في حلقة نقاش حول التحول إلى الطاقة المنخفضة الكربون في المؤتمر السنوي لمنتدى بوآو الآسيوي لعام 2024، أشار سون شيان شنغ، رئيس الجمعية الدولية لدراسات تحول الطاقة، إلى أن العوامل الخمسة المؤثرة في تحول الطاقة هي: موارد الدولة ومرحلة تنميتها، هدفها ونهجها في مجال تحول الطاقة، قدراتها الابتكارية والتكنولوجية والأكفاء، وقدرتها الاستثمارية، والبيئة الخارجية والتعاون الدولي. وعلى الرغم من أن العالم يواجه تحديا كبيرا لضمان تحول الطاقة وأمن الطاقة بتكلفة منخفضة، فإن ذلك ليس مهمة مستحيلة. وتلعب الصين دورا نموذجيا في التحول الأخضر والمنخفض الكربون.

تحول الطاقة في الصين

منذ أن أعلن الرئيس الصيني شي جين بينغ هدف الصين المتعلق ببلوغ ذروة انبعاثات ثاني أكسيد الكربون قبل عام 2030 وتحقيق الحياد الكربوني قبل عام 2060، كثفت الصين الجهود الرامية إلى تعزيز التحول إلى الطاقة الخضراء والمنخفضة الكربون.

أشار تقرير أعمال الحكومة لعام 2024 إلى أن قدرة الطاقة المتجددة في عام 2023 تجاوزت قدرة الطاقة الحرارية في الصين لأول مرة في التاريخ، وأن الصين تنتج أكثر من نصف قدرة الطاقة المتجددة المضافة حديثا في جميع أنحاء العالم.

كما تُظهر بيانات الإدارة الوطنية للطاقة في الصين أنه بحلول نهاية عام 2023، تجاوزت قدرة الطاقة المتجددة المركبة 4ر1 مليار كيلووات، وهو ما يشكل أكثر من نصف القدرة المركبة لتوليد الكهرباء في الصين. وفي تقريرها الصادر بعنوان "مصادر الطاقة المتجددة لعام 2023"، وصفت وكالة الطاقة الدولية الصين بأنها "مركز الطاقة المتجددة في العالم".

حققت الصين تقدما بارزا في قطاع الطاقة الكهروضوئية. أكد تقرير الوكالة الدولية للطاقة، أنه حجم الطاقة الكهروضوئية التي تم توليدها في الصين في عام 2023 يعادل كل إنتاج العالم منها في عام 2022. على الرغم من التوسع غير المسبوق في توليد الطاقة الكهروضوئية في الولايات المتحدة الأمريكية والهند، من المتوقع أن تحافظ الصين على حصتها التي تتراوح بين 80% و95% من سلسلة الإمداد العالمية للطاقة. بالإضافة إلى السيارات الكهربائية وبطاريات الليثيوم- أيون، زادت صادرات المنتجات الكهروضوئية الصينية بنحو 30% خلال العام الماضي.

تأسست شركة لونجي في عام 2000، وهي أكبر شركة مصنعة للطاقة الشمسية في العالم، وتستخدم تقنياتها الآن على نطاق واسع في الصناعة. خلال حلقة النقاش المشار إليها أعلاه، قال تشونغ باو شن، رئيس شركة لونجي، إن تكلفة توليد الطاقة الكهروضوئية هي الأقل مقارنة بالطرق الأخرى لتوليد الطاقة.

كما تعمل شركات الطاقة التقليدية العملاقة في الصين على التحول إلى الطاقة الخضراء. قال هوانغ يونغ تشانغ، رئيس شركة بتروتشينا، أكبر منتج للنفط والغاز في الصين، إن الطاقة الجديدة أصبحت الآن أحد الأعمال الرئيسية للشركة. وتسعى بتروتشينا إلى التطوير المنسق للطاقة الشمسية وطاقة الرياح والهيدروجين وغيرها من مصادر الطاقة الجديدة. ومن أجل تحقيق التحول الأخضر والمنخفض الكربون، حددت بتروتشينا نهجها المتمثل في "البديل النظيف، والإحلال الإستراتيجي، والتنمية الخضراء". قال هوانغ: "وضعنا خطة كبيرة. فبحلول عام 2025، ستشكل الطاقة الجديدة 7% من إجمالي إنتاجنا، وبحلول عام 2035، ستمثل الطاقة الجديدة ثُلث إجمالي إنتاجنا."

أنشأت شركة بتروتشينا معهد أبحاث في مدينة شنتشن يركز على الطاقة الجديدة. كما نفذت الشركة العديد من مشروعات الطاقة الجديدة، بما في ذلك مشروع محطة الطاقة الكهروضوئية بقدرة مائتي ميغاوات في حقل يويمن النفطي في شمال غربي الصين في عام 2021. ومن المتوقع أن تقلل المحطة بعد تشغيلها بكامل قدرتها ما يعادل 280 ألف طن من الانبعاثات سنويا.

قال يوي بينغ، رئيس الشركة الصينية للاستثمار في الطاقة، إن الشركة تعمل على تعزيز التحول الأخضر والمنخفض الكربون في أعمالها المتعلقة بالفحم والطاقة والكيماويات والنقل. يبلغ إجمالي قدرة الطاقة المركبة للشركة ثلاثمائة وعشرين مليون كيلووات، بينما يصل إجمالي قدرة الطاقة المتجددة المركبة إلى أكثر من مائة مليون كيلووات. وتخطط الشركة لزيادة حصة الطاقة المتجددة المركبة إلى أكثر من 40% بحلول عام 2025.

بالإضافة إلى ذلك، أنشأت الشركة الصينية للاستثمار في الطاقة أكبر منشأة في آسيا لاحتجاز الكربون واستخدامه وتخزينه لقطاع توليد الطاقة باستخدام الفحم، في مدينة تايتشو بمقاطعة جيانغسو الواقعة في شرقي الصين في عام 2023. وستقوم المنشأة باحتجاز خمسمائة ألف طن من ثاني أكسيد الكربون كل عام، والتي يمكن استخدامها من قبل شركات تصنيع الأغذية والشركات الأخرى.

في عام 2023، شكل استهلاك الطاقة النظيفة في الصين 4ر26% من إجمالي استهلاكها للطاقة، بزيادة بلغت نسبتها 4ر0% على أساس سنوي. ومع مواصلة تعزيز تحول الطاقة في الصين، ستشدد الصين السيطرة على استهلاك الوقود الأحفوري، وستعمل على تشكيل نظام جديد للطاقة بشكل أسرع.

التحديات الناجمة عن الحمائية

حققت الصين منجزات كثيرة في التحول إلى الطاقة المنخفضة الكربون، وقدمت مساهمات عديدة للعالم في هذا المجال. وفقا للبيانات الصادرة عن الوكالة الدولية للطاقة، زادت الإضافات السنوية العالمية للطاقة المتجددة إلى ما يقرب من 510 غيغاوات في عام 2023، بزيادة بلغت نسبتها 50% تقريبا، من بينها ساهمت الصين بأكثر من النصف. وفقا لاتجاهات الاستثمار في تحول الطاقة لعام 2024 الصادرة عن شركة "بلومبرغ إن إي إف"، كانت الصين أكبر مساهم في الاستثمار في تحول الطاقة في عام 2023، حيث شكلت 38% من الإجمالي العالمي البالغ 676 مليار دولار أمريكي.

لكن لا تزال هناك بعض التحديات أمام التعاون الدولي في مجال تحول الطاقة، والحمائية هي أحد التحديات الرئيسية. قال كريستيان بروخ، الرئيس التنفيذي لشركة سيمنس للطاقة، إن التعاون يعد عاملا ضروريا لبناء البنية التحتية الجديدة للطاقة بشكل أسرع. وبينما تقوم البلدان بحماية صناعاتها من ناحية، فإنها من ناحية أخرى تعتمد على سلسلة التوريد العالمية والبنية التحتية العالمية. وأضاف بروخ: "يجب تحقيق التوازن لبناء صناعة مرنة، كما ينبغي إفساح المجال لصناعة الطاقة لتثبت قدرتها على تحقيق المزيد من المنجزات في تشكيل نظام طاقة مرن من خلال التعاون."

قال تشونغ باو شن، إن صناعة الطاقة الكهروضوئية الصينية قدمت مساهمات كبيرة في تحول الطاقة في أنحاء العالم، وتكافح الحواجز التجارية التي أقامتها الدول الغربية ودول أخرى. أصبحت صناعة الطاقة الكهروضوئية قوية اليوم بفضل التعاون الدولي. وأكد تشونغ باو شن على أنه من المستحيل تسريع تحول الطاقة وخفض التكلفة إلا من خلال التعاون.

على الرغم من التباينات المختلفة، تتوصل البلدان في جميع أنحاء العالم تدريجيا إلى توافق في الآراء بشأن التحول إلى الطاقة الخضراء والمنخفضة الكربون. وفي الوقت الذي تسعى فيه الدول إلى تحقيق أهدافها في مجال الطاقة، يبدو أن الأهم هو أن تتخلى عن الحمائية وأن تستفيد من المحركات الجديدة لبناء عالم أكثر اخضرارا.