البحث عن التناغم في التنوع
كان 2012 عاما هاما للصين وللعالم كله، فقد خيم عليه الركود الاقتصادي العالمي المتواصل. مازالت قشعريرة الديون الأوروبية محسوسة على نطاق واسع بشكل يثبط نمو الاقتصادات حول العالم. وعلى الرغم من التعافي في الولايات المتحدة الأمريكية، حذر رئيس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي) الأمريكي في شهر نوفمبر السنة الماضية من أن السباق مازال "بطيئا بشكل مخيب للآمال" ومن أن المنحدر المالي المحدق قد يعيد الاقتصاد الأمريكي إلى الركود. وعلى الرغم من أن الصين حافظت على معدل نمو مرتفع مقارنة مع الاقتصادات الكبرى الأخرى، إلا أنه كان في أدنى مستوى له خلال العقد الماضي.
شهدت دول عديدة انتخابات في العام الماضي، منها روسيا، فرنسا، المكسيك، الولايات المتحدة الأمريكية، كوريا الجنوبية، واليابان. الصين أيضا شهدت انتقالا للسلطة. تم انتخاب القيادة الجديدة في المؤتمر الوطني الثامن عشر للحزب الشيوعي الصيني. إن تغير القيادة لن يكون له تأثير بعيد المدى على الأوضاع الداخلية لتلك البلدان فحسب، وإنما أيضا سوف يؤثر على العلاقات والاستراتيجيات الدولية. ومع صعود الصين سلميا، تتعزز قوتها الشاملة ويتوسع نفوذها الدولي، مما يجعل بعض الدول تتخذ إجراءات لاحتواء الصين وتحْذر من تهديدها المفترض.
في هذا العدد نستعرض علاقات الصين مع مختلف مناطق العالم خلال سنة 2012. وأول ما نلاحظه في هذا الشأن هو استعادة التوازن في النظام الاقتصادي العالمي، ودليل ذلك هو أن الاتحاد الأوروبي حاليا هو أكبر شريك تجاري للصين، وأن الصين هي ثاني أكبر شريك تجاري للاتحاد الأوروبي. وخلال قمة الصين- الاتحاد الأوروبي التي عقدت في سبتمبر 2012، قال رئيس مجلس الاتحاد الأوروبي، هيرمان فان رومبوي، إن اقتصادات الصين والاتحاد الأوروبي أصبحت متكاملة بشكل وثيق خلال فترة قصيرة جدا من الزمن.
خلال العقد الماضي، شهدت العلاقات الصينية- الأفريقية توسعا في كافة المجالات. وتوجه نحو مليون صيني إلى أفريقيا لممارسة الأعمال والتجارة، وهناك أكثر من ألفي شركة تعمل في القارة السمراء. وأصبحت الصين أيضا وجهة أعمال هامة للأفارقة، والدليل على ذلك وجود نحو مائتي ألف أفريقي يعيشون في مدينة قوانغتشو حاضرة مقاطعة قواندونغ جنوبي الصين.
منطقة الشرق الأوسط تحتل مكانة هامة في الاستراتيجية الدولية للدول الكبرى. والصين تلعب دورا بناء في دفع الحل السياسي وتخفيف حدة التوتر لبعض قضايا الشرق الأوسط. تدعو الصين إلى تحقيق المساواة والديمقراطية في العلاقات الدولية والتعاون والمشاركة في عملية التنمية.
خلال عام 2012، تكشفت آفاق جديدة لعلاقات الصين مع دول أمريكا اللاتينية. وقد ساهمت مبادرات الصين وتطبيقاتها الاستباقية في المنطقة، في تحقيق المزيد من التفاعل العالمي. إن تحقيق الثقة والتفاهم المشترك يتطلب بالتأكيد تبادلات تعليمية وثقافية أوسع نطاقا.
وبالنسبة للعلاقات الصينية- الأمريكية الحالية، سيسهم النمط الجديد "لعلاقات القوى الكبرى" في تهيئة الإطار الصحيح لمسار علاقات مستقبلية تتسم بالتنافس الصحي، وليس المواجهة.
العلاقات بين الصين والدول المجاورة لها كانت مستقرة بشكل عام، برغم التحديات الجمة التي واجهتها تلك العلاقات، في وقت ينتقل فيه مركز الاقتصاد العالمي من الدول الغربية إلى بلدان الشرق التي تشهد نهضة ملحوظة وتواجه فرصا غير مسبوقة.