الصين تقدم مزيدا من الفوائد للعالم مع توسع انفتاحها
في عام 2018، يكون قد مر أربعون عاما منذ انتهاج الصين سياسة الإصلاح والانفتاح، فضلا عن كونه عاما جديدا لتوسع نطاق انفتاح الصين على العالم وتنفيذ روح المؤتمر الوطني التاسع عشر للحزب الشيوعي الصيني. ويشهد هذا العام أيضا، دخول اقتصاد الصين إلى مرحلة التنمية الجديدة التي تتسم بالجودة العالية، وفتح صفحة جديدة في التنمية، تتميز بتحسن وضع الاقتصاد الصيني على أساس التنمية المستقرة وتقدمه إلى الأمام. الآن، يسعى الاقتصاد العالمي إلى تشكيل قوة محركة أكبر وأكثر استدامة للتنمية. في هذا الإطار، تدفع الصين تشكيل وضع الانفتاح الشامل والجديد، وهذا يعني فوائد أكثر للعالم بأسره.
أولا
تحت إرشاد أفكار شي جين بينغ حول الاقتصاد الاشتراكي ذي الخصائص الصينية في العصر الجديد، دخل نمو الاقتصاد الصيني إلى مرحلة جديدة، يتحول فيها من مرحلة التنمية بالسرعة العالية إلى مرحلة التنمية بالجودة العالية. أرست سياسة الإصلاح والانفتاح، التي بدأت في الصين في المناطق الاقتصادية الخاصة في ثمانينات القرن الماضي، أساسا متينا للنظام الاقتصادي الصيني الحديث، في حين قدمت خبرات هامة لدفع عجلة مسيرة التصنيع في كثير من الدول النامية. في السنوات الخمس الماضية، حافظت الصين على نمو الاقتصاد بمعدل بين متوسط ومرتفع، فازداد الناتج المحلي الإجمالي من 54 تريليون يوان (الدولار الأمريكي يساوي 5ر6 يوانات) إلى 80 تريليون يوان، ليحتل المركز الثاني عالميا بصورة ثابتة، وبلغت نسبة إسهامه في نمو الاقتصاد العالمي أكثر من 30%، متجاوزة النسبة الإجمالية لمساهمة الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوروبية واليابان. وفي نفس الفترة، شهد الاقتصاد الصيني تغيرات تاريخية، وتشكلت أفكار شي جين بينغ حول الاقتصاد الاشتراكي ذي الخصائص الصينية في العصر الجديد على أساس الممارسات، ومحورها الرئيسي هو مفهوم التنمية الجديد. تبشر هذه الأفكار بالعصر الجديد لتنمية اقتصاد الصين وترشد اتجاه تنميتها في المستقبل. دخل الاقتصاد الصيني إلى الوضع الطبيعي الجديد. والتغير الأكثر بديهية في هذا الوضع هو تغير سرعة نمو الاقتصاد، لكن التغير الأصلي فيه هو تعديل هيكل تنمية الاقتصاد وتحول نمط التنمية، الأمر الذي يعجل دخول الصين إلى فترة الفرص الإستراتيجية التي تتميز بالتنمية ذات الجودة العالية. تواظب الصين على دور السوق الحاسم في توزيع الموارد في حين تلعب حكومتها دورها بصورة أفضل. ففي السنوات الخمس الأخيرة، من خلال تنفيذ نظام القائمة السلبية، تمت إزالة حواجز الأسواق تدريجيا ودفع إصلاح نظام التسجيل التجاري وتعزيز حيوية كيانات السوق باستمرار، ومن خلال تنفيذ إصلاح الأسعار في مجالات الكهرباء والنفط والغاز الطبيعي والاتصالات الإلكترونية، تتحرك كافة العناصر بصورة كافية، فأصبح التنافس أكثر عدالة وتنظيما. كما أن الحكومة، التي تعتبر "اليد المرئية" تلعب دورها بصورة أفضل، حيث تنجز أعمالها وتقوم بتبسيط الإجراءات الإدارية وتخويل الصلاحيات للسلطات المحلية بصورة كافية، مما يشكل وحدة عضوية بين دور السوق ودور الحكومة، ويحقق التعاون والتنسيق لدفع تنمية المجتمع الاقتصادي الصيني بصورة مستدامة وسليمة.
حسب الخطة الإستراتيجية التي وضعها المؤتمر الوطني التاسع عشر للحزب الشيوعي الصيني، ستعمل الصين لتشكيل وضع الانفتاح الجديد والشامل، الذي يطالب بتوسيع الانفتاح من حيث النطاق والمستوى والأفكار والتخطيط الهيكلي والنظام والآلية. ولذلك، ستقوم الصين بتخفيف القيود على النفاذ إلى السوق بصورة منتظمة والتنفيذ الشامل لنظام إدارة المعاملة الوطنية قبل السماح بالنفاذ والقائمة السلبية، وستواصل الصين تبسيط القائمة السلبية وإكمال القوانين المتعلقة بالاستثمار الخارجي وتعزيز حماية حقوق الملكية الفكرية ودفع التوازن التجاري ورفع جودة المنتجات المصدرة إلى الدول الأخرى وقيمتها المضافة، وتوسيع حجم الاستيراد وتقليل الضرائب الجمركية لبعض المنتجات، بالإضافة إلى تطوير تجارة الخدمات ودفع التجارب الإصلاحية في المناطق التجارية الحرة وإرشاد تطور الاستثمار الموجه إلى الخارج بصورة فعالة.
دخلت تنمية الاقتصاد الصيني إلى الوضع الطبيعي الجديد، حيث تتحول التنمية من الاهتمام بالسرعة إلى الاهتمام بالجودة، فأولا، يجب التمسك بالإصلاح والابتكار وتعميق إصلاح جانب العرض وتعزيز الابتكار التكنولوجي وتنشيط حيوية كيان السوق وتقوية قوة الابتكار وقدرة التنافس للاقتصاد. وثانيا، يجب أن تكون التنمية أكثر عدالة وتنسيقا، وتنفيذ إستراتيجية تحقيق نهضة المناطق الريفية وإستراتيجية التنمية الإقليمية المتناسقة، مما يتيح لجماهير الشعب الاستفادة من ثمار التنمية. ثالثا، يجب تلبية تطلعات الشعب الجديدة إلى حياة جميلة ورفع مستوى ضمان وتحسين معيشة الشعب، وتسريع إنشاء نظام إسكان يتسم بالعرض المتعدد الكيانات والضمان المتعدد القنوات والجمع بين الاستئجار والشراء، وتحسين الأعمال المتعلقة بمعيشة الشعب باستمرار. رابعا، يجب أن تتعاون الصين ودول العالم لدفع التنمية وتحقيق الفوز المشترك. لذا، تعمل الصين على تشكيل وضع الانتفاح الشامل الجديد والإسراع لتشكيل المزايا التنافسية في التعاون الاقتصادي الدولي. خامسا، أن تتمسك الصين بالتنمية المتناغمة بين الإنسان والطبيعة، وتسريع وتيرة بناء الحضارة الإيكولوجية وتقديم مزيد من المنتجات الإيكولوجية الممتازة لتصبح البيئة الطبيعية الجيدة الكنز الحقيقي.
مع سياسة الإصلاح والانفتاح وتطور الاقتصاد الصيني، أصبحت الصين دولة تجارية ضخمة في العالم. الآن، تشهد الصين تغيرا كبيرا يتسم بالتخلص من الاعتماد على الموارد والأيدي العاملة الكثيفة، وتتحول من دولة مصنعة للمنتجات إلى دولة مبتكرة، وتسعى إلى زيادة القيمة المضافة لمنتجات التصدير، وتعمل على تحسين جودة المنتجات الصناعية المصدرة وزيادة عددها وتوسيع مجال الخدمات المصدرة إلى الخارج.
ثانيا
مع تشكيل وضع الانفتاح الشامل والجديد، ستقدم الصين فوائد أكثر للعالم. أولا، الاقتصاد الصيني المتسم بالتقدم على أساس الاستقرار مصدر القوة للاقتصاد العالمي. مع زيادة حجم الطلب الصيني وارتفاع مستواه، تتيح الصين فرصا وأسواقا أكثر للشركات العالمية والمستثمرين الأجانب. فضلا عن ذلك، تقدم الصين مزيدا من المشروعات والموارد من حيث التجارة ورأس المال والصناعة. ستقدم السياسة الجديدة التي تتمثل في :"الدخول إلى الصين" و"الخروج إلى العالم" فوائد أكثر للعالم باطراد.
ثانيا، من حيث المنصة، مع اقترابها من مركز المسرح العالمي، ستزداد خبرة وقدرة الصين على التعاون مع الدول الأخرى للمشاركة في بناء المنصة وتحقيق المنفعة المتبادلة والفوز المشترك على نطاق أوسع. طرح الرئيس شي جين بينغ مبادرة "الحزام والطريق" العظيمة في عام 2013. لقد تحولت هذه المبادرة من فكرة إلى واقع، وتشكل شبكة تعاون تربط كافة القارات والمحيطات وقلبها القارة الأوراسية. بفضل هذه المبادرة، تم إنشاء منصة التعاون الدولي المتميزة بالتكامل المتبادل والترابط والتسامح والانفتاح. تريد الصين العمل مع الدول المعنية بأقصى الجهود لتنفيذ 270 مشروعا تم الاتفاق عليها في الدورة الأولى لمنتدى قمة الحزام والطريق للتعاون الدولي، وبناء الآليات اللاحقة وتنظيم مؤتمر على المستوى الوزاري في المجالات الهامة، من أجل تحقيق إنجازات أكبر بحلول الدورة الثانية لمنتدى قمة الحزام والطريق للتعاون الدولي في عام 2019. كما تسعى الصين، بالتعاون مع الدول الأخرى، لتنفيذ سياسة "تناسق السياسات وترابط المنشآت وسلاسة القنوات التجارية وتداول الأموال وتفاهم الشعوب" وتحقيق التوافق العام حول بناء مبادرة "الحزام والطريق" مع مزيد من الدول، وتهتم بالمشروعات الضخمة في النقاط الهامة لتحقيق نتائج مبكرة تستفيد منها الشعوب ورفع جودة ومستوى عملية بناء الحزام والطريق.
ثالثا
مع تشكيل وضع الانفتاح الشامل والجديد، تقدم الصين حكمتها في عملية دفع عولمة الاقتصاد والانفتاح وازدهار العالم المشترك. تتمسك الصين بوجهة النظر الصحيحة إلى العدالة والمنفعة، وتؤكد على أهمية التعاون والفوز المشترك بدلا من "لعبة المحصلة الصفرية". تدعو إلى تنفيذ مبادئ "التشاور المشترك والبناء المشترك والتمتع المشترك" في التعاون الاقتصادي الدولي والتنمية الدولية، وتشجع العالم على تكامل الميزات من مختلفة الدول وبناء رابطة المصير المشترك للبشرية.
في الوقت الراهن، يشهد نظام التجارة العالمية تغيرات عميقة، حيث تتحول التجارة الخارجية الصينية من زيادة الحجم إلى ارتفاع النوعية، وتتحول عناصر تجارتها من البضائع إلى البضائع والخدمات، ويتحول نمط تنميتها من تقليد التكنولوجيا الأجنبية إلى الابتكار الذاتي، ومن الاهتمام باستيراد وتصدير المنتجات بحجم كبير إلى الاهتمام بالجودة العالية، ومن الاعتماد على مزايا المنتجات التقليدية إلى تطرير مزاياها الشاملة، ومن الجزء المنخفض في سلسلة الصناعة الدولية إلى الجزء المتوسط والأعلى باستمرار. تسارع الصين الآن بإنشاء منظومات للمؤشرات والسياسات والمعايير والإحصاءات وتقييم النتائج وتقييم أعمال الحكومة، لدفع التنمية ذات الجودة العالية، من أهمها إنشاء منظومة للإحصاء تتسم بـ"الابتكار والتنسيق والخضرة والانفتاح والتمتع المشترك". وقد وضعت الأجهزة الصينية المعنية منظومة مؤشر التنمية الخضراء منذ عام 2017، وستدفع بحث وتطوير منظومة مؤشر الإحصاء لدفع التنمية بالجودة العليا على هذا الأساس.
أشار التقرير المقدم للمؤتمر الوطني التاسع عشر للحزب الشيوعي الصيني، إلى أن الصين ستنفذ سياسة تسهيل وحرية التجارة والاستثمار على المستوى الأعلى، حيث ستخفف قيود النفاذ إلى الأسواق. من المتوقع أن تستورد الصين منتجات أجنبية قيمتها 24 تريليون دولار أمريكي خلال الخمس عشرة سنة المقبلة. من أجل الترابط مع الأسواق الدولية، ستستضيف الصين الدورة الأولى لمعرض الاستيراد والتصدير الدولي في شانغهاي في نوفمبر عام 2018، الذي يعد نشاطا ملموسا تقوم به الصين لدفع عولمة الاقتصاد وإجراء هاما لانفتاح الصين على العالم، ومنتجا عاما يدفع تنمية العالم المتسامحة، وأيضا حركة تدفع العولمة. إن عولمة الاقتصاد تيار تاريخي لا يتراجع، والانفتاح طريق ضروري لتحقيق ازدهار الدولة. منذ عشرات السنين المنصرمة، ضخت عولمة الاقتصاد حيوية قوية لدفع الاقتصاد العالمي. واليوم، ترتبط اقتصادات البلدان المختلفة ارتباطا وثيقا، لا تستطيع أي دولة أن تواجه وحدها التحديات في ظل الوضع الجديد. تتمسك الصين بدفع عجلة عولمة الاقتصاد نحو اتجاه الانفتاح والتسامح والشمول والتوازن والفوز المشترك، بحيث يتمتع كل الناس من دول وطبقات ومجموعات مختلفة بفوائد العولمة، ويشاركوا في بناء رابطة المصير المشترك للبشرية. إن معرض الاستيراد والتصدير الدولي الذي ستشارك فيه الصين مع الدول الأجنبية، يعتبر منصة منفتحة، تتيح فرصا جديدة لزيادة حجم صادرات الدول الأجنبية إلى الصين، ومنصة للتجارة والمشاركة في التعاون بين مختلفة الدول، وسيدفع التنمية المتسامحة والمتبادلة المنفعة في العالم. فضلا عن التجارة الدولية، سيقدم هذا المعرض منصة عامة لدفع التعاون الدولي، حيث ستقام عروض لدول وشركات مختلفة. من المتوقع أن تشارك أكثر من مائة دولة ومنطقة في المعرض. وسيقام منتدى هونغتشياو للتجارة الدولية لمناقشة تيار التجارة الدولية والاستثمار الجديد، خلال المعرض.
إن معرض الاستيراد والتصدير الدولي الذي ستستضيفه الصين، هو أيضا منصة جديدة تدفع التعاون بين الصين والدول العربية. إن اقتصاد الصين والدول العربية يكمل كل منهما الآخر. في السنوات الأخيرة، يتحقق الترابط بين مبادرة الحزام والطريق الصينية وإستراتيجيات التنمية في الدول العربية. فضلا عن توسيع نطاق التعاون في المجالات التقليدية، يتقدم التعاون بين الصين والدول العربية في مجال التكنولوجيا العالية بخطى ثابتة. تدعو الصين والدول العربية إلى تيسير وحرية التجارة والاستثمار وعولمة الاقتصاد، وتشارك في بناء منظومة حوكمة الاقتصاد العالمي. يتمتع الجانبان بتطلعات وحاجات مشتركة في كثير من المجالات، لذا، ثمة آفاق واسعة للتعاون بينهما. ستقدم الصين منصة جديدة لتعزيز التعاون العملي بين الصين والدول العربية والدول النامية، والسعي إلى التنمية العالمية، من خلال استضافة معرض الاستيراد والتصدير. تقف الصين والدول العربية في مرحلة مفتاحية للتنيمة والإصلاح، فيحتاج كلاهما إلى التعاون العملي وتوسيعه. ترغب الصين في التعاون مع الدول الأخرى، ومنها الدول العربية، لجعل معرض الاستيراد والتصدير معرضا على المستوى العالمي، وفتح قنوات جديدة لإجراء التجارة وتعزيز التعاون ودفع التجارة العالمية وتنمية الاقتصاد العالمي بصورة مشتركة، من أجل تحقيق تنمية المنفعة المتبادلة والازدهار المشترك.