تتميز حديقة آرشان الوطنية للغابات، في منطقة منغوليا الداخلية الذاتية الحكم، بالجبال العالية والوديان العميقة، وتُعد منطقة سياحية بدرجة
في منطقة جبال آرشان السياحية عشرات المواقع السياحية الطبيعية، ومن بين المواقع السياحية الرئيسية التي تم تطويرها بحيرة تيانشي ونهر بودونغ ووادي سانتان (الثلاث برك) وبحيرة ديتشي (الأرض) وغابة شيتانغ (الصخور والبرك) وصخرة قويبي وبحيرة دوجيوان (الأزاليا) وبحيرة تيانتشي بقمة توفنغ (سنام الجمل) والوادي الكبير.
بحيرات فوهة البركان
بحيرة تيانتشي (السماوية) تقع في جبال آرشان، وهي إحدى أشهر بحيرات الفوهات البركانية في الصين، يبلغ ارتفاعها 2ر1323 مترا فوق سطح البحر، وطولها حوالي 450 مترا من الشرق إلى الغرب، وعرضها حوالي 300 متر من الشمال إلى الجنوب، وهي بيضاوية الشكل، وتبلغ مساحة سطح البحيرة حوالي 8ر13 هكتارا. تحتل بحيرة تيانتشي الواقعة في جبال آرشان المرتبة الثالثة في الصين من حيث الارتفاع بعد بحيرة تيانتشي بجبال تيانشان وبحيرة تيانتشي بجبال تشانغباي. وتكونت بحيرة تيانتشي بجبال آرشان قبل ثلاثمائة ألف عام، حينها اندلع بركان، واختلطت الصهارة المتصاعدة بالمياه الجوفية، مما أدى إلى انفجار هائل فتكونت بحيرة تيانتشي.
هناك أربع عجائب في بحيرة تيانتشي؛ العجيبة الأولى هي أنها لا تجف أبدا حتى في فترات الجفاف الممتد، ولا تفيض مياهها أبدا حتى وإن هطلت السيول لفترة طويلة، بل إن منسوب المياه بها لا يرتفع ولا ينخفض لسنوات عديدة؛ أما العجيبة الثانية فهي أنها بحيرة مغلقة، لا يصب فيها نهر ولا يوجد مجرى بها تتسرب منه المياه أيضا، ورغم ذلك فمياه البحيرة نظيفة وصافية للغاية؛ والعجيبة الثالثة هي أن هناك بحيرة تقع على بعد أميال قليلة منها، وهي غنية بالأسماك الطازجة، أما بحيرة تيانتشي فلا توجد بها أسماك؛ والعجيبة الرابعة هي أن مياه البحيرة لا يمكن سبر عمقها، ويقول بعض الناس مازحين إن بحيرة تيانتشي متصلة بقلب الأرض.
في قمة الجبل، حيث توجد بحيرة تيانتشي، لا ترى الجبال الصغيرة في الأفق البعيد، بل على العكس، تشعر أن مجال الرؤية يضيق، ولا يمكن أن ترى سوى سطح البحيرة وقطعة السماء فوقه. بعض الزوار يحضرون معهم طائرات مسيرة حتى يتسنى لهم رؤية المشهد الكامل لبحيرة تيانتشي من الجو. بالنظر إلى الأسفل من السماء، فإن بحيرة تيانتشي تشبه قطعة من اليشم الزمردي اللامع رُصّعت على قمة الجبل الشامخ المهيب.
بالإضافة إلى بحيرة تيانشي، هناك بحيرة فوهة بركانية شهيرة أخرى في جبال آرشان؛ بحيرة ديتشي، وهي البحيرة الوحيدة تحت مستوى سطح الأرض بين العديد من بحيرات الفوهات البركانية في جبال آرشان. تقع بحيرة ديتشي على بعد حوالي ستة كيلومترات جنوب شرق بحيرة تيانتشي، ويبلغ ارتفاعها 1123 مترا فوق سطح البحر، وطولها 150 مترا، وعرضها 100 متر، وتبلغ مساحتها 25ر1 هكتار، ويتراوح عمقها بين 39 و50 مترا، وتكونت قبل مائة ألف عام تقريبا. سميت بحيرة ديتشي بهذا الاسم لأن سطحها منخفض عن مستوى سطح الأرض، ويتغير سطح بحيرة ديتشي مع تغير الفصول، ومناظرها رائعة الجمال، فيطلق عليها اسم بحيرة "شياننيوي" (الجنية).
تقع بحيرة تيانتشي بقمة توفنغ على بعد حوالي عشرة كيلومترات شمال شرق مزرعة شينغآن الحرجية الأصلية، على ارتفاع 1284 مترا فوق سطح البحر، وتكونت قبل حوالي ثلاثمائة ألف عام. يبلغ عرضها حوالي 450 مترا من الشرق إلى الغرب، وطولها حوالي 800 متر من الشمال إلى الجنوب، وتغطي مساحة حوالي 26 هكتارا، وهي أكبر وأعمق بحيرة من بين بحيرات الفوهات البركانية في حديقة آرشان الوطنية للغابات. وتبدو من بعيد كأنها جمل قد استلقى على الأرض، وبالنظر إليها من أعلى تبدو مثل القدم اليسرى لإنسان. وتحيط الجبال الخضراء بالبحيرة وتبدو بالمياه الزرقاء وسط المساحات الخضراء، هادئة تشعر زوارها بالسعادة.
يمكن للزوار أن يجدوا هنا نوعا من الصخور التي تطفو على المياه، يطلق عليها اسم صخور فوشي (الصخور الطائفة)، وهي ناجمة عن الانفجارات البركانية، وهي صخور بركانية مسامية تشبه الإسفنج، وتمثل المسام حوالي 70% من حجم الصخور الكلي، ويسهل رؤية اتجاه المسام وآثار الاحتراق على الصخور الأكبر حجما، وتطفو الصخور على المياه بسبب كثرة الثقوب وقلة الكثافة بها.
نهر بودونغ ووادي سانتان
بالإضافة إلى بحيرات الفوهات البركانية، تحتضن حديقة آرشان الوطنية للغابات نهرا فريدا، وهو نهر بودونغ الذي يبلغ طوله الإجمالي 20 كيلومترا. ولأنه لم يتجمد أبدا منذ سنوات عديدة، فيطلق عليه السكان المحليون اسم "بودونغ" بمعنى "النهر الذي لا يتجمد" في اللغة الصينية.
ترجع ظاهرة عدم تجمد مياه النهر إلى وجود قدر كبير من الحرارة الجوفية بالقرب من النهر. في فصل الشتاء القارس، عندما تنخفض درجة الحرارة إلى أقل من 40 درجة مئوية تحت الصفر، تتجمد جميع الأنهار الكبيرة والجداول الصغيرة في جبال آرشان، إلا هذا النهر تظل مياهه دافئة وتنساب متدفقة. ترتفع أبخرة المياه الساخنة على سطح النهر، وتتجمد الأبخرة على فروع الأشجار على كلا الضفتين مشكلة بذلك أشكالا كرستالية وشفافة تتدلى من الأشجار، وعادة ما يكون هناك مشهد لرذاذ الصقيع يتألق وسط أشعة الشمس في وقت الغروب، فتبدو وكأنها غيوم ملونة، فهي مشهد شتوي مذهل وفريد من نوعه في جبال آرشان.
في الشتاء القارس، يغطي الثلج والجليد الصخور على النهر، ولكن لا تتأثر مياه النهر على الإطلاق، إذ تظل تتدفق بهدوء. ونظرا لوجود صخور حافظة للحرارة في قاع النهر، فتنمو نباتات مائية خضراء في مياه النهر في فصل الشتاء، وتعد هذه النباتات علفا طبيعيا للأبقار والأغنام، ولهذا السبب أيضا يُعرف هذا النهر باسم "المرعى المائي".
في جنوب بحيرة تيانتشي بجبال آرشان موقع آخر للمناظر الطبيعية، وهو وادي سانتان الذي يبلغ طوله الإجمالي حوالي ثلاثة كيلومترات. يحده من الجنوب جبل شديد الانحدار ويحده من الشمال صخور الحمم البركانية الضخمة، وتنتشر الصخور البركانية في الوادي، وتتدفق مياه النهر عبر الوادي في مشهد مذهل للغاية. هناك ثلاث برك موزعة بالترتيب من الأعلى إلى الأسفل: بركة ونيو (الأبقار المستلقية)، حيث تتدفق مياه النهر بهدوء، وهناك صخور كبيرة وصغيرة في النهر تبدو مثل قطيع هائل من الأبقار يستريح في النهر؛ وبركة هوشي، حيث توجد صخور ضخمة مختلفة الأشكال تنتشر بكثرة في مياه النهر الهادئة، كأن مجموعة من النمور تلعب في النهر؛ وأخيرا بركة يويشين في نهاية الوادي، حيث تنفتح الأرض فجأة ويتسع النهر. مياه البركة شفافة وصافية للغاية، بحيث يمكن رؤية القاع. وفي الروافد الدنيا للوادي شلال.
بالإضافة إلى الأنهار، هناك مناظر متنوعة. في فصل الربيع، تنتشر زهور الأزاليا في جميع أنحاء الوادي، مما يمنح الناس إحساسا بأنها أرض خيالية. وفي شهر يونيو، يظل الجليد على النهر، لذلك يُعرف باسم "النهر الجليدي في الصيف ".
غابة شيتانغ
تقع غابة شيتانغ في شرق بحيرة تيانتشي بجبال آرشان، وهي إحدى عجائب سلسلة جبال هينغقان الكبرى. سُميت بهذا الاسم لأن أشجارا كثيفة تنمو على الصخور البركانية ويوجد العديد من البرك. غابة شيتانغ هي إحدى الآثار الجيولوجية التي خلفها الثوران البركاني الرباعي، وتنتمي إلى تضاريس البازلت البركاني المنقرض مؤخرا، وما زالت البنية الجيولوجية والتربة والغطاء النباتي والأحياء في حالتها الأصلية، والبيئة البيولوجية المتنوعة والمعقدة تظهر عملية التطور بأكملها من النباتات الدنيا إلى النباتات العليا، والتي لها قيمة عالية للبحث العلمي والحماية.
يبلغ طول غابة شيتانغ حوالي 20 كيلومترا وعرضها 10 كيلومترات، وتكون سطح الأرض بها نتيجة تدفق الصهارة بعد الانفجار البركاني وتجمدها. بعد آلاف السنين من عوامل التجوية والتعرية المائية، تكونت التضاريس الطبيعية الفريدة لغابة شيتانغ الطبيعية، كما لو كانت مثل محيط حمم بركانية هائج. ما يصعب تصوره هو أنه في غابة شيتانغ التي لا يوجد فيها تقريبا أي تراب، فإن أشجار الأرزية الغملينية بها طويلة وكثيفة وذات أغصان وأوراق متدلية، وجذورها السميكة تتشبث بالصخور البركانية بإحكام، ومغروسة في أعماق شقوق الحمم البركانية. كما تمتد أشجار السرو الجبلية في كل مكان بقامتها القصيرة، مما يدل على حيويتها القوية. وأشجار الصنوبر دائمة الخضرة مثل زهور اللوتس الثلجي، علاوة على أن زهور الداسيفورا باروفوليا والبتينتيلا جالبرا متفتحة دائما، مع وجود مساحة كبيرة من الطحالب النباتية والنباتات الأخرى. الصخور الوعرة العجيبة مترابطة مع الغابة، والزهور والأعشاب تمتزج مع بعضها البعض، وتظهر الجداول الحجرية الصافية والبرك الهادئة تارة وتختفي تارة أخرى، مما يشكل مشهدا حيويا للغابة الحجرية من صنع الطبيعة.
لمعلوماتك:
خدمة استقبال الزوار في منطقة المناظر الطبيعية مريحة للغاية، إذ يمكن للزوار شراء التذاكر عند مدخل المنطقة ودخول الحديقة بالحافلات الكهربائية. ولأن منطقة المناظر الطبيعية كبيرة، فإن التذاكر صالحة لمدة يومين. كما يمكن للزوار قيادة سياراتهم لدخول الحديقة، لكن يتعين عليهم ملء استمارة وصول عند دخول الحديقة. تتوزع مواقع المناظر الطبيعية على جانبي الطريق المؤدي إلى بلدة تشايخه، ويمكن للسيارات الخاصة المرور عبر الطريق الرئيسي بأكمله، لكن لا يمكن دخول المواقع على الطرق الفرعية ولا يُسمح بوقوف السيارات على جانبي الطريق الرئيسي أيضا، لذلك يجب ترك السيارات في مناطق الخدمة حتى يتمكن الزوار من دخول مواقع المناظر الطبيعية. في منطقة المناظر الطبيعية منطقتان للخدمات، وهما منطقة تيانتشي للخدمات ومنطقة شينغآن للخدمات، حيث يمكن ركوب الحافلات الكهربائية للوصول إلى مواقع المناظر الطبيعية. عادة ما يقوم الزوار بترك سياراتهم الخاصة في منطقة تيانتشي للخدمات في اليوم الأول، ويزورون بحيرة تيانتشي ووادي سانتان وبحيرة ديتشي وغابة شيتانغ وبحيرة دوجيوان، أما في اليوم الثاني فيتركون سياراتهم الخاصة في منطقة شينغآن للخدمات ويزورون الوادي الكبير ومنطقة جبل توفنغلينغ للمناظر الطبيعية.
