يُعرف المعداد الصيني بأنه خامس "أعظم اختراع صيني" (الاختراعات الأربعة العظيمة للصين هي: صناعة الورق والطباعة والبوصلة والبارود)، ويعد جزءا مهما من الثقافة الصينية التقليدية. مخترع المعداد هو الفلكي والرياضي المشهور في أسرة هان الشرقية (25- 220م) ليو هونغ. على مدى أكثر من ألف وثمانمائة عام، يُستخدم المعداد على نطاق واسع يمتد من الحياة اليومية إلى علم الفلك، كأداة حساب سهلة. يجسد المعداد الذكاء غير المحدود للقدماء الصينيين المجتهدين، ويعد سجلا للتغيرات التي شهدها المجتمع الصيني والتطور العلمي والتنمية الاقتصادية والتقدم الحضاري للصين على مر العصور. وفي خضم التبادلات الثقافية والتجارية، عرفته الدول والمناطق المجاورة للصين.

مع التطور السريع للعلوم والتكنولوجيا الحديثة، ربما لم يعد المعداد يلعب دورا مهما، غير أنه يظل مهارة قديمة ترفع القدرة على الحساب، والأهم أنه يعكس الفكر الفلسفي والجمالي العميق للصينيين الأذكياء، وينشر الضوء الساطع للحضارة الصينية، كونه أحد رموز الثقافة الصينية التقليدية.

في أكتوبر عام 2013، طرحت الصين مبادرة "الحزام والطريق" المهمة رسميا، سعيا إلى تعظيم روح طريق الحرير القديم وتطوير علاقات التعاون الاقتصادي مع شركائها، لبناء مجتمع المصلحة المشتركة ومجتمع المستقبل المشترك ومجتمع المسؤولية المشتركة، الذي يقوم على الثقة السياسية المتبادلة والتكامل الاقتصادي والشمول الثقافي من خلال الجهود المشتركة.

في ديسمبر من نفس العام، أُدرج المعداد الصيني رسميا في قائمة التراث الثقافي العالمي غير المادي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو)، مما جعل المزيد من الناس يعرفون أهمية وقيمة الحساب بالمعداد في تطور التاريخ العالمي وتطور الحضارة البشرية. وفي العصر الجديد، يتعانق المعداد الصيني القديم وطريق الحرير في نقطة التقاء جديدة ثقافيا وتجاريا، الأمر الذي يكشف عن آفاق غير محدودة لتوارث وتعظيم الثقافة الصينية.

في الفترة من التاسع والعشرين من إبريل حتى الخامس من مايو عام 2024، وكجزء من معرض ((الصين اليوم)) للتراث الثقافي غير المادي في معرض أبوظبي الدولي للكتاب، قدم جناح المعداد الصيني عرضا لمسيرة تطور تاريخ وثقافة المعداد على نحو شامل وشهد تجارب تفاعلية متنوعة من الجمهور. وقد شرف جناح المعداد بزيارة كل من السيد دو تشان يوان رئيس المجموعة الصينية للإعلام الدولي، والسيد تشانغ يي مينغ سفير الصين لدى الإمارات، حيث أجريا تبادلات ونقاشات عميقة بشأن النشر العالمي لثقافة المعداد الصيني.

السياسات تدفع توجه ثقافة المعداد نحو الخارج

طُرحت مبادرة "الحزام والطريق" المهمة في عام 2013، مما فتح صفحة جديدة للتبادلات الثقافية على طريق الحرير. في عام 2022، أصدرت وزارة التجارة الصينية وغيرها من ست وعشرين وزارة ولجنة صينية ((مقترحات بشأن دفع التنمية العالية الجودة للتجارة الثقافية الخارجية)) التي أشارت بوضوح إلى البناء المشترك لـ"الحزام والطريق" ودفع بناء مجتمع المستقبل المشترك للبشرية، وتيسير قناة التعاون الدولي، وتعزيز التعاون العملي بين الشركات الصينية والأجنبية، ودفع التبادلات الثقافية الخارجية وغير ذلك.

بفضل إرشاد سلسلة من المبادرات والسياسات المعنية، بدأ مد نشر الثقافة الصينية إلى الخارج، فظهرت دفعة كبيرة من المؤسسات الخاصة في مجال ثقافة وتعليم الحساب بالمعداد، وأطلقت العنان لقوتها في إضافة قوة حيوية جديدة إلى نشر ثقافة الحساب بالمعداد في العالم. وتعمل المؤسسات الخاصة في مجال تعليم الحساب الذهني باستخدام المعداد والتي تمثلها مجموعة شنموه للتعليم، على نشر ثقافة الحساب بالمعداد وتعميم الحساب الذهني باستخدام المعداد في أنحاء العالم. وفقا للإحصاءات غير الكاملة، أسست مجموعة شنموه للتعليم شبكة تعليم الحساب الذهني باستخدام المعداد والتي تركز على آسيا وأفريقيا وتغطي أوروبا وأمريكا الشمالية ومنطقة الشرق الأوسط وغيرها، ومنحت توكيلات لمؤسسات في أكثر من مائة دولة للقيام بتعليم الحساب الذهني باستخدام المعداد وثقافة وتاريخ المعداد الصيني، وتقوم بالتعليم في أكثر من ثمانمائة مدرسة في أكثر من خمسين دولة، وتجاوز عدد دارسي الحساب الذهني باستخدام المعداد خارج الصين تسعين ألفا. لقد أضحى المعداد الصيني تيارا قويا لتعلم ثقافة الحساب بالمعداد والثقافة الصينية التقليدية.

إظهار قوة الطلاب الوافدين

في السنوات الأخيرة، اختار عدد متزايد من الشباب من الدول المشاركة في بناء "الحزام والطريق" الدراسة في الصين. وفي عملية نشر ثقافة الحساب الذهني باستخدام المعداد خارج الصين، طورت مجموعة شنموه إستراتيجية "تدريب المدرّبين" تدريجيا، مع التركيز على قوة الطلاب الوافدين إلى الصين في نشر ثقافة الحساب بالمعداد خارج الصين.

جوهر إستراتيجية "تدريب المدرّبين" هو تنظيم الطلاب الوافدين الممتازين في الصين عبر قنوات مختلفة للانضمام إلى مجموعة شنموه، والمشاركة في نشاطات ثقافية تجريبية متنوعة، لمساعدتهم على معرفة المعداد وثقافته والثقافة الصينية التقليدية، وتشجيعهم على تأسيس مشروعات يكون المعداد محورها، من خلال فتح فروع لمجموعة شنموه بعد عودتهم إلى بلادهم. بعد إطلاق إستراتيجية "تدريب المدرّبين" في عام 2018، جذبت هذه الإستراتيجية دفعة كبيرة من الطلاب الوافدين المهتمين بالحساب الذهني باستخدام المعداد والثقافة الصينية التقليدية، وأصبح كثير منهم معجبين بثقافة الحساب بالمعداد. الآن، ينتشر مروّجو الحساب بالمعداد لمجموعة شنموه في أكثر من عشر دول أفريقية، وكلهم من الطلاب الوافدين الأفارقة.

بيتر طالب وافد، ويُعد ممثلا ممتازا للطلاب الوافدين الذين يدرسون الحساب بالمعداد وينشرون ثقافته. جاء بيتر من رواندا إلى الصين في عام 2018 للدراسة في جامعة بكين للعلوم والتكنولوجيا للحصول على درجة الماجستير. خلال فترة دراسته، عرف مشروع تبادل ثقافة الحساب بالمعداد لمجموعة شنموه، ووقع في حب تلك الثقافة. وفي نفس العام، قرر أن يفتح نافذة لتعليم الحساب بالمعداد في مسقط رأسه، لإتاحة فرصة للأطفال هناك لتلقي الموارد التعليمية المتقدمة، ومعرفة ثقافة الحساب بالمعداد، كجزء من الثقافة الصينية التقليدية المفعمة بالذكاء.

خلال فترة الدراسة في الصين، بدأ بيتر قضية تعليم الحساب بالمعداد ونشر ثقافته من خلال التعليم عن بعد. الآن، يتجاوز عدد الطلاب الذين يدرسون الحساب بالمعداد في مدرسة شنموه في رواندا ألف شخص كل سنة، ويتعاظم عدد الأطفال في رواندا المفتونين بسحر ثقافة الحساب بالمعداد. بالإضافة إلى ذلك، نقل الطلاب الوافدون من قرغيزستان وإندونيسيا وتانزانيا وناميبيا ومالي وزامبيا وغيرها من الدول الآسيوية والأفريقية الحساب بالمعداد إلى بلادهم من خلال إستراتيجية "تدريب المدرّبين". وأصبح الحساب بالمعداد تراثا ثقافيا غير مادي ساطعا في ربوع أفريقيا الشاسعة.

نشاطات التبادل الثقافي الرائعة

المسابقات الودية والنشاطات الدولية المختلفة الأشكال لثقافة الحساب بالمعداد طريقة مهمة لدفع تبادل ونشر ثقافة الحساب بالمعداد. وعلى سبيل المثال، شارك في مسابقة الحساب الذهني باستخدام المعداد ونشاطات عرض المواهب والتي نظمتها الدول المشاركة في بناء "الحزام والطريق"، الكثير من الطلاب والباحثين والشغوفين بالحساب بالمعداد من أنحاء العالم.

تنظم مدارس شنموه في ماليزيا وسنغافورا وميانمار وقرغيزستان وإندونيسيا وإيران ورواندا ونيجيريا وغيرها من الدول، مسابقة كأس شنموه للحساب الذهني باستخدام المعداد كل سنة، ويشارك فيها آلاف الطلاب. تقام أضخم المسابقات في ماليزيا وأفريقيا. وقد أقيمت تسع دورات لمسابقة كأس شنموه للحساب الذهني باستخدام المعداد في ماليزيا، وبفضل المستوى الاختصاصي والناضج للمسابقة وتأثيرها الواسع والعميق، أصبحت مسابقة محلية مهمة للحساب الذهني باستخدام المعداد، ومعترف بها من قبل وزارة التعليم الماليزية. أما مسابقة كأس شنموه للحساب الذهني باستخدام المعداد في أفريقيا، فيشارك فيها طلاب من أكثر من ثلاثين دولة أفريقية. يمكن القول إن المسابقات الدولية للحساب الذهني باستخدام المعداد أضحت منصة مهمة للاتصال المتبادل والتبادل الثقافي والتنمية المشتركة لمحبي ثقافة الحساب بالمعداد في العالم.

علاوة على مسابقات الحساب الذهني باستخدام المعداد، تقام نشاطات ومؤتمرات متنوعة لتبادل ثقافة الحساب بالمعداد، ومنها المعارض والمحاضرات والتجارب التفاعلية الابتكارية والرحلات الدراسية للتبادل الدولي لثقافة الحساب بالمعداد، فيجتمع محبو ثقافة الحساب بالمعداد تحت سقف واحد لمناقشة أسرار وسحر ثقافة الحساب بالمعداد.

إعداد الأكفاء وإقامة المتاحف لتوارث الحساب بالمعداد

لا ينفصل انتشار ثقافة الحساب بالمعداد عن أكفاء تعليم وتوارث هذه الثقافة. تعقد مجموعة شنموه عشرات النشاطات، مثل الدورات التدريبية الدولية ومؤتمرات رؤساء المدارس ومؤتمرات الحوار وغيرها كل سنة، تمحورا حول تعليم الحساب بالمعداد ونشر تاريخه وثقافته وغير ذلك من الموضوعات، ويشارك في هذه النشاطات المئات من رؤساء ومعلمي المدارس في آسيا وأوروبا وأفريقيا.

بالإضافة إلى ذلك، تعمل مجموعة شنموه على توارث ثقافة الحساب بالمعداد من خلال إقامة متاحف الحساب بالمعداد على نطاق العالم. طرحت مجموعة شنموه خطة "مائة متحف للحساب بالمعداد في العالم" رسميا بمناسبة إدراج الحساب بالمعداد في قائمة التراث الثقافي العالمي غير المادي لليونسكو في عام 2013، كون ذلك حدثا مهما في تاريخ تطور الحساب بالمعداد.

الآن، تمت إقامة عشرات المتاحف للحساب بالمعداد في أنحاء العالم، وهي مفتوحة للزوار. الموضوع الرئيسي لهذه المتاحف هو التعريف بثقافة وتاريخ الحساب بالمعداد، وتضم العديد من المؤلفات والوثائق التاريخية النفيسة للحساب بالمعداد، وتعرض التحف والأدوات الثمينة لمختلف العصور، وقد زارها أكثر من عشرين ألف زائر من أنحاء العالم. وتخطط مجموعة شنموه إقامة المزيد من متاحف الحساب بالمعداد في أنحاء العالم، ليعرف مزيد من الناس من مختلف الدول والمناطق الحساب بالمعداد بشكل أعمق من خلال هذه المتاحف.

يرجع تاريخ الحساب بالمعداد إلى أكثر من ألف وثمانمائة سنة، وهو ليس أداة حسابية تفيض بالذكاء فحسب، وإنما أيضا يجسد ويعكس سحر وروح الثقافة الصينية التقليدية. إن "الحزام والطريق" طريق اقتصادي وتجاري طويل، يتجاوز الزمان والمكان، ويجعل الحساب بالمعداد الصيني القديم يتمتع بقوة حياة مزدهرة جديدة.

--

لي ميان جيون، مؤسس مجموعة شنموه للتعليم.