على مقهى في الشارع الصيني < الرئيسية

ليانغهوي 2021.. بين المئويتين

: مشاركة
2021-03-03 09:44:00 الصين اليوم:Source حسين إسماعيل:Author

يترقب الصينيون والعالم انعقاد "الدورتين"، أو كما يقال بالصينية "ليانغهوي" لعام 2021. المقصود هنا هو الدورة السنوية الرابعة للمجلس الوطني الثالث عشر لنواب الشعب الصيني، التي تبدأ في الخامس من هذا الشهر، مارس 2021؛ والدورة السنوية الرابعة للمجلس الوطني الثالث عشر للمؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني التي تبدأ في الرابع من مارس. تعقد "الدورتان" هذه السنة في قاعة الشعب الكبرى ببكين وفي الموعد المعتاد وخلال المدة الطبيعية للانعقاد، كدليل آخر على عودة الحياة إلى طبيعتها في الصين.

المجلس الوطني لنواب الشعب الصيني مؤسسة بالغة الأهمية، فهو الهيئة التشريعية العليا في الصين، وتشمل وظائفه الرئيسية تعديل الدستور ومراقبة تطبيقه؛ وتطوير وتعديل القانون الجنائي والقانون المدني وقانون الهيئات الوطنية والقوانين الأساسية الأخرى؛ وانتخاب أعضاء الهيئات الوطنية واتخاذ القرارات بشأنهم وإقالتهم، ومراقبة عمل الهيئات الوطنية العليا الأخرى، إلخ. واللجنة الدائمة للمجلس الوطني لنواب الشعب هي الجهاز الدائم للمجلس الوطني لنواب الشعب. ويقوم المجلس الوطني لنواب الشعب ولجنته الدائمة، بتنفيذ السلطة التشريعية للبلاد. يتكون المجلس الوطني لنواب الشعب من نواب من كافة المقاطعات والمناطق الذاتية الحكم والبلديات الخاضعة مباشرة للحكومة المركزية، والمناطق الإدارية الخاصة والقوات المسلحة، ويضم نسبة ملائمة من النواب من جميع الأقليات القومية بالصين. مدة كل دورة من دورات المؤتمر الوطني لنواب الشعب خمس سنوات، وتعقد الدورة السنوية في الربع الأول من كل عام. ويعد نظام مجلس نواب الشعب أحد مكونات السلطة السياسية في الصين ونظام تمثيل ديمقراطي يجمع بين الديمقراطية المباشرة والديمقراطية غير المباشرة. يتم انتخاب المجلس الوطني لنواب الشعب ومجالس نواب الشعب المحلية على مختلف المستويات بطريقة ديمقراطية من قِبَل الشعب وتكون مسؤولة أمام الشعب وخاضعة لمراقبة الشعب. الأجهزة الإدارية الوطنية والأجهزة القضائية وأجهزة المراقبة كلها من نتاج مجلس نواب الشعب وتكون مسؤولة أمامه وخاضعة لمراقبته. أما المؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني فيعد جهازا هاما للتعاون المتعدد الأطراف والتشاور السياسي بقيادة الحزب الشيوعي الصيني. المجلس الوطني لنواب الشعب والمؤتمر الاستشاري السياسي، يشكلان جوهر ما يمكن أن نطلق عليه "الديمقراطية الصينية".

على مدى أيام قليلة، توفر "الدورتان" منصة لاستعراض عمل الحكومة الصينية خلال العام المنصرم والاطلاع على خطط الصين للمستقبل، وهي خطط لا يقتصر تأثيرها على السياسات الداخلية وحياة المواطن الصيني ومستقبله، وإنما يمتد إلى كافة أنحاء العالم، بالنظر إلى الموقع الذي تحتله الصين في التفاعلات السياسية والاقتصادية الدولية. بالإضافة إلى البرامج العادية للدورتين، ومنها تقرير عمل الحكومة الذي يلقيه رئيس مجلس الدولة، وتقارير عمل الهيئات القضائية العليا والميزانية السنوية، ستناقش "الدورتان" هذا العام مسودات الخطة الخمسية الرابعة عشرة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية الوطنية (2021- 2025) والأهداف البعيدة المدى حتى عام 2035، وأيضا مراجعة مشروع التعديلات على القانون الأساسي للمجلس الوطني لنواب الشعب الصيني والقواعد الإجرائية للمجلس الوطني لنواب الشعب الصيني في دورة عام 2021، وفقا للقرار الذي أعلنته اللجنة الدائمة للمجلس الوطني لنواب الشعب الصيني في السادس والعشرين من ديسمبر 2020.

والحقيقة أن ثمة أسبابا موضوعية عديدة لترقب انعقاد دورتي 2021، فهو العام الذي تحتفل فيه الصين بالمئوية الأولى للحزب الشيوعي الصيني، وتتأهب للانطلاق نحو تحقيق أهداف المئوية الثانية، وبعد نجاح الصين في تخليص شعبها من الفقر المدقع ونجاحها في السيطرة بشكل عام على تفشي جائحة كوفيد- 19 وتحقيق نمو اقتصادي إيجابي، وهو أيضا العام الأول للخطة الخمسية الرابعة عشرة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية (2021- 2025)، وتمثل فترة الخطة الرابعة عشرة، بداية رحلة الصين نحو تحقيق الصين الاشتراكية الحديثة بشكل كامل.

نشير هنا إلى أنه في عام 2017، طرح المؤتمر الوطني التاسع عشر للحزب الشيوعي الصيني أهداف "المئويتين"، وهي إنجاز بناء مجتمع الحياة الرغيدة على نحو شامل بحلول عام 2021، الذي يصادف الذكرى المئوية لتأسيس الحزب الشيوعي الصيني، ومضاعفة الناتج المحلي الإجمالي ومتوسط دخل الفرد من سكان الحضر والريف على أساس عام 2010؛ وإنجاز بناء دولة اشتراكية حديثة وغنية وقوية وديمقراطية ومتحضرة ومتناغمة، وبلوغ مستوى الدول المتوسطة التقدم بحلول عام 2049، الذي يصادف الذكرى المئوية لتأسيس جمهورية الصين الشعبية.

إذا كان الهدف الأسمى للديمقراطية هو تحقيق مصالح الشعب، فإن الحقائق تثبت نجاح الممارسة الديمقراطية في الصين، من خلال نظام سياسي يمثل المجلس الوطني لنواب الشعب واحدا من أهم أعمدته. وفي وقت تتزعزع فيه ثقة شعوب دول كثيرة بقدرة أنظمتها السياسية على التعاطي مع الأزمات ومواجهة التحديات، تتعزز ثقة الصينيين، وبخاصة الشباب باعتبارهم الفئة الأكثر حيوية وحراكا، في النظام السياسي لبلادهم. وحسب صحيفة ((ليانخه تساوباو)) السنغافورية التي تصدر باللغة الصينية، فإن الروح الوطنية تشهد تعززا بين الشباب في الصين بفضل النجاح الذي حققته بلادهم في احتواء وباء كوفيد- 19 في الداخل. وقالت الصحيفة في تقرير لها نشر في التاسع من فبراير، إن الصينيين من مواليد ثمانينات وتسعينات القرن العشرين والعقد الأول من القرن الحادي والعشرين، يؤمنون أكثر بالنظام السياسي الصيني، حيث قال البعض إنهم أصيبوا بخيبة أمل من الغرب. ونقلت الصحيفة عن خبراء قولهم إن الصين قدمت أداء جيدا في التعامل مع الوباء، في تناقض صارخ مع الولايات المتحدة الأمريكية التي تعتبر زعيمة ذات حضور قديم على الساحة السياسية الدولية، الأمر الذي عزز ثقة الشباب الصينيين في بلادهم، مضيفين أن أداء أي دولة في حالة الأزمة، يرتبط ارتباطا وثيقا بقدرتها على الحوكمة. وقد أظهر الطلاب الصينيون الذين يدرسون في الولايات المتحدة الأمريكية، انسجاما واضحا مع النظام السياسي الصيني، وسط المعركة العالمية ضد كوفيد- 19، والمزاعم المتعلقة بما يسمى بالتنافس بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين، رغم تعرضهم للغات وثقافات أجنبية.

يدعم ثقة الصينيين بنظامهم السياسي، حالة من الرضا والتفاؤل تسود بين أبناء الصين بفضل المنجزات العديدة التي تشهدها بلادهم كل يوم. فعلى الرغم من التحديات التي أحدثها تفشي كوفيد- 19 في الصين، فإن الصينيين أكثر تفاؤلا بمستقبلهم وأكثر رضا عن حياتهم، وفقا لمسح أجرته مصلحة الدولة للإحصاء الصينية. المسح، الذي نشرت وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا) تقريرا عنه في الثاني من فبراير 2021، أظهر أنه مقارنة مع عام 2016، زادت نسبة الصينيين الذين أعربوا عن رضاهم بمكاسبهم من التنمية الاقتصادية والاجتماعية للبلاد بواقع 8ر17 نقطة مئوية، كما ارتفعت نسبة من أعربوا عن رضاهم بظروفهم المعيشية بواقع 2ر4 نقاط مئوية. ووفقا للمسح الذي بدأ في سبتمبر 2020 واستند إلى استبيانات تغطي السكان البالغين، فإن نسبة الذين اعتبروا المجتمع "آمنا جدا" و"آمنا نسبيا"، ممن شملهم المسح، زادت بواقع 7ر20 نقطة مئوية. هذه الحالة من التفاؤل والرضا، تأتي انعكاسا لما حققته الصين، برغم الصعوبات الجمة، من إنجازات كبيرة لها علاقة مباشرة بحياة أبناء الشعب.

ثمار الإنجازات الصينية لا يتمتع بها أبناء الصين وحدهم، وإنما يتقاسمها معهم شعوب مختلف البلدان. وبينما لا يزال العالم، ونحن في مطلع الشهر الثالث لسنة 2021، يكافح جاهدا للتعامل مع وباء كوفيد- 19 والركود الاقتصادي العميق، فضلا عن النظام العالمي المضطرب والسريع التحول، وفي ظل خلفية المخاطر والشكوك المتزايدة، طرح الرئيس شي جين بينغ، في مناسبات دبلوماسية عديدة ثنائية ومتعددة الأطراف، حلول الصين لتلك التحديات الصعبة. وقد أسهمت تعهداته ومقترحاته، التي تراوحت بين تعزيز التعاون العالمي في مجال اللقاحات والبناء المشترك للحزام والطريق، إلى ممارسة التعددية، في رسم المسار لعالم وصل إلى مفترق طرق تاريخي. وفي كلمته عبر تقنية الفيديو كونفرنس أمام منتدى دافوس الاقتصادي العالمي، في الخامس والعشرين من يناير، قال الرئيس شي: "ستواصل الصين تقاسم تجربتها مع الدول الأخرى، وستبذل قصارى جهدها لمساعدة الدول والمناطق الأقل استعدادا للوباء، والعمل على تحقيق إمكانية أكبر للحصول على لقاحات كوفيد- 19 والقدرة على تحمل تكاليفها في البلدان النامية"، مضيفا أنه يأمل بأن "تسهم هذه الجهود في تحقيق نصر مبكر وكامل على فيروس كورونا الجديد في جميع أنحاء العالم". وقال أيضا: "لا يوجد أدنى شك في أن البشرية ستنتصر على الفيروس، وستخرج أقوى من هذه الكارثة."

ثمة تصورات عديدة لشكل علاقات الصين الخارجية في مرحلة ما بعد كوفيد- 19، وخاصة مع الولايات المتحدة الأمريكية بعد تولي جو بايدن سدة الحكم في بلاده. وكان بايدن قد أعلن عدول الولايات المتحدة الأمريكية عن النهج الذي اتبعته إدارة سلفه، دونالد ترامب، إزاء الصين. وقال بايدن في تصريحات أدلى بها لقناة سي بي إس التلفزيونية الأمريكية في السابع من فبراير: "لا حاجة لنا بأن يكون هناك صراع بيننا، بل سيكون هناك تنافس شديد". وأضاف، مشيرا إلى الرئيس الصيني شي جين بينغ: "ولن أتصرف مثلما تصرف ترامب، وهو يعلم ذلك، لأنه هو الآخر كان يبعث رسائل. نحن نعتزم التركيز على قواعد اللعبة الدولية". وفي الحادي عشر من فبراير، تلقى الرئيس شي جين بينغ اتصالا هاتفيا من الرئيس بايدن، عشية عيد الربيع الصيني. وحسب وكالة شينخوا، تبادل الرئيسان الآراء بشكل معمق حول العلاقات الصينية- الأمريكية، والقضايا الدولية والإقليمية الرئيسية. وأشار الرئيس شي إلى أن إحياء وتطور العلاقات بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية، كان التطور الأهم في العلاقات الدولية على مدى نصف قرن مضى وأكثر. وأكد على أنه في مواجهة وضع دولي مضطرب بشدة، تتحمل الصين والولايات المتحدة الأمريكية مسؤوليات والتزامات دولية خاصة، كعضوين دائمين في مجلس الأمن الدولي. ومن جانبه، أشار بايدن إلى أن الصين لديها تاريخ طويل وثقافة عظيمة، وأن الشعب الصيني شعب عظيم. وقال إن الجانب الأمريكي مستعد لإجراء حوار صريح وبناء مع الجانب الصيني بروح الاحترام المتبادل وتحسين التفاهم المتبادل، وتجنب سوء الفهم وسوء التقدير. واتفق الرئيسان على أن محادثتهما الهاتفية ترسل إشارة إيجابية للعالم، وسيحافظ الجانبان على اتصالات وثيقة بشأن العلاقات الصينية- الأمريكية، والقضايا ذات الاهتمام المشترك.

على خلفية هذه التطورات الإيجابية، تشرئب الأعناق نحو بكين انتظارا لبشائر أمل تنطلق من قاعة الشعب الكبرى بساحة تيانآنمن في العاصمة الصينية المتألقة، عندما يجتمع نواب المجلس الوطني وأعضاء المؤتمر الاستشاري السياسي.

 

©China Today. All Rights Reserved.

24 Baiwanzhuang Road, Beijing, China. 100037

京ICP备10041721号-4