مجتمع < الرئيسية

أبطال مشروعات الطاقة الكهربائية

: مشاركة
2022-01-17 11:16:00 الصين اليوم:Source ما لي:Author

بكلمات مفعمة بالذكريات، قال رن شنغ قاو البالغ من العمر اثنتين وتسعين سنة، مستذكرا لحظة وصوله إلى مدينة تشانغتشون لأول مرة: "بينما كانت درجة الحرارة في شانغهاي لا تزال حوالي 30 درجة مئوية خلال شهري سبتمبر وأكتوبر، كانت تشانغتشون قد دخلت بالفعل إلى فترة التجمد والصقيع وبدأ أهلها يخزنون الملفوف والبطاطس استعدادا لفصل الشتاء."

في شهر سبتمبر سنة ألف وتسعمائة واثنتين وخمسين، وبعد تخرجه مباشرة في قسم الهندسة المدنية بجامعة شانغهاي للنقل والمواصلات، سافر السيد رن إلى مدينة تشانغتشون حاضرة مقاطعة جيلين، في شمال شرقي الصين، ليبدأ مسيرة عمله في فرع التصميمات لمصلحة الشمال الشرقي للطاقة، والذي تحول لاحقا إلى شركة معهد الشمال الشرقي المحدودة لتصميم الطاقة الكهربائية، المعروفة اختصارا باسم "معهد الشمال الشرقي".

في ذلك الوقت، كانت إعادة بناء البلاد أولويّة قصوى، وباعتبار منطقة شمال شرقي الصين أهم قاعدة صناعية آنذاك، فقد كانت في حاجة ماسة إلى إمدادات كافية من الطاقة. قال السيد رن: "على الرغم من حقيقة أنني كنت لا أزال أتأقلم مع الحياة الجديدة بشمالي الصين، كنتُ متحمسا للتفكير فيما سنبنيه. لم أتوقع أبدا أنني سأواصل العمل في مدينة تشانغتشون لعشرات السنين."

أول خط نقل كهرباء بسعة 220 كيلوفولت في الصين

في شهر يوليو سنة ألف وتسعمائة واثنتين وخمسين، تم تكليف فرع التصميمات لمصلحة الشمال الشرقي للطاقة بمهمة عاجلة، وهي إنشاء خط نقل كهرباء بسعة 220 كيلوفولت، لنقل الطاقة الكهربائية المُولَّدة من محطة فنغمان للطاقة الكهرومائية الواقعة على نهر سونغهوا في جيلين، إلى منطقة لياونينغ للصناعات الثقيلة، وهو الخط المعروف باسم "سونغدونغلي"، مع التأكيد على الانتهاء منه قبل الحادي والثلاثين من شهر مارس سنة ألف وتسعمائة وأربع وخمسين. ورغم أن السيد رن شنغ قاو كان لا يزال حديث العهد بالعمل، تم تكليفه بتصميم أبراج المشروع.

في ذلك الوقت، لم يكن قد مرَّ على تأسيس فرع التصميمات لمصلحة الشمال الشرقي للطاقة أكثر من عامين، كما كانت أول وكالة مسح وتصميم للطاقة الكهربائية في الصين. قال السيد رن: "كان التحدي الأكبر هو أنه لم يكن لدينا أي معايير تصميم محددة للرجوع إليها، مثل التباعد الأساسي لخطوط النقل أو شكل الأبراج. لقد بدأنا من الصفر."

لم يكن في العالم، حينذاك، سوى خط نقل تجريبي واحد عالي الجهد بسعة 380 كيلوفولت في السويد. باستثناء السويد، كان خط الكهرباء بجهد 220 كيلوفولت يمثل أعلى قدرة نقل في البلدان الأخرى. قال السيد رن: "كان المشروع شيئا غير مسبوق في ذلك الوقت."

نظرا لعدم وجود معايير تصميم، ذهب رن شنغ قاو وزملاؤه إلى مدينة شنيانغ حاضرة مقاطعة لياوننيغ ومدينة فوشون في لياونينغ أيضا وإلى أماكن أخرى، لاستشارة الخبراء السوفييت، كما قاموا بتنظيم ترجمة اللوائح الأجنبية لتركيب المعدات الكهربائية إلى اللغة الصينية، وإعداد إرشادات التصميم بشكل مستقل وفقًا للتطبيق الفعلي. كانوا يتعلمون ويستكشفون ويصممون في نفس الوقت. قال السيد رن: "كانت تواجهنا صعوبات لا يمكن تخيلها."

كان الوفاء بالموعد المحدد لإنجاز المشروع يرتبط بتصميم الأبراج. قال السيد رن: "لم أكن أنام إلا أربع ساعات فقط في اليوم. وإذا قلت إنني لم أكن متوترا فسأكون كاذبا، لقد كان الضغط علىّ كبيرا حقا." ولكي يكون على مستوى توقعات قادة فرع التصميمات لمصلحة الشمال الشرقي للطاقة، جمع السيد رن المواد الخاصة بتصميم أبراج الكهرباء على شكل "رأس القط" المصممة في الصين، ورجع إلى صور أبراج على شكل "كأس النبيذ" في مجلات سوفيتية. وبعد دراسات وتصميمات هيكلية متكررة، نجح أخيرا في رسم أول تصميم صيني لبرج كهرباء على شكل "كأس النبيذ". قال: "لم يكن مخططا بسيطا. تم تصميم كل شيء بدقة للتأكد من أن البرج يمكنه الوقوف بثبات في أي بيئة خارجية وظروف معقدة. وقد بينت اختبارات الحمل في ظل ظروف عمل مختلفة، لمدة خمسة أيام، أن تصميمي كان ناجحا."

في ذلك الوقت الذي كانت تفتقر فيه الصين إلى المواد، كان بناء أبراج تستهلك كمية هائلة من الفولاذ، رفاهية. قال السيد رن: "كنا ندقق في الحساب لاختيار الفولاذ واستخدامه، حيث كان طول هذا الخط 369 كيلومترا، وكانت هناك حاجة إلى 919 برجا." لم يكن تصميم السيد رن يضمن سلامة وموثوقية الأبراج فحسب، وإنما ايضا وفر للصين آلاف الأطنان من الفولاذ. ولهذا السبب، كرمت حكومة تشانغتشون الشعبية رن شنغ قاو ومنحته لقب "العامل النموذجي".

في الثالث عشر من شهر يناير سنة ألف وتسعمائة وأربع وخمسين، تم الانتهاء من مشروع خط "سونغدونغلي"، أول خط نقل كهرباء بجهد 220 كيلوفولت في الصين، والذي صممه وشيَّده رن شنغ قاو وزملاؤه قبل الموعد المحدد. لقد كانت لحظة مجيدة لمصمِّمي شبكات الطاقة الصينيين.

أول خط لنقل تيار الجهد العالي بسعة ألف كيلوفولت في العالم

لم يكن عام ألفين وستة، عاما عاديا بالنسبة للسيد تشانغ قوه ليانغ، نائب كبير المهندسين في معهد الشمال الشرقي. في ذلك العام، بدأ بناء أول خط نقل عالي الجهد في الصين والعالم أيضا، لنقل تيار الجهد الفائق المتردد بسعة ألف كيلوفولت. قال السيد تشانغ: "صُمِّم هذا المشروع لنقل تيار الجهد الفائق المتردد بسعة ألف كيلوفولت بين جيندونغنان ونانيانغ وجينمن، وقد تولى معهد الشمال الشرقي تصميم جزء المشروع الخاص بقطاع نانيانغ- تونغتشايبو، في حين كنتُ كبير المهندسين المسؤول عن المشروع."

كان تصميم خط نقل تيار الجهد الفائق المتردد بسعة ألف كيلوفولت وبناؤه في ذلك الوقت، يشكل تحديا كبيرا للمتخصصين في الصين والعالم أجمع. استنادا إلى سنوات من الخبرة المتراكمة ومن خلال البحث المكثف حول خطوط الجهد الفائق، قاد تشانغ قوه ليانغ المهندسين لتحقيق أعلى مستوى في العالم من تكنولوجيا شبكات الطاقة والتطبيقات الهندسية.

بداية من اختيار خطوط النقل إلى مسح المواقع وتحديدها وجمع البيانات ووضع اللمسات الأخيرة على خطط التصميم، كان تشانغ قوه ليانغ وفريقه كثيرا ما يعملون حتى الساعات الأولى من صباح اليوم التالي. ومن أجل توفير الوقت، كانوا غالبا لا يعودون إلى منازلهم لمدة عشرة أيام أوحتى نصف شهر. قال السيد تشانغ: "من خلال الجهود الدؤوبة، تمكَّن فريقنا من التغلب على سلسلة من المشكلات الفنية ذات المستوى العالمي التي حيَّرت حتى كبار مهندسي العالم، لنقل تيار الجهد الفائق المتردد، مثل تكنولوجيا العزل الخارجي على نطاق واسع في الارتفاعات الشاهقة ومشكلة التلوث الشديد."

في السادس من يناير عام ألفين وستة انتهى المشروع، وجرى تشغيله رسميا، ليصبح أول خط نقل تيار للجهد الفائق المتردد بسعة ألف كيلوفولت للتشغيل التجاري في تاريخ صناعة الطاقة الكهربائية بالصين. كان تشانغ قوه ليانغ وفريقه متحمسين للغاية عند اكتمال المشروع ودخوله حيِّز الإنتاج. قال السيد تشانغ: "هذا أول مشروع لنقل تيار الجهد الفائق المتردد بسعة ألف كيلوفولت، طوره وصمّمه الصينيون بشكل مستقل. لقد ناضل فريق العمل ثلاث سنوات لإتمامه." وأضاف أن هذا المشروع جعل الصين أول دولة في العالم تُتقن التكنولوجيا الأساسية لنقل تيار الجهد الفائق المتردد وتصنيع معدات النقل الخاصة بها. وقال: "هذا أعظم تقدير لي ولكل المشاركين في هذا المشروع." حصل المشروع على الجائزة الذهبية للمسح والتصميم الهندسي الوطني المتميز عام 2010.

منذ ذلك الحين، شارك تشانغ قوه ليانغ وفريقه في تصميم مشروعات عديدة لنقل تيار الجهد الفائق المتردد، مثل مشروع خط نقل تيار الجهد العالي المستمر بين شيانغجيابا وشانغهاي بقدرة 800± كيلوفولت، ومشروع خط نقل تيار الجهد العالي المستمر بين تشانغجي وقوتشيوان بقدرة 1100± كيلوفولت، ومشروع نقل تيار الجهد الفائق المتردد بين هواينان وشانغهاي بقدرة ألف كيلوفولت، والعديد من المشروعات الأخرى، كما أصبح الفريق رائدا في حل الصعوبات التي تواجه مشروعات الطاقة الوطنية الكبرى.

أول مشروع توربينات غازية من الفئة H في آسيا

في الساعة العاشرة صباحا يوم السابع والعشرين من شهر إبريل عام ألفين وثمانية عشر، بالتوقيت المحلي في باكستان، اجتاز مشروع محطة بيكاي بسعة 1180 ميغاوات لتوليد الطاقة بنظام الدورة المركبة، اختبار التشغيل بنجاح لمدة 168 ساعة متواصلة، وكانت جميع بيانات التشغيل مستقرة، وهو أول مشروع في آسيا يوظف توربينات غازية من الفئة H مما سيساهم في إضافة ما يصل إلى 1180 ميغاوات من الطاقة إلى شبكة الكهرباء الباكستانية. هذا المشروع الذي نفذته شركة هاربين الدولية المحدودة للكهرباء ومعهد الشمال الشرقي" تصدَّرت أخباره عناوين وسائل الإعلام المحلية والأجنبية.

يشير الحرف H إلى الاسم الرمزي للتوربينات الغازية ذات الحمل الثقيل الأكثر تقدما في العالم، إذ تتميز بأقوى قدرة حمل وأعلى كفاءة. ويعد التوربين الغازي 9HA.01 الذي تنتجه شركة جنرال إلكتريك للطاقة "GE" الأمريكية من أفضل النماذج المتقدمة في الوقت الراهن.

مشروع محطة بيكاي بسعة 1180 ميغاوات لتوليد الطاقة بنظام الدورة المركبة في باكستان، من الدفعة الأولى لمشروعات الاتفاق المبرم بين معهد الشمال الشرقي وباكستان بخصوص انشاء محطات توليد طاقة توظف توربينات غازية من الفئة H، والمدير المسؤول عن تصميمه هو السيد لو يانغ من معهد الشمال الشرقي؛ وهو مدير شاب يقود فريق تصميم التوربينات الغازية ذات الحمل الثقيل، ويعدّ من أفضل فرق الصين في هذا المجال.

قال لو يانغ: "إنها كانت المرة الأولى التي يجري فيها تركيب التوربينات الغازية من الفئة H في آسيا، كان هناك عدد قليل جدا من مواد التصميم التي يمكن الرجوع إليها، كما واجه فريق التصميم أيضا العديد من الصعوبات، مثل تطبيق المعايير الأمريكية ومراجعة الخطط من أطراف مختلفة وجداول التصميم الصارمة للغاية وغيرها." لذا في غضون أسبوع واحد فقط من توقيع المشروع، أنشأ لو يانغ قناة اتصال ونقل بيانات فعَّالة وسلِسَة مع شركة "GE" الأمريكية، وأجرى تبادلات لنماذج التصميم الثلاثية الأبعاد مع الشركة بانتظام. قال السيد لو لو: "تعاونَّا مع مصنعي المعدات للتغلب على صعوبات التصميم القياسي الأمريكي ونقص المواد الهندسية، كما درسنا المعايير الأمريكية بعناية، وأجرينا تغييرات مبتكرة في مخططات التصميم، ودمجناها في إنشاء أول محطة في آسيا ذات كفاءة عالية توظف توربينات غازية من الفئة H لتوليد طاقة بنظام الدورة المركبة." وأضاف: "واجهتْ باكستان في العقود القليلة الماضية تحديا كبيرا؛ هو نقص الكهرباء، لذا ساعد تصميم فريقه لمشروع محطة بيكاي بإضافة 1180 ميغاوات ومشروع محطة بالوكي بإضافة 1223 ميغاوات من الطاقة، في حل تلك الأزمة. تختلف وحدات توليد الطاقة بنظام الدورة المركبة التي صممناها عن وحدات الطاقة التقليدية التي تعمل بالفحم، فالوقود المستخدم هو الغاز الطبيعي، وهو فعَّال وصديق للبيئة. وبينما يوفر المشروعان كهرباء كافية لباكستان، فإنهما يقللان أيضا من انبعاثات ملوثات الهواء وثاني أكسيد الكربون. وفي حين تبلغ الكفاءة الحرارية لتوليد الطاقة بالفحم 40%، فإن محطات الطاقة التي صممناها يمكن أن تصل كفاءتها إلى 85ر62%، مما يضعها على قمة العالم".

عمل فريق التصميم برئاسة لو يانغ في العديد من المشروعات الخارجية على طول طريق "الحزام والطريق"، بما في ذلك تلك الموجودة في باكستان والإمارات العربية المتحدة ولاوس وإندونيسيا.

 

 

©China Today. All Rights Reserved.

24 Baiwanzhuang Road, Beijing, China. 100037

京ICP备10041721号-4