تمثل التنمية الخضراء لون الخلفية للتنمية العالية الجودة، بينما القوى المنتجة الحديثة النوعية هي ذاتها قوة منتجة خضراء. تسير القوى المنتجة الحديثة النوعية والتنمية الخضراء جنبا إلى جنب. ومن ثم، ينبغي التركيز على تعزيز التنمية المنسقة للتحول الرقمي والتحول الأخضر، ودعم الابتكار التمويلي للمؤسسات الناشئة في مجال التكنولوجيا الخضراء.

العلاقة بين القوى المنتجة الحديثة النوعية والتنمية الخضراء

ترتبط القوى المنتجة الحديثة النوعية والتنمية الخضراء ارتباطا وثيقا، ويسيران جنبا إلى جنب. فمن ناحية، تلبي الصناعات التي تركز على تحقيق التنمية الخضراء بشكل أساسي متطلبات التنمية لتنشئة القوى المنتجة الحديثة النوعية، ولها خصائص خضراء ورقمية ومنخفضة الكربون، مثل الطاقة النظيفة والتقنيات الخالية من الكربون والسلبية الانبعاثات، والتي لا تمثل اتجاها مهما للتنمية العالية الجودة للاقتصاد الصناعي فحسب، وإنما أيضا تنطبق على تنشئة قوى منتجة حديثة النوعية. ومن ناحية أخرى، يشتمل هدف التنمية الخضراء أيضا على التحول الأخضر للصناعات العالية الانبعاثات، وتتوافق القوى المنتجة الحديثة النوعية مع اتجاه التحول الأخضر للارتقاء بالصناعة التحويلية التقليدية.

من منظور التنمية الخضراء، فإن القوى المنتجة الحديثة النوعية ينبغي أن تراعي الاتجاهات التالية:

أولا، التركيز على تعزيز التنمية المنسقة للتحول الرقمي والتحول الأخضر. تُعد زيادة الاستثمار في الابتكار التكنولوجي والتحول الرقمي أحد مفاتيح تطوير القوى المنتجة الحديثة النوعية. كما أن إدراج أهداف الإنتاج الأخضر، مثل الاستهلاك المنخفض والكفاءة العالية في التصنيع المتقدم وإنترنت الأشياء والذكاء الاصطناعي والتحديثات التكنولوجية الأخرى، يرفع بشكل كامل كفاءة الإنتاج ويلبي المتطلبات الشاملة للقوى المنتجة الحديثة النوعية.

ثانيا، زيادة مؤشرات تقييم الصناعة المتعلقة بالقوى المنتجة الحديثة النوعية، والاهتمام بالمكانة الحاسمة لمؤشرات مثل مستوى استخدام الطاقة ومستوى انبعاثات التلوث في إدارة التكاليف، وإدراجها في تقييم المسؤولية الاجتماعية. إن القوى المنتجة الحديثة النوعية لها تأثير انتشاري فيما يتعلق بتحمل المسؤولية الاجتماعية. كما أن تحسين شفافية المؤسسات يعد أيضا جزءا من تطوير القوى المنتجة الحديثة النوعية، مع التركيز على الفوائد الاجتماعية والفوائد البيئية، وهذا سيساعد على تعزيز التنمية المستدامة للصناعة بأكملها.

ثالثا، تعزيز الابتكار التمويلي للمؤسسات الناشئة في مجال التكنولوجيا الخضراء، والمؤسسات الصغيرة والمتناهية الصغر والمؤسسات الخاصة المشاركة في البحث والتطوير في مجال التكنولوجيا الجديدة، فهي أيضا محركات مهمة لتطوير القوى المنتجة الحديثة النوعية، وتحتاج إلى تلبية احتياجاتها التمويلية بالكامل وتعزيز مشاركة المؤسسات المعنية في أنشطة التمويل الأخضر.

مواصلة تخفيض استهلاك الطاقة لكل وحدة من الناتج المحلي الإجمالي

في العقد الماضي، واصلت الصين رفع كفاءة وجودة التنمية الاقتصادية وكفاءة استخدام الطاقة، والحد من هدر الموارد، والحد بشكل كامل من استهلاك الموارد والتأثير البيئي مع تحقيق النمو الاقتصادي. في عام 2021، تم تخفيض استهلاك الطاقة في الصين لكل وحدة من الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 4ر26% مقارنة بعام 2012، بمتوسط انخفاض سنوي قدره 3ر3%. وقد حدد تقرير عمل الحكومة هذا العام هدف تخفيض استهلاك الطاقة لكل وحدة من الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 5ر2%، وهو ما يوضح تماما أهمية التنمية العالية الجودة للتحديث الصيني النمط.

يتماشى تخفيض استهلاك الطاقة لكل وحدة من الناتج المحلي الإجمالي مع متطلبات تنمية "القوى المنتجة الحديثة النوعية" التي تم التأكيد عليها في تقرير عمل الحكومة هذا العام، مما يدفع ويعزز الابتكار الصناعي والتكنولوجي، وهذا يعني تحقيق استخدام أكثر كفاءة للموارد في عملية تنشئة القوى المنتجة الحديثة النوعية، وبالتالي تعزيز تغييرات جديدة النوعية في القوى المنتجة. من خلال إدخال التقنيات المتقدمة والابتكار في أساليب الإنتاج، ستصبح المؤسسات قادرة على تعظيم إنتاجها النهائي مع تقليل استهلاك الطاقة. ستكون طريقة الإنتاج العالية الفعالية هذه أحد المحركات التي تدفع القوى المنتجة الحديثة النوعية، مما يتيح للمؤسسات تحقيق نمو كبير مع الحد من معدل استهلاك الموارد.

مع بقاء ست سنوات فقط قبل بلوغ هدف ذروة الكربون في عام 2030، بدأ العد التنازلي لذروة الكربون، ولابد من استكشاف مسار لتحسين كفاءة الإنتاج بشكل كامل. في الوقت نفسه، بعد تحقيق هدف ذروة الكربون، تحتاج الصين إلى تحقيق الحياد الكربوني في غضون 30 عاما، بمتوسط خفض سنوي لانبعاثات الكربون يبلغ حوالي 400 مليون طن، وهو ما يعادل انبعاثات الكربون الحالية للمملكة المتحدة لمدة عام كامل. فقط من خلال استكشاف وتشكيل طرق ومسارات إنتاج نظيفة ومنخفضة الكربون في أقرب وقت ممكن، يمكننا توفير زخم كاف للانخفاض المطرد في انبعاثات الكربون بعد الذروة.

توسيع نطاق القطاعات التي تغطيها سوق الكربون الوطنية

تعمل سوق الكربون الوطنية، منذ إنشائها، بشكل سلس وسليم لأكثر من عامين، وتطلق باستمرار زخما لتخفيض الانبعاثات من خلال آليات السوق. ومن شأن توسيع نطاق القطاعات التي تغطيها سوق الكربون وإدخال المزيد من المؤسسات في نظام تجارة الكربون، أن يساعد المزيد من القطاعات على تحمل مسؤولية إدارة انبعاثات الكربون والتخفيف من آثار تغير المناخ، وتحفيز المؤسسات على أخذ زمام المبادرة لاعتماد تقنيات منخفضة الكربون وممارسات السوق للتنمية المستدامة. ومع اتساع نطاق تغطية سوق الكربون، سيكون لدى المزيد من المؤسسات حافز كبير لاتخاذ تدابير ملموسة لخفض الانبعاثات للامتثال لمتطلبات سوق الكربون، وبالتالي تعزيز تنمية الصناعة ككل في اتجاه أكثر صداقة للبيئة.

في بداية إطلاق سوق الكربون الوطنية، تم تضمين حوالي 2162 مؤسسة من قطاع الطاقة الكهربائية، وشكل قطاع الطاقة الكهربائية حوالي 40% من انبعاثات الكربون. وفي عملية تسريع توسع سوق الكربون الوطنية، سوف يتم تضمين القطاعات الرئيسية الثمانية، وهي توليد الطاقة الكهروحرارية ومواد البناء والصلب والمعادن غير الحديدية والبتروكيماويات والكيماويات وصناعة الورق والطيران، التي تمثل 75% من انبعاثات الكربون. ووفقا لتقديرات القطاعات، قد تدخل قطاعات الصلب والبتروكيماويات ومواد البناء سوق الكربون في وقت مبكر. في الوقت الحاضر، يكمن المفتاح فيما إذا كانت أطر حصص الكربون، ومحاسبة الكربون، وأنظمة التجارة في القطاعات المعنية ناضجة وكاملة، ومدى استعدادها التام لتوقيت توسيع السوق.

التجارة الخضراء

يقترح تقرير عمل الحكومة لعام 2024 "توسيع الانفتاح العالي المستوى على الخارج" ويقول إن التجارة الخضراء هي نقطة نمو جديدة للتجارة الخارجية. وفي ظل متطلبات الانفتاح الانفتاح العالي المستوى، تنعكس التجارة الخضراء بشكل رئيسي في التجارة الدولية للسلع الخضراء والخدمات الخضراء.

إن تنمية التجارة الخضراء لها أهمية كبيرة للتنمية الاقتصادية لبلادنا.

أولا، تشكل التجارة الخضراء نقطة نمو جديدة لصادرات الصين التجارية. وفقا لـ((تقرير تنمية التجارة الخضراء في الصين 2023))، حافظ حجم التجارة الخضراء في الصين بشكل أساسي على اتجاه النمو في السنوات الأخيرة، بمتوسط معدل نمو سنوي قدره 18ر3% من عام 2013 إلى عام 2022، بينما زادت النسبة العالمية بمقدار 3ر2%. إذا أخذنا المنتجات الخضراء كمثال، في عام 2023، أصبح تصدير مركبات الطاقة الجديدة وبطاريات الليثيوم والخلايا الشمسية قوة دافعة جديدة للتجارة الخارجية، بإجمالي صادرات بلغ 06ر1 تريليون يوان (الدولار الأمريكي يساوي 1ر7 يوانات تقريبا حاليا)، بزيادة إجمالية بلغت نسبتها 9ر29%. في المستقبل، في عملية التحول الأخضر للسلسلة الصناعية وسلسلة التوريد في الصين، ستحقق المزيد والمزيد من المنتجات والخدمات الخضراء التي تلبي معايير التنمية المستدامة العالمية نموا عالي الجودة في الصادرات.

ثانيا، تساعد منتجات وخدمات التجارة الخضراء ذات القيمة المضافة العالية والتكنولوجيا الفائقة والتنمية المستدامة على تحسين هيكل قطاع التصدير، وتوسيع الطلب الخارجي، واحتلال المزيد من حصة سوق المنتجات الخضراء العالمية. في الداخل، يمكن أن تدفع المزيد من الابتكار والتطوير للتكنولوجيا الخضراء، وتعزز القدرة التنافسية الشاملة للمؤسسات في السوق العالمية من خلال تحسين الشعور بالمسؤولية الاجتماعية للمؤسسات. إن أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة لها تأثير عميق على أنشطة الإنتاج والتجارة في القرن الحادي والعشرين، ومن الممكن أن يؤدي تحول الصين إلى دولة قائدة عالميا في التجارة الخضراء إلى تعزيز سمعة الصين الدولية واكتسابها ميزة تنافسية، حيث بدأ المزيد والمزيد من البلدان والشركات المتعددة الجنسيات يدرك أن حماية البيئة والاستدامة أصبحتا عاملين رئيسيين في جذب الاستثمار الدولي والشركاء التجاريين.

--

ليو جين تاو، باحث مساعد في معهد تشونغيانغ للدراسات المالية في جامعة رنمين الصينية.