كلنا شرق < الرئيسية

دور وسائل الإعلام ومراكز الفكر في بناء رابطة المصير المشترك بين الصين والدول العربية في العصر الجديد

: مشاركة
2023-01-06 15:03:00 الصين اليوم:Source تشو لين:Author

في التاسع من ديسمبر عام 2022، عُقدت الدورة الأولى للقمة الصينية- العربية في المملكة العربية السعودية بنجاح. أصدرت القمة ((إعلان الرياض)) الذي جاء فيه أن الصين والدول العربية اتفقت على بذل الجهود في بناء رابطة المصير المشترك بين الصين والدول العربية في العصر الجديد والدعوة إلى الحوار والتواصل بين الحضارات والمحافظة على تنوع الحضارات ونبذ التمييز والتحيز ضد حضارة معينة ورفض نظرية صراع الحضارات. أشار الرئيس الصيني شي جين بينغ في كلمته الرئيسية في القمة، إلى أن الصين تحرص على العمل مع الدول العربية على تنفيذ "الأعمال الثمانية المشتركة"، بما في ذلك العمل المشترك للحوار بين الحضارات، مما يعني أن الصين والدول العربية ستسعى إلى تعزيز الحوار بين الحضارات ودعم تبادل الخبرات في مجال الحوكمة والإدارة عن طريق تعزيز التبادلات بين الأحزاب السياسية والبرلمانات ووسائل الإعلام ومراكز الفكر وتأهيل الأكفاء في مجالي الثقافة والسياحة وتنفيذ المشروعات بشأن ترجمة الكتب والأعمال الأدبية الصينية والعربية.

في الخامس عشر من ديسمبر عام 2022، عُقدت ندوة "بناء رابطة المصير المشترك بين الصين والدول العربية ودور وسائل الإعلام ومراكز الفكر"، برعاية مجموعة الصين للإعلام الدولي وبتنظيم مشترك من مركز إعلام أوروبا الغربية وأفريقيا (دار مجلة الصين اليوم) ومؤسسة "شبكة الصين" ومؤسسة بيت الحكمة للثقافة والإعلام المصرية. شارك في الندوة عبر الإنترنت، أكثر من خمسين خبيرا وباحثا من وسائل الإعلام ومراكز الفكر في الصين ومصر والسعودية وقطر والإمارات والمغرب ولبنان، وأجروا مناقشات متعمقة حول نتائج الدورة الأولى للقمة الصينية- العربية وكيفية مساهمة وسائل الإعلام ومراكز الفكر في بناء رابطة المصير المشترك بين الصين والدول العربية في العصر الجديد.

قنوات تعزيز التبادل الشعبي

قال قاو آن مينغ، نائب رئيس مجموعة الصين للإعلام الدولي ورئيس تحريرها، في كلمته: "في عملية تعزيز التنمية المشتركة للصين والدول العربية، تتحمل وسائل الإعلام ومراكز الفكر مسؤوليات لا غنى عنها ولا مفر منها. وآمل أن تستفيد وسائل الإعلام ومراكز الفكر الصينية والعربية من منصات الوسائط المتعددة بشكل جيد لرواية قصصهم الخاصة للعالم، ولكن أيضا لبعضهم البعض، وتحقيق الجمال المشترك من خلال الالتزام بالجمال الذاتي واحترام جمال الآخر. كما يجب على وسائل الإعلام ومراكز الفكر الصينية والعربية تعزيز التفاهم المتبادل والتبادلات الشعبية عن طرق تقديم الأبحاث المتعمقة والاقتراحات المفيدة، سعيا إلى إرساء أساس رأي عام متين لبناء رابطة المصير المشترك بين الصين والدول العربية في العصر الجديد." وأضاف: "نشعر فعلا أن الأماكن على طول ’الحزام والطريق‘ هي الأماكن التي تتجمع فيها الثقافات المختلفة وتنشط فيها التبادلات الثقافية. إن الأمتين الصينية والعربية لديهما الكثير من مفاهيم التنمية المشتركة ومساعي القيم، فتُعد التبادلات الثقافية الصينية والعربية ذات المحتويات والأشكال المتنوعة في العصر الجديد أساس وروح تعزيز الروابط بين الشعبين الصيني والعربي والشراكة الإستراتيجية الشاملة الصينية والعربية."

وافق وو سي كه، الممثل الصيني المفوض لدى جامعة الدول العربية والمبعوث الخاص الأسبق للحكومة الصينية لقضايا الشرق الأوسط سابقا، على الآراء أعلاه أيضا، وأشار إلى أن التبادلات الإعلامية وسيلة مهمة لتعزيز التفاهم بين الشعبين الصيني والعربي، ورابط مهم للمساعدة في تحقيق تقارب الشعوب. كما استعرض وو سي كه المشهد عندما صدرت النسخة العربية من مجلة ((الصين اليوم)) في مصر، وقال: "شهدت فرحة الأصدقاء العرب عندما قرأوا القصص الصينية واستطاعوا فهمها من خلال مجلة ((الصين اليوم))." يعتقد وو سي كه أن وسائل الإعلام الصينية والعربية ينبغي لها بناء المزيد من منصات التبادل وتوسيع نطاق التبادلات باستمرار وتعميق الصداقة الودية وتعزيز تقارب الشعوب والتبادلات الثقافية وتعميق التفاهم المتبادل بين الشعوب والاندماج المتبادل بين الثقافات الصينية والعربية، مما يجعل التعاون بين وسائل الإعلام ومراكز الفكر والتبادلات الثقافية نماذج حية لتجسيد رابطة المصير المشترك بين الصين والدول العربية.

قال أحمد السعيد، الرئيس التنفيذي لمجموعة بيت الحكمة للثقافة، إن مبادرتي التنمية العالمية والأمن العالمي، التين اقترحتهما الصين على أساس الاحترام المتبادل والتعاون والفوز المشترك، بمثابة الدواء لعقلية الهيمنة والأحادية وكراهية الأجانب وعقلية الحرب الباردة في عالم اليوم." وافق يوي يون تشيوان، رئيس معهد دراسات الصين المعاصرة والعالم، بشدة على رأي أحمد السعيد، مشيرا إلى نتائج استطلاع رأي عام دولي أُجرى في عام 2022، والتي بينت أن السعودية ومصر الدول العربية الأخرى تتفق مع حوالي 95% مما تدعو إليه الصين من القيم المشتركة للبشرية جمعاء، ومفهوم الحوكمة العالمية المتمثل في التشاور والتشارك والمنفعة المشتركة، ومبادرة التنمية العالمية. حتى الآن، عبرت سبع عشرة دولة عربية عن دعمها لمبادرة التنمية العالمية. وقعت الصين وثائق التعاون المتعلقة بالبناء المشترك لـ"الحزام والطريق" مع عشرين دولة عربية وجامعة الدول العربية. كما شارك الكثير من مراكز الفكر ووسائل الإعلام العربية في مجلس التعاون الدولي لمراكز الفكر وتحالف التعاون الصحفي لـ"الحزام والطريق".

استعرض حسين إسماعيل، الرئيس التنفيذي لفرع ((الصين اليوم)) الإقليمي في الشرق الأوسط، مسيرة تطور وسائل الإعلام الناطقة باللغة العربية بما في ذلك قسم اللغة العربية في إذاعة الصين الدولية الذي تأسس في عام 1957 والنسخة العربية لمجلة ((الصين اليوم)) التي أطلقت في عام 1964 وقسم اللغة العربية التابع لوكالة أنباء شينخوا وقناة CCTV العربية وشبكة الصين الإخبارية وإلخ، وقال إن هذه الوسائل الإعلامية لعبت دورا بالغ الأهمية في صياغة صورة الصين في المنطقة العربية.

دحض التصريحات الكاذبة

وافق الخبراء المشاركون في الندوة على أنه في السنوات الماضية، حققت العلاقات الصينية- العربية تقدما كبيرا في مختلف المجالات، لكن هناك أيضا بعض المعلومات الكاذبة. وأشار دينغ جيون، رئيس معهد دراسات الشرق الأوسط بجامعة شانغهاي للدراسات الدولية، إلى أن التبادلات الثقافية والروابط بين الشعبين الصيني والعربي لا تزال تتعرض لعرقلة ويتم التدخل فيها من قبل العديد من العوامل الخارجية، مما يجعل التبادلات بين الجانبين تواجه صعوبات وتحديات كبيرة. وأضاف، أن الآراء المضللة من الخطاب الغربي المهيمن تتدخل بشكل خطير في التبادلات الثقافية والروابط الشعبية بين الصين والدول العربية. قال دينغ جيون إن الدول الغربية تعتمد منذ فترة طويلة على أدواتها الدعائية القوية لنشر الكثير من الدعاية السلبية المليئة بالأكاذيب ضد الصين والدول العربية مع التحيز والغطرسة. وفي السنوات الأخيرة، عملت على نشر نظريات مثل "التهديد الصيني" و"التهديد الإسلامي" و"صراع الحضارات" و"الإسلاموفوبيا" على نطاق واسع، وتعتبر التنمية الصينية تهديدا، وتعتبر الاستثمارات الصينية في الخارج بمثابة "الاستعمار الشرقي الجديد"، مما يؤدي غالبا إلى سوء الفهم المتبادل بين الشعبين الصيني والعربي.

أشار أحمد العلوي، رئيس تحرير العين الإخبارية في الإمارات، إلى أنه هناك إستراتيجية تمايز خاطئة في المجتمع الدولي، أي هل ستختار منطقة الخليج الولايات المتحدة الأمريكية أم الصين؟ قال أحمد العلوي إنه يجب على المتخصصين في مجال الإعلام ومراكز الفكر بذل كل جهودهم لإخراج العالم من هذا النمط من التفكير، والعمل على وضع رؤية واسعة تستند إلى التفاهم والتعاون المتبادل سعيا إلى إظهار تبادل الحضارات والتعاون والفوز المشترك للعالم.

كما أكد قاو آن مينغ على أنه يجب على وسائل الإعلام ومراكز الفكر مواصلة تعزيز البحث والدعاية والتواصل في مجالات السياسة والاقتصاد والثقافة والتاريخ والمجتمع على أساس واقع الصين والعالم العربي، ويجب التخلص من تقارير التعاون الصيني- العربي المشوهة من جانب بعض وسائل الإعلام والعلماء وتعميق التفاهم المتبادل وتعزيز الدعم بين الصين والدول العربية ومراكز الفكر وشعوبها، وينبغي لها العمل على تعزيز الثقة الإستراتيجية المتبادلة بين الصين والدول العربية وتعزيز التعاون في مختلف المجالات بشكل مستمر ومستقر وبسلاسة، وهذا لن يفيد بدوره شعوب الصين والدول العربية فحسب، وإنما أيضا سيجلب آثارا إيجابية للسلام والاستقرار والتنمية المزدهرة في العالم.

قال هو باو مين، مدير مركز إعلام أوروبا الغربية وأفريقيا التابع لمجموعة الصين للإعلام الدولي، إنه ينبغي لوسائل الإعلام ومراكز الفكر الصينية والعربية زيادة الدعاية في الخارج للقضاء على محاولات تشويه التعاون الصيني- العربي. ويجب تقديم المعلومات الحقيقية للتعاون الصيني- العربي والتعبير عن آراء الصين والشرق الأوسط في مجال الرأي العام الدولي وحماية صورة ومصالح الدول النامية بشكل مشترك، مما يخلق بيئة رأي عام دولي جيدة ومناسبة للتبادلات الودية والتنمية المشتركة بين الصين والدول العربية.

مسؤوليات وسائل الإعلام ومراكز الفكر في العصر الجديد

قالت الدكتورة تمارا برو، أستاذة السياسة الدولية في الجامعة اللبنانية: "إن تعزيز العلاقات الصينية- العربية، يحتاج إلى فهم ثقافات كلا الجانبين وأنماط الحياة فيهما والأوضاع الداخلية التي تحيط بهما، وتلعب وسائل الإعلام دورا رياديا في هذا الصدد." كما أشارت إلى أن وسائل الإعلام تتمكن من نشر الثقافات الصينية والعربية والتأثير على حياة الشعبين الصيني والعربي وإظهار الصورة الحقيقية للصين والدول العربية.

كما قالت الدكتورة تمارا برو: "تلعب مراكز الفكر دورا كبيرا لا يمكن الاستغناء عنه." تعتقد تمارا برو أن الفكر له أهمية كبيرة في فهم واقع حياة الصين والدول العربية. يقدم العقل قدرة قوية على التعرف على الأنماط النفسية والتفكير لكلا الطرفين وتحليلها بالطريقة الصحيحة، مما يساعد على تذليل العقبات والصعوبات التي قد تواجهها. المؤسسات الأكاديمية تفكر وتحلل كيفية التقريب بين تفكير الصين والدول العربية، ومنح الجانبين القدرة على التنبؤ بالسياسات. يمكن للبحوث الأكاديمية ومراكز الفكر في مختلف المجالات القيام بالتعاون المتعمق عبر التبادلات الثقافية والبحوث المشتركة، مما يساعد الصين والدول العربية على فهم الثقافات والعادات والتقاليد وطرق التفكير لبعضها البعض.

قام أحمد العلوي رئيس تحرير شبكة العين الإخبارية الإماراتية بتحليل الأدوار المختلفة التي تلعبها وسائل الإعلام ومراكز الفكر، مشيرا إلى أن مراكز الفكر تستهدف الصفوة والمفكرين؛ بينما تستهدف وسائل الإعلام عامة الشعوب، وكلاهما ملتزم بالعمل بجد على تشكيل فهم الناس وإدراكهم للمجتمع والعالم، لجعلهم يدركون الحقيقة، ويسهم في خلق بيئة لحماية هذه الحقيقة أيضا. قال أحمد العلوي: "علينا أن نفتح باب التواصل بيننا، وعلينا أن نتبادل الخبرات ونعزز التعاون في البعثات والتدريب وإقامة الشراكات." وأشار إلى أن ذلك يتطلب إستراتيجية إعلامية منهجية. يجب على وسائل الإعلام ومراكز الفكر استعادة المبادرة باستخدام نماذج النشر والتكنولوجيات المبتكرة مثل "الإنترنت +"، وهذا ما تكمن فيه أيضا أهمية إقامة علاقة شراكات بين وسائل الإعلام ومراكز الفكر الصينية والعربية.

اجتذبت "الأعمال المشتركة المتعلقة بتنمية الشباب" في "الأعمال الثمانية المشتركة" اهتمام واسع النطاق في المجتمع الدولي. على سبيل المثال، ستعقد الصين المنتدى الصيني- العربي لتنمية الشباب، وستطلق "خطة 10+ 10 للتعاون بين الجامعات الصينية والعربية"، وتدعو العلماء الشباب لإجراء التبادلات البحثية، وتدعو الشباب للمشاركة في التبادلات الثقافية، وتنفذ مشروعات متعلقة بالتدرب على المهارات المهنية. قال هو يوي شيانغ، عميد معهد الشرق الأوسط في جامعة الدراسات الدولية ببكين، إن الجامعات الصينية هي مهد الطلاب الذين يدرسون اللغة العربية، كما أنها أيضا إحدى الأماكن الرئيسية للرأي العام الإعلامي الدولي، إذ يتعاون علماء ومعلّمو اللغة العربية مع وسائل الإعلام الصينية الرئيسية للتعبير عن آرائهم على المنصات الاجتماعية الدولية، ويشارك المزيد من طلاب اللغة العربية الشباب في الأعمال المتعلقة بالرأي العام. كما ذكر هو يوي شيانغ، أن مؤسسات التعليم العالي الصينية، باعتبارها قوة جديدة للتبادلات الصينية- العربية، تقود الطلاب للانضمام إلى مشروع التبادلات الشعبية الصينية- العربية من خلال سلسلة من الأنشطة وتقدم الاقتراحات لتعزيز الحوار بين الحضارتين الصينية والعربية وتعزيز تقارب الشعوب في إطار مبادرة "الحزام والطريق".

أشار وو سي كه إلى أن الشباب هم مستقبل العالم، ومن المهم تعزيز التبادلات والتدريبات للأكفاء الإعلاميين الشباب. يجب على وسائل الإعلام الصينية والعربية القيام بزيارات متبادلة للوفود الإعلامية من كلا الجانبين وتنظيم ندوات صينية- عربية لوسائل الإعلام وعقد دورات تدريبية للأكفاء الإعلاميين وتعزيز التبادلات بين المؤسسات الإخبارية لتدريب المزيد من الأكفاء الإعلاميين الشباب الصينيين والعرب وتعزيز الثقة المتبادلة بين الصين والدول العربية، مما يحقق المنفعة المتبادلة والفوز المشترك بشكل أفضل. أكد هو يوي شيانغ على أنه يجب على الإعلاميين الشباب البحث عن الذكريات المشتركة والتغني بالتبادلات الودية بين الصين والدول العربية وتعزيز عمق واتساع وانتشار القصص الصينية في العالم العربي ونقل الحكمة الصينية بدقة، وخلق بيئة متناغمة للرأي العام بشكل فعال.

 

 

 

©China Today. All Rights Reserved.

24 Baiwanzhuang Road, Beijing, China. 100037

京ICP备10041721号-4