب)، والذي يُشير إلى أن بوذا قد خرج من المعبد، وفي هذا الوقت يكون قد انقضى الموسم الزراعي، وأصبح الجو أكثر برودة، فتقل الأنشطة البوذية، ويتبادل الشباب أطراف الحديث، ويتبادلون الحب، ويركزون على أمور الزواج. أثناء فترة هذا المهرجان، يتمتع أبناء قومية داي بالعديد من الأنشطة الترفيهية، حيث يقومون بإطلاق الألعاب النارية وإنارة فوانيس كونغمينغ لطلب البركة من السماء وإطلاق المفرقعات المصنوعة من أعواد الخيزران عاليا والتجول في القرى، وفي هذا الوقت تُضاء مصابيح البيوت في كل القرى وتصبح مفعمة بالحيوية.

حياة عائلات داي

يختلف نمط حياة أبناء قومية داي في يوننان كثيرا عن المناطق المأهولة بالأقليات القومية الأخرى. في منطقة بينغبا، التي ينتمي سكانها لقبائل قومية داي، تحيط حقول الأرز الخضراء بكل بيوت القرى، وتظهر البيوت الجميلة الأنيقة المصنوعة من الخيزران من بين الخيزران الأخضر وظلال الأشجار، وتُزرع أشجار فاكهة القشطة والببايا والمانجو والموز والأناناس والكاكايا داخل وخارج أسيجة الخيزران، وتتدلى من بنايات الخيزران ذات الطابقين زهور السحلبية ذات الرائحة الطيبة والألوان الخفيفة، وزهور الهليكونيا ذات الألوان الزاهية والبراقة. تخرج من بين الزهور نساء قومية داي مرتديات الثوب العلوي القصير والتنانير وقبعات الخيزران، ويذهبن للعمل في الحقول برشاقة، ويحيط بهن سرب من طيور الطاووس والبلشون الأبيض والعقعق والإوز الأبيض والبط.

تعيش كل عائلات قومية داي في وئام، حيث يعيش تحت سقف بيت واحد ثلاثة أجيال، وأحيانا أربعة وحتى خمسة أجيال في بعض العائلات، ووفقا للعادات والتقاليد يعيش الابن الأكبر أو الابنة الكبرى مع كبار السن. لقد حققت قومية داي المساواة الحقيقية بين الرجل والمرأة، إذ تتم الموافقة على زواج الرجل والمرأة ومباركته، سواء يعيشان في منزل الرجل أو في منزل المرأة.

تنتشر المعابد البوذية بأحجام مختلفة في جميع أنحاء القرى التي يعيش بها أبناء قومية داي. يتمتع معبد مانغكانغلهليان البوذي في قرية منغسوه بخصائص قوية لقومية داي، فيوجد به تمثال ذهبي لبوذا وفي خلفيته جدار أحمر، وبه سلالم وأعمدة وجدران وزخارف ذهبية، وأسقف القرميد الأحمر تحدّها الجوانب الخضراء، وعند مدخل المصلّى البوذي يوجد حيوانان مباركان باللونين الذهبي والأزرق، جميع ألوان المعبد مشرقة وحيوية.

في ملعب كرة السلة بجانب المعبد البوذي، التقيت بشاب وأخته، يأتيان يوميا للقيام بأعمال النظافة، بدا الشاب خجولا وتوارى عني بعيدا، أما أخته فتبادلت أطراف الحديث معي. إنها فتاة ممشوقة القوام، وجهها جميل كالزهور. كانت تستعد للتمرن على رقصات قومية داي مع صديقاتها لتقديم العروض في محافظة شيمنغ. وبعد لحظات، جاءت الفتيات ضاحكات بخطوات خفيفة، وبدأن الرقص أثناء الحديث، بدون موسيقى، كانت واحدة أو اثنتان من بينهن تتغني بأغاني قومية داي الشعبية مع الرقص. كان الغناء والرقص رائعين مثل نسمات الجبل، وكان جمالهما يشبه الأزهار المتفتحة.

آثار قومية داي على ضفاف نهر لانتسانغ

جبل جينغماي مكان جميل وساحر، وهو أحد الأماكن التي وُلدت فيها ثقافة الشاي الصينية. هذا الجبل يحتضن العديد من الأقليات القومية، وعاش فيه أحفاد ملوك قومية داي القدامى منذ ألفي عام. وفقا للأسطورة، فإنه قبل حوالي 1800 عام، لاحظ تشاو نوه لا زعيم قبيلة قومية داي، أن عدد أفراد القبيلة في زيادة مستمرة، ولكن كان هناك نقص في الطعام، فقادهم للانتقال جنوبا للبحث عن مكان جديد للعيش والعمل. لقد شقوا طريقهم عبر الأدغال والأشواك، وتسلقوا الجبال وعبروا الأنهار واجتازوا الغابات والوديان العميقة، واستقر بعضهم في قنغما وشوانغجيانغ، بينما واصل أغلبهم التقدم إلى الأمام حتى وصلوا إلى ضفاف النهر الساحر في محافظة لانتسانغ. لم تكن منطقة نهر لانتسانغ مأهولة آنذاك، فلم يكن هناك شيء سوى الغابات الشاسعة بأشجارها الباسقة وخيزرانها الطويل وملايين من الأفيال وعدد لا يُحصى من الحيوانات تتجول وتعيش هناك بحرية.

قاد تشاو نوه لا أبناء القبيلة لبناء قرية، استقروا فيها، وقاموا بتقطيع الخيزران والأخشاب بالسكاكين الحجرية لبناء بيوت لهم، وقطف الفاكهة البرية وصيد الأسماك من النهر لتناولها. أطلق زعيم القبيلة على هذا النهر اسم تشانغلانغ (في لغة قومية داي، تشانغ تعني الفيل، ولانغ تعني المليون، فيعني هذا الاسم المكان الذي يعيش فيه ملايين الأفيال)، وكلمة تشانغلانغ في لغة داي تشبه نطق كلمة لانتسانغ في اللغة الصينية، ومن هنا جاءت تسمية نهر لانتسانغ الحالي. عاش الناس بعد استيطانهم هنا وتمتعوا بحياة رغيدة، ولا تزال هناك بعض الأواني الحجرية من العصر الحجري الحديث موجودة في القرى على ضفاف النهر في محافظة لانتسانغ، وهناك الكثير من الأسر التي لديها قطعة أو قطعتان من هذه الأدوات الحجرية القديمة حتى الآن.

نوقان، تعني في لغة قومية داي "مكان شرب الغزلان". تحيط الجبال بقرية نوقان من كل جهة، وتربض القرية على حوض صغير مسطح وهادئ، ويتدفق نهر صغير بجانبها، وتنمو حولها أشجار الشاي مع الأشجار العتيقة الباسقة، وتنتصب معابد قومية داي التي تبارك جميع ما حولها، وتعيش عائلات داي وتعمل بهدوء وسكينة في بيوتهم الرمادية اللون. وعندما يدخل غرباء إلى القرية في بعض الأحيان، لا يسأل أبناء داي ما إذا كانوا من قرية مجاورة أو من مكان بعيد، ويدعونهم لدخول بيوتهم لأخذ قسط من الراحة واحتساء شاي جينغماي. هنا تجد القرى القديمة والشاي القديم والأشجار العتيقة، ونمط الحياة القديم وأسلوب الضيافة القديم وطريقة صنع الشاي القديمة. قرية نوقان قرية معمَرين مشهورة في جنوبي يوننان، ففي كل عائلة تقريبا يوجد فرد عمره مائة عام، ويبلغ عمر أكبرهم 127 عاما.

يعيش أبناء قومية داي في سلام ووئام في أقصى جنوب غربي الصين، يتبعون العادات والتقاليد القديمة، ويتمتعون في نفس الوقت بالحضارة الحديثة.

 

 

©China Today. All Rights Reserved.

24 Baiwanzhuang Road, Beijing, China. 100037

京ICP备10041721号-4