التنمية الاقتصادية العالية الجودة موضوع ساخن في الصين في السنوات الأخيرة، وهدف تسعى إليه كل المناطق في أنحاء البلاد، ومن بينها، مدينة تساوتشوانغ بمقاطعة شاندونغ، التي اعتمدت منذ فترة طويلة على موارد الفحم من أجل التنمية. استكشفت تساوتشوانغ مسارا للتنمية العالية الجودة يقوده التصنيع الذكي، وتحولت من مدينة تعتمد على الموارد إلى مدينة مبتكرة، وسعت جاهدة لتعزيز تحسين وترقية التكنولوجيا صناعيا، من خلال تنفيذ إستراتيجية تنمية تضع التصنيع الذكي في قمة أولوياتها، لدعم قطاع تصنيع المعدات الراقية.

تحويل واختراق في "مدينة الموارد"

تقع مدينة تساوتشوانغ في جنوبي مقاطعة شاندونغ، وكانت نموذجا للمدن التي تعتمد على الموارد. بالاعتماد على موارد الفحم الوفيرة، قدمت مساهمة كبيرة في دعم بناء البلاد، ورسخت مكانتها كمدينة صناعية وقاعدة للطاقة. ومع ذلك، مع نضوب موارد الفحم في السنوات الأخيرة، تواجه تساوتشوانغ مشكلات عملية، مثل الحجم الصناعي الصغير وقلة عدد المؤسسات الرائدة وانخفاض المستوى الصناعي، فضلا عن التحدي المتمثل في تسريع التحول وإعادة تشكيل مجد جديد للقاعدة الصناعية القديمة.

تحقيقا لهذه الغاية، طرحت لجنة الحزب الشيوعي الصيني في تساوتشوانغ بوضوح إستراتيجية "تقوية المدينة بالتصنيع والنهوض بها بالصناعات"، والتي تتطلب الاعتماد على "الجينات الصناعية" العميقة، وتركيز الموارد لتعزيز الصناعة لتصبح أقوى وأفضل، وبذل كل جهد ممكن لبناء "مرتفعات التصنيع الذكية لممر بكين- شانغهاي"، وقيادة المدينة الصناعية بالتصنيع الذكي، وتحقيق "التحول والاختراق" للمدينة الصناعية القديمة.

تنغتشو، وهي مدينة على مستوى المحافظة تابعة لتساوتشوانغ، كان لديها دائما أساس صناعي جيد. قال تشانغ لي، نائب مدير إدارة الدعاية في لجنة الحزب الشيوعي الصيني في تساوتشوانغ، إن صناعة أدوات ومعدات الآلات في تنغتشو، التي بدأت في خمسينات القرن العشرين، لها تاريخ من أكثر من 70 عاما، وهي قاعدة مهمة في البلاد لبحث وتطوير وتصنيع أدوات الآلات الصغيرة والمتوسطة الحجم وقاعدة أدوات آلة التحكم الرقمي بالكمبيوتر(CNC) الراقية في مقاطعة شاندونغ، والمعروفة باسم "عاصمة الأدوات الآلات الصغيرة والمتوسطة الحجم في الصين".

بعد سنوات من التطوير، يتواصل توسع حجم المجموعة الصناعية لتصنيع المعدات (أدوات الآلات) في تنغتشو، وقد تشكل نمط من الشركات الرائدة التي تقوم بالعلامات التجارية والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة الحجم التي تقوم بمرافق الدعم. وتغطي المنتجات أدوات آلة CNC، وأدوات التحليل الدقيق، وآلات الهندسة وغيرها من أكثر من 10 فئات وأكثر من ألف نوع. بالإضافة إلى ذلك، وفقا لـ"الخطة الخمسية الرابعة عشر لتطوير صناعة المعدات المتطورة في تنغتشو"، قامت تنغتشو أيضا ببناء منطقة التنمية الاقتصادية والتكنولوجية في تنغتشو، والحديقة الصناعية لتصنيع الآلات، وحديقة موه تسي الابتكارية للعلوم والتكنولوجيا وغيرها من المؤسسات.

في الحادي عشر من نوفمبر عام 2023، أصدرت حكومة مقاطعة شاندونغ "خطة العمل للتنمية العالية الجودة لصناعة أدوات الآلات الصناعية في مقاطعة شاندونغ (2023- 2027)" لتنفيذ مشروع الاختراق "1131"، أي مشروع "بناء تجمع واحد ومؤسسة راقية واحدة وثلاث مدن محورية ونظام موحد". وأوضح تشانغ لي أن المقصود بـ"المجموعة الواحدة" هو بناء مجموعة صناعة أدوات الآلات الصناعية ذات المستوى العالمي؛ والمقصود بـ"المؤسسة الراقية" هو تأسيس مؤسسة واحدة ذات مستوى عالمي لأدوات آلة CNC الراقية؛ و المقصود بـ"الثلاث مدن الأساسية" هو قيادة مدينة جينان وويفانغ وتساوتشوانغ هذه الصناعة؛ أما المقصود بـ"النظام الموحد" هو بناء نظام ابتكار تكنولوجيا الأدوات الصناعية الرائدة في الصين. هذه المرة، تم إدراج تساوتشوانغ كواحدة من "الثلاث مدن الأساسية"، وسوف تتهيأ لها فرص تنمية كبرى.

مجمع مشروعات "راقية ودقيقة ومتقدمة"

أداة الآلة التي يمكنها معالجة 32 شفرة في نفس الوقت، تكنولوجيا رائدة عالميا ولدت في حديقة موه تسي الابتكارية للعلوم والتكنولوجيا، حيث يوجد معهد بيهانغ لأبحاث ابتكار الأدوات الآلية في تساوتشوانغ، وهو شركة ابتكار علمي وتكنولوجي تم تأسيسها بشكل مشترك من قبل جامعة بيهانغ (جامعة علوم الطيران والفضاء ببكين) وحكومة مدينة تساوتشوانغ، وهو أيضا مشروع رئيسي لمدينة تساوتشوانغ لبناء قاعدة بحث وتطوير وتصنيع أدوات الآلات الدقيقة.

قال ليو قوانغ تشاو، مدير قسم الاستثمار والتشغيل في شركة تنغتشو المحدودة لتشغيل الأصول الصناعية: "حديقة موه تسي الابتكارية للعلوم والتكنولوجيا هي قاعدة لسلسلة كاملة لبحث وتطوير وتصنيع أدوات الآلات الدقيقة في تنغتشو، وتدمج الوظائف الثلاث للحاضنة والمسرع والحديقة الصناعية. فيما يتعلق بجذب الاستثمار للمشروعات، فإننا نركز دائما على المشروعات الجيدة التي تتميز بسرعة النمو وكفاءة الابتكار وارتفاع المستوى التكنولوجي وكثرة الإمكانات."

في عام 2017، حقق فريق بحث قاده البروفيسور تشن تشي تونغ من جامعة بيهانغ اختراقا مهما في إنتاج شفرات المحركات الهوائية، وأنجز بحث وتصنيع تجليخ وتلميع لوصلة ذات 4 محاور ووصلة ذات 5 محاور، وجعل فعالية المعالجة ودقتها تتجاوزان بكثير الأدوات المستوردة، مما أدخل أدوات الآلات المحلية إلى الكتيبة الوطنية للأبحاث الإستراتيجية للمحركات الهوائية.

في ورشة العمل القياسية بمعهد بيهانغ لأبحاث ابتكار الأدوات الآلية في تساوتشوانغ، هناك أنواع مطورة حديثا من أدوات الآلة لمعالجة الشفرات. قال ليانغ تنغ، مدير مكتب المعهد، إن المعهد، استثمر منذ إنشائه أكثر من 80 مليون يوان في البحث والبناء، وأنتج أكثر من خمسين طقما من أكثر من عشرة أنواع لأدوات آلة معالجة الشفرات، ونفذ أكثر من ثلاثين مشروعا بحثيا للشفرات لمؤسسات المحركات الهوائية، وحلت سلسلة من المشكلات الفنية في تجليخ وتلميع شفرات المكره في صناعة المحركات.

اليوم، استنادا إلى فريق البحث للبروفيسور تشن تشي تونغ، يركز معهد بيهانغ لأبحاث ابتكار الأدوات الآلية في تساوتشوانغ على بحث وتطوير تصميم وتصنيع أدوات آلة CNC المتطورة وتكنولوجيا تجليخ وتلميع شفرة المكره للمحرك الهوائي. على أساس أكثر من 60 براءة اختراع أصلية، تقدم المعهد بطلب للحصول على 41 براءة اختراع جديدة، وقد تم تحديد وصول ثلاث تقنيات منها إلى المستوى الرائد دوليا.

كما عززت حديقة موه تسي الابتكارية للعلوم والتكنولوجيا التعاون في مجال الإنتاج والتعلم والبحث مع معاهد البحث العلمي داخل البلاد لجذب عدد كبير من المشروعات الجيدة لتصنيع المعدات المتطورة للاستقرار فيها. وقد توصلت على التوالي إلى اتفاقيات الدخول مع شركات تصنيع المعدات الراقية، مثل معهد بحث وتطوير أدوات الآلات في جامعة بيهانغ وشركة أدوات الآلات في شنيانغ وشركة جينيان المحدودة للتكنولوجيا في جيانغسو، إلخ. وقد تم إدراجها بنجاح في قائمة أفضل 30 تجمعا صناعيا مبتكرا في المقاطعة تدعمها حكومة مقاطعة شانغدونغ.

قيادة التنمية بالابتكار العلمي والتكنولوجي

قال ليو قوانغ تشاو: "تنغتشو هي مسقط رأس العالم الصيني القديم مو تسي. وعلينا أن نظهر روح موه تسي للابتكار العلمي والتكنولوجي في كل من تطوير الحديقة وترويجها وتجسيد إنجازها، في ظل تحول الطاقة الحركية من القديمة إلى الجديدة. وقد أضحت حديقة موه تسي الابتكارية للعلوم والتكنولوجيا أحدث منصة حاضنة في تنغتشو وحتى في تساوتشوانغ لتحويل الطاقة الحركية القديمة إلى الجديدة وتحقيق التنمية العالية الجودة."

كتقنية متطورة في الصناعة التحويلية، تعرف الأداة باسم جوهرة التاج للصناعة التحويلية. يدمج تصنيع الأدوات الدقيقة تخصصات متعددة، بما في ذلك الإلكترونيات والآلات الدقيقة والكيمياء الحيوية وعلوم المواد وتطوير البرمجيات. شركة هويفن المحدودة للأدوات في شاندونغ مصنع محترف للأدوات التحليلية التي تدمج البحث والتطوير والإنتاج والمبيعات.

قال المدير العام مياو تشينغ تاي، إن شركة هويفن أنشأتها بالتمويل الكامل من قبل شركة هويفن المحدودة التابعة لتشونغكه (الأكاديمية الصينية للعلوم) للأدوات في بكين، وهي مؤسسة وطنية للتكنولوجيا الفائقة، وهي أيضا من الشركات الغزال ومؤسسة جديدة متخصصة. يوجد جدار في قاعة المعرض في الطابق الثاني من بناية الشركة، معلق عليه عدد هائل من شهادات براءات الاختراع المعتمدة في هذه السنوات، بالإضافة إلى شهادات نظام إدارة الجودة ونظام الإدارة البيئية. قال مياو: "منتجاتنا الرئيسية هي الكروماتوغرافيا الذكية EPC، وأدوات حماية البيئة VOC، وأنظمة التحكم الصناعية عبر الإنترنت، وما إلى ذلك، والتي تستخدم على نطاق واسع في البحث العلمي للمعاهد ومختبرات المؤسسات، كما تستخدم للعمل في الهواء الطلق."

في المقصورات الزجاجية الشفافة بالشركة، يقوم العاملون بتثبيت الأدوات بشكل منهجي. أشار مياو إلى صندوق أبيض يصل ارتفاعه إلى قامة الشخص وعرضه نصف متر، وقال إن هذا هو محلل الكبريتيد عبر الإنترنت GCS-60، والذي يستخدم بشكل أساسي لتحليل محتوى الكبريتيد في الغاز الطبيعي وغاز فرن الكوك وغاز الفرن العالي وغاز المصفاة والغازات الأخرى. وقد اتضح أن العديد من بيئات التشغيل الصناعي بها ملوثات تتجاوز المعايير، وهناك مخاطر تتعلق بالسلامة الشخصية المرتبطة بالاختبار اليدوي، لذلك فإن أجهزة التحليل هذه ضرورية. بالإضافة إلى ذلك، لا يمكن إكمال الكشف اليدوي إلا في وقت محدد، ولكن يمكن للأداة أن تعمل على مدار 24 ساعة في اليوم، مما يحقق التحكم الأمثل في عملية الإنتاج والاختبار، ويضمن السلامة الشخصية، لذلك لديها مجموعة واسعة من التطبيقات في قطاعات البترول والمناجم والطاقة الجديدة والطاقة الكهربائية ومواد البناء والصناعات الكيميائية وغيرها.

إلى حد ما، يمثل مستوى تطوير الأدوات في أي بلد المستوى الشامل لتكنولوجيا التصنيع المتطورة فيه، وصناعة تصنيع الأدوات عبارة عن سلسلة صناعية خضراء خالية من التلوث، والتي يمكن أن تحقق فوائد اقتصادية واجتماعية. من المؤكد أن الصناعة التحويلية الراقية ستجلب تنمية حيوية كبيرة إلى تساوتشوانغ؛ المدينة الصغيرة في جنوبي شاندونغ.