في ديسمبر عام 2023، طرح مؤتمر العمل الاقتصادي المركزي "إنشاء التصنيع الحيوي والاستغلال التجاري للفضاء واقتصاد الارتفاعات المنخفضة وغيرها من الصناعات الإستراتيجية الناشئة". في ذلك العام، تمت كتابة اقتصاد الارتفاعات المنخفضة في تقرير أعمال الحكومة لعام 2024، مقترحا "بناء محركات نمو جديدة مثل اقتصاد الارتفاعات المنخفضة". كما تبنى عدد كبير من المقاطعات والمدن سياسات لدعم تطوير اقتصاد الارتفاعات المنخفضة. في الآونة الأخيرة، أصدرت وزارة الصناعة وتكنولوجيا المعلومات ووزارة العلوم والتكنولوجيا ووزارة المالية وإدارة الطيران المدني في الصين "الخطة التنفيذية للتطبيق المبتكر لمعدات الطيران العامة (2024- 2030)". وهذا يعني أنه تم توضيح وضع الصناعات الإستراتيجية الناشئة لاقتصاد الارتفاعات المنخفضة، وقد أنشأتها الدولة كقوة دافعة مهمة للتنمية العالية الجودة للاقتصاد الصيني.
تشير مكانة الصناعات الناشئة الإستراتيجية لاقتصاد الارتفاعات المنخفضة إلى أنها ستؤثر تأثيرا عظيما على التنمية الاقتصادية والاجتماعية العامة للصين، وعلى مستقبلها البعيد المدى، وتحتاج إلى تخطيط طويل الأمد، إذ تتعلق بحصول الصين على القدرة التنافسية الدولية، والمزايا التنافسية في المستقبل. اقتصاد الارتفاعات المنخفضة هو ممثل للقوى المنتجة الحديثة النوعية، وهو التجسيد البارز للتقنيات الجديدة والصناعات الجديدة والنماذج الجديدة وأشكال الأعمال الجديدة.
محرك جديد للاقتصاد
اقتصاد الارتفاعات المنخفضة محرك جديد يدفع النمو الاقتصادي، ويعزز التحول الاقتصادي. أولا، يمكنه أن يولد مجموعة جديدة من الطلب على الاستهلاك والاستثمار. وله تطبيقات واسعة للغاية لسد الطلب المتزايد لكل من الأطراف الحكومية والتجارية والشعبية، مثل سيارات الأجرة الجوية التي تستخدم للتنقل بين أنحاء المدينة والسفر القصير عبر المدن والنقل اللوجستي والتسليم السريع، وفي مجالات الضمان الاجتماعي، كإخماد الحرائق، ودوريات الأمن العام، والإنقاذ في حالات الطوارئ، إلخ. وكذلك يمكن للطائرات بدون طيار أو طائرات الإقلاع والهبوط العمودي الكهربائية المستخدمة في هذه المجالات أن توفر تجربة أفضل وتخلق المزيد من القيمة الاقتصادية والاجتماعية بتكلفة منخفضة نسبيا. لذلك، فإن حجم سوق اقتصاد الارتفاعات المنخفضة ضخم، طالما تم بناء مرافق التنمية الصناعية المقابلة، فإن اقتصاد الارتفاعات المنخفضة سوف يُظهر إمكانات تنمية هائلة.
ثانيا، السلسلة الصناعية لاقتصاد الارتفاعات المنخفضة طويلة. تغطي السلسلة الصناعية لاقتصاد الارتفاعات المنخفضة صناعات مختلفة مثل بناء وتشغيل البنية التحتية للطيران على ارتفاعات منخفضة، وبحث وتطوير وتصنيع الطائرات، ودعم خدمات الطيران على ارتفاعات منخفضة. من منظور بناء البنية التحتية التي تخدم اقتصاد الارتفاعات المنخفضة، يغطي اقتصاد الارتفاعات المنخفضة البنية التحتية للأجهزة والبرمجيات. على مستوى الأجهزة، يشمل اقتصاد الارتفاعات المنخفضة مطارات الطيران العام، وقواعد دعم الطيران على ارتفاعات منخفضة، ومواقع اختبار الطيران على ارتفاعات منخفضة، والبنية التحتية للملاحة والاتصالات، وما إلى ذلك. بالإضافة إلى ذلك، فإنه يشمل أيضا البنية التحتية الداعمة لاقتصاد الارتفاعات المنخفضة في سيناريوهات محددة. على سبيل المثال، فإن إنشاء البنية التحتية مثل ساحة انتظار السيارات، اللازمة لتنفيذ الطب الجوي، سيولد طلبا كبيرا على الاستثمار في اقتصاد الارتفاعات المنخفضة. على مستوى البرمجيات، يحتاج اقتصاد الارتفاعات المنخفضة إلى مجموعة من الأنظمة الذكية لضمان الطيران العادي للطائرات. هذا النظام الذكي يعادل "الدماغ المركزي" لعمليات الطيران على ارتفاعات منخفضة، وهو المسؤول عن تنسيق جميع أنواع أنشطة الطيران على ارتفاعات منخفضة لضمان التشغيل الآمن والفعال للطيران على ارتفاعات منخفضة.
أخيرا، يحتوي اقتصاد الارتفاعات المنخفضة على مجموعة واسعة من التطبيقات. من وجهة نظر جغرافية، سيشكل المجال المنخفض الارتفاع شبكة نقل ثلاثية الأبعاد في الصين جنبا إلى جنب مع الطرق السريعة والسكك الحديدية والنقل البري والجوي وأنظمة النقل الأخرى.
تعد شبكة النقل التقليدية بشكل عام أكثر تطورا في مناطق الصين الوسطى والشرقية، ومتخلفة نسبيا في المناطق النائية، وتوفر المنطقة الغربية الشاسعة في الصين مساحة واسعة لتطوير اقتصاد الارتفاعات المنخفضة، مما يمكن أن يعوض بشكل أفضل النقص النسبي في قدرة النقل، بما يحفز المزيد من الحيوية الاقتصادية في المناطق النائية بغربي الصين.
مزايا كبيرة
تتمتع الصين بالعديد من المزايا في تطوير اقتصاد الارتفاعات المنخفضة. أولا، شكلت الصين ميزة معينة رائدة عالميا في المجالات الفردية لسلسلة الابتكار في السلسلة الصناعية لاقتصاد الارتفاعات المنخفضة. فيما يتعلق بتقنيات الاتصالات، يحتاج اقتصاد الارتفاعات المنخفضة إلى الاتصال في الوقت الفعلي بين الجو والأرض عند العمل في الهواء. أدى تطوير تقنية الجيل الخامس المتقدمة (5G-A) مرة أخرى إلى رفع سرعة الاتصال في الجيل الخامس، والتي من المتوقع أن تحقق تكامل وظائف الاتصال، ولديها قدرة قوية على التكيف مع سيناريوهات اقتصاد الارتفاعات المنخفضة. فيما يتعلق ببطاريات الطائرات، في السنوات الأخيرة، أنشأت الصين سلسلة كاملة نسبيا لصناعة بطاريات الطاقة الجديدة بفضل تطوير تكنولوجيا الطاقة الجديدة ومزايا التصنيع المتطور، وتحتل صناعة البطاريات الصينية المرتبة الأولى في العالم، مما يضع الأساس لتصنيع طائرات لاقتصاد الارتفاعات المنخفضة.
ثانيا، يوفر النظام الصناعي الصيني الحديث تربة للتنمية المبتكرة للاقتصاد الجديد الذي يمثله اقتصاد الارتفاعات المنخفضة. يعرف كريستوفر فريمان الابتكار بأنه المحاولة الأولى لتطبيق اختراع جديد ومنتج جديد وعملية جديدة وطريقة جديدة ونظام جديد على الاقتصاد. لذلك، تؤكد نظريته على أهمية قيمة تطبيق الابتكار، وفقط من خلال تطبيق الابتكار في التنمية الصناعية والنمو الاقتصادي، وليس البقاء في "المختبر"، يمكن استخدام القيمة الفعلية للابتكار. يوفر النظام الصناعي الحديث الصيني المتطور والأخضر والذكي أساسا تطبيقيا لتطوير الابتكار العلمي والتكنولوجي، فسيعزز التنمية المنسقة للابتكار الصناعي والابتكار العلمي والتكنولوجي.
ثالثا، تعد وفورات الحجم في الصين أكبر المزايا للابتكار التكنولوجي وتطوير الصناعات الناشئة الإستراتيجية. وفقا لنظرية النمو الاقتصادي الداخلي، فإن العوامل التكنولوجية، كعوامل داخلية للنمو الاقتصادي، لها خصائص زيادة العائدات على نطاق واسع. لذلك، فإن تطوير الاقتصاد الجديد المدفوع بالابتكار التكنولوجي يمكن أن يدفع تحسين الإنتاجية الكلية لعوامل الإنتاج من خلال وفورات الحجم ويوفر زخما قويا للنمو الاقتصادي. وفي الوقت نفسه، يتميز تطوير الاقتصاد الجديد بخصائص كثرة الاستثمار في المرحلة المبكرة وكثرة الخدمات الداعمة، ودورة العائد الطويلة، واحتمال مواجهة المخاطر. ويمكن للتنمية الواسعة النطاق أن تقلل من مخاطر التنمية، وتخفف من تكلفتها، ومن ثم تشكل ميزة تنافسية نسبية دولية. الصين لديها أماكن تطبيق وفيرة ونظام سوق ضخم، وهذا يوفر أساسا جيدا للتنمية الواسعة النطاق للصناعات الناشئة الإستراتيجية التي يمثلها اقتصاد الارتفاعات المنخفضة.
على الرغم من أن اقتصاد الارتفاعات المنخفضة لديه آفاق تنمية واسعة في الصين، فإنه إذا قورن بأوروبا والولايات المتحدة الأمريكية، بدأ متأخرا، وما زالت الفجوة كبيرة بين الصين وكل من أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية. وتجدر الإشارة إلى أن الصين تتمتع بميزة تحقيق التفوق، ولكن، هناك الكثير من العمل الذي يتعين القيام به لتعزيز اقتصاد الارتفاعات المنخفضة، بما فيه الاستثمار القوي وبناء العديد من البنى التحتية المتعلقة به، وتوفير الطيارين والأكفاء الآخرين الذين تحتاج إليهم تنمية اقتصاد الارتفاعات المنخفضة، وإنشاء نظام سليم للقواعد الموحدة وتهيئة بيئة سياسية متسامحة.
اقتصاد الارتفاعات المنخفضة شيء جديد تماما بالنسبة للصين. والقانون القائل بأن البنية الفوقية قد تتخلف عن تطور الاقتصاد في فترة زمنية معينة، يعني أن تطوير اقتصاد الارتفاعات المنخفضة في الصين قد يواجه العديد من المشكلات غير الاقتصادية. وإذا ظهرت هذه المشكلات، ينبغي للقوانين واللوائح والمعايير متابعة التطورات والتغيرات المستمرة والتكيف معها في أسرع وقت، ولا ينبغي لبعض القيود المؤسسية أن تقف عقبة أمام تطوير اقتصاد الارتفاعات المنخفضة، وذلك لتشكيل نظام اجتماعي مناسب لتشجيع تطور الاقتصادات المبتكرة مثل اقتصاد الارتفاعات المنخفضة.
--
شن يوي جينغ، باحثة مشاركة في معهد تشونغيانغ للدراسات المالية في جامعة رنمين الصينية.