المسيرة المشرقة في السنوات الخمس الماضية
في عام 2012، عُقِد المؤتمر الوطني الثامن عشر للحزب الشيوعي الصيني، الذي تم خلاله انتخاب اللجنة المركزية للحزب ونواتها شي جين بينغ. عندما استعرضت السنوات الخمس الماضية التي عاشها الشعب الصيني تحت قيادة الحزب، منذ ذاك، أدركت أنها لم تكن فترة عادية في تاريخ التنمية الصينية، إذ شهدت القضايا الصينية ازدهارا في تلك السنوات. وانطلاقا من التنمية الاقتصادية الطويلة المدى والبيئتين السياسية والاقتصادية في العالم في ظل تعقد الأوضاع الداخلية والخارجية، قامت بتأكيد اتجاه تنمية الاقتصاد الصيني، مما يشكل إطارا سياسات نظاميا ومتكاملا يخدم الحفاظ على التنمية الاقتصادية المتوسطة والعالية السرعة في الصين ودفع الاقتصاد الصيني إلى المستوى المتوسط والعالي. أما في مجال التعاون الخارجي المنفتح، فقد حققت الصين تقدما جديدا فيه بطرح مفاهيم جديدة ومبادرات هامة بشأن الحوكمة العالمية، دفعت تعزيز التأثيرات الصينية في العالم. وباختصار، أن كل الشؤون الصينية صعدت إلى نقطة انطلاق جديدة.
إنجازات ملحوظة في التتنمية الاقتصادية والاجتماعية
من المعروف أن الصين حققت إنجازات ضخمة في مسيرة تطورها بعد تأسيس الصين الجديدة عام 1949، وخاصة بعد تطبيق سياسة الإصلاح والانفتاح. وقد حكم مجموعة قيادة الحزب الشيوعي الصيني، باعتبار شي جين بينغ نواتها، في أحوال التنمية الاقتصادية الحالية حكما صائبا كبيرا بأنها دخلت في "الوضع الطبيعي الجديد" لتحويل الاقتصاد الصيني من النمو السريع إلى النمو بسرعة من متوسطة إلى عالية وتحسين وترقية هيكل الاقتصاد باستمرار، ومن التحريك بالعوامل والاستثمار إلى التحريك بالابتكار. وفي حين تم تشكيل إطار سياسي تحت إرشاد مفهوم التنمية الجديد والإصلاح الهيكلي لجانب العرض"، تم طرح مفاهيم التنمية الخمسة المتمثلة في الابتكار والتنسيق والخضرة والانفتاح والمشاركة في الجلسة الكاملة الخامسة للجنة المركزية الثامنة عشرة للحزب الشيوعي الصيني، ثم تم تأكيد إصلاح "جانب العرض" كالموضوع الرئيسي في تطبيق مفاهيم التنمية الجديدة، والعمل على زيادة القوة المحركة لتحقيق التطور الاقتصادي المستمر. حافظت الصين على النمو الاقتصادي المستقر والسريع نسبيا كتوجه لتحقيق النمو الاقتصادي الثابت والزيادة المطردة للتوظيف والاستقرار بشكل أساسي لأسعار المنتجات وتحسين ميزان المدفوعات، وكذلك لتعديل الهيكل الاقتصادي وتغيير نمط التنمية وتنشيط القوة المحركة الجديدة للنمو الاقتصادي، وأخيرا لتحقيق اختراقات جديدة بشكل مطرد.
شهد التوظيف وأسعار الحاجات في الصين استقرارا في الخمس سنوات الماضية. في الفترة من عام 2013 إلى عام 2016، تجاوز عدد العاملين الجدد في المدن ثلاثة عشر مليونا في كل عام، بينما وصل معدل البطالة في 21 مدينة كبيرة إلى حوالي 5%. وفي نفس الوقت، استقرت نسبيا في الفترة ذاتها الزيادة في أسعار المنتجات، إذ ارتفعت أسعار المستهلك بنسبة 2% سنويا. إن تحقيق نمو اقتصادي سنوي بنسبة 2ر7% وبقاء معدل التضخم في حدود 2% والبطالة في حدود 5%، كل هذه الأرقام تشكل هيكلا اقتصاديا ثمينا. وفقا للإحصاءات، في الفترة من عام 2013 إلى عام 2016، بلغ معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي للصين 2ر7%، وهو رقم أعلى بكثير من المعدل العالمي الذي بلغ 5ر2% والمعدل للاقتصادات النامية الذي بلغ 4%. إضافة إلى ذلك، شهدت قوة الصين الشاملة زيادة ملموسة. في عام 2016، وصل الناتج المحلي الإجمالي للصين إلى 4ر7 تريليونات يوان (الدولار الأمريكي يساوي 5ر6 يوانات) ما يعادل 32ر1 ضعف الرقم في عام 2012، وبلغت الموازنة العامة العادية ما يقرب من 6ر1 تريليون يوان، أي ما يعادل 36ر1 ضعف الرقم في عام 2012، واحتل الناتج المحلي الإجمالي للصين نحو 15% من الحجم الاقتصادي الإجمالي العالمي، بزيادة 3 نقاط مئوية بالمقارنة مع عام 2012، وأصبحت الصين ثاني أكبر دولة في العالم من حيث الناتج المحلي الإجمالي. وفي الفترة من عام 2013 إلى عام 2016، احتلت المساهمة الصينية في نمو الاقتصاد العالمي المرتبة الأولى في العالم بنسبة أكثر من 30% وتجاوزت إجمالي مساهمات الولايات المتحدة الأمريكية ومنطقة اليورو واليابان. الصين مازالت قوة محركة للنمو الاقتصادي العالمي ومرساة لضمان استقراره.
اهتمت اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني، منذ المؤتمر الوطني الثامن عشر، بدراسة الأوضاع الصينية والعالمية، وتعمل على تطبيق المفاهيم الجديدة للتنمية، ودفع التنمية الاقتصادية والاجتماعية إلى المستوى الأعلى جودة والأكثر فعالية وعدالة واستدامة. كما قامت اللجنة المركزية بتعميق الإصلاحات بشكل شامل وتطبيق حوكمة الدولة وفقا للقانون ودفع بناء الحضارة الإيكولوجية ودفع تحقيق العدالة الاجتماعية وزيادة الجهود لتخفيف الفقر في المناطق النائية وبذل أقصى الجهود للقضاء على الفقر بحلول 2020.
ارتفاع ملموس لمركز الصين دوليا وقوتها المؤثرة في العالم
طرح قادة اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني، منذ المؤتمر الوطني الثامن عشر للحزب الشيوعي الصيني، سلسلة من المفاهيم والآراء والاستراتيجيات الجديدة المتعلقة بالدبلوماسية، استجابة لمتطلبات العصر ولخلق وضع جديد للدبلوماسية الصينية. هذه المفاهيم والسياسات والإجراءات الكبيرة تتمحور حول موضوعي "السلام والتنمية"، وتدعو إلى بناء مجتمع المصير المشترك للبشرية وبناء نمط جديد للعلاقات الدولية يقوم على التعاون والفوز المشترك، كما طرحت مبادرة "الحزام والطريق". لا شك أن هذه المفاهيم الجديدة لا تتعلق بتنمية الصين وحدها، وإنما قدمت أيضا الحل الصيني لمواجهة قضايا السلام والتنمية والحوكمة، فحظيت بتقدير واسع واستجابة نشيطة من المجتمع الدولي.
الدعوة إلى مفهوم جديد للأمن وتطبيقه وحماية السلام الدائم هو اتجاه الدبلوماسية الصينية. في القرن الحادي والعشرين، مازالت البشرية تبحث في الموضوع القديم: كيف يمكن الخروج من الحرب وتحقيق السلام الدائم؟ دعت الصين في السنوات الخمس الماضية في مناسبات عديدة، إلى مفهوم أمن مشترك وشامل وتعاوني ومستدام، مؤكدة على أن هذا المفهوم يتفق مع تيار العولمة والتنمية السلمية والتعاون والفوز المشترك في العصر الحالي. يعيش المجتمع البشري في عصر يعج بالتغيرات والإصلاحات والتعديلات الكبيرة، فمع تعمق التبادلات والتعاون، تتجه دول العالم إلى مجتمع المصير المشترك. وفي الوقت نفسه، مازالت عقلية الحرب البارد وسياسة القوة موجودتين في العالم، وتنشب الحروب في بعض المناطق والدول من حين لآخر، وذلك بالإضافة إلى الإرهاب وأزمة اللاجئين وتغير المناخ وغير ذلك من التهديدات غير التقليدية التي تؤثر على أمن العالم. اتخذت الصين مفهوما جديدا للأمن، ولعبت دورا إيجابيا في القضايا الكبرى التي تتعلق بالأمن في المنطقة وفي العالم، وتحملت مسؤوليتها كدولة كبيرة؛ فبالنسبة للقضية النووية في كوريا الشمالية، طرحت الصين مبادرة "توقف الطرفين" أي توقف كوريا الشمالية عن التجارب الصاروخية والاختبارات النووية، مع توقف الولايات المتحدة الأمريكية وكوريا الجنوبية عن المناورات العسكرية. ودعت الصين إلى جعل شبه الجزيرة الكورية منطقة خالية من الأسلحة النووية، مع إنشاء آلية سلمية فيها؛ وبالنسبة لقضية الشرق الأوسط، دعت الصين إلى الحوار والتشاور وحل القضايا الساخنة عبر الطرق السلمية، وطرحت أربع نقاط لتسوية القضية الفلسطينية، وتواصل العمل على دفع تحقيق السلام والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط؛ وبالنسبة لقضية بحر الصين الجنوبي، أيدت الصين وبادرت إلى حل النزاعات عبر المفاوضات والتشاور والتعاون المشترك بين الصين ورابطة دول جنوب شرقي آسيا (آسيان) لحماية السلام والاستقرار في بحر الصين الجنوبي؛ أما في قضايا الأمن غير التقليدي، فدعت الصين إلى مبادئ "السلام، السيادة، المنافع المشتركة، الحوكمة المشتركة" وتشكيل مجالات تعاون جديدة، بما فيها أعماق البحار والمنطقة القطبية والفضاء الخارجي والإنترنت بين كل الأطراف. مفهوم الأمن الصيني أسس على مبادئ المساواة والفوز المشترك والتعايش السلمي، ويجسد الاندماج بين الثقافة التقليدية الصينية وروح العصر الحالي.
المساهمة في دفع التنمية العالمية
قال الرئيس الصيني شي جين بينغ: "علينا أن نمسك بمفتاح التنمية في مواجهة التحديات والصعوبات. لا يمكن إزالة مصدر الاشتباك إلا بالتنمية، ولا يمكن ضمان حقوق الشعب الأساسية إلا بالتنمية، ولا يمكن تحقيق آمال الشعب لللحياة الجميلة إلا بالتنمية." جاءت مفاهيم التنمية الصينية الجديدة بعد تلخيص تجارب الصين منذ الإصلاح والانفتاح، وتساهم في حل مشكلات دول العالم في مسيرة تنميتها والمشكلات العامة التي يواجهها العالم، وتعكس حكمة الصين. ويشهد انفتاح الصين على الخارج تطورا، إذ ارتفع مستوى "الإدخال" بشكل متزايد، واحتلت الصين المرتبة الثالثة في العالم من حيث استخدام رأس المال الأجنبي. وتحسن هيكل "الخروج" بشكل متزايد، وحققت الصين الوقاية الفعالة من مخاطر الاستثمار الخارجي مع دفع تيسيرات الاستثمار الخارجي. مفهوم الابتكار يتمتع بآفاق دولية واسعة، ومفهوم الفوز المشترك يجسد الإجماع الدولي، ويدفع الاندماج في سوق الثروات، ويزيل سوء الفهم بين الناس ويعزز التواصل بينهم، ويوفر المفهوم طريقا تنمويا للدول النامية، كما يتيح للدول المتقدمة تجارب مفيدة. إن دفع بناء "الحزام والطريق" خلق منصة تعاون منفتحة، ويقدم للعالم منتجات عامة جديدة ويساعد على تنشيط إمكانيات دول العالم، ويضيف قوة قوية لدفع التنمية العالمية.
طرح الرئيس شي جين بينغ في خريف عام 2013 مبادرة "الحزام الاقتصادي لطريق الحرير" و"طريق الحرير البحري للقرن الحادي والعشرين". تتمسك الصين بمبادئ التشاور المشترك والبناء المشترك والتمتع المشترك، وتطورت مبادرة "الحزام والطريق" من خطة إلى ممارسة ومن رؤية إلى حقيقة، وصارت أهم منتج عام تقدمه الصين للعالم. استجاب للمبادرة أكثر من مائة دولة ومنظمة دولية. وقد بدأ بالفعل بناء المشروعات النموذجية في المناطق الصناعية والموانئ، وتجاوز حجم الاستثمار في صندوق طريق الحرير أربعة مليارات دولار أمريكي، وتم إقامة نشاطات تعاونية إنسانية. وقدمت المبادرة مساهمات إيجابية لتعزيز تناسق السياسات وارتقاء سلامة الممرات التجارية وتوسيع تداول الأموال وتعميق تفاهم الشعوب.
عقدت قمة الحزام والطريق للتعاون الدولي في بكين في مايو هذا العام بمشاركة زعماء ورؤساء حكومات تسع وعشرين دولة، وبمشاركة 1600 مندوب من خمس قارات، وحققت نتائج مثمرة، وتم إصدار البيان المشترك، الذي أكد على الاتجاه التعاوني للحزام والطريق، في نهاية أعمال القمة، كما تم تحديد الخريطة التفصيلية لبناء الحزام والطريق. أجرت الصين التواصل مع الدول والمنظمات المشاركة في مجال السياسات ووقعت معها سلسلة من الملفات التعاونية وأكدت معها على مجالات التعاون الهامة. تم تحديد سلسلة من المشروعات سيتم تنفيذها في المدى القصير بين كل الأطراف. تم وضع قائمة بثمار المنتدى، التي وصلت إلى ما يربو على 270 إنجازا، الأمر الذي من شأنه أن يساعد على تعزيز الثقة بالتعاون بين كل الأطراف. مبادرة "الحزام والطريق" صارت حاليا تخطيطا مشتركا لدى كل من آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية وأوقيانوسيا، وتحقيقه سيفيد الدول على الحزام والطريق لتحقيق الازدهار المشترك.
وضعت الصين العدالة والإنصاف نصب عينيها وطرحت مفهوم الحوكمة الجديد، الأمر الذي يعتبر جزءا لامعا للدبلوماسية الصينية. إن تعزيز الحوكمة العالمية ودفع إصلاح نظام الحوكمة العالمية في ظل تزايد التحديات العالمية هما تيار العصر. مفهوم الحوكمة العالمية المتمثل في التشاور المشترك والبناء المشترك والتمتع المشترك طرح على أساس المساواة في السيادة والحقوق والفرص والأنظمة لدول العالم، وأصبح حاليا جزءا هاما للمفهوم الجديد والعقلية الجديدة والاستراتيجية الجديدة لدبلوماسية القوى الكبرى ذات الخصائص الصينية. ألقى الرئيس شي جين بينغ في مقر الأمم المتحدة خطابا تحدث فيه عن مجتمع المصير المشترك للبشرية بصورة عميقة وشاملة ومنظمة، ودعا إلى المثابرة على الحوار والتشاور والبناء المشترك والتعاون والفوز المشترك والتبادل وتقليل الانبعاثات الكربونية لبناء عالم نظيف وجميل يتمتع بخصائص السلام الدائم والأمن الشامل والازدهار المشترك. كما أكد الرئيس شي جين بينغ على رغبة الصين في مشاركة الدول الأعضاء والمنظمات والهيئات الدولية في دفع عملية بناء مجتمع المصير المشترك للبشرية.
تعمل الصين على إقامة شبكة الشراكة في العالم لدفع التنمية العالمية السلمية. تتمسك الصين بمبادئ "الحوار وعدم المجابهة" و"التوافق وعدم التحالف، وتعمل على تحقيق التعاون والفوز المشترك مع دول العالم، وتم تأسيس علاقات شراكة بين الصين و95 دولة ومنظمة دولية. تثابر الصين على المفهوم الصائب للأخلاق والمصالح، وهي دولة صديقة موثوقة وشريكة مخلصة للدول النامية إلى الأبد، ترغب في دفع التطور المشترك للدول النامية. كما ترغب الصين في تقديم الدعم التكنولوجي والتدريب لتنمية الموارد البشرية والمشاركة في التجارب الصينية.
حققت الاشتراكية ذات الخصائص الصينية إنجازات ضخمة منذ المؤتمر الوطني الثامن عشر للحزب الشيوعي الصيني، الأمر الذي يعني أن الاشتراكية ذات الخصائص الصينية مفعمة بالحيوية وتفتح آفاقا جديدا للتنمية الصينية وتوسع طريق الدول النامية إلى التحديثات. المؤتمر الوطني التاسع عشر للحزب الشيوعي الصيني الذي يعقد في الثامن عشر من أكتوبر 2017، يتحمل مسؤولية التخطيط لبناء مجتمع الحياة الرغيدة بشكل شامل ودفع بناء التحديثات للاشتراكية ذات الخصائص الصينية. يتطلع الشعب الصيني، ويثق بأن التمسك بالمفاهيم الجديدة والاستراتيجية الجديدة، التي تم تشكيلها منذ المؤتمر الوطني الثامن عشر للحزب الشيوعي الصيني، ستدفع إلى تحقيق حلم الصين للنهضة العظيمة للأمة الصينيةوتحقيق تقدم جديد لقضايا الإصلاح والتنمية الصينية. إن التنمية الاقتصادية والاجتماعية الصينية ستتيح للشعب الصيني حياة أجمل في مجالات التعليم والتوظيف والدخل والضمان الاجتماعي والخدمات الصحية وبيئة السكن والبيئة الطبيعية والحياة الثقافية والروحية. وفي نفس الوقت، ستستقبل دول العالم مزيدا من فرص التنمية بفضل تنمية وانفتاح الصين، التي تقدم للبشرية حكمة الصين والحل الصيني.