منظمة منع وتسوية المنازعات التجارية الدولية (ICDPASO) منظمة غير حكومية وغير ربحية تأسست رسميا في عام 2020، وتعتبر واحدة من 283 منجزا للدورة الثانية لمنتدى "الحزام والطريق" للتعاون الدولي، وتم تأسيسها بمبادرة من المجلس الصيني لتعزيز التجارة الدولية، وبتعاون الغرفة الصينية للتجارة الدولية مع خمس وأربعين من جمعيات التجارة الدولية وهيئات الخدمات القانونية ومراكز البحوث التابعة للجامعات في أكثر من عشرين دولة ومنطقة في آسيا وأوروبا وأفريقيا وأمريكا الشمالية وأمريكا الجنوبية، بهدف تقديم الخدمات القانونية الشاملة للمشتغلين في الأعمال التجارية الدولية وبناء منصة جديدة لتسهيل التجارة والاستثمار. قال ليو تشاو، الأمين العام للمنظمة: "أي شركة صينية ترغب في أن تتطور إلى شركة بارزة في الخارج، ينبغي لها الانتباه إلى إجراءات الامتثال في الأعمال التجارة الخارجية."

لا تشتمل إجراءات الامتثال في الأعمال التجارية الدولية إجراءات الشركات الصينية المتعلقة بالامتثال للقانون وقيود المنع المحلية خلال القيام بالاستثمار وتشغيل الشركات في الخارج فحسب، وإنما تشمل أيضا تجنب المخاطر الأخلاقية الناجمة عن انتهاك التقاليد المحلية والمعتقدات الدينية وغيرها من العوامل الثقافية. تبرز أهمية إجراءات الامتثال التجاري تدريجيا، بينما تقوم المزيد من الشركات الصينية بالأعمال التجارية الدولية.

الشركات الصينية تهتم  بالامتثال التجاري

أقام مركز الصين للتبادل الشبابي الدولي ندوة حول الامتثال، بعنوان "ندوة للأكفاء الشبان الرواد في الامتثال عبر الحدود"، في مدينة ييشينغ بمقاطعة جيانغسو في الفترة من السابع والعشرين إلى الثلاثين من مايو عام ٢٠٢١، شارك فيها لي تشي جيه، كبير المسؤولين في قسم الشؤون القانونية والامتثال التجاري بشركة الصين الوطنية لصناعة الماكينات "سينوماك"، وكان يستمع إلى دروس الندوة بكل انتباه ويسأل المحاضرين من وقت لآخر حول المشكلات التي تواجهها "سينوماك" خلال القيام بالأعمال التجارية الدولية. أنشأت "سينوماك" قبل حوالي سبعين سنة، وهي أقدم شركة مملوكة للدولة متخصصة في البناء في الصين. حاليا، تنفذ "سينوماك" العديد من مشروعات البناء الهامة في أكثر من أربعين دولة ومنطقة في العالم.

قال لي تشي جيه، إن "سينوماك" تمارس الأعمال في الخارج منذ فترة طويلة، ومع ذلك، لم يتم إنشاء قسم امتثال مخصص رسميا مع فريق بدوام كامل حتى عام 2019. وفي غضون عامين فقط ، بلغ عدد موظفي فريق الامتثال بالشركة أكثر من 100 موظف بدوام كامل أو بدوام جزئي. وأضاف: "تولي شركتنا المزيد والمزيد من الاهتمام لأعمال الامتثال، مع زيادة مشروعاتها في الخارج. وقد شاركت "سينوماك" في مشروعات البنك الدولي والمؤسسات الأخرى المتعددة الأطراف من قبل، وتعمل الآن على بناء نظام النزاهة للامتثال وتحسينه بموجب معيار البنك الدولي."

جيا شن، هو أحد الأساتذة الذين دعاهم مركز الصين للتبادل الشبابي الدولي إلى الندوة المذكورة لإلقاء محاضرة، يعمل في شركة تشونغلون للمحاماة كمستشار، وهو متخصص في قانون حماية المنافسة ومنع الاحتكار وحل المشكلات المتعلقة بالامتثال لقواعد التجارة وتقديم خدمة إقامة الدعوى والتحكيم. كان يعمل قاضيا في إحدى المحاكم الخاصة بالمنازعات الاقتصادية في مجال الأعمال التجارية الدولية، وقام بالأعمال المتعلقة بمنع الاحتكار في المكتب المعني التابع لوزارة التجارة الصينية أيضا. وكان يعمل كرئيس لمركز الامتثال التجاري التابع لإحدى شركات التكنولوجيا قبل العمل في شركة تشونغلون للمحاماة. لذلك، لدى جيا شن خبرات وفيرة للتعامل مع إجراءات الامتثال التجاري في الأعمال التجارية الدولية. قال السيد جيا: "منذ ثلاث- أربع سنوات، واجهت شركة هواوي وشركة تشونغشينغ الصينية وغيرهما من الشركات الصينية تحديات الامتثال في أعمالها بالخارج، مما يحث الشركات الصينية على وضع اهتمام أكبر على إجراءات الامتثال التجاري في الأعمال التجارية الدولية." وقال إن الكثير من الشركات الكبيرة في الصين، بما فيها بعض الشركات المملوكة للدولة والشركات الخاصة، بدأت اتخاذ إجراءات الامتثال التجاري. وأضاف: "يجب الاهتمام بقضايا الامتثال، كلما تمت مناقشتها مبكرا، كان ذلك أفضل. يجب وضعها في طليعة عمليات الشركة قدر الإمكان."

الامتثال ليس مجرد مسألة "قانونية"

أشار السيد ليو تشاو إلى أن هناك أكثر من خمسين ألف قانون ولائحة تؤثر على الأعمال التجارية الدولية للشركات في العالم، مما يفرض تحديات هائلة على الشركات الصينية، لكنه يعتقد أن الامتثال التجاري في الأعمال التجارية الدولية لا يشمل مجال القانون فقط. قال: "نجحت الشركات الصينية في التغلب على المشكلات الناجمة عن ضعف جودة المنتجات والفترة الطويلة للحصول على شهادة الجودة والحواجز اللغوية وعدم معرفة العادات التجارية في البيئة التجارية العالمية، لكنها تواجه الآن وضعا جديدا يتمثل في أن الدول المستوردة تعزز مراقبة المنتجات الصينية بسبب قدرتها التنافسية القوية." وأضاف أن البلدان المختلفة تعهدت بتحقيق أهدافها المتعلقة بذروة انبعاثات الكربون ومحايدة الكربون، وتتخذ سلسلة من الإجراءات واللوائح سعيا إلى المحافظة على التنمية المستدامة للأرض، وتؤثر تلك المعايير الدولية والسياسات المعنية الصادرة عن مختلف البلدان أيضا على الأعمال التجارية الدولية للشركات.

قال وانغ تشون قه، نائب رئيس الجمعية الصينية لتعزيز التعاون الاقتصادي والتكنولوجي الدولي: "يمكن تقسيم مخاطر الامتثال إلى ثلاثة أنواع، هي المخاطر المتعلقة بالعدالة الاجتماعية والأخلاق والمخاطر المتعلقة بالالتزام بالامتثال والمخاطر المتعلقة بمتطلبات الإشراف بالقانون واللوائح. تواجه الشركات الصينية مخاطر امتثال مختلفة، لأنها تقوم بالأعمال التجارية في البلدان المختلفة. إن السيد وي تشون شان، مدير مكتب الأعمال التجارية الدولية في شركة بكين العامة المحدودة لمواد البناء الجديدة (بيشين)، لديه فهم عميق في هذا الصدد، قال: " نظرا لأن الأعمال الخارجية الحالية للشركة موجهة بشكل أساسي إلى أفريقيا وجنوب شرقي آسيا، فإن العادات والثقافة المحلية والمعتقدات الدينية والمسؤولية الاجتماعية للشركات تشكل جزءا هاما من الامتثال المحلي للشركة."

حضر تلك الندوة أيضا، الأستاذ يانغ قوه هوا من جامعة تشينغهوا الصينية لإلقاء محاضرة، حيث أشار إلى أن قواعد الأعمال التجارية الدولية تزداد بشكل سريع، فبالإضافة إلى قواعد التجارة لمنظمة التجارة العالمية، أصبحت الترتيبات الاقتصادية والتجارية الإقليمية، مثل الشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة، مكملا واتجاها فعالا لقواعد منظمة التجارة العالمية الاقتصادية والتجارية. ويقترح الأستاذ يانغ، أنه من الضروري، على المستوى الوطني ومستوى الشركات، إجراء أبحاث ضرورية لمتابعة هذه الترتيبات الاقتصادية والتجارية الإقليمية، و"القيام بأبحاث وأحكام مناسبة".

قال لي تشي جيه: "علمنا من الندوة أن جزءا صغيرا فقط من فريق الامتثال في مقر شركة سيمنز (الصين) هو محترف قانوني. بل إنهم مزجوا الامتثال والأعمال والاستكشاف الرقمي معا، وهذا يشبه ما في شركتنا، ويلهمني كثيرا أيضا." لي تشي جيه يحمل شهادة البكالوريوس في اللغة الفيتنامية، وكان يقوم بإدارة مشروعات البناء الدولية وتوسيع السوق الخارجية لسنوات عديدة، فلم يتقن اللغتين الإنجليزية والفيتنامية فحسب، وإنما أيضا لديه معرفة عميقة بمشروعات البناء. يعتقد السيد لي أنه بالإضافة إلى المعرفة القانونية، "تعد المهارات اللغوية وخبرة المشروعات مفيدة لمساعدة الشركات على إنشاء نظام نزاهة للامتثال، قائم على على أساس أعمال مشروعات البناء " ويمكن أن تساعد الشركات على "تحديد مخاطر الامتثال ومنعها طوال دورة حياة الأعمال".

تحسين إجراءات الامتثال في حاجة إلى جهود طويلة من أطراف متعددة

قال الأستاذ يانغ قوه هوا: "مقارنة مع السنوات الماضية، أدركت الكثير من الشركات الصينية أهمية الامتثال في الأعمال التجارية الدولية، ووضعت معظم الشركات الكبيرة منها الترتيبات المعنية، وأنشأت بعض الشركات إدارة خاصة للامتثال خارج الإدارة القانونية ووضعت تدابير أو إجراءات امتثال موحدة." ولكنه يعتقد أيضا أن الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم ما زالت ضعيفة في بناء نظام الامتثال مقارنة مع الشركات الكبيرة.

شاركت أيضا في الندوة المشار إليها، لي لي جيوان، رئيسة شركة آينومي للأدوية بمقاطعة شانشي، تأسست شركتها عام ٢٠١٤ لتصنيع المعدات الطبية والواقية، ووجدت فرصة لترويج منتجاتها في السوق الدولية أيام انتشار كوفيد- ١٩. قالت لي لي جيوان: "متطلبات الامتثال على معدات الوقاية الطبية مثل الأقنعة عالية، فلا يجب أن تتفق مع المعايير الصحية للدول المستوردة فحسب، وإنما عليها أيضا أن تتفق مع المعايير والمتطلبات المحلية المتعلقة بجودة الصادرات." بفضل الالتزام بتلك المعايير وإدارة جودة المنتجات بشكل صارم، لم تتلق شركة آينومي للأدوية أي شكوى تتعلق بالكمامات والمنتجات الأخرى المصدرة إلى دول الاتحاد الأوروبي. قالت لي لي جيوان: " منذ بدأت في أعمال الاستيراد والتصدير، زاد وعي الشركة تدريجيا بإدارة الامتثال عبر الحدود." وأشارت إلى أن الشركة سوف تنشئ وظيفة متخصصة في الامتثال مع زيادة الأعمال التجارية الدولية، وهذا هو سبب مشاركتها في الندوة."

يعتقد الأستاذ يانغ قوه هوا أن الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم ليست لديها القدرة القوية والأموال الكافية لتدريب متخصصين في الامتثال التجاري، ومن الأفضل أن تستعين بالجمعيات التي تقدم خدمات الاستشارة والتدريب، كما يمكن لمختلف الشركات توظيف  متخصصين في الامتثال التجاري بصورة مشتركة.

أشار تشانغ هوا، نائب مدير مركز الصين للتبادل الشبابي الدولي، إلى أن خدمة رواد الأعمال الشباب هي إحدى الأعمال الرئيسية للمركز، ويأمل المركز أن يقدم للشباب فرص المشاركة في المنافسة الدولية والتعاون الدولي وتعزيز قدرتهم التنافسية الأساسية عبر إقامة الأنشطة المتعلقة بالامتثال التجاري للتجارة الدولية والمشتريات العامة الدولية وغيرها، مما يعزز تشكيل فريق تنافسي مكون من رواد الأعمال الشباب الممتازين في السوق الدولية.

علاوة على ذلك، قال السيد ليو تشاو، إن وزارة الموارد البشرية والضمان الاجتماعي، مع مصلحة الدولة لتنظيم السوق، ومصلحة الدولة للإحصاء رسميا حددت 18 مهنة جديدة للجمهور، بما في ذلك "متخصص امتثال الشركات".  يرى السيد ليو تشاو، أن عمليات تدريب الموظفين المسؤولين عن الامتثال ومنح الشهادات لهم سوف تقدم أكفاء لمساعدة الشركات الصينية على تجنب المخاطر المعنية في التجارة الداخلية والخارجية.