مجتمع < الرئيسية

تكنولوجيا ‏الفضاء وحياة الناس

: مشاركة
2021-06-16 10:13:00 الصين اليوم:Source دانغ شياو في:Author

عند ‏الحديث عن الفضاء في الصين، يتبادر إلى أذهان كثيرين سلسلة من المصطلحات "العالية المستوى" مثل: الصواريخ الناقلة "تشانغتشنغ" والمسبار القمري تشانغ أه- 5 ومركبات الفضاء "شنتشو"، ومجموعة "فنغيون" للأرصاد الجوية وغيرها. ولكن في الواقع، هذه التقنيات الفضائية لم تعد صعبة المنال، وأصبحت مندمجة بعمق في حياة الناس اليومية، وتجعل الحياة أكثر سهولة وراحة.

السفر أصبح أسهل

خلال عطلة عيد العمال لعام 2021، اصطحب ليو تشيانغ، الذي يعيش في مدينة بكين، أفراد أسرته إلى ضواحي بكين لتسلق الجبال. كعادته، قام بتشغيل نظام الملاحة قبل تشغيل السيارة، وأدخل اسم المكان الذي يريد الذهاب إليه، فظهر له على الشاشة أسرع طريق متاح، وساعده في تجنب الطريق المزدحم.

يرجع فضل السفر السريع والمريح لعائلة ليو تشايغ، إلى نظام بيدو للملاحة عبر الأقمار الاصطناعية، الذي أنشأته وشغلته الصين بشكل مستقل، والذي يزود المستخدمين في كافة أنحاء العالم بخدمات تحديد الموقع والملاحة والتوقيت بدقة عالية طوال اليوم ولكل الأجواء. أصبح لنظام بيدو ثلاثة أجيال حتى يومنا هذا، منذ إنشاء مشروع نظام "بيدو-1" (الجيل الأول) في عام 1994، وحتى إنجاز ترتيب كل الأقمار الاصطناعية لنظام "بيدو- 3" (الجيل الثالث) للملاحة العالمية عبر الأقمار الاصطناعية في يونيو 2020، أطلقت الصين 59 قمرا اصطناعيا لنظام بيدو (بما في ذلك 55 قمرا اصطناعيا لنظام بيدو للملاحة و4 أقمار اصطناعية تجريبية لنظام بيدو للملاحة) خلال 26 عاما.

قال ليو تشيانغ: "سيارتي مزودة بنظام بيدو للملاحة وهو يصدر إنذارا في حالة الانحراف عن المسار أو الحمل الزائد والسرعة الزائدة، وهذا يجعل قيادتي أكثر ذكاء وأمانا." نظام بيدو له أهمية كبيرة في تطوير السيارات الذكية، فدقته العالية في تحديد المواقع هي التقنية الرئيسية لوظيفة الاستشعار، وجمع الخرائط بدقة عالية في السيارات الذكية.

أثناء قيادته للسيارة، كانت الشمس شديدة، لذلك ارتدى ليو تشيانغ نظارته الشمسية الذكية التي تقوم بضبط العدسات تلقائيا وفقا لتغيرات شدة ضوء الشمس، مما يتيح لليو تشيانغ رؤية واضحة ومريحة. ويرجع "ذكاء" هذا النوع من النظارات الشمسية إلى أنها مزودة بتقنية فضائية، وهي تقنية الخلايا الشمسية المصغرة العالية الكفاءة من زرنيخيد الغاليوم. توفر هذه التقنية الطاقة للأقمار الاصطناعية في الفضاء. وبعد تركيب خلية زرنيخيد الغاليوم العالية الكفاءة مع شريحة النظارات الشمسية الذكية، تتحول الطاقة الضوئية إلى طاقة كهربائية تدفع الكريستال السائل في العدسات بسرعة فيتحقق بذلك الاستشعار الضوئي وتغيير الألوان.

بعد الوصول إلى المنطقة السياحية، بدأت عائلة ليو تشيانغ في تسلق الجبال، وكانوا مستمتعين للغاية، ولكن بسبب عدم معرفتهم بالطريق، ضلت العائلة طريقها أثناء النزول من الجبل. ومن حسن الحظ، تمكنوا من العثور على مخرج لهم باستخدام تطبيق الملاحة على هواتفهم الذكية. حاليا، أكثر من 70% من الهواتف الذكية في الصين مزودة بخدمة تطبيق بيدو للملاحة.

تسهيل الإنتاج الزراعي

تشاو ون فو، البالغ من العمر ستين سنة تقريبا، قروي من قرية شينتشانغ ببلدة هوتشن في مدينة شوقوانغ بمقاطعة شاندونغ. يعرف السيد تشاو تماما أهمية الطقس للمزارعين الذين "يعتمدون على السماء لكسب قوتهم". تذكر تجربته المأساوية في طفولته فقال بصوت يعلوه الحزن والأسى: "في صغري، أدى صقيع ليلي لإتلاف ما يقرب من نصف محصول القمح الذي عمل والداي بشقاء في زراعته. في ذلك العام، كان محصول القمح الذي حصدناه قليلا للغاية، ولم يكن كافيا لطعامنا." في ذلك الوقت، تمنى تشاو ون فو أن يكون قادرا على التنبؤ بالطقس ليتخذ إجراءات الوقاية اللازمة، فمن المؤكد أن ذلك كان سيساعد في تجنب الكثير من الخسائر. وقد تحقق أمل تشاو ون فو في وقت لاحق بفضل الأقمار الاصطناعية.

في سبتمبر عام 1988، أطلقت الصين بنجاح أول قمر اصطناعي "فنغيون- 1" للأرصاد الجوية. وبعد ذلك، أجرى الباحثون الصينيون أبحاثا حول الوقاية من الكوارث الجوية ومكافحتها، تجمع بين الاستشعار عن بعد للأقمار الاصطناعية والتنبؤ الرقمي، مما أدى بشكل فعال إلى تحسين كفاءة التنبؤ بالكوارث الطبيعية والإنذار بها ومكافحتها، كالأعاصير والأمطار الكثيفة والفيضانات والموجات الباردة والضباب الكثيف والثلوج والجليد والصقيع والسيل الجليدي والحرارة المرتفعة والجفاف والعواصف الرملية، إلخ. حاليا، تطورت "عائلة فنغيون" للأقمار الاصطناعية للأرصاد الجوية الصينية إلى سلسلة "فنغيون- 4". وأصبحت متابعة برنامج التنبؤات الجوية في المساء عادة يومية لتشاو ون فو، ويمكنه على أساسها حماية محاصيله التي يعمل بجد في زراعتها.

في الواقع، أن "قوة" الأقمار الاصطناعية للأرصاد الجوية أكثر بكثير مما يعرفه تشاو ون فو. ‏فباستخدام تقنية الاستشعار عن بعد، يمكن ‏ للأقمار الاصطناعية للأرصاد الجوية أيضا مراقبة نمو المحاصيل الزراعية واكتشاف الأمراض والآفات الحشرية في ‏وقت مبكر، ‏مما يساعد على اتخاذ التدابير في الوقت المناسب لزيادة مردود الأراضي الزراعية؛ ويمكنها تمييز المزروعات للمساعدة على ‏تحقيق الزراعة بالتناوب الفعال، وتحسين الكفاءة الزراعية، ‏وتحقيق الزراعة الإيكولوجية المكثفة؛ ‏كما يمكنها أيضا القياس الدقيق لمساحة المحاصيل المختلفة، وفهم مناطق زراعتها وتوزيعها وتحديد الإحصائيات لها بدقة ، لإنشاء نموذج إدارة زراعية دقيقة؛ ‏وكذلك القياس الدقيق لظروف الأرض والتربة، للتسميد الصحيح بما يناسب ظروف الأراضي، وزيادة مردود المحاصيل.

في يونيو عام 2018، أطلقت الصين بنجاح القمر الاصطناعي "قاوفن- 6"، ‏وهو أول قمر اصطناعي صيني لمراقبة الزراعة، يتميز بدقته العالية وتغطيته الواسعة. ‏وبالمقارنة مع تقنية الاستشعار عن بعد في المجالات الأخرى، فإن المجال الزراعي أكثر تعقيدا وخصوصية، حيث تنمو ‏المحاصيل خلال بضعة أشهر فقط، ‏وتكون الفترة المناسبة للمراقبة باستخدام الاستشعار عن بعد من شهر إلى شهرين، لذلك، فإن وقت المراقبة الزراعية قصير والمتطلبات على توقيتها أكثر؛ و‏أنواع المزروعات في الصين متنوعة، فهناك العديد من المحتويات التي تحتاج للمراقبة. يمكن للقمر الاصطناعي "قاوفن- 6" حل هذه المشكلات بنجاح. بفضل مزايا الدقة العالية والتصوير على نطاق واسع وقصر وقت تكرار المرور والكشف الكمي وغيرها، يمكن أن يساعد بشكل إيجابي وكبير في الإنتاج الزراعي.

التخفيف من الكوارث وإرسال المعونات

عمل الإطفاء الذي يقوم به رجال الإطفاء، يراه الناس عملا محفوفا بالمخاطر ويهدد حياة القائمين عليه بعض الأحيان. ولكن تكنولوجيا الفضاء توفر المزيد من السلامة الشخصية بفضل طبقة من "الملابس الواقية".

في أواخر شهر مارس 2020، اندلع حريق كبير في غابة بمدينة شيتشانغ في ولاية ليانغشان بمقاطعة سيتشوان. هرع رجال الإطفاء بسرعة إلى موقع الحريق، وكان كل شخص منهم مزودا بجهاز بيدو محمول باليد، فيمكنهم متابعة حالة الحريق في الوقت المناسب باستخدام تقنية تحديد المواقع العالية الدقة لنظام بيدو ووظيفته للاتصال بالرسائل القصيرة، ومن ثم اتخاذ اللازم لضمان سلامتهم الشخصية، وسلامة وترتيب وكفاءة أعمال الإغاثة.

خلال عملية الإطفاء والإغاثة من هذا الحريق، تم استخدام تقنية تصوير الحريق عن طريق الاستشعار عن بعد لمراقبة الحريق في الوقت الفعلي. تستخدم هذه التقنية مجموعة من الأقمار الاصطناعية المتعددة المصادر من الأقمار الاصطناعية الثابتة والقطبية المدارية، والذكاء الاصطناعي+ خوارزمية الكشف عن الحرائق لصور الاستشعار عن بعد باستخدام البيانات الكبرى، لمراقبة الأرض طوال الوقت وفي اتجاهات متعددة، والاستجابة بسرعة لمعلومات الحريق، ومراقبة وضع الحريق والتحقيق والتعامل معه في الوقت المناسب. فلعبت هذه التقنية دورا هاما في مكافحة الحريق في الغابة. في الواقع، ‏ومع تقدم تقنيات الاستشعار عن بعد والمعلومات الجغرافية والبيانات الكبرى، تستخدم تقنية الاستشعار عن بعد للأقمار الاصطناعية على نطاق واسع في الوقاية من حرائق الغابات ومكافحتها في الصين.

فضلا عن ذلك، طورت شركة الصين المحدودة للعلوم والصناعات الفضائية، ‏نوعا جديدا من قنابل إطفاء حرائق الغابات استفادة من تكنولوجيا الفضاء، ويمكن لهذه القنابل إطفاء حرائق الغابات والمراعي بشكل فعال في ظل الظروف المختلفة في نطاق 800- 1200 متر، وتصل مساحة الإطفاء الفعالة للقنبلة الواحدة إلى 50 مترا مربعا، مما يقلل ضرر حرائق الغابات ومخاطرها على حياة رجال الإطفاء بشكل كبير.

منذ إطلاق أول قمر اصطناعي صيني في عام 1970، وحتى جلب عينات من القمر حملها المسبار القمري تشانغ أه- 5 إلى الأرض في ديسمبر 2020، تطورت التكنولوجيا الفضائية الصينية تطورا مستمرا. وفي المستقبل، سيتم استخدامها بشكل أكبر في حياة الناس.

©China Today. All Rights Reserved.

24 Baiwanzhuang Road, Beijing, China. 100037

京ICP备10041721号-4