تشكيل قوى منتجة حديثة النوعية عملية تبدأ بالابتكار التكنولوجي، وتعتمد على تحويل الصناعات التقليدية وتنمية الصناعات الجديدة، وتحقق قفزة نوعية في تحسين القوى الإنتاجية. تشكل شانغهاي دافعا مركزيا بواسطة الابتكار التكنولوجي لإعادة تشكيل الصناعات التقليدية وفتح مسارات جديدة للصناعات، مما جعلها تحتل المرتبة الأولى في صناعات مختلفة على الصعيدين الصيني والعالمي، وتبتكر منتجات فريدة في العالم، مما ساعد على تحسين القوى الإنتاجية بشكل شامل، وتحقيق قفزة جديدة في تطوير قوى منتجة حديثة النوعية.
الابتكار التكنولوجي يضخ حيوية في الصناعات التقليدية
تستخدم الشركات في شانغهاي التقنيات الرقمية والخضراء لتعزيز تحويل الصناعات التقليدية وترقيتها، حيث تبتكر باستمرار منتجات وعمليات ونماذج جديدة في صناعات المواد والطاقة النووية والسفن ومعدات الموانئ والكهرباء والإلكترونيات وغيرها، كما تحقق إعادة تعريف الصناعات التقليدية وتشكيلها عبر ابتكار التقنيات، فنجحت في تحسين الكفاءة وزيادة الأرباح بشكل كبير. إن هذه الإنجازات تظهر جهود شانغهاي في الابتكار التكنولوجي المتجذر في تطوير الصناعات خلال العقود الماضية. الابتكار التكنولوجي عملية تحدث بين عشية وضحاها، بل هو نتيجة للاستثمار وتراكم الخبرات وتحديث التقنيات باستمرار على المدى الطويل. خلف تشكيل قوى منتجة حديثة النوعية في شانغهاي، هناك العديد من القصص حول الإصرار على الابتكار وتحقيق النجاح. مثلا، شرعت المدينة في بناء منشأة شانغهاي الإشعاع السنكروتروني (SSRF) في الخامس والعشرين من ديسمبر عام 2004، وتم افتتاحها رسميا في السادسمن مايو عام 2009؛ وتم إكمال عملية الرقمنة في قسم الدلفنة الباردة التابع لشركة باوشان للحديد والصلب المحدودة (باوستيل) من خلال جهود استمرت عشر سنوات؛ وتم تشغيل أول سفينة سياحية كبيرة محلية " أدورا ماجيك سيتي" بعد ثماني سنوات من البحث العلمي وخمس سنوات من التصميم. وتتبنى شركة الطاقة النووية التابعة لشركة شانغهاي الكهربائية مفهوم "تحسين التقنيات القديمة ومعالجة المشكلات الحالية والتطوير للمستقبل" لتواصل الابتكار التكنولوجي، وتحقق اختراقات كبيرة في الابتكار التكنولوجي كل عام. تعتمد شانغهاي على الابتكار التكنولوجي لتحسين الصناعات التقليدية، وتغتنم فرص تطوير التكنولوجيا الذكية والطاقة الخضراء خلال الجولة الجديدة للثورة التكنولوجية والصناعية، وتمكنت من ضخ حيوية جديدة في الصناعات التقليدية.
حشد موارد الابتكار التكنولوجي ودمجها لتطوير الصناعات الناشئة والصناعات المستقبلية
يعد دمج التخصصات المتعددة والاختراقات التكنولوجية من السمات المهمة للجولة الجديدة للثورة التكنولوجية والصناعية. يتطلب تطوير الصناعات الناشئة والقطاعات الصناعية المستقبلية المزيد من الابتكارات المتقدمة وإعادة تنظيم وتجميع عوامل الإنتاج على مستوى أعلى. إن تطوير بيئة الابتكار التي تتميز بتنوع الموارد والكيانات المترابطة هو الشرط الأساسي لخلق قوى منتجة حديثة النوعية. تستفيد شانغهاي من مزاياها في الموارد التعليمية والعلمية الغنية والأساس الصناعي الجيد، وتضخ طاقة أكبر في تنمية قوى منتجة حديثة النوعية على المستويات الكلية والمتوسطة والجزئية.
على المستوى الكلي؛ تُعد شانغهاي مركزا اقتصاديا وماليا وتجاريا وتكنولوجيا ومركزا للشحن، حيث تتفاعل تلك العوامل الخمسة مع بعضها البعض، مما يحقق التأثير التآزري. على سبيل المثال، تعتمد شانغهاي على مزاياها كمركز مالي دولي لبناء نظام مالي تكنولوجي متكامل على أساس دورة حياة الابتكار التكنولوجي، وتوفر السياسات المبتكرة مثل تأسيس بورصة الشركات الصغيرة والمتوسطة المتخصصة في التكنولوجيا الفائقة، والنقاط التجريبية الشاملة لخدمات خيارات الأسهم، وتقديم "قروض شانغهاي الخاصة لابتكار التكنولوجيا" و"إعانات شانغهاي الخاصة لابتكار التكنولوجيا" لإعادة التمويل وغيرها، من أجل توفير الضمان المالي للشركات التكنولوجية في شانغهاي.
على المستوى المتوسط؛ بنت شانغهاي حاضنات الأعمال والمناطق العالية الجودة، مثل منطقة خليج الصفر الكبير (Grand Zero Bay) وتجمع "موسو كونغجيان" للابتكار وغيرهما، لدمج سلاسل الابتكار والصناعة والتمويل والموارد البشرية بشكل عميق، مما يخلق فرصا جديدة خلال عملية الدمج. تركز منطقة خليج الصفر الكبير على جمع موارد الابتكار، وتستقر فيها جامعة جياوتونغ وجامعة هوادونغ للمعلمين وأكثر من عشرة معاهد للأبحاث وحوالي مائتي مؤسسة بحثية على المستوى الوطني ومستوى المدينة، وتم تشكيل آلية تعاون بين الجامعتين ومعاهد الأبحاث وشركات التكنولوجيا الرائدة والحكومة، وتحتضن المنطقة أكثر من أربعة آلاف شركة متخصصة في التقنيات الرئيسية والأساسية، منها مائة وسبع وثلاثون شركة بقيمة أكثر من مائة مليون يوان (الدولار الأمريكي يساوي 3ر7 يوانات حاليا)، وثلاث وأربعون شركة منها بقيمة أكثر من عشرة مليارات يوان، وقد ظهرت علامات تجارية مشهورة للروبوتات التعاونية في العالم مثل شركة جاكا (JAKA) للروبوتات. تعتمد منطقة شيقو للأجهزة الطبية المبتكرة على مركز رويجين الوطني للابتكار الطبي لاستكشاف نماذج "الطب+ الصناعة" و"المستشفى+ المصنع" و"الأطباء+ المهندسين"، مما يربط تجديد التقنيات بتطبيقها وتكرارها، ويخلق ابتكارات اختراقية مثل نظام العلاج البروتوني. اجتذب تجمع "موسو كونغجيان" للابتكار شركات متخصصة في التكنولوجيا الأساسية وأبحاث التطبيقات وتصميم السيناريوهات ودعم القوة الحاسوبية وتسويق المنتجات، من خلال إنشاء منصات لإدارة القوة الحاسوبية والبيانات المفتوحة وخدمات التقييم والخدمات المالية والخدمات الشاملة، الأمر الذي أدى إلى تشكيل بيئة ابتكارية كاملة واسعة النطاق لنماذج الذكاء الاصطناعي.
على المستوى الجزئي؛ اجتذبت شانغهاي الأكفاء من أنحاء العالم من خلال إنشاء المنصات الراقية من أجل تعزيز الجهود للتقدم نحو طليعة العالم من حيث العلوم والتكنولوجيا. في عصر العلوم الكبرى، لا يمكن تحقيق الاختراقات الأصلية بدون توفير البنية التحتية الأساسية للتقنيات المهمة. قام معهد تسونغ- داو لي (Tsung-Dao Lee Institute) ببناء المنصة التجريبية للفيزياء الفلكية المختبرية (Experimental Platform for Laboratory Astrophysics) والمنصة التجريبية للمواد الطوبولوجية (Experimental Platform for Topological Materials) ومنصة الحوسبة العامة (Public Computing Platform)، وتم بناء منشأة الإشعاع السنكروتروني لتقديم خدمات للبحوث العلمية المتقدمة في العالم. والأهم من ذلك، أن هذه المنصات تعزز البحث والتبادل والتعاون بين كبار العلماء من جميع أنحاء العالم في شانغهاي، كما توفر مزايا لجذب الشركات في القطاعات الصناعية المستقبلية مثل الطب الحيوي والمواد الجديدة والطاقة الجديدة، للاستقرار في شانغهاي.
مواصلة تحسين البيئة الابتكارية لضخ المزيد من القوة التكنولوجية لتشكيل قوى منتجة حديثة النوعية
في المستقبل، ستتمسك شانغهاي بالتركيز على ابتكار التقنيات وتكاملها على أساس مزاياها، لتوفير القوة الدافعة المستمرة لتطوير قوى منتجة حديثة النوعية. أولا، يجب زيادة الاستثمارات في الابتكار التكنولوجي في المجالات الأساسية والمتقدمة، مثل الجيل السادس والذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا الكمومية وغيرها، كما يجب تحسين نظام سلسلة الابتكار الكاملة لإرساء الأساس التكنولوجي لخلق المزايا في القطاعات الصناعية المستقبلية. ثانيا، ينبغي تحسين سياسات الدعم والمكافآت للابتكار التكنولوجي، الذي يتسم بالدورات الطويلة والمخاطر والقيمة العالية، لتحفيز الباحثين على إجراء الأبحاث الطويلة الأمد حول المسائل الرئيسية المهمة وتوجيه الرأسمال الصبور للاستثمار في شركات الناشئة والمشروعات الصغيرة والتقنيات الصلبة. ثالثا، يجب إنشاء المزيد من المنصات والوسائط التي يمكن أن تجمع عناصر الابتكار العالية الجودة وكيانات المنبع والمصب في سلسلة الابتكار والسلسلة الصناعية، كما يجب تحسين آليات الابتكار لترابط واندماج الشركات الابتكارية، مما يوفر بيئة ابتكار جديدة لدعم قوى منتجة حديثة النوعية.
ــــــ
سو نان، باحثة في الأكاديمية الصينية للعلوم والتكنولوجيا من أجل التنمية.