في الثامن عشر من فبراير عام 2024، احتضنت مدينة شنتشن "مؤتمر قوانغدونغ للتنمية العالية الجودة"، بحضور قادة لجنة الحزب الشيوعي الصيني في مقاطعة قوانغدونغ وحكومة قوانغدونغ، وبمشاركة مسؤولين من لجنة التنمية والإصلاح ومديرية التعليم ومديرية العلوم والتكنولوجيا بمقاطعة قوانغدونغ، ورجال أعمال مشهورين مثل وانغ تشوان فو رئيس شركة "بي واي دي".

بالإضافة إلى التنمية العالية الجودة، ركز هذا المؤتمر على القوى الإنتاجية الجديدة النوعية، وأصدر بيانات مهمة، منها أن عدد السكان الدائمين في قوانغدونغ يبلغ 127 مليون نسمة، بينما يتواجد في أرجاء قوانغدونغ حوالي 150 مليون شخص يوميا، مما يجلب حيوية قوية وازدهارا اقتصاديا.

لماذا يختار الناس قوانغدونغ

يُعد عدد السكان المتواجدين داخل قوانغدونغ معيارا إحصائيا أوسع، حيث يشمل السكان الدائمين والسكان المتنقلين، وهو عدد السكان الذين يتلقون الإدارة والخدمات الحكومية في المقاطعة. وسواء كان العدد 127 مليونا أو 150 مليون ساكن، فإن الرقمين يثيران الدهشة، لأن عدد السكان تحت إدارة قوانغدونغ، أكثر من عدد سكان روسيا، التي تحتل المرتبة التاسعة في العالم من حيث عدد السكان، ويزيد 25 مليون نسمة عن عدد سكان اليابان. والأمر الأكثر إثارة للدهشة هو أن المهاجرين يشكلون نسبة كبيرة من عدد السكان الضخم في قوانغدونغ.

في عام 2022، بلغ عدد السكان المسجلين في قوانغدونغ مائة مليون وأربعمائة وسبعة وتسعين ألف نسمة، مما يعني أن عدد المهاجرين إلى قوانغدونغ وصل إلى حوالي خمسين مليون نسمة، وهو ما يعادل إجمالي عدد سكان جمهورية كوريا. وإذا تم تخفيف شروط تسجيل الأسرة (هوكو) في قوانغدونغ، فإن تدفق المهاجرين إلى قوانغدونغ سيكون أكبر.

ينتقل الأشخاص من أنحاء البلاد إلى قوانغدونغ مما أدى إلى زيادة عدد السكان وتعزيز تدفق الهجرة إلى المنطقة، مما يدل على أنها تتمتع بجاذبية قوية. لماذا يختار العديد من الأشخاص العيش في قوانغدونغ؟ ببساطة، لأن هناك العديد من فرص التوظيف في قوانغدونغ، حيث كسب المال أسهل، فضلا عن كون قوانغدونغ منفتحة ومتسامحة ومستعدة لاستقبال الغرباء بذراعيها المفتوحتين.

إذا كنت تسعى للعثور على فرصة عمل وريادة الأعمال، فإن قوانغدونغ هي الوجهة المثالية، حيث تتوفر فرص كثيرة لكسب المال، وهذا هو السبب الرئيسي وراء اختيار الكثير من الناس العيش في قوانغدونغ.

يُعتبر السكان عنصرا ونتيجة للتنمية الاقتصادية، يمكن لقوانغدونغ استيعاب 150 مليون شخص يوجدون بها يوميا وتقديم الخدمات لمائة وسبعة وعشرين مليون شخص من السكان الدائمين، وهذا يُعتبر إنجازا أساسيا وفخرا للاقتصاد المحلي في قوانغدونغ.

حققت قوانغدونغ العديد من المعجزات الاقتصادية. في عام 2023، بلغ الناتج المحلي الإجمالي لقوانغدونغ 57ر13 تريليون يوان (الدولار الأمريكي يساوي 1ر7 يوانات تقريبا حاليا)، وأصبحت المقاطعة الصينية الأولى التي يتجاوز ناتجها المحلي الإجمالي 13 تريليون يوان، واحتل الحجم الاقتصادي لقوانغدونغ المرتبة الأولى في الصين لمدة خمسة وثلاثين عاما متتالية.

في الوقت نفسه، حققت بعض المدن الرئيسية في قوانغدونغ منجزات بارزة. في عام 2023، تجاوز الناتج المحلي الإجمالي لمدينة قوانغتشو ثلاثة تريليونات يوان وعادت بذلك لتحتل المرتبة الرابعة بين المدن الصينية من حيث حجم الاقتصاد؛ أصبحت شنتشن خامس مدينة في الصين يصل استهلاكها إلى تريليون يوان في الصين، وتحتل المرتبة الأولى في الصين من حيث قيمة الإنتاج الصناعي الإجمالي لمدة عامين متتاليين؛ تجاوزت القيمة الإجمالية للإنتاج الصناعي لمدينة فوشان ثلاثة تريليونات يوان لأول مرة واحتلت المرتبة الرابعة بين المدن الصينية الصناعية.

الناتج المحلي الإجمالي لمقاطعة قوانغدونغ البالغ 57ر13 تريليون يوان يعادل حوالي 925ر1 تريليون دولار أمريكي، وفقا لمتوسط سعر صرف الرنمينبي في عام 2023. وهو بذلك يتجاوز الناتج المحلي الإجمالي لكل من روسيا وجمهورية كوريا وأستراليا وغيرها، ويحتل المرتبة العاشرة في العالم، وهذا يعني أن الناتج المحلي الإجمالي لمقاطعة قوانغدونغ قد تجاوز الكثير من الاقتصادات في العالم.

علاوة على ذلك، وفقا للبيانات، تمثل مساحة قوانغدونغ 87ر1% من مساحة أراضي الصين، بينما يمثل سكانها 97ر8% من سكان الصين، بينما تُساهم قوانغدونغ بنسبة 8ر10% من الناتج المحلي الإجمالي للصين و5ر12% من قيمة الإنتاج الصناعي.

تستخدم قوانغدونغ القليل من موارد الأراضي لخلق قيمة اقتصادية كبيرة ودعم عدد كبير من السكان.

ما هي التنمية العالية الجودة؟

بحلول نهاية عام 2023، بلغ عدد الكيانات التجارية المسجلة في مقاطعة قوانغدونغ 067ر18 مليونا، وهو ما يمثل عُشر الكيانات التجارية في الصين، بزيادة قدرها 728ر1 مليون كيان مقارنة مع نفس الفترة من عام 2022، وبنسبة نمو 6ر10%، وهو أعلى معدل نمو في السنوات الخمس الماضية. كل كيان في السوق هو قوة محركة لخلق القيمة الإقتصادية، حيث صاغ أكثر من 18 مليون كيان تجاري روح السعي وتحقيق التميز في قوانغدونغ. يوجد في قوانغدونغ 18 مليون كيان تجاري، مما يعني أن هناك رئيس شركة واحد لكل سبعة أشخاص من السكان فيها.

بالإضافة إلى ذلك، وصل عدد الشركات المسجلة في قوانغدونغ إلى 808ر7 ملايين شركة، وهو ما يمثل سُبع إجمالي الشركات المسجلة في الصين، بزيادة بلغت نسبتها 5ر8% مقارنة بعام 2022. في عام 2023، تم تسجيل 204ر1 مليون شركة جديدة في قوانغدونغ، بزيادة بلغت نسبتها 1ر15% مقارنة بعام 2022.

تحتل قوانغدونغ المرتبة الأولى في الصين من حيث عدد الكيانات التجارية والشركات وعدد الشركات الأجنبية وعدد الكيانات الاقتصادية الخاصة. ومن الجدير بالذكر أن الكيانات الاقتصادية الخاصة تمثل أكثر من 96% من بين الثمانية عشر مليون كيان تجاري في قوانغدونغ.

يعكس ازدهار الاقتصاد الخاص التنمية العالية الجودة، حيث يشجع نموذج التنمية على ريادة الأعمال التجارية، مما يجعل المزيد من الناس يستفيدون منها.

تشير البيانات إلى أن قوانغدونغ، باعتبارها القوة الصناعية الأولى في الصين، تمثل حوالي ثُمن الحجم الصناعي الصيني، ولديها 31 فئة صناعية، حيث تحتل 15 منها المرتبة الأولى في الصين، مما يدل على أن قوانغدونغ، باعتبارها أكبر مقاطعة اقتصادية صينية، تعتمد على التصنيع الحقيقي وليس الصناعات غير ذات القيمة.

لا تظهر التنمية العالية الجودة في قوانغدونغ من خلال ازدهار الاقتصاد الخاص وحماسة الناس لريادة الأعمال فحسب، وإنما أيضا تعكس أساسها الصناعي المتين. وفقا للبيانات، تُعد قطاعات المعلومات الإلكترونية والأجهزة المنزلية والسيارات أقوى ثلاثة قطاعات في قوانغدونغ. تنتج قوانغدونغ حوالي 90% من الطائرات المسيرة في الصين، وتستقر فيها شركات معروفة مثل شركات داجيانغ وEHANG وXAG وغيرها. بسبب الازدحام المروري، تعمل العديد من المدن على تطوير "اقتصاد الارتفاعات المنخفضة"، ففي المستقبل، ربما سنتمتع بخدمة توصيل الطعام بالطائرات المسيرة و"سيارات الأجرة الجوية" تدريجيا.

تنتج قوانغدونغ 20% من الثلاجات و30% من مكيفات الهواء و37% من الروبوتات الصناعية و40% من الهواتف الذكية وأكثر من 50% من أجهزة التلفزيون في الصين؛ ومن بين كل أربع سيارات تعمل بالطاقة الجديدة في الصين، يتم إنتاج واحدة في قوانغدونغ.

كما تدعم قوانغدونغ الكثير من الشركات المعروفة في العالم، مثل شركات هواوي وأوبو وvivo في قطاع المعلومات الإلكترونية ومجموعة ميديا وشركة قري للأجهزة الكهروبائية وغيرها في قطاع الأجهزة المنزلية وشركات بي واي دي و AION وXpeng في قطاع السيارات.

الصناعة التحويلية في قوانغدونغ موجهة نحو المستهلك، حيث تتفوق قوانغدونغ في تصنيع الهواتف الذكية والسيارات والطائرات المسيرة والأجهزة المنزلية والملابس ومستحضرات التجميل، إلخ.

تحدي الابتكار

لا تنعكس التنمية العالية الجودة في قوانغدونغ على التصنيع فحسب، وإنما أيضا في شجاعتها على الابتكار وتحقيق اختراقات في أحدث التقنيات بالعالم.

تظهر البيانات أن قوانغدونغ بها أكثر من 75 ألف شركة للتكنولوجيا الفائقة وأكثر من 1500 شركة "عملاقة صغيرة"، وهي بذلك تحتل المرتبة الأولى في الصين. تتمتع قوانغدونغ بمستوى عال من الابتكار، واحتلت قدرتها الشاملة على الابتكار المرتبة الأولى في الصين لمدة سبع سنوات متتالية، كما تحتل المرتبة الأولى في الصين من حيث عدد الباحثين وعدد البراءات المستخدمة وعدد براءات الاختراع العالية القيمة وعدد طلبات البراءات الدولية بناء على معاهدة التعاون بشأن البراءات.

على وجه التحديد، تمثل براءات الاختراع في قوانغدونغ ثُمن إجمالي براءات الاختراع في الصين، ويمثل الاستثمار في أبحاث العلوم والتكنولوجيا سُبع إجمالي الاستثمار في الصين، ويمثل عدد الشركات المدرجة سُدس إجمالي الشركات المدرجة في الصين، ويمثل عدد الشركات ذات الاستثمار الأجنبي رُبع إجمالي الشركات في الصين، وتمثل طلبات البراءات الدولية بناء على معاهدة التعاون بشأن البراءات ثُلث إجمالي طلبات البراءات في الصين.

وقد احتل تجمع شنتشن- هونغ كونغ- قوانغتشو لمدة أربع سنوات متتالية المرتبة الثانية في قائمة تجمعات التكنولوجيا العالمية التي تصدرها المنظمة العالمية للملكية الفكرية.

الأمر الجدير بالثناء، هو أن معظم الإنجازات المبتكرة في قوانغدونغ تمت من جانب الشركات وليس معاهد البحث. وفقا للبيانات، مقارنة مع مناطق أخرى، تساهم شركات في قوانغدونغ في دعم 90% من معاهد البحث و90% من الباحثين و90% من أموال البحث و90% من طلبات براءات الاختراع جاءت من الشركات.

ما هي التنمية العالية الجودة؟ تشير التنمية العالية الجودة إلى الجرأة على الابتكار وحث السوق على الابتكار وتشكيل نموذج الابتكار الذي يعتبر الشركات كيانا رئيسيا ويعتبر السوق اتجاها، وهذا يساعد الحكومة على تخفيف العبء ومواجهة تغيرات السوق بشكل أسرع وأكثر مرونة.

أحد الأسباب المهمة التي تجعل وادي السيليكون في الولايات المتحدة الأمريكية في قمة الاقتصاد العالمي الجديد، هو استخدام آلية الابتكار، حيث تعتبر الشركات كيانا رئيسيا وتعتبر السوق اتجاها.

حاليا، تشارك قوانغدونغ بنشاط في بناء منطقة خليج قوانغدونغ- هونغ كونغ- ماكاو الكبرى، حسب معايير مناطق الخليج في نيويورك وسان فرانسيسكو وطوكيو، وتعمل على بناء مركز صناعي لابتكار العلوم والتكنولوجيا ذي تأثير عالمي.

في هذا السياق، فإن التمسك بالتنمية العالية الجودة وتسريع تشكيل القوة الإنتاجية الجديدة النوعية هو السبيل الذي لا بد منه لتطوير قوانغدونغ.