سياحة < الرئيسية

مروج ييلي: مناظر طبيعية جميلة وثقافات قومية متنوعة

: مشاركة
2021-08-30 12:16:00 الصين اليوم:Source رن تشاو شيا:Author

تتمتع ييلي بموارد طبيعية غنية، وتقع بجانب جبال تيانشان، وتحيط بها الجبال من الشمال والشرق والغرب. تهب عليها تيارات الهواء الدافئة والرطبة من المحيط الأطلسي وبحر قزوين عبر وادي ييلي فتصدها الجبال العالية مما يؤدي إلى هطول الأمطار الغزيرة. وتحمل ييلي لقب "الجزيرة الرطبة في آسيا الوسطى"، وتتشابك فيها الجبال والأحواض، مما جعلها تتمتع بقمم ووديان كثيرة ومظاهر طبيعية غنية. تبدو مروجها بألوان مختلفة، ومن بينها مرج الجبال العالية والمرج الجبلي ومرج المراعي الجبلية والمراعي الجبلية وسهوب الصحراء الجبلية وسهل الصحراء ومرج الوادي. تتميز ييلي بالمروج المشهورة، مثل مروج نالاتي وكاراجون وكوردنينغ وباينبولوك وتانغبولا وتشاوسو، فضلا عن تمتعها بمروج بدائية بكر مثل مرج كونغدونوسو، وكلها جميلة وساحرة

مناظر خلابة متنوعة

أجمل فترة في مروج ييلي تكون في الفترة من يونيو إلى سبتمبر من كل عام، حين يصبح الطقس معتدلا وتذوب الثلوج، تنمو الأعشاب وتتفتح الزهور، تبدو وكأنها سجادة جميلة من صنع الطبيعة، سرعان ما تغطي الجبال وتمتد إلى الغابات. في هذه الفترة من العام، تعود الأبقار والأغنام والخيول إلى المراعي، حيث تأكل من العشب، ويمتطي الرعاة الخيول على الأراضي العشبية. وادي تياشي وبحيرة سايرام هما المنطقتان السياحيتان الأبرز والأكثر جمالا.

بحيرة سايرام، وهي أعلى بحيرة في الجبال العالية في شينجيانغ وذات أكبر سعة تخزين للمياه، يبلغ ارتفاعها 2073 مترا، ويمتد محيطها 05ر86 كيلومترا، وتصل مساحتها إلى 8ر45 ألف هكتار. بحيرة سايرام تعني "بحيرة على التلال" باللغة المنغولية؛ وتعني "التمنيات والبركات" باللغة الكازاخية؛ ولها اسم آخر لدى قومية هان وهو "بحيرة سانتاي". تعد هذه البحيرة قطعة من الياقوت في جبال تيانشان، وتحمل لقب "آخر قطرة للمحيط الأطلسي". واعتبارا من شهر يونيو كل عام، تبدو البحيرة وكأنها مرآة زرقاء كبيرة، مطعمة بسجادة خضراء مغطاة بأزهار برية حمراء وصفراء وزرقاء وأرجوانية، مع خلفية الجبال المغطاة بالثلوج والغابات الجميلة الساحرة.

يتميز وادي تشاشي بجماله الفريد، ويعتبر أجمل مكان في ييلي. يمر عبره نهر جيرغالانغ، الذي تمتد على أحد جانبيه أرض عشبية جبلية غير عالية، وعلى الجانب الآخر ترتفع أشجار التنوب والأراضي العشبية، وعلى مسافة بعيدة بجانبيه ترتفع الجبال المغطاة بالثلوج. وفي أعماق الوادي يحوم دخان المطابخ الخفيف الأبيض، وتتشابك الأراضي العشبية الجبلية مع أشجار التنوب، فشكل منظرا خلابا رائعا. قيل إنه في العصور القديمة، كانت هناك أميرة جذبتها مناظر وادي تشاشي وتعلقت بها، ثم أهداها الملك هذا الوادي.

بجانب ذلك، ينبغي لكل من يزور الوادي ألا تفوته فرصة مشاهدة بحر الزهور الصفراء في تشاوسو من منتصف يوليو إلى أواخر أغسطس، حيث تتفتح عشرة آلاف مو من زهور الشلجم تمنح تشاوسو لون الذهب، وتمتد إلى سفح جبال تيانشان. تشاوسو هي موطن خيول ييلي، ويستطيع الزوار الاستمتاع بمشهد رائع من تدفق الكثير من قطعان الخيول من التلال المجاورة.

التجول في مرج كاراجون البدائي سيرا على الأقدام

رغم أنه يمكن زيارة معظم مروج ييلي الجميلة بالسيارة، فإن تجربة المناظر الأكثر طبيعة وبدائية تحتاج إلى السير على الأقدام إلى أعماق المروج. ممشى مرج كاراجون هو الخط الأجمل للجولة السياحية في منطقة جبال تيانشان. يبلغ طول هذا الممشى من كوردنينغ إلى تشيونغكوشيتاي، مائة وعشرين كيلومترا، يحتاج إلى ستة أو سبعة أيام لإكمال الزيارة سيرا على الأقدام. يمكن القول إن هذا الخط السياحي يجمع جواهر مروج ييلي، فبجانبه مناظر جبال تيانشيان، ويمر الممشى عبر الأراضي العشبية الشاسعة والغابات الكثيفة والوديان العميقة، ومن بينها قطاع مرج كاراجون الذي يعد درة الجواهر.

هناك 104 أنواع من الأعشاب الطبيعية العالية الجودة تنمو في أراضي كاراجون العشبية. في الصيف، يصبح مرج كاراجون غنيا بالأعشاب ويتميز الطقس لطيفا، وقد أشاد به مسؤولون في منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة باعتباره "المرج الطبيعي النادر العالي الجودة في العالم". تم اختيار كاراجون في قائمة "التراث الطبيعي العالمي" في عام 2013.

مع تزايد شهرته، يسافر المزيد والمزيد من الناس لهذا المرج، ولكن بسبب المساحة الشاسعة، يصل السائحون عموما إلى أماكن محدودة منها، ولا يزال هذا المرج مرعى صيفيا هاما لقومية القازاق وقوميات أخرى، يأتي أكثر من ثلاثمائة ألف رأس ماشية هنا كل عام لقضاء الصيف، وما زال المرج محافظا على بيئته الأصلية، وأعماق المرج نقية بشكل خاص. بالنسبة للسياح، ليس من الصعب السير في طرق المرج، حيث يسيرون تحت السماء الزرقاء والسحب البيضاء، ويمشون في مرج الزهور وبين الأبقار والأغنام والخيول، يبدو كأنهم يمشون في صورة أو لوحة فنية لأحد الرسامين.

السير في هذا المرج يخطف الأنفاس ويسلب الألباب، ولكن الأكثر جمالا وإبهارا ولا يمكن نسيانه هو تجربة العيش في منزل الرعاة. كل ليلة، يمكن للسائح أن يجد عائلة من الرعاة ويقيم معها، ويمكنه أكل لحم الضأن العالي الجودة، وشرب الحليب الطازج، وكذلك الشاي بالحليب المصنوع من الحليب والسمن، مع أكل خبز نانغ الخاص. يمكن أيضا التعرف على حياة الرعاة اليومية.

موهيتي راع مثالي يعيش في عمق المرج. يقع بيته في شرقي عمق المرج البدائي في الممشى بالقرب من الغابات، حيث يمكن مشاهدة الجبال المغطاة بالثلوج من بعيد، ومع تحرك الشمس، تتنوع صور ومظاهر هذه العناصر الطبيعية في الصباح والمساء. أنشأ موهيتي مؤخرا منزل لباد جديدا لاستقبال السياح.  ودخله الرئيسي حاليا يأتي من الرعي. زوجته الجميلة مجتهدة للغاية، وهي تقوم بحلب دلوين كبيرين من الحليب الطازج كل صباح ومساء، وتستفيد الأسرة من هذا الحليب بتناول جزء منه يوميا وجني المال مقابل بيع معظمه. يقود موهيتي الماشية والأغنام إلى المراعي البعيدة على ظهر الخيل في الصباح الباكر، كل يوم.

بالمقارنة مع أسرة موهيتي، فإن حياة كل من عمر جان وبيكه، تبدو أنها أكثر حداثة. إنهما يحققان مصادر دخل متنوعة مع المحافظة على الثقافة التقليدية. عمر جان شاب ذكي ولطيف، يتكلم ويكتب بوتونغهوا (اللغة الصينية الرسمية) بشكل جيد، يحب ركوب الخيل رغم أنه يمتلك دراجة نارية وشاحنة صغيرة. بجانب القيام بالرعي، يكسب الرزق باستقبال السياح في بيته ويساعدهم في حمل الأمتعة على ظهور الخيول. أما بيكه فيقع مرعاه في مكان يمكن لزواره التمتع بمنظر شروق الشمس وغروبها، وأصبح مشهورا بين السياح المشاة منذ بضع عشرة سنة. حاليا يدير بيكه الذي أصبح أبا لابن عمره تسع سنوات، نزلا من عدة غرف مصنوعة من اللباد، ولكنه لا يزال يحب الرعي، ويحافظ على عادات الرعاة، فيغني ويدردش ويحتسي الشاي الحليب مع جيرانه الرعاة في المساء.

عادات ثقافية قومية متعددة

بجانب وجود كثير من المناظر الطبيعية الجميلة، يتعايش في ييلي أبناء 13 قومية، من بينها القازاق والويغور وهوي ومنغوليا وهان وشيبوه والأوزبك والتتار وغيرها، وتركت كل منها بصمة ثقافية عميقة في ييلي. شارع ليوشينغ بمدينة يينينغ تجمع سكني نموذجي تمتزج فيه قوميات عديدة، منها هان والقازاق والويغور وهوي، حيث البيوت المتميزة والمختلفة، وتعتبر أطعمة خبز نانغ والكعك المخبوز ولحم الضأن وشاي الحليب أطعمة مفضلة لدى المحليين والسياح. أما تجمع كازاتشي السكني فمعظم سكانه من قومية الويغور، إذ تبلغ نسبتهم 77% من إجمالي عدد سكان التجمع، ولا يزال أبناء قومية الويغور يحافظون على عاداتهم وتقاليد قوميتهم. يمكن للزوار مشاهدة المساجد والمنتجات اليدوية التقليدية ذات الميزات القومية في كل شوارع التجمع السكني. وكلا التجمعين يجذب السياح بجماله.

بالإضافة إلى جهود الحكومة في تعزيزالوحدة الوطنية، قد يعود الفضل في تعايش ثقافات متعددة في ييلي أيضا إلى الخصائص الطيبة والمضيافة لقومية القازاق التي كانت قومية رئيسية في السابق. عائلة جيرقونا من الرعاة الذين يجسدون خصائص قومية القازاق النموذجية. أنشأت هذه العائلة منزل لباد على الأراضي العشبية سكن أفرادها، كما أنشأت أيضا بيتا من اللباد لاستقبال الضيوف. حتى الضيوف الذين يمرون بجانبهم سيرا على الأقدام، يدعونهم إلى البيت ويقدمون لهم الشاي بالحليب والحليب الطازج وخبز نانغ، بينما هم يجلسون على حافة الطاولة للاعتناء بالضيوف. إذا شعروا بتآلف مع الضيوف، يعاملونهم كأقارب ويدعونهم للبقاء وينحرون الأغنام تكريما لهم.

باعتبارها ولاية ذاتية الحكم لقومية القازاق، تتوارث ييلي ثقافة قومية القازاق، ولا تزال تحافظ على الكثير من الآداب وعادات الضيافة بشكل جيد. لا يزال أبناء قومية القازاق، الذين ينتشرون في الأراضي العشبية، محافظين على خصائصهم البدوية القوية ويعلقون أهمية كبيرة على استمرار الحياة وتكاثر أعدادهم وتنشئة صغارهم. لذلك، يتبعون سبعة مراسم في عملية نمو الأطفال، بما في ذلك مراسم الولادة، ومراسم التسمية، ومراسم هز السرير، ومراسم المشي، ومراسم ركوب الخيل، ومراسم بلوغ سن الرشد. تقام مراسم المشي في عيد ميلاد الطفل الأول، وتعكس الاهتمام الرائع لأبناء القازاق ببداية الحياة. في مراسم المشي، يقوم المضيف بذبح الأغنام وتسلية الضيوف والترحيب بهم، كما ينظم أنشطة ثقافية ورياضية للاحتفال. يربط قدم الطفل بحبل من خمسة ألوان مصنوع من الصوف الأبيض والأسود وأمعاء الغنم، وذلك يرمز إلى تقلبات الحياة، ثم يتم قطع الحبل، رمزا إلى مساعدة الطفل على قطع القيود، ويشير إلى أن الطفل سوف يتخذ الخطوة الأولى في الحياة بشكل جيد.

 

رن تشاو شيا، كاتبة عمود متخصصة في السياحة.

©China Today. All Rights Reserved.

24 Baiwanzhuang Road, Beijing, China. 100037

京ICP备10041721号-4