مال واقتصاد < الرئيسية

متى يأتي الإنتاج الضخم للروبوتات الشبيهة بالبشر؟

: مشاركة
2025-05-16 16:31:00 :Source ليو شيويه يون:Author

ظهر ستة عشر روبوتا شبيها بالبشر طورتها شركة صينية في مسرح حفل رأس السنة القمرية الصينية الجديدة (عام الثعبان) لعام 2025، وأبهرت المشاهدين بمهاراتها في تقليب المناديل ورميها ولف أجسادها لأداء رقصة "يانغقه" المشهورة في شمال شرقي الصين. أثار هذا الأداء المبتكر نقاشات ساخنة وجولة جديدة من الاهتمام على الإنترنت من قبل الصينيين والأجانب حول الروبوتات الشبيهة بالبشر.

وقد كشف إيلون ماسك، الرئيس التنفيذي لشركة "تسلا"، في مقابلة صحفية عن خطة شركته لإنتاج الآلاف من روبوت "أوبتيموس" الشبيه بالبشر خلال عام 2025، مع زيادة الإنتاج إلى عشرة أضعاف بحلول عام 2026‌. وتشير توقعات عدة مؤسسات بحثية إلى أن عام 2025 قد يشهد بدء الإنتاج الضخم للروبوتات الشبيهة بالبشر.

الإنتاج الضخم ليس هو نفسه "التوسع"

تظهر الروبوتات الشبيهة بالبشر في الأفلام السينمائية والمسلسلات التلفزيونية، وتتمتع بقدرات رياضية استثنائية. واعتمادا على مهاراتها الرياضية الممتازة واستقلاليتها العالية الدرجة، كثيرا ما تقوم بمواجهات متوترة ومثيرة مع البشر. فما هو مستوى تطور الروبوتات الشبيهة بالبشر في الحياة الحقيقية؟

تعد الروبوتات التي تمشي على قدمين الروبوتات الشبيهة بالبشر النموذجية، كونها تتضمن التقنيات المتقدمة مثل الذكاء الاصطناعي والتصنيع الفائق والمواد الجديدة، وجوهرها هو الدمج العميق لتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا الكهروميكانيكية الروبوتية.

قال تشانغ وي مين، الأستاذ في معهد بكين للتكنولوجيا ورئيس مجلس إدارة شركة هواهوي للتكنولوجيا الذكية التابعة لمعهد بكين للتكنولوجيا: "ما زالت الروبوتات الشبيهة بالبشر في المرحلة الأولية، فهي لديها القدرة على المشي فقط. تصمم بعض الروبوتات الشبيهة بالبشر لأداء أعمال متخصصة، لكنها تقتصر على تشغيل حركات اليد البسيطة فقط. ومن حيث مستوى التكنولوجيا، طورت شركات أجنبية تقنيات معنية مبكرا نسبيا، واهتمت ببحوث التقنيات المتقدمة مبكرا، والشركات الصينية تتخلف عنها إلى حد ما في مجال التقنيات القاعدية الرئيسية مثل الخوارزميات الأساسية والمكونات الأساسية."

تحتل الولايات المتحدة الأمريكية حاليا مكانة قيادية في مجال الروبوتات الشبيهة بالبشر، ولديها شركات مشهورة مثل "بوسطن دايناميكس" و"تسلا". تتمتع شركة "سوفت بنك روبوتيكس" اليابانية وشركات أخرى أيضا بتأثير كبير في سوق الروبوتات الشبيهة بالبشر. من جانب آخر، تظهر الروبوتات الشبيهة بالبشر التي طورتها الشركات الصينية زخم نمو قويا أيضا، وقد دخل بعضها السوق، مثل الروبوت "ووكر" لشركة "يوبيتك" و"سايبر وان" لشركة "شياومي" و"جي آر-1" لشركة "فوريير".

قال تشانغ وي مين، إن الروبوتات الشبيهة بالبشر الصينية تحتل مكانة متقدمة في العالم، من منظور التصنيع، مع استخدام مكونات جوهرية محلية بشكل أساسي، والأسعار المنخفضة بشكل كبير.

ووفقا للإحصاءات، فإنه حتى فبراير 2024، بلغ عدد شركات الروبوتات الشبيهة بالبشر في الصين 24747، من بينها 1051 شركة تتسم بـ"التخصص والدقة والتميز والحداثة". يتوقع معهد قاوقونغ لأبحاث صناعة الروبوتات أن يتجاوز حجم سوق الروبوتات الشبيهة بالبشر في الصين مليون وحدة سنويا بحلول عام 2034. وتتوقع شركة "غولدمان ساكس" أنه في ظل السيناريو المثالي، سيصل حجم سوق الروبوتات الشبيهة بالبشر إلى 154 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2035، وأن تصبح صناعة الروبوتات الشبيهة بالبشر سوق المحيط الأزرق بقيمة مائة مليار دولار أمريكي. ولن يقتصر تركيزها على البحث والتطوير التكنولوجي فحسب، وإنما أيضا استكشاف سيناريوهات التطبيقات التجارية بشكل أكثر نشاطا.

بدأت شركات صينية رائدة في مجال الروبوتات، مثل "آجي بوت" و"فوريير" و"يويشو"، إنتاج الروبوتات الشبيهة بالبشر بحجم صغير. فهل هذا يبشر بدخول صناعة الروبوتات الشبيهة بالبشر في الصين مرحلة الإنتاج الواسع النطاق؟

قال جيانغ لي، كبير العلماء في مركز ابتكار الروبوتات الشبيهة بالبشر الذي بني على المستويين الوطني والمحلي، إنه من المتوقع يشهد عام 2025 تحقيق الإنتاج الضخم، لكن ذلك لا يعني تحقيق التطبيق الضخم للروبوتات الشبيهة بالبشر.

وقال ليو جين تشانغ، الباحث في مركز التكنولوجيا الفائقة بالمؤسسة الوطنية للعلوم الطبيعية في الصين، إنه على الرغم من تراكم تكنولوجيا الروبوتات الشبيهة بالبشر في مختلف أنحاء العالم، تظل آفاق التطبيق العملي لهذه التكنولوجيا محدودة بسبب عدم إمكانية الوصول إليها اقتصاديا ومستوى ذكائها. وأضاف أنه في الوقت الحاضر، لا تزال الروبوتات الشبيهة بالبشر غير قادرة على أداء مهمات كثيرة، كما أن أسعارها لم تصل بعد إلى المستوى المعقول. وقال تشانغ وي مين: "لتحقيق الإنتاج الضخم الحقيقي والتسويق، يجب حل العديد من المشكلات مثل التكنولوجيا والتكلفة والسوق وسيناريوهات التطبيق."

تسريع دخول سيناريوهات التطبيق

في السابع عشر من يناير عام 2025، قامت شركة لهجيوي للروبوتات بتسليم الوحدة الأخيرة من مائة روبوت كامل شبيه بالبشر إلى شركة بكين للسيارات الرياضية المتعددة الاستخدامات. قال لنغ شياو كون، رئيس مجلس إدارة شركة لهجيوي، إن الشركات يجب عليها تعزيز تسويق الروبوتات الشبيهة بالبشر بجانب البحث فيها وتطويرها. وفي خضم هذه المنافسات، فإن الشركة التي تنجح في تحقيق الإنتاج الضخم للروبوتات الشبيهة بالبشر وتعزيز تطبيقاتها في السيناريوهات الصناعية المختلفة، سوف تحقق التفوق.

إن قيام الروبوتات الشبيهة بالبشر بالعمل في المواقع الحقيقية ليس أمرا جديدا، وقد أصبح تسريع تطبيقها في السيناريوهات الصناعية أحد الطرق الممكنة لدفع تحقيق الإنتاج الضخم للروبوتات الشبيهة بالبشر. في أغسطس 2024، أصدرت شركة "فيغر إيه آي" الجيل الثاني من الروبوت "فيغر 02"، وقالت إنه بدأ العمل في مصنع شركة "بي إم دبليو" ويمكنه العمل لمدة عشرين ساعة متواصلة. لاحقا، أطلقت شركة "يوبيتك" جيلا جديدا من الروبوتات الشبيهة بالبشر الصناعية "ووكر إس1" التي تم تدريبها في مصنع شركة "بي واي دي" للسيارات ومصانع سيارات أخرى، ونجح لأول مرة في العمل في تناسق وتعاون مع المركبات اللوجستية غير المأهولة من المستوى الرابع والرافعات الشوكية غير المأهولة والروبوتات الصناعية المتنقلة وأنظمة إدارة التصنيع الذكية.

يتوقع دينغ هان، عضو الأكاديمية الصينية للعلوم، أن يكون قطاع الصناعة هو المجال الأول لتحقيق تطبيق الروبوتات الشبيهة بالبشر في المستقبل.

أشار تقرير بحثي صادر عن أكاديمية الصين لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، إلى أن سعر الروبوت الشبيه بالبشر حاليا يتراوح بين مئات الآلاف وملايين اليوانات (الدولار الأمريكي يساوي 3ر7 يوانات تقريبا حاليا)، ومن ثم يجب بذل الجهود في مجال المعدات الصناعية لتقليل تكلفتها.

قال تشانغ وي مين إن الارتقاء بالموثوقية وإيجاد سيناريوهات صحيحة هما العاملان الرئيسيان. في أي سيناريو، يعد ضمان الموثوقية والاستقرار الشرط الأول. ونظرا لأن هذين الجانبين لم ينضجا تماما في الروبوتات الشبيهة بالبشر في الوقت الحالي، قد يكون من الأفضل استخدامها في مجالات تكون فيها نسبة التسامح مع الخطأ عالية نسبيا.

أكد تشانغ وي مين أن الروبوتات الشبيهة بالبشر تستخدم حاليا على نطاق واسع في مجال التعليم والبحث العلمي بجانب مجال الصناعة، لأن هذه المجالات لا تحتاج إلى الموثوقية والاستقرار العاليين بالنسبة للروبوتات الشبيهة بالبشر. وفي الوقت ذاته، يمكن توفير فرص نفيسة للاختبار والتجربة لبحث وتطوير الروبوتات الشبيهة بالبشر.

بالإضافة إلى ذلك، تتمتع الروبوتات الشبيهة بالبشر أيضا بقيمة تطبيقية في سيناريوهات العمل الخاصة العالية الخطورة التي تنطوي على مخاطر السلامة والتلوث والإشعاع. يعتقد جيانغ لي أن هذه المجالات يجب أن تصبح الاتجاهات المهمة لتكنولوجيا الروبوتات الشبيهة بالبشر لتحقيق اختراقات.

وفقا للإحصاءات الصادرة عن مركز سادي للفكر التابع لمركز الصين لتطوير صناعة المعلومات، يتضمن هيكل صناعة الروبوتات الشبيهة بالبشر أربعة أجزاء: تركز الشركات الناشئة (مثل شركة "يوبيتك") على تراكم التكنولوجيا والمنتجات العملية. تقوم شركات الروبوتات التقليدية (مثل شركة "كلاود مايندز") بدمج السلسلة الصناعية، وتتمتع بميزة المبادر الأول. وتتمتع شركات الإنترنت العملاقة (مثل شركة "شياومي") بتقنيات متقدمة في التفاعل بين الإنسان والحاسوب؛ تتمتع شركات تصنيع التكنولوجيا العملاقة (مثل شركة "هواوي")، بأموال وافرة وخبرات كثيرة في مجال التكنولوجيا.

في الوقت الحاضر، أظهرت الصين قدرة تنافسية قوية نسبيا في سلسلة توريد المكونات الجوهرية، مثل المحركات المؤازرة وأنظمة التحكم ومخفضات السرعة وغيرها من الحلقات المفتاحية. ومع ذلك، في الوقت نفسه، من الضروري الانتباه إلى رفع قدرتها على تطوير إطار الخوارزمية الأساسي والاحتياطيات الفنية المعنية.

قال تشانغ وي مين: "يعزز تحفيز السياسات واهتمام رأس المال، التطور السريع لسلسلة توريد الروبوتات الشبيهة بالبشر والمكونات المعنية (أجهزة الاستشعار والخوارزميات)، والتي لا تفيد صناعة الروبوتات الشبيهة بالبشر فحسب، وإنما أيضا تعزز تقدم الصناعات الأخرى إلى حد كبير، مما يضع أساسا جيدا للصناعات المستقبلية مثل الروبوتات الشبيهة بالبشر."

متى تستخدم الروبوتات الشبيهة بالبشر في الحياة اليومية للناس؟

هذا هو السؤال الأكثر تداولا منذ قيام فريق تشانغ وي مين ببحوث الروبوتات الشبيهة بالبشر على مدى بضع عشرة سنة. إنه ليس الموضوع الأكثر اهتماما من جانب الناس فحسب، وإنما أيضا هو التحدي الجذري الذي يواجهه تطور صناعة الروبوتات الشبيهة بالبشر منذ بزوغها حتى الآن. الهدف الأخير لتطوير الروبوتات الشبيهة بالبشر هو دخول الحياة اليومية للناس.

يعتقد شيوي تشي يوان، نائب كبير المهندسين في أكاديمية الصين لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، أن التصنيع الصناعي والخدمات التجارية والخدمات المنزلية هي السيناريوهات الرئيسية الثلاثة لتطبيقات الروبوتات الشبيهة بالبشر. وفي وقت صارت فيه شيخوخة السكان هي الاتجاه الديمغرافي الأكثر انتشارا، من المتوقع أن تكون تطبيقات الروبوتات الشبيهة بالبشر في مجال رعاية المسنين مدخلا مهما لتحقيق إنتاجها الضخم ودفع استخدامها في الحياة اليومية للناس.

أصدر مجلس الدولة الصيني ((آراء بشأن تعميق إصلاح وتطوير خدمات رعاية المسنين)) ("الآراء" اختصارا) في ديسمبر عام 2024، مما جعل الروبوتات الشبيهة بالبشر تصبح رسميا من اتجاهات التطوير التكنولوجي المهمة لخدمات رعاية المسنين. أشارت "الآراء" إلى تسريع تطبيق التكنولوجيا وتطوير المعلوماتية لرعاية المسنين، وإدخال الروبوتات الشبيهة بالبشر وتقنية واجهة الدماغ والحاسوب وغيرهما من التقنيات المتقدمة إلى خدمات رعاية المسنين.

على سبيل المثال، ظهر أول روبوت واسمه "شيانغجيانغ-1" الشبيه بالبشر، والذي طورته شركة في مقاطعة هونان كأول روبوت شبيه بالبشر استخدم كمتخصص للمرافقة الصحية في الصين والعالم. مهمة هذا الروبوت هي مساعدة الناس في الاستشفاء والمشي والترفيه وحمل الأشياء الثقيلة والأكل والاستحمام، وغيرها من وظائف المرافقة الصحية.

قال تشانغ وي مين: "حاليا، تستخدم الروبوتات على نطاق كبير في مجال رعاية المسنين، وتتحمل مهمات الرعاية والاستشفاء وغيرهما. لكن، ما زالت الروبوتات ذات القدمين تواجه مشكلات خفية مثل سلامة البطارية وحماية الخصوصية وغيرهما من حيث استخدامها في الحياة اليومية للناس."

أشار وانغ لي، رئيس مجلس إدارة شركة تشينغباو المحدودة لروبوتات المحركات بمدينة شانغهاي، أن التحديات الرئيسية التي تواجه الروبوتات الشبيهة بالبشر في دخول بيوت الناس، هي: أولا، التكلفة العالية. في الوقت الحاضر، تتراوح أسعار معظم الروبوتات الشبيهة بالبشر في السوق بين مئات الآلاف يوان وملايين اليوانات، وهي تكلفة لا تتحملها الأسر العادية؛ ثانيا، متطلبات الاستقرار والأمن تكنولوجيا. يجب أن تؤدي هذه الروبوتات مهامها بدقة وبشكل لا تشوبه شائبة في مجموعة متنوعة من البيئات المعقدة والمتغيرة، فلا مجال للفشل أو الخطأ؛ ثالثا، حيز التحسين لمستوى الذكاء. تحتاج وظيفة "الدماغ" للروبوت إلى مزيد من التقوية والترقية.

أضاف تشانغ وي مين: "قد لا أستطيع تحديد الوقت الذي ستدخل فيه الروبوتات الشبيهة بالبشر بيوت الناس. لكن، مع التطور المستمر للتكنولوجيا، إذا استطعنا تحقيق اختراقات في الاختناقات التقنية الجوهرية للأمن وحماية الخصوصية والموثوقية، سوف يتسارع تطوير الروبوتات الشبيهة بالبشر بشكل كبير. غالبا ما تكون الاختراقات التكنولوجية مصحوبة بعدم اليقين ولا يمكن التنبؤ بها بدقة أو التحكم فيها بشكل كامل. يستغرق تحقيق ذلك وقتا طويلا، ويعتمد أيضا على الجهود المشتركة والاستكشاف المستمر لكل الصناعة."

 

--

ليو شيويه يون، مراسلة مجلة ((تقرير الصين)).

 

 

 

©China Today. All Rights Reserved.

24 Baiwanzhuang Road, Beijing, China. 100037

互联网新闻信息服务许可证10120240024 | 京ICP备10041721号-4