ملف العدد < الرئيسية

تحويل النفايات إلى كنز يساهم في التنمية الخضراء للزراعة

: مشاركة
2023-04-07 16:03:00 الصين اليوم:Source تشاو يانغ:Author

من المعروف أن تكديس النفايات الزراعية أو صرفها بشكل عشوائي، يؤدي إلى تلوث خطير للهواء والمياه والبيئة المعيشية الريفية وغيرها. ومنذ وقت طويل، أضحت معالجة النفايات جزءا مهما لحماية البيئة في مجال الزراعة. وفي ظل هدف "الكربون المزدوج"، أصبحت إعادة استخدام النفايات وسيلة فعالة للتنمية الخضراء للزراعة.

فائدة القش

في الماضي، كان الدخان الأسود الكثيف يتصاعد من الحقول أثناء موسم الحصاد بسبب حرق المزارعين للقش. مع زيادة الوعي البيئي والتطور العلمي والتكنولوجي، أصبح القش "كنزا ذهبيا" ينمو في التربة.

يوجد في محافظة آنبينغ بمدينة هنغشوي بمقاطعة خبي ما يقرب من 500 ألف مو (الهكتار يساوي 15 مو) من الأراضي المزروعة، وبها يمكن جمع حوالي 210 آلاف طن من القش كل عام. فكيف يتم التعامل مع هذه الكمية الكبيرة من "النفايات"؟ قال ما يويه، مدير قسم التسويق لشركة جينغآن لتكنولوحيا الطاقة البيولوجية بخبي: "في الوقت الحاضر، تنفذ الشركة مشروع إنتاج الحرارة والكهرباء، الذي يتم في إطاره جمع كميات كبيرة من القش القابل للاستخدام بعد حصاد الخريف ونقلها إلى محطة توليد الطاقتين الكهربائية والحرارية بحرق الكتلة الحيوية التي تولد الكهرباء من خلال الاحتراق، كما تُستخدم الحرارة المهدرة من المولدات لتدفئة المنازل أيضا." يوفر المشروع احتياجات استهلاك الكهرباء لثلاثين ألف منزل محلي عادي واحتياجات التدفئة لخمس وعشرين ألف أسرة في فصل الشتاء. قال ما يويه بسعادة: "إعادة استخدام النفايات يفسح المجال أمام القش ليلعب دوره المهم."

إضافة إلى ذلك، أنشأت شركة جينغآن نظام "شركة+ تعاونية" لجمع القش، مما حفز خمسة آلاف مزارع للمشاركة في جمع القش ومعالجته وتخزينه ونقله وبيعه، وجعل معدل الاستخدام الشامل للقش في المحافظة يصل إلى أكثر من 96%، وبلغت قيمة الإنتاج المضافة 120 مليون يوان (الدولار الأمريكي يساوي 9ر6 يوانات تقريبا حاليا)، مما خلق نقطة زيادة جديدة لدخل المزارعين.

قال ما يويه: "علاوة على توليد الكهرباء والإمداد بالغاز، يمكن تحويل القش إلى سماد عضوي من خلال عملية التخمير بدرجة حرارة عالية لزيادة محتوى المادة العضوية في الأرض المزروعة، وبالتالي زيادة الإنتاج والدخل."

وفقا للسيد ياو تسونغ لو، وهو باحث في معهد البيئة الزراعية والتنمية المستدامة التابع للأكاديمية الصينية للعلوم الزراعية، فإن القش نبات سنوي قصير الأجل، يمتص وينبعث منه نفس الكمية تقريبا من ثاني أكسيد الكربون أثناء عملية النمو، وبالتالي لا يسبب انبعاثات زائدة. يستخدم القش كوقود لإنتاج غاز الميثان وتوليد الكهرباء، وتأثيره في تقليل الانبعاثات ملحوظ جدا. كما يمكن استخدامه على نطاق واسع في الأسمدة العضوية والأعلاف ومواد زراعة الفطر وما إلى ذلك.

في أكتوبر 2022، أظهر ((التقرير الوطني حول الاستخدام الشامل لقش المحاصيل)) الصادر عن وزارة الزراعة والشؤون الريفية الصينية، أن معدل الاستخدام الشامل لقش المحاصيل في البلاد قد ازداد بشكل مطرد، ووصل في عام 2021، إلى 1ر88%، بزيادة قدرها 4ر3 نقاط مئوية مقارنة بعام 2018.

أشار ياو تسونغ لو إلى أن العلوم والتكنولوجيا الصينية الآن ناضجة نسبيا في استخدام القش لإنتاج غاز الميثان وتوليد الكهرباء، ودرجة التسويق عالية، ويُروج حاليا على نطاق واسع، ويمكن القول إنه في طليعة العالم. ومع ذلك، لا يزال تطبيقه كوقود سائل في مرحلة الترويج، وسنستمر في دفعها.

استخدام الروث

في حديقة جينغآن الصناعية أربعة أعمدة خضراء عملاقة لافتة للنظر. قال ما يويه إن شركة جينغآن، وهي مؤسسة رئيسية رائدة في التصنيع الزراعي الوطني، تذبح سنويا أكثر من 80 ألف خنزير تناسلي وأكثر من 260 ألف خنزير تجاري. ينتج أكثر من 300 ألف خنزير مئات الآلاف من الأطنان من الروث كل عام، وتعتير خزانات التخمير اللاهوائية الأربعة (سعة كل خزان خمسة آلاف متر مكعب) السر المفتاحي لمعالجة الروث.

قبل عشر سنوات، بدأت شركة جينغآن التعاون مع الشركة الدولية لغاز الميثان وشركة نوريندال الدولية المحدودة والأكاديمية الصينية للعلوم الزراعية وغيرها من معاهد البحث العلمي، لإجراء البحوث العلمية، وطورت 16 تقنية مسجلة ببراءة اختراع، بما فيها تقنية إنتاج غاز الميثان واستخدام مياه الصرف الصحي العضوية عن طريق التخمير اللاهوائي الفعال، الأمر الذي حل مشكلة التقلبات الكبيرة في إنتاج غاز الميثان، وجعل شركة جينغآن تصبح أول مؤسسة لتوليد الكهرباء بغاز الميثان في شمالي الصين، باستخدام روث الماشية والدواجن.

واليوم، توصلت شركة جينغآن إلى اتفاق مع مربيّ المواشي بالمحافظة لشراء الروث، حيث ستتم معالجة جميع روث الماشية والدواجن في مخمرات لإنتاج الغاز الحيوي، وبالتالي توليد الكهرباء وتنقية الغاز الطبيعي. قال ما يويه: "في عملية توليد الكهرباء من خلال الغاز الحيوي، يمكن للسائل والرواسب المتبقية أن تستخدم كمواد أساسية لإنتاج الأسمدة العضوية المختلفة، كما يمكن تعديلها وفقا للمواسم وأنواع النباتات وفترات النمو لتشكيل أسمدة متنوعة متعددة الأغراض." تنتج الحديقة الصناعية حوالي 250 ألف طن من الأسمدة العضوية كل عام، والتي تباع إلى مقاطعات خنان وشاندونغ ويوننان وخبي ومنطقة شينجيانغ، مما حقق فوائد اقتصادية جيدة.

من خلال مشروع توليد الكهرباء بالغاز الحيوي ومشروع الأسمدة الحيوية العضوية ومشروع الغاز الطبيعي الحيوي ومشروع التوليد المشترك للطاقتين الكهربائية والحرارية، شكلت شركة جينغآن "نموذج جينغآن" لدورة الإنتاج المشترك "الغاز والكهرباء والحرارة والأسمدة". من خلال هذا النموذج، تنتج شركة جينغآن 52ر11 مليون متر مكعب من الغاز الحيوي وتولد 12ر15 مليون كيلووات/ ساعة من الكهرباء كل عام، وتقلل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بمقدار 105 آلاف طن، والتي وثقتها الهيئة الصينية لتخفيض الانبعاثات المعتمدة، الأمر الذي أدى إلى تقليل 300 ألف طن من تصريف الروث في المزارع كل عام، ووفر حوالي خمسة آلاف طن من مكافئ الفحم القياسي.

التكنولوجيا تساعد في إنتاج الأسمدة الجديدة الطراز

لم يكن متوقعا أن نفايات العقاقير الصينية التقليدية يمكنها زيادة غلة المحاصيل. لي وي وأعضاء فريقها هم الباحثون الذين توصلوا لهذا الإنجاز.

لي وي، هي أستاذة مساعدة في معهد المواد والطاقة بجامعة جنوب الصين للزراعة، وقائدة فريق "إدخال الكربون إلى الأوراق". في الواقع، كان الاتجاه البحثي الرئيسي للدكتورة لي وي في البداية هو المواد النانوية الكربونية. هناك نوع من الأنابيب الكربونية النانوية التي تستخدم في الغالب في مجال الطب الحيوي، وهي ناضجة نسبيا في التطبيقات الحيوانية. "هل من الممكن استخدام أنابيب الكربون في النباتات مع اتجاه الزراعة في جامعتنا؟" ألهمتها كلمات المشرف على أطروحتها للدكتوراه كثيرا. "الأنابيب الكربونية بحجم النانومتر، ولها قابلية جيدة للذوبان في الماء، ومحتوى الكربون يكون عاليا. ماذا سيحدث إذا امتصتها النباتات؟" بهذه الفكرة، بدأت لي وي استكشافا جديدا.

وجدت لي وي أن حجم نفايات العقاقير الصينية التقليدية المهملة يبلغ عشرات الملايين من الأطنان، لكن معدل استخدامها لا يتجاوز 1%. بعد التحليل، وجد فريق لي وي أن نفايات العقاقير تحتوي على 40% من المكونات المنشطة، وأيضا عناصر نزرة مثل الكالسيوم والحديد والفوسفور والمغنيسيوم، فهي تتفق مع ما يحتاجه الفريق من المواد الخام. بعد عدة سنوات من البحث العلمي والتحول التكنولوجي، نجح فريق مشروع "إدخال الكربون إلى الأوراق" في تصنيع سماد كربوني نانوي عضوي مع حقوق ملكية فكرية مستقلة، من نفايات العقاقير الصينية التقليدية لأول مرة.

يستطيع هذا النوع الجديد من السماد الكربوني زيادة الفعالية مع تقليل كمية السماد المستخدمة. قالت لي وي: "مقارنة بالسماد العضوي التقليدي، نركز على تحسين مستوى النانو والذوبان في الماء، وبالتالي تحسين فعالية التمثيل الضوئي للنباتات. وفي الوقت نفسه، يمكننا تحويل المزيد من ثاني أكسيد الكربون في الهواء إلى مواد عضوية، مما يساعد على تقليل انبعاثات الكربون."

قرية موميان في منطقة تسونغهوا بمدينة قوانغتشو، هي مسقط رأس أحد أعضاء الفريق. في القرية شجرة قديمة معروفة باسم "ليتشي هوانغ" أي "إمبراطور أشجار الليتشي"، يرجع تاريخ زراعتها إلى فترة أسرة مينغ (1368- 1644) ويبلغ عمرها أكثر من 470 عاما، وسجلت في موسوعة غينيس للأرقام القياسية كأكبر شجرة ليتشي. وبسبب الزراعة الواسعة، أصبحت فاكهة الليتشي منتجا محليا شهيرا. بعد توضيح وشرح من أعضاء الفريق، وافقت عشرون أسرة فلاحية في القرية على استخدام أراضيهم الصالحة للزراعة كحقل اختبار للأسمدة الكربونية النانوية. يمتلك القروي شيه تشن شي 200 مو مزروعة بأشجار الليتشي، وقال: "كنت أستخدم الأسمدة الكيماوية العادية، والتي تؤدي إلى تصلب التربة وتؤثر على النمو." أثناء فترة الاختبار، لم يشهد السيد شيه تحسنا ملحوظا في جودة التربة ومذاق الثمار فحسب، وإنما أيضا زاد حجم الإنتاج بمقدار 17 طنا. أضاف شيه تشن شي بسرور: "بعد تقليل استخدام الأسمدة الكيماوية، وفرنا 40 ألف يوان سنويا من النفقات، وزاد الدخل السنوي بمقدار 270 ألف يوان."

من عام 2016 إلى 2022، قام الفريق بالتعاون مع عدد من الشركات الزراعية والقرى بتطبيق منتجاته على مجموعة متنوعة من الفواكه والخضراوات والزهور، وبلغت مساحة التطبيق 500 مو، وقد حققت جميعها نتائج جيدة. في يوليو 2022، في مسابقة فرع مقاطعة قوانغدونغ للدورة الثامنة من مسابقة الصين الدولية للابتكار وريادة الأعمال لطلاب الجامعات في مجال "الإنترنت+" التي أقيمت برعاية مديرية التعليم في مقاطعة قوانغدونغ ونظمها معهد دونغقوان للعلوم والهندسة، فاز مشروع "إدخال الكربون إلى الأوراق-- دليل الأسمدة الكربونية النانوية الفعالة" بالجائزة الذهبية. كما فاز بالجائزة الثانية للابتكار التقني وجائزة تعزيز التقنيات الزراعية لمقاطعة قوانغدونغ، وغيرها من الجوائز.

في الوقت الحالي، يتعاون فريق "إدخال الكربون إلى الأوراق" مع مجموعة نونغكن في قوانغدونغ لتسويق السماد الكربوني وترويجه، ويخطط لإعادة تدوير عشرة آلاف طن من نفايات العقاقير الصينية التقليدية في السنوات الثلاث المقبلة لتحسين أكثر من 150 ألف مو من التربة القاحلة، وتقليل انبعاثات الكربون بمقدار 40 ألف طن. ويخطط الفريق التركيز على مجال الأسمدة الكربونية، وتطوير المنتجات المعنية، ومساعدة 500 أسرة ريفية مجانا على زيادة الدخل بمقدار 10 ملايين يوان، وتطبيق الأسمدة الكربونية النانوية على أوسع نطاق بحلول عام 2027.

لي وي وأعضاء فريقها شباب واعدون، فهم نشيطون في التفكير ولديهم الكثير من الأفكار. على سبيل المثال، إنهم يستخدمون البث المباشر في تطبيق دوين (النسخة الصينية لتيك توك) للترويج، والتواصل بمهارة مع المزارعين وإنشاء النماذج التجارية، وتحسين الفوائد الاقتصادية والتخطيط للمستقبل، وما إلى ذلك. قالت لي وي إن الأفكار الرائعة تظهر دائما هنا، ويلعب الشباب دور التنويع في مجال البحث العلمي.

الزراعة هي ثاني أكبر مصدر لانبعاثات غازات الاحتباس الحراري وأحد المصادر المهمة لانبعاثات الكربون. قال ياو تسونغ لو، إنه حسب البيانات، يبلغ حجم انبعاثات غازات الاحتباس الحراري الزراعية 830 مليون طن، أي ما يشكل 4ر7% من إجمالي الانبعاثات في الصين، فتتمتع الزراعة بإمكانات هائلة في تقليل الانبعاثات والاحتفاظ بالكربون. الصين دولة زراعية كبيرة منذ العصور القديمة، وقال ياو تسونغ لو: "لا شك أنّ زراعة الأرز وتربية الحيوانات المجترة تنتج غازات الدفيئة. وانبعاثات غازات الاحتباس الحراري في القطاع الزراعي شيء أساسي ولا مفر منه." لذلك، أشار ياو تسونغ لو إلى أن كيفية تقليل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري على أساس ضمان الأمن الغذائي، هي مشكلة رئيسية تواجه القطاع الزراعي حاليا.

نصت الوثيقة المركزية رقم 1 لعام 2023 بوضوح على ضرورة تعزيز دعم التكنولوجيا والمعدات الزراعية لتعزيز التنمية الخضراء للزراعة؛ وتسريع تعميم وتطبيق تقنيات تقليل الكمية وزيادة الفعالية للمواد المستخدمة أو المضافة في إنتاج المنتجات الزراعية، وتعزيز تكامل المياه والأسمدة، وإنشاء وإكمال نظام جمع وإعادة استخدام ومعالجة النفايات الزراعية مثل القش والأغشية الزراعية، ونفايات تعبئة المبيدات الزراعية وروث الماشية والدواجن. ومن المؤكد أن كل هذا سيضخ زخما جديدا لتنمية الزراعة العالية الجودة.

 

 

©China Today. All Rights Reserved.

24 Baiwanzhuang Road, Beijing, China. 100037

互联网新闻信息服务许可证10120240024 | 京ICP备10041721号-4