21 أبريل 2022 /شبكة الصين/ تحتفل مختلف الدول باليوم العالمي للتنوع البيولوجي سنويا كل 22 مايو، وتم طرح هذه الفكرة منذ عام 1993، لكن مع تزايد التحديات البيئية، يعمل العالم سنويا على البحث عن مختلف السبل للحفاظ على موارد التنوع البيولوجي في العالم، حيث يُعتبر هذا التنوع "كنزا" مهما لكل الدول وفقدانه يُهدد جميع سكان العالم دون استثناء. وفي هذا الإطار تسعى مختلف الدول إلى تعزيز الوعي الشعبي بأهمية المحافظة على "توازن" بيئي وتنوع بيولوجي وتضع الحكومات على خطط عديدة للتطبيق الفعلي لهذا التوازن. ومن بين أهم الدول الفاعلة في هذا المجال هي الصين، حيث تركز خطط الدولة على تخصيص جزء خاص بالعمل في مجال المناخ والبيئة والحفاظ على التنوع البيولوجي.

يُشكل الحفاظ على المناخ ركيزة أساسية لسلامة النظام البيئي العالمي، حيث يؤثر الاحتباس الحراري الذي يشهده العالم والارتفاع في درجات الحرارة بصفة كبيرة على التنوع البيولوجي على كوكب الأرض وتوازنه البيئي، وهو ما يهدد سلامة الإنسان أيضا، إذ تمثل النباتات أكثر من 80% من النظام الغذائي البشري، وكذلك تساهم الأسماك والحيوانات الأخرى في توفير الحاجيات الأساسية لسكان العالم. هذا بالإضافة إلى أهمية التنوع البيولوجي في حياتنا لخلق توازن مثالي وطبيعي للشعوب، فكل مساس داخل هذه المنظومة يؤثر على سلامة مختلف الشعوب بصفة مباشرة.

تلعب الصين دورا كبيرا في حماية البيئة والمناخ في مختلف المجالات، وقد بذلت مختلف المقاطعات الصينية جهودا حثيثة في توفير المزيد من المساحات الخضراء والحفاظ على النظام البيولوجي المتوازن، وتطبيق المبدأ الأممي "العيش في وئام مع الطبيعة" في مختلف المناطق الصينية، حيث تُعتبر الصين واحدة من أكبر الدول التي تتمتع بتنوع بيولوجي، لذلك تمّ دمج الخطط البيئية ضمن سياسات الدولة ونجاح هذه الخطط يُعد نجاحا تنمويا للبلاد. وقد أكدت الصين مدى فاعليتها في هذا المجال خاصة خلال اجتماعات كوب 15 في عام 2021، إثر إنشاء صندوق "كونمينغ للتنوع البيولوجي" وذلك بعد إعلان الرئيس الصيني شي جين بينغ ضخ 1.5 مليار يوان لهذا الصندوق، بالإضافة إلى إصدار لوائح حماية التنوع البيولوجي في الصين وإرشادات لتحسين حماية الحياة المائية، وإعادة التأهيل الإيكولوجي في نهر اليانغتسي، الذي يعد أطول نهر في الصين، وحظر الصيد في المياه الرئيسية للعديد من الأنهار، وبناء المزيد من المناطق البيئية المحمية وتحسين الإشراف عليها.

كما تتميز الصين بوجود نسيج رائع في أنواع الحيوانات والنباتات، ومنها النادر عالميا من أهمها حيوان الباندا، إذ اعتناء الصين بهذا الحيوان منذ زمن طويل، لتصبح الصين "قدوة" في العناية بالحيوانات النارة على غرار العناية الباندا، والذي وفرت له "كل سُبل الراحة والتكاثر"، من مراكز خاصة للعناية بمختلف أنواع الباندا إلى أخصائيين وفرق خاصة تراقب هذا الحيوان النادر والمهدد بالانقراض، لتتحول العناية بالتنوع البيولوجي للحيوانات ثقافة شعبية في الصين، وهو ما ساهم في ازدياد عدد حيوانات الباندا في الصين من 1114 إلى أكثر من 1860 باندا خلال أربعين عاما الماضية، بالإضافة إلى ازدياد عدد الأفيال الآسيوية وفصيلة قردة هاينان جيبون وغيرها من الحيوانات الأخرى.

كما تتميز عدة مناطق صينية بكونها تمثل نسيج متنوع للحيوانات والنباتات مثل مقاطعة "يوننان" الصينية المصنفة من بين المناطق الـ34 في العالم التي يُعتبر فيها التنوع البيولوجي مهددا، وقد أقامت هذه المقاطعة لوائح تنظيمية خاصة ودقيقة للحفاظ على الثروة البيئية المميزة بها.

تتحمل الصين مسؤولية كبيرة في حماية التنوع البيولوجي على المستوى المحلي وأيضا على المستوى العالمي، إذ تتجاوز مساحة المناطق المحمية في البلاد أكثر من 1.7 مليون كيلومتر مربع، أي حوالي 20% من إجمالي مساحة الصين، كما أصدرت "كتابا أبيض" خاصا بالحفاظ على التنوع البيولوجي في عام 2021 يؤكد على "فلسفة الصين في التعايش المتناغم بين البشرية والطبيعة في معالجة فقدان التنوع البيولوجي والتدهور البيئي"، وقدمت مجموعة من اللوائح والإجراءات للحفاظ على هذا التنوع البيئي من خلال إقامة المزيد من الحدائق ووضع إطارات عمل جديدة وخطط محددة للاستخدام الفعال والمستدام للموارد الحيوية. فحتى قطاعات البناء والإنشاءات والتصنيع والتي تعتبر من أكثر المجالات تهديدا لهذا النظام البيئي، أصبحت تتبع كبرى الشركات والمؤسسات في الصين مخططات حديثة تخدم المصلحة البيئية بصفة كبيرة.

إن فقدان التنوع البيولوجي يهدد الجميع، بما في ذلك البيئة والصحة العامة، وهو ما يستوجب التعاون الفعلي بين مختلف دول العالم، من خلال التكثيف من الأنشطة والمؤتمرات ذات الصلة بالإضافة إلى تعزيز أنظمة التعاون بين الدول والمناطق من أجل تطبيق التبادلات والخبرات المعنية بالتنوع البيولوجي والحفاظ على نظام ايكولوجي "سليم" ومواجهة مخاطر التغير المناخي، وهو ما يضمن سلامة البيئة والشعوب على حد سوى.

--

ون سه، خبيرة في السياسة الدولية.