دولة واحدة ذات نظامين: سلام واستقرار وتنمية
شهد الأول من يوليو 2017، الذكرى السنوية العشرين لانتهاء الحكم الاستعماري البريطاني لهونغ كونغ وعودتها إلى الوطن الأم. القانون الأساسي لمنطقة هونغ كونغ الإدارية الخاصة بجمهورية الصين الشعبية، ينص على أن النظام الرأسمالي ونمط حياة هونغ كونغ سوف يبقيان من دون تغيير لمدة خمسين سنة. ومن ثم، فإن هونغ كونغ وماكاو تحتفظان بنظامهما الرأسمالي، بينما يحتفظ باقي الصين بالنظام الاشتراكي. هذا ما يعرف باسم "دولة واحدة ذات نظامين"، وهي ظاهرة غير مسبوقة في تاريخ البشرية.
هونغ كونغ، ومنذ أن أصبحت منطقة إدارية خاصة في الصين، تتمتع بدرجة عالية من الحكم الذاتي. تحت قيادة الرئيس التنفيذي للمنطقة الإدارية الخاصة، تمارس حكومة هونغ كونغ نظاما سياسيا ديمقراطيا يضمن استقلال السلطة القضائية. ويشارك عدد متزايد من الشعب في انتخاب الرئيس التنفيذي.
على الرغم من أن هونغ كونغ تتقاسم جذورا مشتركة مع بقية الصين، فيما يتعلق بالعادات والثقافة واللغة، وكونها قريبة جغرافيا إلى بر الصين الرئيسي، فإنها تتبنى نمط حياة غربيا نتيجة تأثير أكثر من مائة وخمسين سنة من الحكم البريطاني. طريقة حياة هونغ كونغ، والتي تتميز بسباقات الخيل والاستثمار في الأوراق المالية، والاندماج في وئام مع الثقافة الصينية الممثلة في الكونفوشية والطاوية والبوذية، ظلت كما هي منذ عودتها إلى الوطن الأم.
حافظت المنطقة أيضا على مكانتها كمركز عالمي للمال والتجارة والشحن. مازال مطار هونغ كونغ يصنف في الترتيب الأول بين مطارات العالم، من حيث الشحن الجوي للبضائع، وهناك سبعون مصرفا من بين أكبر مائة مصرف في العالم، لها مكاتب في هونغ كونغ.
يسجل عام 2017، مرور ثلاث وعشرين سنة على التوالي منذ أن قامت مؤسسة التراث الأمريكية بإدراج هونغ كونغ كالاقتصاد الأكثر حرية في العالم. كما أنه العام الثاني على التوالي الذي قام فيه الكتاب السنوي للتنافسية العالمية، الصادر عن المعهد الدولي لتطوير الإدارة في لوزان بسويسرا، بتصنيف هونغ كونغ كالاقتصاد الأكثر تنافسية في العالم.
وتواصل هونغ كونغ، كونها مدينة عالمية، استقبال مهاجرين جدد من بر الصين الرئيسي والدول الأجنبية. إن الناس من العقائد والألوان المختلفة الذي يعملون ويعيشون هنا، يثرون مزيجها من الثقافات المتنوعة. تشير بيانات من القنصلية العامة الفرنسية في هونغ كونغ وماكاو، إلى أن خمسة وعشرين ألف مواطن فرنسي يعيشون في هونغ كونغ، ما يجعلها موطنا لأكبر جالية فرنسية في آسيا.
ومنذ أن صارت هونغ كونغ مجتمع شيخوخة، لم تدخر حكومتها وسعا في تخفيف الفقر وتقديم العون للمسنين ومساعدة المجموعات الأقل حظا. شجعت على التشغيل، ووضعت حدا أدنى للأجور وأنشأت صندوقا للرعاية المجتمعية، وإعانات إعاشة لكبار السن والعائلات المنخفضة الدخل، ما جلب المنفعة لأكثر من مليون فرد.
في عام 2016، بلغ متوسط العمرالمتوقع للفرد 3ر81 سنة للرجال و3ر87 للنساء، وهو متوسط أعلى من أي مكان آخر في العالم. قد يُعزى ذلك للبيئة الطبيعية الجميلة والأطعمة المحلية اللذيذة والمغذية والحياة المتناغمة التي يتمتع بها أهل هونغ كونغ.
يرجع الفضل في استقرار ورخاء وتطور هونغ كونغ خلال العقدين المنصرمين، إلى المساعدة غير المحدودة من الوطن الأم عندما تواجه المنطقة أي مشكلات، واحتفاظها بنظامها الأصلي، وعلاقتها الوثيقة مع البر الرئيسي. في نهاية عام 2016، ظلت هونغ كونغ المصدر الأكبر للرأسمال والتمويل الخارجي المتدفق إلى البر الرئيسي، والمقصد الرئيسي لاستثمارات البر الرئيسي الخارجية. هونغ كونغ هي المحور العالمي للأعمال التجارية بالرنمينبي ومركز خدمات التسويات التجارية العابرة للحدود بالرنمينبي.
لقد أبرزت مبادرة الحزام والطريق دور هونغ كونغ كنقطة انطلاق للصين نحو العالم، ما يجعلها منصة للخدمات المتكاملة والاستثمار والتمويل والتبادلات الثقافية وجزءا لا يتجزأ من تحويلات الصناعة عبر الحدود وإنشاءات البنية التحتية.
هونغ كونغ تعد حضّانة أكفاء دولية ومركزا بحريا متعدد الوظائف، ومركز خدمات للقانون الدولي وحل المنازعات. ومن ثم، فإن هناك كل الأسباب للاعتقاد بأن هونغ كونغ وبر الصين الرئيسي يتجهان نحو مستقبل باهر مشترك.