تحت عنوان "طريق الحرير وحضارات العالم"، أقيمت في بكين، عاصمة جمهورية الصين الشعبية، الدورة السابعة للمعرض الدولي للفنون المعروف باسم "بينالي بكين" كونه يقام كل عامين. تم افتتاح "بينالي بكين" في الرابع والعشرين من سبتمبر 2017، واستمر ثلاثة أسابيع. هذا المعرض الذي أقيم برعاية الاتحاد الصيني للأوساط الأدبية والفنية وحكومة بكين المحلية والرابطة الصينية للفنانين، شارك فيه نحو ستمائة فنان وفنانة من حوالي مائة دولة ومنطقة، من بينهم أربعمائة من الأجانب وحوالي مائتين من الصين.

وقد شارك في "بينالي بكين 2017" وفد فني مصري ضم كلا من الفنان التشكيلي جوزيف الدويري والدكتورة نيفين فرغلي الأستاذة بكلية الفنون التطبيقية في جامعة حلوان والفنانة التشكيلية شيرين البارودي والفنانة كوثر عبد الرحيم الشريف، إضافة مشاركة لوحات للفنان الدكتور محمد زكريا من وزارة الثقافة المصرية، والذي لم يحضر لظروف طارئة.

جدير بالذكر أن الفنانة كوثر الشريف تشارك في "بينالي بكين" منذ عام 2008 بصفتها الشخصية، فهي فنانة لها معارض عديدة منذ 1995 في عدة دول منها مصر وباكستان والصين والبحرين. وكوثر الشريف فنانة تشكيلية مصرية عملت معلمة للغة الإنجليزية والتاريخ في وزارة التربية والتعليم المصرية، وشغلت منصبا في قسم العلاقات الثقافية الخارجية بديوان عام هذه الوزارة. تتسم لوحاتها بالإبداع الفني والجرأة في استخدام الألوان والابتكار في الموضوعات السياسية والاجتماعية عبر لوحات فنية جريئة. كان أول معرض لها في باكستان عام 1995 في المتحف الوطني الباكستاني بإسلام آباد، ثم في لاهور وكراتشي. أقامت كوثر الشريف عدة معارض فردية وجماعية في الصين، كان أولها معرضا فرديا لها عام 1998 في متحف التاريخ بساحة تيانآنمن المشهورة في قلب بكين. ثم أقامت عدة معارض أخرى في اليوم العالمي للمرأة وفي المناسبات المصرية والأفريقية والعربية في الصين. وفي مملكة البحرين كان أول معرض لها عام 2003 في القاعة الثقافية بالمتحف الوطني بالمنامة وفي جمعية المرأة والطفل وفي مركز كانو الثقافي وفي بيت القرآن. كما أقامت الفنانة كوثر الشريف عدة معارض فردية في قاعة الفنون بدار الأوبرا المصرية وفي مركز الفنون بالزمالك بالقاهرة وفي قاعة المعارض في الأسكندرية وفي قاعات خاصة عديدة في القاهرة. حظيت معارضها بحضور مكثف من كبار المسؤولين، ومنهم وزير التربية والتعليم الأسبق في مصر حسين كامل بهاء الدين والوزير الأسبق الدكتور علي الدين هلال والدكتور سمير فرج وغيرهم. وفي مملكة البحرين حظيت بحضور معالي الشيخة مي بنت محمد آل خليفة والوزير نبيل الحمر والدكتور محمد جاسم الغتم والدكتور محمد جابر الأنصاري والدكتور ماجد النعيمي وغيرهم من الشخصيات العامة.

بدأت الفنانة كوثر الشريف رسومها ومعارضها الفنية بانتظام منذ عام 1995 بالتركيز علي العصر الفرعوني في مصر وتطوره، كما أولت اهتماما كبيرا لقضايا المرأة والطفل ومعاناة الفلسطينيين في الأراضي المحتلة. واهتمت بالدراسات التاريخية والارتباط بين أهرامات الجيزة في مصر والسور العظيم في الصين، مما دفع مؤسسة ((الأهرام)) المصرية لإقامة معرض خاص لها عام 2001، حيث أهدت الفنانة للأهرام اللوحة المعبرة عن الأهرامات والسور العظيم.

شاركت كوثر الشريف في "بينالي بكين" مرتين في شهري يوليو وأغسطس عام 2008، مما جعلها تحصل على الميدالية الذهبية للفن في المعرض الذي أقيم خصيصا على هامش دورة الألعاب الأولمبية في ذلك العام. وفي "بينالي بكين" للفترة من عام 2010 وحتى عام 2017، كانت حريصة على إهداء لوحاتها للمتحف الوطني الصيني بناء على رغبة القائمين عليه وتقديرا لفنها. وقد حظيت مشاركتها في "بينالي بكين" 2017 باهتمام خاص، حيث واصلت إلقاء كلماتها في الندوة الفنية التي تعقد على هامش المعرض، وهو ما نال إعجابا من المسؤولين عن الفنون في الصين. وأبرزت كلمتها في الندوة الفنية التي أقيمت في "بينالي بكين 2017" الارتباط بين حضارتي الصين ومصر، ومبادرة طريق الحرير وطبيعة وخصائص الإبداع في الفنون التشكيلية. وكانت لوحتها لهذا البينالي عن طريق الحرير البحري الذي يربط بين مصر والصين منذ القدم عبر حضارات تتالت على الدولتين، وخاصة مبادرة الحزام والطريق التي ربطت بين الصين وقناة السويس الجديدة والتنمية في تلك المنطقة. وقد أقام المسؤولون عشاء خاصا للفنانين الذين تبرعوا للمتحف بلوحاتهم وقدموا لهم شهادة تقدير لذلك. وفي الحفل أجلسوا الفنانة كوثر الشريف على المائدة الرئيسة التي جلس عليها كبار قادة متحف الفنون في الصين وكان الجلوس على تلك المائدة ثلاثة أجانب؛ من النمسا واليابان والفنانة كوثر. وقد وجه رئيس المؤتمر دعوة شخصية للدكتور محمد نعمان جلال، زوج الفنانة كوثر الشريف، بصفته خبيرا في الشؤون الصينية وطلب منه إلقاء كلمة على العشاء تناول فيها تطور الحضارة والثقافة الصينية منذ كونفوشيوس ثم ماو تسي تونغ والنهضة في عهد دنغ شياو بينغ ومبادرة إحياء طريق الحرير التي أطلقها الرئيس شي جين بينغ والتي حظيت باهتمام عالمي كمبادرة اقتصادية وثقافية وحضارية رائدة.

شارك في افتتاح دورة هذا العالم لبينالي بكين وزراء الثقافة من اليونان والمجر وغيرهما وعدد من السفراء المعتمدين بالصين، ومنهم الدكتور أنور العبد الله سفير مملكة البحرين والمستشار الثقافي بسفارة مصر لدى الصين الدكتور حسين إبراهيم ممثلا للسفير المصري. وباختصار كان بينالي بكين رائعا وجامعا ومعبرا عن حضارة الصين العريقة وتقدمها الراهن وتفاعلها مع المجتمع الدولي.