البطاقة الخضراء الصينية أصبحت أكثر براغماتية
مع توسع التأثير الصيني في العالم، يزداد عدد الأجانب الذين يستثمرون ويعيشون في الصين، ويتزايد معه الإقبال على طلب البطاقة الخضراء الصينية. في عام 2017، عدلت الصين شروط الإقامة الدائمة للأجانب بشكل عام، فقامت بتبسيط الإجراءات والمؤهلات المطلوبة والمعاملات، لتسهيل الإقامة الدائمة للأجانب في الصين.
توسيع وظيفة البطاقة الخضراء
خلال حفل توزيع جوائز قناة الأفلام ووسائل الإعلام الصينية لمهرجان شانغهاي السينمائي الدولي الذي أقيم في الرابع والعشرين من يونيو عام 2017، شعر ستيفون خافيير ماربوري، اللاعب الأمريكي في فريق شوقانغبكين (البط البكيني) لكرة السلة، بدهشة كبيرة، عندما علم بفوزه بجائزة الوافد الجديد الأكثر شعبية.
ماربوري هو أول لاعب أجنبي يحصل على "بطاقة الإقامة الدائمة للأجانب في الصين" في تاريخ رابطة كرة السلة الصينية. وقد حقق شهرة كبيرة واكتسب الكثير من المشجعين في الصين خلال أكثر من سبع سنوات من لعب كرة السلة في الصين. حصل ماربوري على "البطاقة الخضراء الصينية "، بطاقة الإقامة الدائمة في عام 2015 بفضل "مساهماته الخاصة والفعالة". قال ماربوري إن لحظة الحصول على "البطاقة الخضراء" هي لحظة تاريخية، لأنها جعلته جزءا من بكين. وبكل فخر قام بإظهار بطاقته في برنامج تلفزيوني بعد ذلك.
مع أن الصين اعتمدت شروط الإقامة الدائمة للأجانب في عام 2003، يعرف قليل من الناس تفاصيل هذا النظام. بل إن كثيرا من الأشخاص سمعوا وعلموا بوجود "البطاقة الخضراء الصينية" لأول مرة عندما حصل ماربوري عليها.
وفقا للمتطلبات والإجراءات لاعتماد الإقامة الدائمة للأجانب في الصين، تنقسم "البطاقة الخضراء الصينية" إلى أربع فئات، هي: الاستثمار، التكنولوجيا، الأقارب، والمساهمات الخاصة. بطاقة ماربوري تنتمي إلى فئة المساهمات الخاصة.
في فبراير 2017، أعلنت الحكومة الصينية "خطة الإصلاح لتسهيل الإقامة الدائمة للأجانب"، فتم تحويل "تصريح الإقامة" الأصلي إلى "بطاقة إقامة دائمة". جدير بالذكر، أن شروط ووسائل تطبيقها وقياس وعملية الاعتماد وخدمة الدفع ولوائح صلاحية البطاقة تتماشى مع بطاقة الإقامة الحالية. أبرز ميزة للبطاقة الخضراء الجديدة، أنها تعادل بطاقة الهوية للمواطن الصيني لاستخدامها في الحياة اليومية بلا قيود، مما يمنح الأجنبي شعورا بالانتماء والأمن والولاء، كما توفر البطاقة تسهيلات أكثر له في الحياة اليومية بالصين.
يحق للأجنبي الذي يحمل "البطاقة الخضراء الجديدة" أن يلحق أطفاله بالمدارس الصينية وتسجيل الإقامة وإجراء اختبار رخصة القيادة وشراء العقارات السكنية وتسجيل الزواج وغيرها من أمور الحياة العامة. وإذا كان حامل هذه البطاقة يعمل في الصين، فبإمكانه التمتع بالضمان الاجتماعي والاحتياطي العام للسكان. هذا يعني أن حامل هذه البطاقة يتمتع بقدر أكبر من "المعاملة الوطنية"، ولن يخضع للقيود التي تفرض على الأجانب.
الأمريكي فان وي شو، المدير التنفيذي لمجموعة "ميونخ ري"، يعمل في بكين منذ سبع سنوات. يشعر السيد فان حاليا بأن حياته أكثر يسرا، بعد حصوله على بطاقة الإقامة الدائمة.
تحدث فان وي شو عن بعض مزايا وتسهيلات البطاقة الخضراء قائلا: "مثلا، إذا استخدمت جواز سفري الأجنبي، لا أستطيع استخدام الدراجات العامة (موبايك) أو شراء بطاقة تسوق، لأن تطبيق آلي باي (Alipay) يحتاج إلى التحقق من بطاقة الهوية. وكذلك، لا بد أن أذهب بنفسي لمكتب التذاكر لشراء تذاكرالقطار الفائق السرعة، ولا يمكنني استخدام بطاقة الهوية على متن القطار." بعد حصول فان وي شو على البطاقة الخضراء الجديدة، لم يعد يتمتع بمعاملة متساوية مع المواطن الصيني فحسب، فوفقا لصلاحية بطاقة الإقامة الدائمة، أصبح أيضا لا يحتاج إلى تمديد التأشيرة خلال عشر سنوات، هي مدة صلاحية البطاقة الخضراء.
تيسير الحصول على بطاقة الإقامة الدائمة
مع توسيع وظيفتها، أصبحت "البطاقة الخضراء الصينية" عبارة مشهورة وكثيرة التداول على الإنترنت. وقد أصدرت مدن بكين وشانغهاي وتشنغدو وتشونعتشينغ ومقاطعة جيانغشي وغيرها من المدن والمقاطعات الأخرى في أنحاء البلاد، الدفعة الأولى من البطاقات الخضراء الصينية. المتقدمون للحصول عليها جاءوا من مختلف أنحاء العالم ولهم خلفيات مختلفة، ولكن يجمع بينهم حبهم للصين ورغبتهم في العيش والاستقرار فيها. تغير الانطباع القديم عن البطاقة الخضراء الصينية، بكونها البطاقة الأصعب تطبيقا في العالم.
كان معظم الأجانب يعتقدون أن الحصول على البطاقة الخضراء الصينية أصعب من الحصول على البطاقة الخضراء الأمريكية. بل ويعتقد كثير منهم أنهم لا يمكنهم الحصول على البطاقة الخضراء الصينية، حتى ولو عاشوا في الصين مدى الحياة.
وفقا لإحصاء الأمم المتحدة، زاد عدد الأجانب الذين يعيشون في الصين من 370 ألفا إلى 970 ألفا بين عام 1990 و2015، لكن أقل من 10 آلاف منهم حصلوا على البطاقة الخضراء الصينية، بسبب المتطلبات الصارمة وطول وقت الموافقة. بالإضافة إلى صعوبات الابتكار الست وريادة الأعمال للأجانب الذين يعيشون في الصين والصينيين العائدين من الخارج، ألا وهي صعوبات التمتع بالسياسات التفضيلية والقيام بتسجيل الإقامة الجديدة والالتحاق بالجامعة وفتح الحسابات المصرفية والحصول على التمويل واستخدام الملكية الفكرية وتخفيف قيود السياسات واندماج الأفكار الثقافية.
حصل كه داو يو، وهو أستاذ جامعي أمريكي، على البطاقة الخضراء الصينية في عام 2010. قال: "استغرقت ثلاث سنوات وقدمت أكثر من مئة معلومة، مثل شهادة الدكتوراه ورسالة لإثبات أنني أستاذ في جامعة تشينغهوا، ورسالة تأكيد من السفارة الصينية في الولايات المتحدة الأمريكية. ذهبت أيضا إلى مكتب الشؤون المدنية والسفارة ووزارة الأمن العام حتى إلى مركز الشرطة في منطقة سكني ولجنة الحي وغيرها. ولم أحصل على البطاقة إلا بعد عودتي إلى الولايات المتحدة الأمريكية عدة مرات وختم كثير من الوثائق."
في عام 2013، بدأت الحكومة الصينية تخفيف شروط البطاقة الخضراء للأجانب الذين يعيشون في الصين، وأصدرت "تعميم عن القضايا المتعلقة بتسهيلات التأشيرة والإقامة للأكفاء الأجانب من المستوى الرفيع في الصين". كان التعميم هو تعديل السياسة الأولية التي صدرت في عام 2004. يمكن للأجنبي الذي لا يستطيع الحصول على الإقامة الدائمة في الصين أن يتقدم بطلب للحصول على تصريح إقامة لفترة من سنتين إلى خمس سنوات. في عام 2015، بدأت شانغهاي وبكين وقوانغتشو وفوجيان الإصلاح الجديد لـ"نظام البطاقة الخضراء الصينية" وتنفيذ سلسلة من السياسات لتسهيل حياة الأجانب. أهم السياسات هي تخفيف شروط طلب الحصول على بطاقة الإقامة الدائمة. مثلا، وسعت الحكومة نطاق وحدات العمل التي يسمح للأجانب العاملين فيها أن يتمتعوا بالإقامة الدائمة في الصين، فأصبح للأجانب العاملين في سبعة أنواع من الشركات والمؤسسات، مثل المختبرات الوطنية والمختبرات الهندسية الوطنية والمؤسسات المعتمدة من الدولة والمراكز التقنية، أن تقدم طلبات الإقامة الدائمة في الصين. بعد ذلك، ازداد عدد الأجانب الحاصلين على البطاقات الخضراء زيادة كبيرة.
وفقا لأحد الإحصاءات، حصل 1576 شخصا على البطاقة الخضراء الصينية من وزارة الأمن العام الصينية في عام 2016، بزيادة قدرها 163% مقارنة بعام 2015. وقد حصل أكثر من 11000 أجنبي على البطاقة حتى عام 2016.
بالإضافة إلى سياسة الإقامة الدائمة للأجانب، تسعى وزارة الأمن العام الصينية باستمرار لتحسين سياسات التأشيرة لدخول وخروج الأجانب وتأشيرات الإقامة المؤقتة، وتمت إقامة مواقع للتأشيرة في 87 منفذ حدودي للصين حتى الآن. كذلك، قامت خمس عشرة مدينة بتنفيذ سياسة تأشيرة المرور لمدة اثنتين وسبعين ساعة لرعايا بعض الدول. وتطبق مقاطعات جيانغسو وتشجيانغ ومدينة شانغهاي سياسة التأشيرة لمدة 144 ساعة لرعايا بعض الدول. وقد ارتفع عدد الأجانب الذين دخلوا وغادروا الصين إلى 56 مليونا و530 ألفا في عام 2016، بزيادة 89ر8% عن عام 2015.
المتطلبات الجديدة مفيدة لجذب الأكفاء
تبذل الصين جهودا كبيرة لجذب الأكفاء، مع تنفيذ خطة الأكفاء من المستوى الرفيع التي تمثلها "خطة جذب الأكفاء ذوي المستوى الرفيع من الخارج". وتعرب الصين فعليا عن تصميمها وصدقها للترحيب بالأكفاء ذوي المستوى الرفيع عن طريق تخفيف شروط ومتطلبات "البطاقة الخضراء الصينية" وإصدار الوثائق التوجيهية من الحكومة المركزية حول الإقامة الدائمة للأجانب.
وفقا لمتطلبات "البطاقة الخضراء الصينية الجديدة"، يمكن للصيني الذي حصل على جنسية دول أجنبية ويحمل شهادة الدكتوراه أو شهادة أعلى أن يقدم طلبا للحصول على الإقامة الدائمة في الصين بدون تزكية من الإدارة الحكومية أو وحدة العمل. وأيضا يمكن للصيني الذي حصل على جنسية دولة أجنبية ويدخل الصين من أجل زيارة الأقارب أو ممارسة الأعمال التجارية ونشاطات التبادل العلمي والثقافي والتعامل مع الشؤون الخاصة أن يقدم طلبا للحصول على تأشيرة طويلة الأجل لمدة خمس سنوات، بتقديم البيانات أو الضمانات المطلوبة.
الأستاذ ليو قوه فو، في جامعة بكين للتكنولوجيا، يرى أن حجما كبيرا من الهجرة الدولية قد ظهر في الصين مع تطبيق استراتيجية "التوجه للخارج" ومبادرة "الحزام والطريق". غير أن الحصول على الإقامة الدائمة يعد أعلى مستوى من الهجرة. لذا، قامت الحكومة الصينية بتخفيف سياسة الإقامة الدائمة في الصين، على خلفية التنمية الوطنية والسياسات الوطنية.
وفقا للأحوال الفعلية، أطلقت بكين وشانغهاي وقوانغدونغ وغيرها من المدن سلسلة من السياسات، مثل سياسة نظام نقاط الأكفاء الأجانب والسياسة التفضيلية للصيني الحاصل على الجنسية الأجنبية وطرق تقييم الامتثال لدفع الضرائب والتحول من إقامة العمل إلى الإقامة الدائمة، لجذب المزيد من الأكفاء الأجانب الممتازين في الابتكار وريادة الأعمال. بالإضافة إلى ذلك، الأكفاء الذين يعملون في حديقة تشونغ قوان تسون للتكنولوجيا ومنطقة التجارة الحرة في شانغهاي وقوانغدونغ لديهم الفرصة لتقديم طلبات للحصول على الإقامة الدائمة مباشرة.
يعتقد ليو قوه فو، أن تخفيف شروط البطاقة الخضراء الصينية فيه العديد من المزايا. وقال إن تسريع إصلاح البطاقة الخضراء الصينية يسهم في تدفق الأكفاء الدوليين ويفضي إلى تطوير "الحزام والطريق" وتعزيز تعميق التبادلات بين الصين والمجتمع الدولي. علاوة على ذلك، فإن جذب المزيد من الأجانب إلى الصين يزيد حيوية أنظمة الصين وثقافتها، ويسهم في تنويع الثقافة الصينية.