في السنوات الأخيرة، بذلت الشركات الصينية جهودا متضافرة للمغامرة خارج حدود البلاد لتوسيع عملياتها. لم يؤد التوسع الدولي إلى زيادة تطوير أعمالها فحسب، وإنما أيضا أدى إلى تعزز النمو الاقتصادي وخلق فرص العمل في البلدان التي تعمل فيها.

الطاقة الخضراء تضيء أوروبا

 كمورد ومزود خدمة رائد في مجال الطاقة النظيفة عالميا، تم تأسيس شركة أوروبا للطاقة (CGNEE)، التابعة لمجموعة الطاقة النووية العامة الصينية (CGN)، في باريس في عام 2014. على مدار السنوات السبع الماضية، تطورت CGNEE لتصبح خامس أكبر شركة مشغلة للطاقة النظيفة في فرنسا، وتعرف أيضا باسم شركة الطاقة النظيفة الأسرع نموا في السوق الأوروبية.

تقع بلدة آساك الصغيرة في جنوبي غرب فرنسا عند منطقة مضايق نهر تارن ذات المناظر الخلابة، حيث تتوافر موارد الرياح بوفرة، وتبرز طواحين الهواء القديمة التي بنيت على طول النهر. في الوقت الحاضر، يربط ممشى بطول ستة كيلومترات طواحين الهواء القديمة بمزرعة الرياح الحديثة. في يوليو 2021، أقيم يوم مفتوح تحت عنوان "من مزرعة الرياح إلى طاحونة الهواء" في بلدة آساك. وكان من بين ضيوف الحدث السيدة شارلوت بوتلوب، وهي مذيعة معروفة في محطة التلفزيون الفرنسية "BFM TV"، والسيدة ميريام فيغرو، عمدة بلدة آساك، إلى جانب أكثر من 250 من طلاب المدارس الابتدائية المحلية والسكان المحليين الذين استمتعوا بتجربة غامرة من التغييرات التي أحدثتها طاقة الرياح على البلدة. وقد أثار التلاميذ العديد من الأسئلة مثل "لماذا تسمى الكهرباء المولدة من توربينات الرياح بالطاقة الخضراء؟" و"كيف تم تركيب توربينات الرياح التي يبلغ ارتفاعها 85 مترا وطول المجداف 45 مترا؟"، وقد تفضل مهندسو CGNEE بالإجابة عليها.

وفقا للسيد هوانغ يوان تشنغ، المدير العام لشركة أوروبا للطاقة (CGNEE)، تمتلك الشركة 180 توربينا للرياح في فرنسا، ومنها 10 توربينات في مزرعة الرياح في آساك، والتي أنتجت 30 ألف ميغاوات في الساعة في عام 2020، وهو ما يكفي لتوفير الكهرباء لـ6500 أسرة أو 14000 شخص. من أجل الوفاء بمسؤولياتها الاجتماعية بشكل أفضل، نظمت الشركة هذا الحدث لضمان إدراك المزيد من السكان المحليين للحاجة إلى حماية البيئة الإيكولوجية من خلال الطاقة الخضراء.

وقال هوانغ: "بالإضافة إلى الطاقة، فعلنا الكثير أيضا لحماية التنوع البيولوجي، وخاصة في حماية الطيور." أثناء إنشاء مزرعة الرياح، قامت CGNEE بتركيب معدات المراقبة والإنذار الصوتي، والتي يمكنها مراقبة أنواع الطيور والمسافة إليها، ومسارات طيرانها في الوقت الفعلي. من خلال هذه التقنيات المتقدمة، يتم التحكم بمخاطر أي تصادم مسبقا، ويمكن تنشيط معدات التحذير في الوقت المناسب.

قام مكتب وادي نهر تارن وجبل الألبيين للسياحة بدمج مزرعة الرياح في آساك مع مشروع ترويج "السياحة الصناعية" المحلي، والذي نظم رحلات سياحية بعنوان "استكشاف مزارع الرياح". قالت العمدة ميريام فيغرو، وهي ترحب بالزوار: "لم أكن أتوقع أن مشروع السياحة الصناعية هذا في مزرعة الرياح يمكن أن يجذب الكثير من السياح." وأضاف بصوت عال: "مسار التنزه ضخ حياة جديدة إلى المدينة."

تم بث الحدث على قناة BFM TV، وهي محطة إخبارية تابعها 12 مليون مشاهد في فرنسا، في وقت الذروة كل ليلة لمدة أسبوعين متتاليين. وفي الوقت نفسه، ظهر على أكثر من 100 منصة تواصل اجتماعي أجنبية بلغات متعددة، وحقق أكثر من 2ر1 مليار زيارة. أسهم هذا الإنجاز في رفع معنويات السيد هوانغ وفريقه.

حتى الآن، وصلت السعة المركبة للطاقة من شركة CGNEE إلى 4ر2 غيغاوات، مع تركيز أعمالها الرئيسية على تطوير وتشغيل وصيانة طاقة الرياح والطاقة الشمسية ومشروعات الطاقة المتجددة الأخرى. في عام 2020، غذى مشروع الطاقة الجديد التابع لشركة CGNEE ما يقرب من 291ر5 مليارات كيلووات/ ساعة في شبكة الطاقة، والتي يمكن أن توفر الكهرباء لحوالي 17ر3 ملايين أسرة أوروبية. أشار هوانغ إلى أنه في المستقبل، ستلتزم CGNEE بإستراتيجيتها للجمع بين تنمية الطاقة النظيفة والوفاء بالمسؤوليات الاجتماعية، والاندماج الفعال في المجتمعات المحلية، والسعي لحماية التنوع البيولوجي، واعتماد آلية التشاور المتبادل، والبناء المشترك، وتقاسم المنافع مع الشركاء.

رسول "الاتصال بين الناس"

مع اندماج عدد متزايد من الشركات الصينية في السوق العالمية، اكتسب تدويل هذه الشركات اهتماما عالميا. في ديسمبر 2021، صدر ((تقرير المسح العالمي لصورة الشركات الصينية لعام 2021)) في بكين، خلال قمة الصورة العالمية للشركات الصينية. التقرير الذي يتضمن أربعة مؤشرات؛ المسؤولية والإنصاف والمصداقية والنجاح، أظهر تقييمات للسمعة العالمية للشركات الصينية في ما يقرب من 60 دولة في وسط وشرقي أوروبا، ورابطة دول جنوب شرقي آسيا (آسيان)، وأفريقيا، وأمريكا اللاتينية، والمناطق على طول "الحزام والطريق". تشير النتيجة إلى أن الاعتراف العالمي بالشركات الصينية أظهر اتجاها تصاعديا عاما بعد عام. من عام 2017 إلى عام 2019، بلغت نسبة المشاركين في آسيان وأفريقيا وأمريكا اللاتينية الذين أشادوا بإنجازات الشركات الصينية 71% و81% و87% على التوالي.

قدمت شركة هندسة البناء الصينية (CSCEC) مساهمات في بناء أكثر من 7000 مشروع في أكثر من 130 دولة ومنطقة. في منتدى قمة الصورة العالمية للشركات الصينية لعام 2021، قال تشو يونغ، نائب مدير عام الشركة، إنه حتى مع التأثير الشديد لكوفيد- 19، وقعت الشركة عقودا جديدة بلغت قيمتها الإجمالية 2ر3 تريليونات يوان (الدولار الأمريكي يساوي 3ر6 يوانات حاليا) في عام 2020، منها عقود خارجية قيمتها 37ر29 مليار دولار أمريكي (2ر187 مليار يوان)، محتلة المرتبة الـثالثة عشرة في قائمة أفضل 500 شركة عالميا، والأولى بين أفضل 250 شركة مقاولات عالمية حسب مجلة سجل الأخبار الهندسية (ENR).

كما أشار السيد تشو إلى أن شركة هندسة البناء الصينية تتخذ دائما "الربط الصلب للبنية التحتية كالاتجاه الرئيسي للعمل، و"الربط الناعم" للقواعد والمعايير كدعم رئيسي، و"ربط القلوب" بين الشعوب كأساس متين لتعزيز الجودة العالية والتنمية ذات المنفعة المتبادلة وتقديم مساهمات لبناء رابطة المصير المشترك للبشرية.

القاهرة، عاصمة مصر، هي أكبر مدينة في الشرق الأوسط وشمالي إفريقيا، يبلغ عدد سكانها أكثر من 20 مليون نسمة، وتشهد زحاما مروريا. في عام 2015، بدأت الحكومة المصرية في تخطيط عاصمة إدارية جديدة على بعد 45 كيلومترا شرق القاهرة، تغطي مساحة حوالي 700 كيلومتر مربع. في 21 يناير 2016، وبحضور الرئيس الصيني شي جين بينغ والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وقعت شركة CSCEC اتفاقية إطارية مع وزارة الإسكان المصرية لبناء العاصمة الإدارية الجديدة في مصر. كما تم فيما بعد توقيع عقد إنشاء منطقة الأعمال المركزية بالعاصمة الإدارية الجديدة بين الجانبين. الجانب الأكثر لفتا للنظر في المشروع هو البرج الأيقوني الذي يصل ارتفاعه إلى 8ر385 مترا، وهو ليس فقط أطول مبنى في أفريقيا، وإنما أيضا "مبنى ذكي صديق للبيئة" كما أطلقت عليه وسائل الإعلام المحلية.

كما تم جلب مهارات وكفاءات البناء إلى مصر. عشية عيد الربيع لعام 2020، افتتحت رسميا ورشة لوبان للتدريب المهني، الذي أنشأته شركة CSCEC في مصر، والتي تقدم اثنتي عشرة دورة تدريبية في ثلاثة تخصصات في الهندسة المعمارية. كجزء من الدورات، قدم المهندسون الصينيون تدريبات على المهارات للموظفين المحليين، وقدموا التقنيات الصينية المتقدمة المستخدمة في تشييد المباني الشاهقة. بمناسبة عيد الربيع، عرض المهندسون فنونا وحرفا يدوية من الثقافة الصينية التقليدية مثل قص الورق والخط. قال تشو: "وفر المشروع عشرات الآلاف من فرص العمل للمحليين." وأضاف: "وفر أيضا فرصا لتطوير صناعة البناء والتشييد في مصر، وجلب فوائد حقيقية للسكان المحليين."

الاندماج في موجة التنمية العالمية

 قال جو شوي مينغ، رئيس الأكاديمية الصينية للتجارة الدولية والتعاون الاقتصادي بوزارة التجارة: "المزيد والمزيد من الشركات الصينية وسعت أعمالها في الخارج، مما عزز التنمية الاقتصادية للبلدان المضيفة ووفر الكثير من فرص العمل للسكان المحليين." مضيفا أنه في نهاية عام 2020، وصل حجم الاستثمارات المباشرة للصين في الخارج إلى 3ر2 تريليون دولار أمريكي، مما يعني ضخ مبالغ كبيرة للتنمية الاقتصادية للبلدان المضيفة، وسد فجوة التمويل لبعض الشركات والصناعات فيها.

خلال فترة الخطة الخمسية الثالثة عشرة (2016- 2020)، بلغ الحجم التراكمي للمشروعات المتعاقد عليها للشركات الصينية 9ر825 مليار دولار أمريكي، وسارت أعمال عدد من المشروعات الرئيسية بسلاسة، مما أدى إلى تحسين مستوى البنية التحتية في البلدان المضيفة بشكل فعال وتوفير دعم قوي للتنمية الاقتصادية والاجتماعية المحلية.

شرح يو يون تشيوان، رئيس أكاديمية الدراسات الصينية والعالمية المعاصرة، ((تقرير المسح العالمي لصورة الشركات الصينية لعام 2021))، قائلا إن 68% من الذين تم استطلاع آرائهم من دول العالم المختلفة يعتقدون أن الشركات الصينية تأخذ زمام المبادرة في دفع عجلة الابتكار التكنولوجي وتقدم التكنولوجيا الخضراء. بالإضافة إلى ذلك، كشف التقرير أيضا أن مبادرة "الحزام والطريق" تحظى باهتمام عالمي وإشادة المجتمع الدولي، لا سيما فيما يتعلق بتحسين سبل العيش المحلية ورفاه الناس. وأظهر المشاركون في الاستطلاع رغبة قوية في التعاون مع الشركات الصينية في مجالات التكنولوجيا والتصنيع والبنية التحتية والطاقة والموارد. وفي الوقت نفسه، قدم المشاركون من الشباب تعليقات إيجابية أكثر على صورة الشركات الصينية واعترفوا تماما بدور الشركات الصينية في تعزيز العلاقات بين الأفراد من خلال المشاركة في أنشطة التبادل الثقافي.