كلنا شرق < الرئيسية

معرض الصين الدولي للاستيراد خطوة هامة لتحرير التجارة والعولمة الاقتصادية

: مشاركة
2021-12-13 17:19:00 الصين اليوم:Source أحمد سلّام:Author

في تأكيد جديد على الدور المحوري والهام للصين في تحرير التجارة الدولية ودفع العولمة الاقتصادية، وللعام الرابع على التوالي، عُقدت خلال الفترة من الخامس إلى العاشر من نوفمبر 2021 الدورة الرابعة لمعرض الصين الدولي للاستيراد بشانغهاي. وقد أكدت دورة المعرض لهذا العام على العديد من الحقائق الهامة، وتميزت في الآن ذاته، ببعض المبتكرات الجديدة في تنظيمه، علاوة على استمرار حرص الدول العربية، ومن ضمنها مصر، على المشاركة في فعالياته في إطار علاقاتها الاقتصادية المتميزة مع الصين، وهي مشاركة بحاجة إلى ضخ مزيد من الزخم لتؤتي ثمارها بالنسبة لهذه الدول.

حقائق عديدة يؤكدها المعرض

جاء انعقاد دورة المعرض لهذا العام، على الرغم من استمرار جائحة كوفيد- 19، لتؤكد على عدة حقائق هامة، الأولى: حرص الصين على المشاركة والمنفعة المتبادلة مع جميع دول العالم، خاصة وأن جمهورية الصين الشعبية تُعد ثاني أكبر اقتصاد في العالم، وأكبر دولة مُصدّرة في العالم، وثاني أكبر دولة مستوردة في العالم، وثاني أكبر متلقٍ للاستثمار الأجنبي المباشر في العالم. في الفترة من يناير إلى سبتمبر عام 2021، استوردت الصين سلعا قيمتها حوالي تريليوني دولار أمريكي، بزيادة بلغت نسبتها 6ر32% على أساس سنوي، وفي النصف الأول من عام 2021، شكّلت واردات الصين من السلع حوالي 12% من الإجمالي العالمي، كما ساهمت بنسبة 15% من زيادة الواردات في جميع أنحاء العالم خلال نفس الفترة، حسبما ذكرت البيانات الصادرة عن منظمة التجارة العالمية؛ الثانية، أن الصين تمثل قوة هامة في العمل على إعادة تنشيط وتسريع وتيرة الاقتصاد العالمي، وتعمل على اجتياز الأزمة الاقتصادية الناجمة عن جائحة كوفيد- 19 العالمية، وهو ما يتجلى في أحد أبعاده الهامة في دورها الرائد في صناعة المعارض والمؤتمرات الاقتصادية الدولية، وعلى رأسها "معرض الصين الدولي للاستيراد"، الذي تحرص على تنظيمه سنويا منذ عام 2018، ويعتبر تجربة رائدة ليس لها مثيل في أي دولة من دول العالم، إذ يندر أن تقوم دولة ما بتنظيم معرض خاص بالاستيراد على المستوى الوطني بهذا الزخم والضخامة على المستوى العالمي، ويقدم منصة لرواد الأعمال والتجار في جميع أنحاء العالم، وتحرص الكثير من الدول العربية والأفريقية والآسيوية بل والغربية على المشاركة في هذا المحفل العالمي الهام. وقد اجتذب معرض هذا العام ما يقرب من ثلاثة آلاف شركة من 127 دولة ومنطقة، وتجاوزت مساحته 360 ألف متر مربع، وشارك أكثر من 80% من الجهات المشاركة في المعرض للمرة الثانية، كما ارتفع عدد العارضين في مجموعات الشركات الصغيرة والمتوسطة الأجنبية بنسبة 30%، وقامت العديد من الدول مثل اليابان وبولندا والدنمارك ونيوزيلندا بتوسيع مناطق معارضها، كما حرصت الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم التي تمثل الخصائص ومستويات التصنيع لبلدانها على المشاركة بالمعرض؛ الثالثة، أن المعرض يمثّل جزءا هاما من سياسة الصين الاقتصادية والتنموية الطويلة الأجل في بُعدها الخارجي، والتي ترتكز على دعم التعددية الحقيقية والانفتاح على العالم الخارجي، والالتزام بالعولمة الاقتصادية، وتبني العديد من الخطوات والإجراءات المحلية بهذا الصدد، وهو ما عكسته كلمة الرئيس الصيني شي جين بينغ في افتتاح المعرض بتأكيده على دعم الصين للتعددية الحقيقية، وتقاسمها فرص السوق مع العالم، وعملها على تعزيز الانفتاح على مستوى عالٍ، وحماية المصالح المشتركة لجميع الدول، مشيرا إلى الإجراءات التي تعتزم اتخاذها بهذا الشأن، من قبيل: فتح المزيد من المناطق النموذجية للترويج الإبداعي لتجارة الواردات وتعزيز التجارة الإلكترونية لطريق الحرير، وتقليل القائمة السلبية للاستثمار الأجنبي على نحو أكبر، وتوسيع فتح خدمات الاتصالات والرعاية الصحية وغيرها من الخدمات بطريقة منظمة؛ الرابعة، أن المعرض يؤكد حرص الصين على اتخاذ إجراءات ملموسة ومسؤولة لحل الأزمة الاقتصادية العالمية الناجمة عن جائحة كوفيد- 19، وهو ما يعيد إلى الأذهان مساهمتها بشكل فعال في إنعاش الاقتصاد العالمي إبان الأزمة المالية العالمية في عام 2008، مما يؤشر على قدرتها على التعامل مع أزمة فيروس كورونا الجديد والتي أثّرت بشكل كبير على استعادة الاقتصاد العالمي بعضا من عافيته، وكذلك اقتصادها المحلي. ويؤكد ذلك ما سجّلته شركات صناعة السيارات الألمانية والعديد من الشركات الأخرى العاملة في السوق الصينية من أرباح في الفترة الأخيرة رغم استمرار الوباء.

وعلى الرغم من كافة القيود التجارية والانحسار العام في الأنشطة الاقتصادية والتجارية بسبب كوفيد- 19، فإن الصين تسعى وتلتزم بالمحافظة على خلق أجواء تجارية واقتصادية إيجابية في ضوء سياسات المنفعة المتبادلة والمصلحة المشتركة التى تنتهجها الصين خاصة مع مبادرة "الحزام والطريق". وقد شهد الاقتصاد الصيني نموا بنسبة 3ر18% خلال الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2021 مقارنة بالربع الأول من 2020، وفقا لمصلحة الدولة للإحصاء الصينية.

مبتكرات وتقنيات جديدة في الترويج للمعرض

شهد معرض الصين الدولي للاستيراد هذا العام توظيف آليات وتقنيات جديدة بهدف الترويج له وجذب العديد من المشاركين والزوار، وتجلى ذلك في استخدام الوسائل الرقمية لإقامة المعرض عبر الإنترنت لأول مرة باستخدام التقنيات والصناعات التكنولوجية المتفوقة، والسياحية والثقافية، وغيرها من المجالات، حيث يمكن للزائرين عبر التكنولوجيا الافتراضية الحصول على رؤية ثلاثية للأغذية والمنتجات الطازجة والمحفوظة، والمناظر الجميلة للعديد من الدول والحصول على تجربة جديدة دون تحمل مشقة السفر أو حتى مغادرة المنزل.

ومما يُحسب لدورة هذا العام أيضا دمج الفن والثقافة في المعرض، من خلال إنشاء منطقة "الفن"، لعرض لوحات فنية عالمية فاخرة ومنتجات ثقافية مبتكرة للمستهلكين المتميزين. وقد أحضر العديد من العارضين منتجات جديدة مثل الأدوات المدرسية والأكواب والزخارف المميزة بعناصر من تصميم فنانين مشهورين، بما يعكس ثقافات الدول التي جاءوا منها.

كذلك حرصت الجهات المنظمة للمعرض على محاولة الاستفادة من الأحداث المستقبلية في فعاليات المعرض، من خلال عرض أحدث المنتجات المرتبطة بتلك الأحداث، ولاسيما المناسبات والفعاليات الرياضية الهامة، فبالتزامن مع اقتراب دورة بكين للألعاب الأولمبية الشتوية 2022، ظهرت منتجات حديثة متعلقة بالرياضات الشتوية لأول مرة في معرض الصين الدولي للاستيراد، حيث قامت بعض الشركات والمصانع الأجنبية بعرض لوحات جديدة وأزياء ذكية ومعدات متطورة أخرى لجذب المستهلك الصيني، مما يمثل فرصة لإبراز المنتجات المتخصصة، خاصة وأن الإحصائيات أوضحت ارتفاع إنفاق الصينيين على أدوات التزحلق على الجليد بمقدار 13 مرة في عام 2021 مقارنة بالعام السابق.

تفعيل المشاركة العربية في المعرض

تحرص الدول العربية على المشاركة في معرض الصين الدولي للاستيراد منذ انطلاق دورته الأولى في عام 2018، وذلك في إطار العلاقات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية المتميزة التي تربطها بالصين. ومن أبرز المؤشرات على ذلك: وصول حجم التبادل التجاري بين الجانبين إلى 8ر239 مليار دولار أمريكي في عام 2020، حيث تُعد الصين أكبر شريك تجاري للدول العربية، كما بلغت قيمة الاستثمار الصيني المباشر في الدول العربية نحو 1ر20 مليار دولار أمريكي حتى نهاية عام 2020. فيما بلغ إجمالي استثمارات الدول العربية في الصين 8ر3 مليارات دولار أمريكي، في مجالات النفط والغاز والبنية التحتية والتصنيع والخدمات اللوجستية والطاقة الكهربائية وغيرها. وثمة عوامل عديدة تدفع الدول العربية إلى المشاركة في المعرض، يأتي على رأسها محاولة الحصول على نصيبها من كعكة السوق الاستهلاكية الصينية الضخمة والمغرية، والتي يبلغ قوامها 4ر1 مليار نسمة، وذلك من خلال عرض وترويج منتجاتها التي تحظى بالقبول لدى المستهلك الصيني. وهذه المشاركة بحاجة إلى مزيد من التفعيل، إذ يجب أن تسعى الدول العربية إلى وضع موطئ قدم لها داخل الصين، وذلك من خلال المشاركة في مثل هذه المعارض، والتي تمثل فرصة لا مثيل لها للمصدرين العرب لدخول السوق الصينية الضخمة مع ارتفاع المستوى الاقتصادي والمعيشي والاستهلاكي للمواطن الصيني. كذلك، من الهام والضروري أن تسعى الدول العربية بل وتلح لبناء وترك بصمة للعلامات التجارية العربية لكافة المنتجات التي تشتهر بها المنطقة العربية، من أغذية وملبوسات وخامات وثروات والعمل على الوصول إلى المستهلكين الصينيين والتواصل مباشرة مع المستثمرين والمشترين والمواقع الإلكترونية التجارية المشهورة في الصين.

مشاركة مصر في المعرض

تتسم العلاقات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية بين الصين ومصر بالإيجابية والنمو المتواصل في العديد من مجالاتها، ومن بينها التبادل التجاري المتنامي بين البلدين، والذي زاد بنسبة 34ر10% على أساس سنوي ليصل إلى 56ر14 مليار دولار في عام 2020، حيث سجلت الصادرات الصينية إلى مصر 64ر13 مليار دولار أمريكي بزيادة بلغت نسبتها 83ر11% على أساس سنوي، في حين بلغ حجم واردات الصين من مصر 92ر0 مليار دولار أمريكي بتراجع بلغت نسبته 84ر7% (نتيجة لمشاكل الشحن والتوريد بسبب وباء كوفيد- 19). وأهم السلع المصرية المصدرة إلى الصين هي منتجات النفط والغاز والفواكه والأحجار. وتعد الصين أكبر شريك تجاري لمصر، واعتبارا من ديسمبر عام 2020 أصبحت مصر الشريك التجاري رقم 49 للصين. أما أهم السلع الصينية المُصدرة إلى مصر فهي المعدات الكهربائية والإلكترونية والأجهزة الميكانيكية والمركبات وقطع الغيار، فضلا عن 12 نوعا من المواد المضادة لوباء كوفيد- 19 والتي بلغت قيمتها 234 مليون دولار أمريكي، مما ساهم بشكل إيجابي في مكافحة مصر لجائحة كوفيد- 19.

وتهتم الحكومة الصينية بفتح أسواقها أمام المنتجات الزراعية المصرية وتعزيز التنمية المتوازنة والصحية للتجارة الثنائية بين البلدين، حيث تستورد الصين من مصر البرتقال والعنب والتمر والبنجر، وكافة هذه المنتجات دخلت بنجاح إلى السوق الصينية. وتُعد مصر من الدول المسموح لها بتصدير التمر للأسواق الصينية وثاني أكبر بلد مصدر للبرتقال الطازج إلى الصين. وهناك العديد من المنتجات، مثل الرمان وليف الاستحمام والأغذية الطازجة والمحفوظة مثل الأجبان والعسل الأسود والرمان الطازج.

ومن جانب آخر، وفي إطار السعي لدخول المنتجات المصرية المتميزة والحاصلة على شهادات الآيزو والتي تُصدر إلى البلدان الأوروبية، إلى السوق الصينية، تسعى غرفة الصناعات الغذائية باتحاد الصناعات في مصر مع مسؤولي موقع "علي بابا" الإلكتروني الصيني، لبحث فرص الترويج والتسويق للمنتجات المصرية وسُبل دعم منتجات الشركات المصرية الصغيرة والمتوسطة للنفاذ إلى نحو 200 دولة حول العالم. ويتميز التسوق بواسطة الموقع الإلكتروني لشركة "علي بابا بتوفير مشقة السفر والتكلفة بجانب توصيل البضائع إلى المقر المطلوب واختيار جميع المنتجات بالصورة والحجم، حيث تم تقسيمها إلى عدد من الأقسام بجانب إمكانية الشحن السريع وتوفير منتجات بسعر منخفض من السوق المحلية وبأسعار الجملة.

ومن دون شك، فإن التعاون مع موقع "علي بابا العملاق للتجارة الإلكترونية يخدم إستراتيجية الحكومة المصرية في فتح منافذ جديدة والعمل على توفير مزايا لشركات الأغذية في مصر، خاصة الشركات الصغيرة والمتوسطة من خلال منظومة المنصات التجارية الإلكترونية، حيث يُعد الموقع المذكور أكبر وأهم موقع للتجارة الإلكترونية الدولية، ويمكن من خلاله وصول المبيعات على شبكة الإنترنت إلى جميع أنحاء العالم وبلغات متعددة تصل إلى 17 لغة، كما شهد حجم التجارة الإلكترونية وعدد المشترين عبر الموقع زيادة كبيرة من 9% خلال عام 2020 إلى أكثر من 40% في بداية 2021، في ظل أزمة كوفيد- 19 وتطور التكنولوجيا.

وفي حقيقة الأمر، فإن من الأهمية بمكان العمل على أن يصبح معرض الصين الدولي للاستيراد بشانغهاي فرصة هائلة أمام الحكومة والمستثمرين المصريين لعرض كافة المنتجات من الملبوسات والأغذية الطازجة والمحفوظة وإبراز الإنجازات الاقتصادية والتنموية للحكومة المصرية في مجالات الصناعة والتجارة والاستثمار والسياحة وغيرها، والعمل على الاستفادة من الفرص الهائلة التي تتيحها السوق الصينية لكافة الدول بدون استثناء، بما يعكس إيمان الصين بحرية التجارة وتعددية أطرافها وانفتاحها على الجميع ومواكبتها لعولمة الاقتصاد العالمي.

--

أحمد سلّام، رئيس المكتب الإعلامي السابق بسفارة مصر لدى الصين وخبير في الشؤون الصينية.

 

 

 

 

 

©China Today. All Rights Reserved.

24 Baiwanzhuang Road, Beijing, China. 100037

京ICP备10041721号-4