ملف العدد < الرئيسية

نجاحات مبادرة "الحزام والطريق" في أفريقيا

: مشاركة
2023-10-16 15:50:00 الصين اليوم:Source بينارد أييكو:Author

قبل عشر سنوات، تطوّر ما بدأ كحلم للحكومة الصينية في مختلف أنحاء العالم، ليصبح حافزا رئيسيا لخلق فرص العمل والقضاء على الفقر، ولتعزيز النمو الاقتصادي وزيادة فرصه. ومع الاحتفال بالذكرى السنوية العاشرة لمبادرة "الحزام والطريق"، فإن ثمة انطباعا عالميا بأنها مشروع واسع وطموحا لتطوير البُنى التحتية، هدفها الرئيسي هو ربط أفريقيا وآسيا وأوروبا ومناطق أخرى عبر شبكة من الطرق والسكك الحديدية والموانئ، وغيرها من التطورات الرئيسية في البنى التحتية.

في مرحلة البداية، ألقى المنتقدون ظلالا من التشكيك على مبادرة "الحزام والطريق"، وخاصة بعد إدراكهم أن العلاقات الصينية- الأفريقية المتنامية، أصبحت قوة كبيرة لا يُستهان بها. وأصبحت المبادرة نقطة سخرية للمنتقدين الذين أطلقوا عليها وصف "دبلوماسية فخ الديون" و"استعمار الديون". ولكن بعيدا عن ذلك، شهدت مبادرة الحزام والطريق عَقدا من برامج تطوير البنى التحتية الشاملة في أكثر من 150 بلدا، مع دعم نشيط من أكثر من 30 منظمة للمبادرة منذ إطلاقها في عام 2013.

ظلت أفريقيا من بين أكبر المستفيدين من مبادرة "الحزام والطريق". في الواقع، تشير الإحصاءات إلى أنه من بين 54 بلدا أفريقيا، وقّع 52 بلدا، أو أعرب عن اهتمامه، بالتوقيع على اتفاقيات تعاون إطارية ضمن مبادرة "الحزام والطريق"، واستفادت من المشروعات في إطار هذه المبادرة، وخاصة تلك المتعلقة بالطرق والطاقة والموانئ وتطوير البنى التحتية للاتصالات والترابط. تهدف هذه المشروعات لفتح البلدان الأفريقية أمام التجارة من خلال تسهيل تشييد البنى التحتية المحلية والإقليمية الرئيسية، ومساعدة البلدان الأفريقية في الحصول على الطاقة بأسعار معقولة للصناعات، وفتح قنوات النقل للصادرات الأفريقية إلى الأسواق الدولية، من خلال إنشاء قنوات نقل فعالة وموثوقة.

فوائد التجارة

في أفريقيا، لا يمكن إنكار فوائد مبادرة "الحزام والطريق". على مدى السنوات العشر الماضية، ظلت التجارة في المقدمة. وشهدت مبادرة "الحزام والطريق" تقدما مطردا من خلال المنتديات التشاورية الصينية- الأفريقية، مثل معرض الصين الدولي للاستيراد، ومنتدى التعاون الصيني- الأفريقي، والتي فتحت الأسواق الصينية أمام الصادرات من البلدان الأفريقية. وقد استرشدت هذه المنتديات بمبادئ التشاور المكثف والمساهمة المشتركة وتقاسم المنافع، لتنسيق السياسات والتجارة دون عوائق، والتكامل المالي وتسهيل التواصل والروابط بين الشعوب.

شهدت العلاقات الصينية- الأفريقية نموا هائلا في التجارة. وفقا لإحصاءات تجارية صادرة عن الإدارة العامة للجمارك في الصين، تجاوز إجمالي التجارة بين أفريقيا والصين 2 تريليون دولار أمريكي منذ إطلاق مبادرة "الحزام والطريق" في عام 2013. وفي الواقع، ظلت الصين الشريك التجاري الرئيسي لأفريقيا. في عام 2022، فقد سجلت إحصاءات التجارة بين الصين وأفريقيا 282 مليار دولار أمريكي، محققة نموا كبيرا بمعدل 11% مقارنة بعام 2021.

لذلك، من الضروري ملاحظة أن مبادرة "الحزام والطريق" ظلت حافزا رئيسيا للنمو التجاري في معظم الاقتصادات الأفريقية، وتعزيز تلك التجارة من خلال تحسين البنى التحتية. وقد أدى الترابط الذي تحقق من خلال بناء وتحديث الطرق والسكك الحديدية والموانئ والمطارات، إلى تحسين شبكات النقل بشكل كبير من خلال الحد من الاختناقات اللوجستية، وخفض تكاليف الشحن وتسهيل حرية حركة البضائع، ليس بين أفريقيا والصين فحسب، وإنما أيضا داخل البلدان الأفريقية نفسها. إضافة لذلك، أدت شبكات البنى التحتية الجديدة في القارة لإزالة الحواجز التجارية من خلال إنشاء ممرات تجارية تربط البلدان الأفريقية بالأسواق العالمية. أصبحت هذه الممرات التجارية شرايين أساسية للتدفق الحر للسلع، مما يجعل التجارة أكثر كفاءة وفعالية من حيث التكلفة. كل ذلك لعب دورا محوريا في خفض أسعار السوق لهذه السلع في الأسواق الدولية، مما جعل الصادرات الأفريقية قادرة على المنافسة.

على سبيل المثال، أدى إنشاء خط السكك الحديدية بين مومباسا ونيروبي في كينيا بتكلفة 3 مليارات دولار أمريكي من قبل الصين، إلى تقليل كبير في وقت وتكلفة نقل البضائع من ميناء مومباسا إلى أجزاء أخرى من البلاد والمنطقة عموما. وهذا الخط يشكّل أيضا حافزا جيدا لترويج السياحة المحلية والأجنبية من خلال تسهيل حركة البضائع والناس بشكل أكثر ملاءمة وسهولة.

هذه المشروعات الهائلة المطروحة من الصين، تطمح لزيادة التجارة بينها وبين أفريقيا إلى 300 مليار دولار بحلول عام 2025. ولإظهار الالتزام بهذه المشروعات، تبنّت الحكومة الصينية سياسة تشمل أكثر من 8800 نوع مختلف من المنتجات، بما فيها الملابس والأحذية والمنتجات الزراعية والمواد الكيميائية.

إنجازات مهمة في التجارة

أسهمت مبادرة "الحزام والطريق" في فتح القارة الأفريقية أمام التجارة، من خلال زيادة الترابط عن طريق الرقمنة، بما في ذلك توسيع شبكات الاتصالات وتطوير البنى التحتية الرقمية. وقد أدى ذلك إلى تحسين الاتصالات والوصول إلى المعلومات، وخاصة بالمناطق الريفية، ما دفع معظم الشركات إلى المشاركة في التجارة المحلية وعبر الحدود.

في عام 2022 وحده، ألغت الحكومة الصينية الرسوم الجمركية على 98% من الواردات الخاضعة للضريبة من 18 بلدا أفريقيا، على دفعتين. وبشّر ذلك بمرحلة من الاستثمارات الصينية المتزايدة في القارة. خلال السنوات العشر الماضية، ووفقا لإحصاءات وزارة التجارة الصينية، بلغت الاستثمارات من الصين لأفريقيا، 4ر3 مليارات دولار أمريكي، مع وجود أكثر من 3000 شركة صينية تستثمر في أفريقيا. وتجاوزت قيمة المشروعات الصينية المتعاقد عليها في البلدان الأفريقية، خلال السنوات العشر الماضية، 700 مليار دولار أمريكي، بعائد كامل يزيد عن 400 مليار دولار أمريكي. وحققت مبادرة "الحزام والطريق" فوائد أيضا في ضمان تنمية المناطق الاقتصادية والمجمعات الصناعية على طول الممرات التجارية في أفريقيا. وهذه المناطق هي مناطق جذب رئيسية للمستثمرين الأجانب والمحليين، الأمر الذي أسهم بدوره في تحفيز التصنيع والتجهيز للصناعات الناشئة، ما أدى لخلق فرص عمل للشباب، وتعزيز التجارة.

ومن خلال معالجة أي عوائق تجارية محتملة، حققت مبادرة "الحزام والطريق"، إنجازات تجارية مهمة. على سبيل المثال، أسهمت المبادرة في تعزيز تيسير التجارة من خلال تحسين روابط النقل والتواصل، وتقليل فترة إنجاز المعاملات وتكلفة نقل البضائع للتجارة بين البلدان الأفريقية. وقد أدى ذلك إلى نمو حجم التجارة، الأمر الذي عاد بالنفع على الاقتصادات الأفريقية والصين على حد سواء. إضافة لذلك، أدت الشراكة أيضا لزيادة الإنتاج الزراعي والأمن الغذائي في أفريقيا. وقد تحققت الزيادة في الإنتاج نتيجة لتقليل فاقد ما بعد الحصاد، ما يضمن إنتاجا كافيا للاستهلاك المحلي، والتصدير للأسواق العالمية.

مستقبل مبادرة "الحزام والطريق" في أفريقيا واعدٌ، لأنها الضمان الوحيد لاستمرار تطوير البنى التحتية وزيادة التجارة. أما بناء المزيد من الطرق والسكك الحديدية والموانئ ومشروعات الطاقة، فيمثل ضمانا أكيدا لتعزيز الترابط والتجارة بين الدول الأفريقية نفسها، ومع الصين. إذا كان على أفريقيا أن تقوم بالتصنيع الكامل وتنمية ثرواتها التجارية، فيجب أن تتوافق إستراتيجيات التصنيع فيها مع مبادرة "الحزام والطريق"، من أجل تسريع إنشاء المناطق الاقتصادية الخاصة والمجمعات الصناعية، التي تعد حاضنات جيدة للتجارة، على طول ممرات مبادرة "الحزام والطريق"، لجذب المزيد من الاستثمار الأجنبي، وتعزيز التصنيع وخلق فرص عمل للشباب. إن المستقبل يبدو مشرقا.

--

بينارد أييكو، كاتب مقيم في كينيا، وهو خبير اقتصادي ومحام ومستشار ومعلق إقليمي في شؤون التجارة والاستثمار.

©China Today. All Rights Reserved.

24 Baiwanzhuang Road, Beijing, China. 100037

互联网新闻信息服务许可证10120240024 | 京ICP备10041721号-4