ملف العدد < الرئيسية

مقياس معيشة الشعب في "الخطة الخمسية".. العاصمة تجدد التجمعات السكنية القديمة

: مشاركة
2025-08-18 12:53:00 الصين اليوم:Source دنغ دي:Author

ترتبط "الخطة الخمسية" بمعيشة الشعب، ويعد مشروع تجديد التجمعات السكنية القديمة في بكين مقياسا لمستوى معيشة الشعب عندما تلتقي خطوط الخطة الوطنية مع زوايا الشوارع والأزقة.

في أوائل عام 2021، تم الإعلان رسميا عن ((الخطوط العريضة للخطة الخمسية الرابعة عشر للتنمية الاقتصادية والاجتماعية الوطنية والأهداف البعيدة المدى حتى عام 2035))، وهي وثيقة منهجية ترسم ملامح مستقبل الصين. تضمنت هذه الخطة لأول مرة سبعة مؤشرات رئيسية لرفاه الشعب ضمن المؤشرات الرئيسية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، حيث أصبحت متطلبات مثل "تعزيز المساواة في الخدمات العامة" و"تحسين ظروف السكن" جزءا مهما.

وقد استجابت مدينة بكين بسرعة ودقة، فطرحت ((خطة تجديد التجمعات السكنية القديمة خلال الفترة الخمسية الرابعة عشرة لبكين)). في عام 2022، أصدرت خمس جهات حكومية في عاصمة الصين 38 لائحة جديدة، من شأنها تركيز السياسات على نموذج تطوير دقيق مفاده أن يكون هناك "تصميم خاص لكل منزل"، حيث يتعين على وحدات التصميم إجراء مسح ميداني لكل منزل، وإعداد خطط مخصصة للتفاصيل، مثل نقل موقع خطوط الصرف الصحي وإمدادات المياه، ورفع فعالية العزل الحراري للجداران الخارجية، إلخ.

حققت هذه الحوكمة الدقيقة نتائج مذهلة، تعكسها الأرقام التي أعلنت عنها وزارة الإسكان والتنمية الحضرية والريفية الصينية، فبحلول نهاية عام 2024، تم تجديد 280 ألف تجمع سكني قديم يقطنها 48 مليون أسرة. وتعد بكين رائدة في هذا المجال، فخلال عامي 2021 و2022 أنجزت تجديد مئات التجمعات السكنية القديمة عبر مشروعات تركيب المصاعد وإنشاء مراكز رعاية للمسنين وتحديث خطوط المرافق القديمة وتركيب أنظمة الأمن الذكية، إلخ.

الخطط الخمسية ليست مجرد مؤشر للنمو الاقتصادي، وإنما أيضا مقياس لرفاه الشعب. عندما تنفض التجمعات السكنية القديمة في بكين غبار الزمن، وعندما تحل "سلالم المداخل المناسبة لكبار السن" مكان الحفر المغمورة بالمياه، وعندما تتألق حدائق الأطفال في الأراضي التي تمت استعادتها من البناء غير القانوني بفضل السياسات الحكومية، تصبح الرواية الكبرى للتخطيط الوطني واقعا ملموسا في كل لبنة أمام أبواب بيوت الشعب.

صور جديدة للتجمعات السكنية القديمة

في الصيف الحار، تتدفق أشعة الشمس إلى شقة في الطابق الخامس بمنطقة موشيكو الغربية في حي شيجينغشان ببكين، بعد ترميم ممر قديم عانى من تراكم الأتربة والعتمة على مدى عقود من الزمن. السيد شه وي، وهو من السكان الجدد في بكين، في عام 2019، اشترى هذه الشقة المكونة من غرفتين بمساحة 65 مترا مربعا والتي بنيت في عام 1999. كانت أسلاك الكهرباء متشابكة ومكشوفة في الممرات، والجدران مغطاة بالملصقات الإعلانية وطرقات التجمع السكني غير مستوية، مع انتشار برك المياه في كل مكان عندما يهطل المطر. كان هذا هو حال معظم التجمعات السكنية القديمة في بكين.

في يونيو 2022، مع التقدم المتواصل لمشروع تجديد التجمعات السكنية القديمة في حي شيجينغشان ببكين، شهد التجمع السكني الذي يقيم فيه شه وي ولادة جديدة تشبه خروج الفراشة من شرنقتها. دخلت فرق البناء الممولة من قبل الحكومة إلى التجمع السكني، وبدأت تركيب السقالات أمام كل بناية سكنية. مثل الأطباء الماهرين، بدأت عمليات التجميل بإعادة طلاء الواجهات الخارجية، تلاها "فحص داخلي" شمل استبدال أسلاك الكهرباء القديمة، واستبدال النوافذ التي تفتح للخارج بأخرى تفتح للداخل، وتجديد أنابيب المياه في المطابخ والحمامات، ورصف ممرات التجمع السكني بالإسفلت، إلخ. كانت أعمال التجديد مثل عملية إعادة تأهيل شاملة لعظام المدينة وعضلاتها.

في بكين، تمثل التجمعات السكنية القديمة التي بنيت في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي صورة مصغرة للتطور الحضري، لكنها تحولت إلى مصدر معاناة للسكان، بسبب تشقق الجدران وتآكل الأنابيب وفوضى مواقف السيارات ونقص المصاعد. هذه التجمعات السكنية التي تحمل ذكريات ثلاثة أجيال، علقت في مأزق بسبب "أمراض الشيخوخة". خلال فترة الخطة الخمسية الرابعة عشرة، ضخ التجديد الشامل بقيادة الحكومة وبمشاركة السكان حياة جديدة في هذه التجمعات السكنية.

في بكين، يتطلب تجديد التجمعات السكنية القديمة موافقة مكتوبة من غالبية أصحاب العقارات. قام موظفو التجمع السكني الذي يقيم فيه شه وي، بتنسيق فرق البناء للدخول إلى كل منزل للحصول على موافقة الملاك، فأعمال تجديد أي بناية لا تتم إلا بموافقة ثلثي قاطنيها. في البداية لم يقدم شه وي الموافقة المكتوبة، فلم يبدأ العمل في بنايته، بينما كانت فرق البناء تعمل في الوحدات السكنية الأخرى لاستبدال الأنابيب الصدئة في المطابخ والحمامات. لم يفهم كثيرون سبب عدم تعاون شه وي. وقد عبر السيد شه عن وجهة نظره، بقوله: "انتهيت من تجديد منزلي قبل أقل من ستة أشهر. وموافقتي على مشروع التجديد تعني استبدال أنابيب الصرف الصحي في البناية كلها وهذا يتطلب تكسير البلاط في شقتنا. صحيح أن فريق البناء سيعيد تركيب بلاط جديد مجانا، ولكن الألوان المتاحة لا تتناسب مع ما اخترناه بعناية. بالإضافة إلى ذلك، لدينا طفل صغير، وسيؤدي تواجد العمال الغرباء بشكل متكرر أثناء عملية التجديد إلى ضوضاء لمدة شهر أو شهرين، مما سيزعج حياتنا اليومية بشكل كبير. بالنسبة لي، يعتبر تجديد التجمعات السكنية القديمة تحسينا إضافيا، لا أرغب في تعطيل روتين حياتنا."

بالنسبة للجيران القدامى الذين عاشوا هنا لعقود من الزمن، فإن إعادة التجديد لا تمثل عبئا ماليا فحسب، وإنما أيضا ستكلفهم طاقة جسدية ومعنوية بسبب تقدمهم في السن، لذا يتطلعون بلهفة إلى أن تتحول منازلهم إلى لوحة جديدة تحت مظلة التخطيط الشامل للحكومة.

بعد تنسيق متكرر من موظفي التجمع السكني وتواصل مستمر مع الجيران، وافق شه وي في النهاية. حيث قال: "بعد النقاشات، فهمت تطلعات الجيران القدامى، وبعد التشاور مع عائلتي، وقعت بالموافقة."

خلال حوالي شهرين، تم تركيب مرافق حمامات وصنابير مياه مؤقتة في الطابق الأرضي لتسهيل استخدام السكان، بينما أنجز فريق البناء سلسلة أعمال التجديد بفعالية عالية. قال ساكن مسن يعيش في شقة تحت شقة شه وي: "أسكن هنا منذ أكثر من ثلاثين عاما، لم أتخيل أبدا أن يصبح تجمعنا السكني بهذا التنظيم. أشعر بسعادة كبيرة." قال ذلك وهو يراقب الأطفال يلعبون، مبتهجا بهذا التعايش بين الذكريات ومشاهد التجديد الحيوية.

في العاشر من يناير 2025، قال بان وي، المسؤول في مديرية الضمان السكني بوزارة الإسكان والتنمية الحضرية والريفية الصينية، خلال مؤتمر صحفي حول "خطة الخدمات العامة خلال فترة الخطة الخمسية الرابعة عشرة"، إنه وفقا لقرارات وتوجيهات اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني ومجلس الدولة الصيني، في مجال تعزيز مستوى ضمان الخدمات العامة في توفير المسكن اللائق، ستسعى الحكومة إلى ابتكار آليات دعم مالي لتحسين ظروف السكن في التجمعات السكنية القديمة بالمناطق الحضرية، وتسريع وضع آليات لدعم تجديد هذه التجمعات السكنية. خلال فترة الخطة الخمسية الرابعة عشرة، سيتم استكمال تجديد حوالي 219 ألف تجمع سكني قديم في المناطق الحضرية بنيت قبل نهاية عام 2000 بشكل أساسي.

في مايو عام 2025، طرحت وثيقة ((آراء المكتب العام للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني والمكتب العام لمجلس الدولة الصيني بشأن الاستمرار في تنفيذ إجراءات تجديد المدن))، وهي إجراءات تشمل تعزيز تجديد التجمعات السكنية القديمة وتجديد خطوط الغاز القديمة وترميم الممرات الداخلية وقنوات التهوية في البنايات السكنية بالمناطق الحضرية، وذلك للتخلص تماما من المخاطر المحتملة.

إضافة إلى ذلك، من أجل تنشيط تجارة تداول العقارات في التجمعات السكنية القديمة، طرحت بكين سياسة دعم لمدة قروض صندوق الإسكان منذ 17 إبريل للمقترضين الذين يشترون مساكن في التجمعات السكنية المجددة. وفقا لأحدث السياسات، زادت مدة قرض صندوق الإسكان لشراء المساكن المدرجة ضمن مشروعات تجديد التجمعات السكنية القديمة عشر سنوات وحتى عشرين سنة مقارنة مع مدة القرض السابقة، وهذا يساهم بشكل فعال في حل مشكلة قصر مدة القروض بسبب قدم عمر البنايات، مما يخفف من ضغوط المشترين في الشراء والسداد.

تعيش شجرة عتيقة خارج نافذة منزل شه وي ربيعا جديدا، تزداد أغصانها خضرة ورواء، بينما يهمس النسيم كأنه يروي ميثاقا غير مكتوب: التجمعات السكنية القديمة ليست مجرد غابة خرسانية باردة، بل هي حاضنتنا لروابط الدم أيضا، ويمثل تجديدها خطاب الوعد الاجتماعي الأكثر عمقا بشأن معيشة الشعب في هذه المدينة.

توظيف أفضل لحيز المدينة.. مواقف للسيارات تحت الجسور

إلى جانب تجديد البيانات والطرقات داخل التجمعات السكنية القديمة، تواجه هذه التجمعات السكنية مشكلة عدم وجود مرائب للسيارات تحت الأرض بسبب قدم إنشائها، مما يضطر السكان إلى ترك سياراتهم فوق سطح الأرض داخل التجمعات السكنية، وهذا يعيق الحركة اليومية للسكان. لذلك يعد توسيع البنية التحتية الخارجية مثل أماكن وقوف السيارات عاملا محوريا في تنشيط التجمعات السكنية القديمة وإثراء البيئة الحضرية وتحسين ملامح بكين.

تطلب ((آراء المكتب العام للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني والمكتب العام لمجلس الدولة الصيني بشأن الاستمرار في تنفيذ إجراءات تجديد المدن)) تحسين البيئة المحيطة بالتجمعات السكنية، مع تعزيز البنية التحتية الداعمة مثل مرائب السيارات ومرافق الشحن وأنظمة مكافحة الحرائق والاتصالات، وذلك لتلبية الاحتياجات المعيشية للناس بشكل معقول.

منذ عام 2024، أطلقت بكين خطة ثلاثية لتحسين توظيف الأحوزة تحت الجسور، حيث تم إدراجها ضمن حملة "إعادة الهيكلة والتحسين للارتقاء بالمدينة".

بالتزامن مع تحديد الموقع الوظيفي للأحوزة تحت الجسور ومعايير الإدارة والبناء والمرافق الحالية والاحتياجات التمويلية، وغيرها، سيتم تعزيز التنفيذ حسب المستوى والتصنيف والسنة.

منذ بداية عام 2025، تعاونت إدارات حكومة بلدية بكين لإدارة النقل والتخطيط الحضري والإدارة الحضرية مع حكومات أحياء بكين لمواصلة تحسين الأحوزة تحت الجسور في المناطق الحضرية. مؤخرا، أتم حي هايديان تحسين الأحوزة تحت 58 جسرا على الطرق الحضرية وخمس محطات جسر عبور للسكك الحديدية، حيث شهدت هذه الأحوزة قفزة نوعية في الجماليات والوظائف، فصارت مناطق عامة شاملة تجمع بين تحسين النقل وخدمات التسهيل على المواطنين والراحة البيئية.

من خلال النموذج الشائع لاستغلال الأحوزة تحت الجسور، نجح حي هايديان في استكشاف موارد مواقف السيارات العامة عبر دمج مواقع صيانة الطرق وإخلاء بنايات محطات الحافلات. قبل التحسين، كان عدد مواقف السيارات تحت الجسور 6104، وارتفع بعد التعديلات إلى 8194، مع إضافة 2090 مكانا جديدا، مما حقق "تحسين استغلال الأحوزة ومواقف السيارات في الأماكن المختلفة"، وساهم في تخفيف مشكلة أماكن وقوف السيارات للسكان.

شهدت المنطقة الواقعة تحت جسر ليانشيانغ على الطريق الدائري الثالث الشمالي تغيرا كبيرا في مظهرها. تقع منطقة جسر ليانشيانغ في القسم الغربي للطريق الدائري الثالث الشمالي بحي هايديان، وهو يمتد من طريق تشونغقوانتسون في الغرب إلى شارع سيداوكوه الشمالي في الشرق، بطول إجمالي يزيد عن 700 متر وعرض سطح الجسر 28 مترا ومساحة إجمالية تبلغ حوالي 11 ألف متر مربع. تشمل المنطقة المحيطة ساحة دوين ومنطقة الأعمال التجارية لمعبد داتشونغ، مما يجعل الكثافة المرورية بها كبيرة.

بعد التجديد، أصبحت علامات مواقف السيارات وخطوطها واضحة تماما، بينما طليت ممرات المشاة باللون الأخضر لتصبح أكثر لفتا للانتباه، وتم تركيب مرافق وقوف السيارات الذكية. من خلال تعديل الأحوزة تحت الجسور، أصبحت أنظمة الإضاءة والمراقبة والمرافق الخاصة بالأشخاص ذوي الإعاقة جاهزة. في الخطوة التالية، ستقوم الحكومة بتجريب تطبيق خدمات شحن الكهرباء المتنقلة لسيارات الطاقة الجديدة لتحسين جودة الخدمات وضمان جعل الأحوزة تحت الجسور أكثر أمانا وملائمة للاستخدام.

عندما يجلس المسنون تحت الجسر بجانب أصص الزهور للعب الشطرنج، وعندما تتدفق السيارات عبر المسارات الجديدة، هذه المشاهد التي تبدو بسيطة تجسد المنطق العميق لتجديد المدن: دقة الإدارة تكمن في احترام "التفاصيل الصغيرة"، ودفء المدينة يتجلى في الاستجابة لـ"احتياجات الإنسان".

عندما مر سائح تحت جسر ليانشيانغ في بكين وكتب تعليقا على الإنترنت مع صورة: "أدعم بشدة هذه الإجراءات، فالعاصمة بكين مدينة عالمية. ينبغي أن تكون المناطق تحت الجسور في الطرق الرئيسية نظيفة ومنظمة، مع تسهيلات وقوف السيارات وتعزيز وظائف المرافق وكفاءة استخدامها." هكذا تتشكل ثورة إدارة هادئة تحول "الفضاءات المهملة" في المدينة إلى "زوايا ذهبية وحواف فضية"، وتعيد تشكيل نسيج العاصمة ببطء.

©China Today. All Rights Reserved.

24 Baiwanzhuang Road, Beijing, China. 100037

互联网新闻信息服务许可证10120240024 | 京ICP备10041721号-4