سياحة < الرئيسية

جبال مايجي.. مزيج مثالي للطبيعة ومعالم الثقافة الإنسانية

: مشاركة
2023-07-27 17:34:00 الصين اليوم:Source :Author

تقع منطقة جبال مايجي للمناظر الطبيعية في حي مايجي بمدينة تيانشوي في مقاطعة قانسو، وتتكون من أكثر من 180 موقعا للمناظر الطبيعية في خمس مناطق، وهي الكهوف الحجرية لجبال مايجي وأجراف شيانرن (الخالدين) وجبل شيمن (البوابة الحجرية)، وتشيويشي (جداول الماء المتعرجة)، وينابيع جيتينغ الساخنة. يتراوح ارتفاع جبال مايجي بين 1400 و1800 متر، ويبلغ ارتفاع أعلى قمة بها أكثر من 2200 متر، وهي الحد الفاصل بين الحوضين الرئيسيين للنهر الأصفر ونهر اليانغتسي. أنواع الحيوانات والنباتات في منطقة المناظر الطبيعية هنا متعددة ومتنوعة، والتضاريس الجيولوجية فيها مميزة والمناخ بها فريد ​​من نوعه، كما أن ثقافة الكهوف بها محفوظة بشكل جيد. تُعد منطقة جبال مايجي منطقة سياحية وطنية بدرجة 5A، ووحدة وطنية مهمة لحماية الآثار الثقافية، وحديقة وطنية للغابات، وحديقة جيولوجية وطنية، وتراث وطني طبيعي وثقافي في الصين، علاوة على إدراج الكهوف الحجرية لجبال مايجي في قائمة التراث العالمي لليونسكو في عام 2014.

تُعد الكهوف الحجرية هنا بمثابة لؤلؤة لامعة على طريق الحرير، كما تجذب المناظر الطبيعية مثل الوديان العميقة والينابيع الساخنة وجداول الماء وأشجار الصنوبر والقمم الخطيرة والغابات الكثيفة وبحر السحب، العديد من الزوار.

الكهوف الحجرية لجبال مايجي

تقع جبال مايجي وسط تلال عالية وجبال شاهقة، وتبدو قمم الجبال الشامخة مثل أكوام القمح في الحقول، فأطلق عليها اسم جبال مايجي (أكوام القمح). بُنيت الكهوف الحجرية لجبال مايجي على قمة شديدة الانحدار من ثلاثة اتجاهات، أعلى نقطة بها تبتعد عن سطح الأرض نحو مائة متر، والكهوف قريبة من بعضها البعض كما لو كانت خلية نحل، كلها متصلة ببعضها البعض عبر الدروب الخشبية المعلقة التي شيدت على الأجراف، وهي وعرة وحادة ونادرة للغاية. بُنيت الكهوف الحجرية لجبال مايجي في أوائل القرن الخامس الميلادي، ولا يزال موجودا منها 194 كهفا، وبها 7800 تمثال صلصالي وحجري منحوت، وأكثر من ألف متر مربع من اللوحات الجدارية ذات موضوعات غنية ومهارات فنية رائعة. اشتهرت تلك الكهوف عالميا من حيث الأشكال الفنية المتمثلة في التماثيل الصلصالية والمنحوتات الحجرية، وهي الكهوف الأكثر اكتمالا لتماثيل الأسر الشمالية (386- 581 م) بشكل تام، كما أنها الكهوف الوحيدة التي يمكن أن تعكس بشكل شامل تاريخ تطور فن التماثيل الصلصالية الصينية من القرن الخامس إلى القرن الثامن عشر الميلادي، وهي واحدة من "الكهوف الأربعة" في الصين.

 قبل الوصول إلى سفح الجبل، ترى على الجرف ثلاثة تماثيل عملاقة لبوذا من أسرة سوي (581-618 م)، تبدو كما لو كانت تستقبل الزوار بعيون حانية. وبالصعود إلى الأعلى، ومن فوق الدروب الخشبية "المعلقة في الهواء" والتي بُنيت على الجرف الشديد الانحدار، يشعر عابروها بالخوف بمجرد أن يخطوا عليها. وبالسير إلى الأمام والدخول إلى الكهف الثامن والسبعين، يمكن رؤية ثلاثة تماثيل بوذية على القواعد في ثلاث جهات. وفقا لبحوث الخبراء، الكهف الثامن والسبعون هو كهف من العصور القديمة في جبال مايجي، وبدأ نحته في أواخر أسرة تشين (221-207 ق.م) قبل أكثر من 1500 عام.

وبإمعان النظر على طول الطريق، حتى ولو كان تسلق الدروب الخشبية المعلقة صعبا وخطيرا، تجذب المنحوتات الرائعة انتباه الزوار بشدة. أما التماثيل البوذية المختلفة الأشكال في محاربها المختلفة الأحجام، فتخطف الأنظار. يعود تاريخ تلك التماثيل إلى أسر مختلفة، كل منها يرتدي أزياء مختلفة عن الآخر، حتى وجوهها لا تشبه أبناء السهول الوسطى للصين تماما.

مقصورة شانغتشيفوه المعروفة أيضا باسم مقصورة "سانهوا" (نثر الزهور)، هي أكبر كهف على غرار القصر في الصين، يبلغ ارتفاعها 16 مترا وعرضها 31 مترا وعمقها ثمانية أمتار، وهي أكبر قاعة قصر تم حفرها بين الأجراف في الصين القديمة، وهي منحوتة بشكل رائع ومهيب، وتُعد بمثابة مرجع ودليل لدراسة تاريخ تطور الهياكل المعمارية في العصور القديمة. بالوقوف في الممر الضيق على ارتفاع 70 مترا عن سطح الأرض والنظر إلى أسفل، يمكن الشعور بشكل أقوى بأن الدروب الخشبية المعلقة شديدة الانحدار وخطيرة، حتى أنه لا يمكنك تخيل كيف تجاوز الرهبان والحجاج في العصور القديمة الصعوبات والمخاطر ليأتوا إلى هنا ويصلوا لبوذا. الكهوف فخمة وخالدة، ولا يزال الناس يشعرون بسحرها حتى بعد آلاف السنين.

مدينة تيانشوي، حيث تقع جبال مايجي، تتربع عند ملتقى الخطين الجنوبي والأوسط لطريق الحرير، وهي بلدة مهمة على طريق الحرير القديم الذي يربط بين الحضارتين الشرقية والغربية. لم يكن تجار الحرير هم المسافرون فحسب، وإنما أيضا كان الرهبان البوذيون يرتحلون على طول هذا الطريق بين تشانغآن والمناطق الغربية. ارتحل كل من فا شيان وكوماراجيفا وشيوان تسانغ وغيرهم من الرهبان المشاهير عبر هذا الممر الحضاري العريق.

حافظت الكهوف الحجرية لجبال مايجي على عدد كبير من المواد الدينية والفنية والمعمارية، والتي تثري بدورها تاريخ الثقافة الصينية القديمة، وتوفر مواد وحقائق تاريخية للأجيال اللاحقة لدراسة الثقافة البوذية الصينية.

أجراف شيانرن

أجراف شيانرن هي أيضا من المواقع السياحية المشهورة في منطقة جبال مايجي، وسُميت بهذا الاسم لأن هناك أسطورة تقول إن الخالدين عاشوا منعزلين وتعبدوا هنا، ويتكون الموقع من ثلاثة أجراف وخمس قمم وستة معابد وبحيرة شيانرن. على الثلاثة أجراف والخمس قمم 27 قصرا من أسرتي مينغ (1368- 1644م) وتشينغ (1644- 1911م)، بها 54 غرفة، و197 تمثالا للأسر المختلفة، ولوحات جدارية تبلغ مساحتها 82 مترا مربعا. بُنبت ورُممت المعابد الموجودة هنا في فترة أسر تانغ (618- 907م) وسونغ (960- 1279م) ومينغ وتشينغ، وبعض التماثيل الصلصالية المصنوعة هنا هي أعمال من أواخر أسرة وي الشمالية (386- 534م)، والبنايات الموجودة الآن ترجع إلى فترة أسرتي مينغ وتشينغ بشكل أساسي. وتتكون الثلاثة أجراف من الجرف الغربي والجرف الشرقي والجرف الجنوبي.

تصطف العديد من المعابد تحت الجرف الغربي الكبير، وبُنيت استنادا إلى تضاريس الجبل. على مدى عصور عديدة، ظل هذا المكان منطقة تتعايش فيها البوذية والطاوية والكونفوشية معا. وعلى الجرف الشرقي معبد ليانهوا (زهرة اللوتس)، وفي الكهوف الضيقة الطويلة العديد من البنايات مثل قاعة الأرهات وقاعة قُوانيِن (إلهة الرحمة) والمعبد البوذي وغيرها. وفي الجرف الجنوبي أسطورة "الخالدون يرسلون المصابيح" التي تقول إنه تم بناء مقصورة راندنغ (إنارة المصابيح) عند سفح الجرف الجنوبي في العصور القديمة، وهي إحدى البنايات الرئيسية في أجراف شيانرن. في ليالي أواخر الصيف والخريف، يطفو الوميض الفسفوري الطبيعي ويضيء مع مصابيح الزيت والشموع في المقصورة، كما لو كان ثمة خالد يحمل مصباحا ويتجول به. وبين الجرف الشرقي والجرف الغربي قاعة موتشن (شحذ الإبر)، والتي يقال إن الشاعر لي باي استنار فيها من عجوز وهي تحاول شحذ قطعة من الحديد لتحويلها إلى إبرة رفيعة. وبعد زيارة المعبد، يمكن للزوار ركوب القوارب للاستمتاع بمناظر بحيرة شيانرن تحت الجرف ومناظر الجرف وصور الجبال المنعكسة على سطح مياه البحيرة الخضراء، التي تخلق مشهدا جميلا تمتزج فيه الجبال مع المياه.

الجبال والمياه يكملان بعضهما البعض

البوابة الحجرية هي المنظر الرئيسي لمنطقة جبل شيمن. وقمة يويلينغ هي قمة منعزلة تحيط بها الأجراف الشاهقة والصخور الشامخة وأشجار الصنوبر، ومناظرها خطيرة وجميلة للغاية. كما يقع جسر جيويشيان (تجمع الخالدين) الشهير في منطقة جبل شيمن بين الأجراف العالية وقمة يويلينغ وقمة دومو المتقابلة، على شكل أعمدة باب، لذلك سُمي بـ"شيمن" (البوابة الحجرية). وعندما يكتمل القمر في عيد منتصف الخريف، تتدلى أشعة القمر بين القمتين وسط ظلال الأشجار. كما ينعكس ظل القاعات والأجنحة والمقصورات الموجودة على القمة وسط بحر من السحب والغابة الخضراء، وهو أمر مثير للغاية، إذ يتمتع جبل شيمن بظروف طبيعية فريدة ونباتات وفيرة وقمم جميلة وبحر سحب واسع.

تتميز منطقة تشيويشي السياحية بالجبال الشامخة والغابات الكثيفة والمياه الصافية والمناظر الغريبة والساحرة. "تشيويشي تشيويون" (سحر الخريف في جداول الماء المتعرجة) من أحد المواقع السياحية الثمانية التي تتمتع بخصائص الطبيعة في مقاطعة قانسو، وينفذ فيها مشروع سياحي للتجديف والمغامرات. مياه نهر تشيويشي نقية وصافية طوال العام. تبدأ المنطقة السياحية من بحيرة بيبا (العود الصيني)، وتمر بنهر لنغشوي والجبال الوعرة ثم الوديان العميقة الضيقة حتى تصل إلى التعرجات التسعة والانعطافات الثمانية عشر، وخلال ذلك يمكن عبور الوديان والضفاف الواسعة. تختلف المشاهد مع الخطوات، ويكون تيار مياه الجداول عارما تارة وهادئا تارة أخرى. الجبال الخضراء والمياه الصافية والأحجار في النهر والمروج والزهور الجبلية والبحيرات، جميعها يكمل ويعكس بعضها البعض، مما يجعل المشهد كلوحة فنية والزوار في منتصفها.

تربض جبال مايجي بهدوء وسط مجموعات الجبال، ليست مرتفعة، لكنها تتمتع بثقافة مميزة بفضل الكهوف الحجرية بها، وهي ليست غريبة لكنها تعجب زوارها بفضل الامتزاج الرائع بين الطبيعة والمعالم الثقافية. على طريق الحرير القديم، أصبحت المناظر الثقافية والطبيعية لجبال مايجي معلما فريدا من نوعه، يحمل تكامل الثقافات وتبادلها وينقل التعايش المتناغم بين الطبيعة والثقاة الإنسانية.

 

 

©China Today. All Rights Reserved.

24 Baiwanzhuang Road, Beijing, China. 100037

京ICP备10041721号-4