تعليق: مع تولي ترامب لمهامه .. التعاون هو الخيار الأمثل للعلاقات الصينية الأمريكية
أصبح دونالد ترامب يوم الجمعة الرئيس الجديد للولايات المتحدة، وهو يستحق التهنئة على توليه هذا المنصب المهم في مثل هذه اللحظة المهمة.
ويتوقع العالم منه التعامل مع التحديات الأمريكية والعالمية بحكمة وروية، وإفساح المجال كاملا للتعاون الصيني الأمريكي من أجل تذليل الصعوبات.
وباعتباره رجل أعمال مشهور ويتحلى بالذكاء، فإن القائد الجديد في واشنطن يعرف أكثر من أي شخص آخر مزايا وجود شراكة متينة بين الصين والولايات المتحدة.
لذلك، هو يعلم بالتأكيد أن استثمارات الشركات الصينية تجلب المنافع للاقتصاد الأمريكي ويمكن أن تساعد في خلق المزيد من فرص العمل في البلاد.
وكان جاك ما، الملياردير الصيني ومؤسس عملاق التجارة الالكترونية "علي بابا"، قد وعد في لقائه الأخير مع ترامب بأن شركته ستوفر مليون فرصة عمل في الولايات المتحدة من خلال السماح للشركات الصغيرة والمزارعين ببيع سلع أمريكية للصين وللمستهلكين الآسيويين عبر منصة التجارة الالكترونية التابعة لشركته.
وعلى الصعيد الدبلوماسي، فإن بكين وواشنطن لديهما حاليا مجال لمزيد من التعاون أكثر من أي وقت مضى.
وفي مسعاه المقبل للمساعدة في تحقيق نزع السلاح النووي الكوري، فلا يمكن لترامب أن يجد شريكا أكثر التزاما واستعدادا ويمتلك ما يكفي من النفوذ والموارد أكثر من الصين.
كما أن البلدين لديهما أيضا فرص غير مسبوقة للعمل معا في التعامل مع التحديات الأمنية العالمية غير التقليدية، مثل الإرهاب والاحتباس الحراري والأمن السيبراني.
وقد أثار ترامب الدهشة في أرجاء العالم مؤخرا بتغريدات له على موقع التدوين المصغر ((تويتر)) بخصوص العملة الصينية وتايوان وشبه الجزيرة الكورية.
ونواياه الساعية لتحقيق مكاسب أفضل باستخدام "ورقات المساومة" هذه لا يمكن أن تبدو أكثر وضوحا، لكنه لن يلبث أن يدرك أنه ينبغي على قادة البلدين استخدام طرق أكثر نضجا وفعالية للتواصل بدلا من تبادل تعليقات لاذعة عبر "تويتر".
كما يحتاج ترامب أيضا إلى الوقت، مثل كل من سبقه، لمعرفة مدى تعقيد العلاقات بين الصين والولايات المتحدة. إذ أنه في حال لم تُكبح محاولات لعبة المكسب والخسارة بين أكبر اقتصادين في العالم، فإن ذلك سيعود بالضرر عليهما وعلى أي آفاق عالمية للسلام والازدهار.
فالتعاون يستحضر النوايا الطيبة، بينما الاستفزاز يحرض على الضغائن، وبالنسبة لبلدين لديهما علاقات معقدة أكثر من أي بلدان أخرى بسبب الاختلافات فيما بينهما من ناحية النظام الاجتماعي ومستويات التنمية والقادة العقلانيين الذين يعطون أولوية للمصالح المشتركة بدلا من تضارب الآراء، ولبناء الثقة بدلا من تصيد هفوات لا بد من وقوعها.
إلا أن التعاون يتطلب احترام المبادئ الأساسية للأخر واتخاذ الحيطة من أجل عدم انتهاكها.
ولطالما كان تصميم الصين على حماية مصالحها الأساسية المحددة في تايوان وجزر بحر الصين الجنوبي قويا على الدوام.
كما يتطلب التعاون وجود مرونة متبادلة بدلا من عقلية إفقار الجار. ومن بين كل البدائل المتاحة أمامه، فإن أبعد خيار قد يرغب ترامب باللجوء إليه هو التصرف بناء على تهديداته السابقة وفرص رسوم عقابية على أكبر شريك تجاري لبلاده واعتبار الصين بأنها "متلاعبة بالعملة" كون الحمائية لن تؤدي إلا إلى اتخاذ إجراءات انتقامية.
ومن المأمول إلى حد كبير أن تقوم إدارة ترامب بوضع مصالح بلادها والعالم بأسره في الاعتبار، والبدء في السعي نحو إقامة علاقات تعاون مربحة للجانبين مع الصين في أسرع وقت ممكن.