مع القراء
عام 2012 يصادف عام التنين، و عيد الربيع هو أهم عيد في السنة عند الصينيين. فيه يلتقي القريب والبعيد، حيث يعود المسافرون إلى مواطنهم ليلتئم شمل العائلة، لذلك تكون فترة ما قبل العيد، والتي تمتد أسبوعين أو أكثر، مفعمة بالنشاطات. يتدفق الناس إلى المطارات ومحطات القطارات والسيارات للسفر إلى مواطنهم البعيدة والقريبة. عيد الربيع يؤرخ لبداية السنة الجديدة، حسب التقويم الزراعي القمري الصيني، والذي يكون عادة بعد نحو شهر واحد من رأس السنة الميلادية. تاريخ عيد الربيع طويل، حيث نشأ منذ عهد أسرتي ين وشانغ (نحو القرن الـ17 إلى القرن 11 قبل الميلاد) من نشاطات تقديم الاحترام للآلهة والأجداد في نهاية العام وبدايته.
و من عادات وتقاليد الصينيين، أن يلصق الناس صورا عبارة عن شعارات مصنوعة من الورق على أبواب المنازل تعبر عن رغبة الناس الجميلة بأسلوب أدبي صيني،
والأعمال الورقية المقصوصة في شبابيك المنازل في أيام عيد الربيع. هذه الأعمال الورقية المقصوصة لا تزيد فقط من فرحة الناس بالعيد بل هي في حد ذاتها أعمال فنية تجمع بين وظيفة الزينة وجمال الرؤية والوظيفة العملية. إن قص الأعمال الورقية هو فن شعبي منتشر في الصين يلقى إقبال الناس وإعجابهم.
تعليق رسومات السنة القمرية على جدار المنازل هي عادة أخرى منتشرة في المدن والأرياف الصينية في أيام عيد الربيع، حيث تزيد هذه الرسومات الزاهية الألوان من بهجة الناس وسرورهم بالعيد. صنع رسومات السنة القمرية فن شعبي صيني قديم، وتعكس تلك الرسومات العادات والتقاليد البسيطة لدى عامة الشعب ومعتقداتهم وتحمل آمالهم في مستقبل أجمل.
يصادف اليوم الثامن من الشهر الثاني عشر وفق التقويم القمري الصيني عيد لابا، حيث يقيم الناس منذ أوائل أسرة تشين، قبل أكثر من ألفي سنة، مراسم إحياء ذكرى الأسلاف وتمجيد الآلهة طلبا للحصاد الوافر والبركة في السنة المقبلة. وهم يتناولون في هذا العيد حساء لابا الذي يشتمل على الأرز اللزج والأرز الأصفر وفول الصويا ولب بذرة المشمش وغيرها من الحبوب، التي تسلق معا على النار إلى أن تنضج.
وخلال الاحتفال تطلق الألعاب النارية عند باب البيت وتسهر الأسرة في عشية عيد الربيع بعد تناول وجبة عشاء العيد. بدأت هذه العادة منذ عهد الأسر الجنوبية والشمالية. تتكون وجبة عشاء عيد الربيع من أطعمة مسلوقة في قدر والسمك، حيث يتم طهي الأطعمة بغمسها في ماء مغلي داخل قدر موضوع على النار أثناء تناول الطعام، الأمر الذي يهيئ جوا دافئا في البيت.
أما الأطفال فيمرحون و يلعبون وسط أفنية بيوتهم في فرح وحبور. وفي الصباح الباكر يزورون الأهل و الخلان والأصدقاء.
التنين واحد من الاثني عشر برجا المرتبطة بالتقويم القمري الصيني، ويعتقد العديد من الصينيين أن مصيرهم مرتبط ببرج ميلادهم. ويمثل "عام التنين" الحظ الجيد والرخاء.
تقول الأساطير الصينية إنه يمكن للتنانين الصينية والشرقية عمومًا أن تتخذ شكل الإنسان، وعادة ما تكون خيرة، في حين أن التنانين الأوروبية تكون عادة حاقدة، وإن كانت هناك بعض الاستثناءات (تنين ويلز الأحمر هو أحد تلك الاستثناءات). وتوجد بعض التنانين الشرقية الحاقدة كما في الأساطير الفارسية والروسية مثلاً.
وللتنين شعبية خاصة في الصين، فالتنين ذو المخالب الخمسة يرمز لأباطرة الصين مع طائر العنقاء، رمز الإمبراطورية الصينية قديما.
رضا سالم الصامت- تونس