بعد حضور الجلسة الافتتاحية للدورة الأولى للمجلس الوطني الرابع عشر لنواب الشعب الصيني صباح الخامس من مارس عام 2023، قال يوي وو لين: "أكد رئيس مجلس الدولة السابق لي كه تشيانغ في تقرير عمل الحكومة أنه يجب تطوير صناعات ريفية متميزة، وتوسيع قنوات تحقيق الثراء وزيادة الدخل للقرويين، ودفع النهضة الريفية باستمرار. كلامه شجعني كثيرا."

أُختير يوي وو لين نائبا بالمجلس الوطني لنواب الشعب الصيني هذا العام، وهو من أبناء قرية لاومودنغ ببلدة بيخه في محافظة فوقونغ بولاية نوجيانغ لقومية ليسو بمقاطعة يوننان. معنى لاومودنغ في لغة قومية نو هو "المكان الذي يحب الناس زيارته". ولأنها تقع في منتصف سفح جبل بيلوه الثلجي، تحيط بها السحب والضباب طوال العام، تعرف قرية لاومودنغ باسم "القرية على السحب".

في السنوات الأخيرة، شرع يوي وو لين كممارس للسياحة الريفية ووريث للتراث الثقافي غير المادي لقومية نو، في طريق جديد لإنهاض الريف من خلال نموذج تطوير "السياحة + التراث الثقافي غير المادي".

الجبل الأخضر يصبح "جبل من الذهب"

قال يوي وو لين: "قومية نو هي أقلية صينية تعيش في مقاطعة يوننان. وقد حققنا نحن أبناء القومية الثراء والتخلص من الفقر، وأصبحنا نعيش حياة رغيدة في ظل دعم الحكومة القوي." كانت قرية لاومودنغ تعاني من شح المعلومات والمواصلات الصعبة، ويمكن القول إنها كانت منغلقة عن المجتمع الخارجي. وفي ظل تنفيذ الدولة سياسة التخلص من الفقر، بدأ يوي وو لين مع أبناء القرية زراعة شجر الشاي وتربية الدجاج والأغنام وبناء بيوت جديدة، تحت قيادة ومساعدة حكومات البلدة والمحافظة والولاية، وبجانب ذلك، بدأوا تطوير السياحة الريفية عن طريق استخدام الموارد الطبيعية. وبذلك تخلصت أكثر من 380 أسرة في القرية من براثن الفقر بحلول نهاية عام 2020.

يوي وو لين هو أول شخص يرتزق من صناعة السياحة في القرية، ابتداء من تقديم خدمات بسيطة مع عائلته في عام 2003، ثم أصبح أول ثري في القرية بعد التخلص من الفقر. وبعد ذلك، علم القرويين كيفية تقديم الخدمات السياحية، وقادهم لبناء بيوت المزارع وبيع المنتجات الزراعية. حاليا، يبلغ عدد بيوت المزارع والأنزال الريفية المتنوعة في قرية لاومودنغ 33، كما أصبح لدى القرويين قنوات مستقرة لتسويق الشاي والفطر البري والعسل وغيرها من المنتجات المحلية المتميزة. قال يوي وو لين: "يستطيع القرويون اليوم كسب الرزق في القرية، ولا حاجة إلى العمل خارجها، ويستطيعون رعاية كبار السن وتربية الأطفال في آن واحد. أعتقد أن هذه هي طريقة الحياة الحقيقية التي يجب توفيرها للقرويين جميعا."

لم يكتف يوي وو لين بتحقيق "الثراء البسيط" بعد تخلصه من الفقر، إذ بنى منزلا جديدا في القرية في السنوات الأخيرة على أساس نزله القديم. وتحول من صاحب نزل إلى "مدبر منزل". قال يوي وو لين: "تحتاج السياحة الريفية إلى خدمات عالية الجودة وتراكم الثقافة العميقة مع تطورها، علينا تلبية مطالب السوق بشكل إيجابي، بحيث لا يستمتع السياح بالمناظر الجميلة والأطعمة اللذيذة فحسب، وإنما أيضا يشعرون بالراحة أثناء إقامتهم في منزلنا المتميز كما لو كانوا في منزلهم."

أثناء حضوره اجتماعات المجلس الوطني لنواب الشعب الصيني، ظل يوي وو لين قلقا بشأن بناء مساكن في القرية، فكان يخصص وقتا للدردشة مع القرويين يوميا في المساء. قال إنه لم يكن لدى القرويين ثقة في تطوير صناعة السياحة في القرية في البداية. الآن، أصبحت السياحة الريفية لقرية لاومودنغ علامة مشهورة، ويشارك المزيد من القرويين فيها بنشاط. أضاف: "قبل حضوري الاجتماع في بكين، بنت بضع عشرة أسرة منازل جديدة أو حولت بيوتها لأنزال لاستقبال السياح. فقد ازداد عدد السياح بشكل كبير أثناء عطلة عيد الربيع لعام 2023، حتى ظهرت حالة اختناق الطريق بالسيارات في القرية، واكتظت المنازل بالسياح، حتى بلغ الدخل الصافي لنزلي في أسبوع واحد حوالي مائة ألف يوان (الدولار الأمريكي يساوي 9ر6 يوانات)." حاليا، دخلت قرية لاومودنغ الموسم السياحي الساخن، وحُجزت غرف الأنزال العديدة كاملة حتى نهاية إبريل.

قال وانغ بي، رئيس هيئة الثقافة والسياحة بمحافظة فوقونغ والذي يدعم تطوير صناعة السياحة في قرية لاومودنغ، إن المحتوى الرئيسي للسياحة الريفية في قرية لاومودنغ يتمثل في "مشاهدة شروق الشمس، وزيارة مزارع الشاي، ومشاهدة بحر سحب، وتذوق الأطعمة اللذيذة، والاستمتاع بالغناء والرقص، ومشاهدة النجوم"، وأصبحت القرية "علامة ذهبية" للسياحة في وادي نهر نوجيانغ. إن المحافظة على الجبل الأخضر وتحويله إلى "جبل من الذهب" تتحقق تدريجيا. وبجانب العدد الهائل للسياح، تحتاج قرية لاومودنغ إلى ترك ذكريات جيدة للسياح وإبراز ميزاتها المتفوقة أيضا. وأضاف: "إذا قلنا إن الموارد الثقافية والسياحية هي هبة من السماء، فإن المنتجات والخدمات العالية الجودة هي قوتنا الحقيقية، لا يتحقق الدفع المتبادل بين الثقافة والسياحة إلا عن طريق استثمار ثقافة قومية نو الفريدة باستمرار، الأمر الذي يجعل قرية لاومودنغ تصبح مكانا يتطلع إليه السياح."

الاندماج المثالي لـ"التراث الثقافي غير المادي+ السياحة"

من أجل استثمار وتوارث الثقافة التقليدية لقومية نو بشكل عميق، وجعل التراث الثقافي غير المادي يصبح قوة محركة قوية لتعزيز السياحية الريفية، دمج يوي وو لين التراث الثقافي غير المادي لقومية نو بصناعة السياحة قبل سبع سنوات.

قال يوي وو لين: "أغنية ’أودده‘ من الأغاني الممثلة للتراث الثقافي غير المادي لمقاطعتنا، وهي عرض لازم كل مساء، تتناقل الأغاني شفاهيا جيلا بعد جيل، لأن قومية نو ليست لديها لغة مكتوبة خاصة بها. زرت الفنانين القدامى لتعلم هذه الأغاني من أجل المحافظة عليها قدر الإمكان." مضيفا أنه أصبح وريثا للتراث الثقافي غير المادي لقومية نو ويعمل على تحقيق الاندماج بين الثقافة والسياحة بعد تعلم أغنية ’أودده‘ ورقصة دابييا وقيثارة الفم.

قال يوي وو لين: "دمجنا أنا والقرويون رقصة دابييا وأغنية ’أودده‘ بالسياحة الريفية في قريتنا، وأنشأنا فريق عروض للتراث الثقافي غير المادي، الأمر الذي لا يحقق توارث الثقافة التقليدية ويلبي رغبة السياح في التجربة الثقافية فحسب، وإنما أيضا يزيد دخل القرويين. لم يتوقع الكثير من القرويين أن الأغاني التقليدية ستساعدهم بهذا الشكل الكبير." لي يوي لان وتسنغ قوان شين وغيرهما من القرويين لديهم عمل في النهار، ويؤدون عروض التراث الثقافي غير المادي لقومية نو في الأنزال الريفية في المساء، الأمر الذي زاد من دخلهم حوالي ثلاثة آلاف يوان شهريا.

ومن أجل تحقيق تناقل التراث الثقافي غير المادي لقومية نو جيلا بعد جيل، يعلم يوي وو لين أطفال القرية أغنية ’أودده‘ ورقصة دابييا في العطلات الدراسية الصيفية والشتوية. أخذ بعض الأطفال يتعلمونها منذ المرحلة الابتدائية حتى المرحلة الثانوية.

قال وانغ بي إن نمط التنمية "التراث الثقافي غير المادي+ السياحة" لقرية لاومودنغ، لا يورث فنونها التقليدية فحسب، وإنما أيضا يدفع تنمية الاقتصاد الليلي في القرية ويزيد تجارب السياح للثقافة والعادات التقليدية المحلية. أضاف، أن حوالي عشرة آلاف سائح زاروا الموقع السياحي "تشيتسيلوه" في قرية لاومودنغ وجربوا التراث الثقافي غير المادي المحلي في الفترة ما بين عيد الربيع وعيد الفوانيس لعام 2023، الأمر الذي يحقق الاندماج الحقيقي بين الثقافة والسياحة.

تحقيق "الحلم العظيم" في التنمية

أصدرت وزارة الثقافة والسياحة الصينية ((إشعار بشأن تعزيز الاندماج والتطوير العميق للتراث الثقافي غير المادي والسياحة)) في الثاني والعشرين من فبراير عام 2023، والذي أوضح بشكل عميق أهمية ومتطلبات الحماية المنهجية للتراث الثقافي غير المادي وتعزيز التنمية السياحية عالية الجودة.  

قال يوي وو لين: "هذا الإشعار يزيد إمكانية التنمية لتطورنا المستقبلي، ويزيد ثقتنا في تطوير نمطنا." لدى يوي وو لين "حلم عظيم" في ذهنه، فهو يأمل في بناء ساحة كبيرة لقومية نو في قرية لاومودنغ لتقديم العروض الغنائية والراقصة القومية، وبناء مهبط للطائرات العمودية لكي يتمكن السياح من الاستمتاع بوادي نهر نوجيانغ على متن طائرات الهليكوبتر، وتمهيد شارع مشاة لـ"منطقة الأعمال المركزية" في القرية الجبلية ليجعل السياح يعودون إلى بيوتهم مع منتجات إبداعية ثقافية للتراث الثقافي غير المادي بعد تجربة تقاليد وعادات قومية نو.

قال تشانغ ليان، عضو اللجنة الدائمة للمجلس الوطني الـثالث عشر للمؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني والباحث الاقتصادي الصيني المشهور، بعد تعرفه على النمط التنموي لقرية لاومودنغ: "سيظهر مزيد من القرى الجديدة مثل قرية لاومودنغ و’المزارعون الجدد‘ مثل يوي وو لين في المناطق الريفية الصينية بعد دخول مرحلة التنمية الجديدة. تعتمد تطوراتهم المتنوعة على أساس ارتفاع منحنى الإيرادات للاقتصاد السياحي الريفي الصيني، الأمر الذي يدفع زيادة دخل القرويين ويحسن معيشتهم." وأكد على أنه يجب تعظيم مفهوم القيم المشتركة والمشاعر المشتركة للبشرية في التراث الثقافي غير المادي، وسرد قصص الثقافة الصينية التقليدية المتميزة بشكل جيد وتعزيز دمج الثقافة الصينية بالحياة اليومية ودفعها نحو التقدم إلى العالم أثناء عملية التطور العميق لدمج التراث الثقافي غير المادي بالسياحة.

قال يوي وو لين: "التطوير هو أفضل طريق لتوارث التراث الثقافي غير المادي والمحافظة عليه. اقتراحي الذي قدمته في مؤتمر نوابي الشعب هو تعزيز استثمار الثقافة التقليدية لقومية نو، ودمج الثقافة التقليدية بالسياحة الريفية في ولاية نوجيانغ لقومية ليسو، لحماية وتوارث وتعظيم هذا التراث الثقافي غير المادي."