أورومتشي
لؤلؤة على طريق الحرير القديم

أورومتشي هي عاصمة منطقة شينجيانغ الويغورية الذاتية الحكم، وهي المركز السياسي والاقتصادي والثقافي لشينجيانغ، وهي أيضا نافذة الصين الغربية على العالم. في التاريخ، كانت أورومتشي مدينة هامة  على الخط الشمالي الجديد لطريق الحرير القديم وجمعت خلاصة وعصارة الثقافتين الشرقية والغربية. هذه المدينة ذات التنوع الثقافي الذي يعزز انفتاحها وشمولها، تعتبر نقطة جوهرية للحزام الاقتصادي لطريق الحرير.

تقع أورومتشي بين الجبال والأنهار، ويقطعها نهر يحمل اسمها من الجنوب إلى الشمال، كما أن فيها الكثير من الأراضي الخصبة. تقع جبال تيانشان الكبيرة العالية في جنوبي المدينة، وتغطي الثلوج قممها دائما، وتبقى الثلوج دون ذوبان على قمة بوغدا لسنوات، وتبدو بحيرة تيانتشي في سفح الجبل واضحة وشفافة، وتعتبر أحد أشهر المواقع السياحية في شينجيانغ.

يعيش أبناء قوميات الويغور وهان والقازاق وهوي ومنغوليا وغيرها من 47 قومية في أورومتشي. وتشكل الفنون والثقافات والتقاليد والعادات المختلفة مظهرا سياحيا إنسانيا ذا مزايا قومية كثيفة. كل من الأزياء الفريدة، سباق الخيل، مشاهدة العروض البهلوانية وغيرها من النشاطات القومية الثقافية تجذب السياح من مختلف أنحاء العالم.

الخط الشمالي الجديد لطريق الحرير القديم

أورومتشي كلمة منغولية تعني "المرعى الجميل". قبل 2000 سنة، كانت أورومتشي مدينة هامة على طريق الحرير القديم.

طريق الحرير هو اسم مشترك لممرات قديمة بين الصين والدول الواقعة غربها، وهو ليس خطا واحدا، وله خطوط مختلفة في فترات تاريخية مختلفة.

أحد الخطوط ينطلق من سفح جبال كونلون الشمالي ويمر بإيران حتى المحيط الهندي، ويسمى بالخط الجنوبي. والخط الآخر ينطلق من جنوب جبال تيانشان، ويمر بهضبة البامير حتى آسيا الوسطى والخليج، ويسمى بالخط الشمالي. ويقع هذان الخطان في جنوب جبال تيانشان. في فترة أسرة هان الغربية (202 ق.م- 8م)، تم شق خط ثالث في شمال جبال تيانشان، وصل إلى دول البحر الأبيض المتوسط، وسمي بالخط الشمالي، والخط الشمالي السابق سمي بالخط المتوسط.

يسمى الخط الشمالي في داخل شينجيانغ بالخط الشمالي الجديد ،الذي ينطلق من مدينة هامي، ويمر بمحافظة إيوو وبلدة تشيجياوجينغ وبحيرة باركول ومحافظة مولي ومحافظة جيمسار وأورومتشي وإيلي حتى خارج حدود الصين. وقد كانت مكانته العسكرية سببا في ازدهاره. أطلال بلدة لونتاي التي تقع في ضاحية في جنوب شرقي أورومتشي، كانت بلدة عسكرية هامة، وفيها مقر شييويدوهوفو، أي الحامية العسكرية للمنطقة الغربية (أعلى هيئة إدارية أسستها الحكومة المركزية في المناطق الغربية).

تقسم جبال تيانشان منطقة شينجيانغ إلى شينجيانغ الجنوبية وشينجيانغ الشمالية، وفي العصور القديمة، اهتمت الحكومة المركزية بإدارة شينجيانغ الجنوبية، ومع شق الخط الشمالي ازداد اهتمام الحكومة المركزية بشينجيانغ الشمالية من أجل جعلها محور تبادل هاما بين حضارة الصين والحضارات الأخرى.

وفي فترة الإمبراطور تانغ تاي تسونغ (598م – 649م) في أسرة تانغ (618م – 907م)، أقامت الحكومة المركزية حامية عسكرية للمنطقة الغربية لإدارة منطقة شينجيانغ. وفي فترة الإمبراطور وو تسه تيان (624م – 705م) في أسرة تانغ (618م – 907م)، أقيمت حامية عسكرية في شمال جبال تيانشان لإدارة مناطق شمال جبال تيانشان، شرق وجنوب بحيرة بالكاش، الأمر الذي حقق توحيد المناطق الغربية على المدى الطويل وضمان أمن وسلامة طريق الحرير. وفي أسرة يوان (1271م – 1368م)، أقيمت محافظة شانغشو الإدارية في أورومتشي لتعزيز إدارة المنطقة.

رغم أن مكانة أورومتشي هامة جدا في التاريخ، لم تشهد تطورا عميقا حتى فترة أسرة تشينغ (1644م – 1911م)، حيث اتخذت اسم "أورومتشي" رسميا. وبعد ذلك، ومن أجل تلبية حاجة السكان الذين تزايد عددهم وزراعة الأراضي وتطوير التجارة، بدأت تنمية أورومتشي بشكل كبير. بفضل دعم الحكومة في تشجيع الزراعة وتخفيف الضرائب، تطورت الزراعة والتجارة والصناعة اليدوية بسرعة، وأصبحت أورومتشي مزدهرة وغنية وذات شهرة واسعة.

بوتقة لثقافات متعددة

باعتبارها ملتقى ثقافات مختلفة على طريق الحرير، تراكمت في أورومتشي سمات حضارات مختلفة وقوميات عديدة على مدار ألف سنة من التبادل التجاري والتمازج العرقي.

يعيش في أورومتشي أبناء قوميات عديدة. بجانب أبناء قومية هان، هناك أبناء قوميات الويغور وهوي والقازاق ومان وشيبوه ومنغوليا والقرغيز والطاجيك والتتار والأوزبك وروسيا وداهور وغيرها. يتركز أبناء قومية الويغور وهوي نسبيا في بعض المناطق المحددة، بينما تنتشر الأقليات القومية الأخرى في مختلف المناطق، حيث تجدها في كل الشوارع والأزقة، نمط التعايش هذا يوفر لأورومتشي ميزات قومية متنوعة.

منذ القدم، جذبت شينجيانغ باعتبارها "موطن الغناء والرقص" اهتمام العالم. من بين الأغاني والرقصات المختلفة والمتنوعة، تتمتع الموسيقى الشعبية لقومية الويغور بشهرة فريدة، وهي تتوارث التقاليد الفنية من موسيقى تشيوتسي وموسيقى قاوتشانغ وموسيقى ييتشو وموسيقى شوله وموسيقى يويتيان، لذا، تتمتع بمزايا وخصائص قومية ثرية وقوية ومؤثرة. في شينجيانغ، تنتشر المقامات الاثنا عشر الموسيقية.

اندماج الثقافة الشرقية والغربية لا يتجسد في الغناء والرقص والعادات اليومية فحسب، وإنما أيضا في التسامح المتبادل بين مختلف الأديان. منذ دخول البوذية إلى شينجيانغ في القرن الأول قبل الميلاد، حتى منتصف القرن العشرين، دخل إلى شينجيانغ كل من الزرادشتية والمانوية والإسلام والكاثوليكية والبروتستانية والأرثوذكسية والطاوية وغيرها من الديانات، مما ساهم في تكوين حضارة الأديان المتعددة. خلال مرحلة التطور والتغير، تشكل هيكل تعايش الأديان المتعددة باعتبار الإسلام الدين الأكبر بينها.

الأماكن الدينية الرئيسية في أورومتشي هي مسجد نانداسي (المسجد الجنوبي الكبير) ومسجد التتار ومسجد هانتنغري ومسجد شنشي الكبير وغيره. مسجد شنشي الكبير هو أقدم وأكبر مسجد في أورومتشي، بدأ بناؤه في فترة الإمبراطور تشيان لونغ لأسرة تشينغ (1644م – 1911م)، وأعيد ترميمه وإصلاحه في عام 1906. ما يميز هذا المسجد عن المساجد الأخرى هو أن بناياته الرئيسية مشيدة بطراز يجمع بين عمارة هان والعمارة الإسلامية. هيكل المسجد مبني بالآجر والخشب، وقبابه بالقرميد المزجج، وقبة القاعة الرئيسية عبارة عن سقف جملون وفي محيطها طنف منفرد، ويدعمها أربعون عامودا لونها أحمر. يقع برج رؤية الهلال خلف القاعة الرئيسية، وفيه مقصورة ذات ثماني زوايا بطنف مزدوج. هذا الشكل المعماري نادر في شينجيانغ. وبجانب المسلمين المحليين، يؤدي الصلاة في هذا المسجد أيضا كثير من المسلمين من دول غربي وجنوبي آسيا.

لمعلوماتك:

متحف منطقة شينجيانغ الويغورية الذاتية الحكم: يقع في رقم 581 شارع شيبيلو في أورومتشي، وهو المتحف الشامل الوحيد على مستوى المنطقة، ويعد أكبر هيئة للبحوث والإعلام من حيث جمع وحماية التحف والعينات في شينجيانغ. تبلغ مساحته الإنشائية 17288 مترا مربعا، ويتكون من ثلاثة طوابق، واحد تحت الأرض والآخران فوق الأرض، ويتمتع بميزات المناطق الغربية والمحلية. تعرض غرف المعرض الأربع تحفا وأعمالا يدوية ذات ميزات والخصائص القوميات المتعددة، وفي إحدى غرف العرض تعرض جثة إنسان مكتشفة في مقبرة قديمة.

المواصلات: الحافلات العامة رقم 7 و51 إلى محطة المتحف.

سوق شينجيانغ الدولية (البازار): تقع في شارع أرداوتشياو بحي تيانشان، وهي سوق تجمع بين وظائف السياحة والتجارة والطعام وعروض الأعمال القومية والبيع بالتجزئة، بجانب كونها مركز تجميع وعرض للمنتجات السياحية. يعيش كثير من أبناء قومية الويغور هنا، وتوجد كثير من البنايات على الطراز الإسلامي. يمكن هنا شراء أعمال ومنتجات الأقليات القومية، والتمتع بعروض الرقص والغناء، وتناول الأطعمة المحلية اللذيذة.

المواصلات: الحافلات العامة رقم 10 و16 إلى محطة أرداوتشياو.

 

          المناظر الطبيعية الساحرة!

ساهم وجود التضاريس المتموجة والمناخ المتغير في توفير موارد سياحية فريدة لأورومتشي. تحيط بأورومتشي قمم ثلجية ووديان عميقة ومنطقة كبيرة لاستكشاف الأحافير، وهي منطقة مناسبة لرياضة تسلق الجبال، التزحلق على الجليد والتزلج، والاستكشاف العلمي وغيرها من النشاطات الأخرى. من قمة جبال تيانشان إلى صحراء قوربانتونغقوت، تنتشر المناظر الثلجية على الجبال العالية الشامخة ومناظر السهوب الجبلية العالية ومناظر الغابات ومناظر المروج والمناظر الصحراوية. المناظر الطبيعية المختلفة تشبع مطالب الزوار المختلفة.

منطقة نانشان ذات المناظر الجميلة، تقع في محافظة أورومتشي في جنوبي مدينة أورومتشي، وتشتهر بمناظر الثلوج والغابات الزاهية المزدهرة والأحجار الغريبة والتقاليد العريقة لأبناء الأقليات والأجواء السياحية، وهي منطقة جديرة بالزيارة.

منطقة شويموقو جميلة وغنية بالمناظر الطبيعية وتسمى بحديقة شويموقو أيضا، وتقع في الضاحية الشرقية لمدينة أورومتشي. وتتكون من جبال تشينغتشيوان وجبال هونغتشياو وجبال ونتشيوان وجبال شيويليان ونهر شويموخه، وهي موقع سياحي على مستوى 4A. ويمكن زيارتها في أي فصل من فصول السنة.

منطقة يانأروه ذات مناظر طبيعية جميلة، وتقع في الضاحية الجنوبية لمدينة أورومتشي، فيها مقبرة شهداء الثورة تخليدا لذكرى تشن تان تشيو، أحد مؤسسي الحزب الشيوعي الصيني، وماو تسه مين وغيرهما من الشهداء الثوريين. إن غابات يانأروه يعتبر "مكيف هوائي طبيعي أخضر" وحاجز طبيعي للوقاية من الرياح والرمال في مدينة أورومتشي .

جبل هونغشان (الجبل الأحمر) يقع في قلب مدينة أورومتشي، ويعد رمزا لأورومتشي. يبلغ ارتفاعه 8ر910 أمتار، وقد أخذ اسمه من لون أحجاره وصخوره. يشبه الجبل تنينا متجها برأسه نحو نهر أورومتشي. يوجد على الجبل حديقة جميلة واسعة، يمكن التمتع فيها بمناظر أورومتشي.

لمعلوماتك:

الأطعمة: الأطعمة في أورومتشي متنوعة وغنية، بجانب أطباق مقاطعة سيتشوان وأطباق قوانغتشو وغيرها من الأطباق العامة، يمكن تناول أطعمة الأقليات القومية بما فيها أطعمة لقوميات الويغور ومنغوليا وهوي. الطعام الرئيسي هو اللحم، يطبخ لحم الخروف بأشكال وطرق متعددة. بيلاو، طعام لذيذ يقدم للترحيب بالضيوف، ويصنع من لحم الخروف والجزر والبصل والزيت النباتي والدهن والأرز، وهو طبق لذيذ ومغذ. الكباب مشهور في أنحاء الصين. أطعمة نانغ المشوية والكعك والمخبوزات والمكرونة والشاي بالحليب هي أغذية مشهورة للأقليات القومية. منتجات الألبان المصنوعة من الحليب وخصوصا حليب النعاج، لذيذة ومشهورة أيضا.

الأعياد: أعياد المسلمين في أورومتشي هي عيد الأضحى وعيد الفطر، حيث يتجمع المسلمون في المساجد أو الأماكن العامة للقيام بنشاطات الاحتفال. القوميات الأخرى لديها أعيادها الخاصة ونشاطات أخرى أيضا. يحتفل أبناء قومية القازاق بعيد النوروز (عيد رأس السنة)؛ في يوليو وأغسطس كل سنة، ويقيم أبناء قومية منغوليا  مهرجان نادام، ويحتفل أبناء قومية شيبوه بعيد شيتشيان وعيد موخه؛ بينما يحتفل أبناء قومية الطاجيك بعيد البذر وعيد الفوانيس.