سياحة < الرئيسية

شيدي وهونغتسون.. قريتان قديمتان في جنوبي آنهوي

: مشاركة
2024-07-10 17:31:00 الصين اليوم:Source منغ جيا شين:Author

تفخر منطقة جنوبي مقاطعة آنهوي التي كانت جزءا من هويتشو في العصور القديمة، بتاريخ عريق وثقافة غنية. وبفضل الازدهار الاقتصادي والثقافي في أسرتي مينغ (1368- 1644م) وتشينغ (1644- 1911م)، جمع تجار هويتشو ثروات كثيرة، وفي الوقت نفسه، أظهر أبناء هويتشو أسلوبهم الفريد في المجال الثقافي. تشتهر قريتا شيدي وهونغتسون، الواقعتان في محافظة ييشيان بمدينة هوانغشان في مقاطعة آنهوي وعاش فيهما كثير من تجار هويتشو، بمناظرهما الطبيعية الخلابة وأنماط القرى المحفوظة جيدا ومنازل هويتشو المبنية بحرفية رائعة ودلالاتها التاريخية والثقافية المتنوعة. وفي عام 1999، أدرجت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) هاتين القريتين القديمتين ضمن قائمة مواقع التراث الثقافي العالمي.

قرية شيدي

يبلغ طول قرية شيدي سبعمائة متر من الشرق إلى الغرب وثلاثمائة متر من الشمال إلى الجنوب، وتحتضن أكثر من ثلاثمائة أسرة ويبلغ عدد سكانها أكثر من ألف نسمة، وكانت محطة بريد منذ العصور القديمة. قرية شيدي ذات تاريخ عريق، بدأت في أسرة سونغ (960- 1279م) وتطورت في أسرة مينغ، وازدهرت في فترة الإمبراطورين كانغ شي ويونغ تشنغ في أوائل أسرة تشينغ، ويرجع تاريخها لأكثر من 960 عاما.

كانت قرية شيدي مكانا يعيش فيه أفراد عائلة هو، والقرية بأكملها على شكل قارب، تحيط بها الجبال من جميع الجهات، ويجري عبر القرية جدولان، تقع على طولهما شوارع وأزقة القرية، وجميعها مرصوفة بالحجارة السوداء، وتخطيطها المكاني سلس، وبها أكثر من تسعين زقاقا طويلا أسوارها عالية. الآن، لا يزال هناك أكثر من 300 منزل قديم من فترة أسرتي مينغ وتشينغ في قرية شيدي، منها 124 منزلا محفوظا بشكل كامل، تتميز بفن معماري رائع على غرار "المنحوتات بثلاثة أنواع من المواد" لهويتشو القديمة، وتتمتع أيضا بمناظر ثقافية غنية، مما يعكس الخصائص الثقافية الإقليمية الغنية لهويتشو.

عند مدخل القرية بوابة تذكارية بُنيت في عام 1578. صاحب البوابة، السيد هو ون قوانغ، أحد أبناء شيدي في ذلك الوقت، والذي اجتاز الاختبارات الإمبراطورية وأصبح مسؤولا ثم حاكما للمقاطعة. في العام السادس من فترة الإمبراطور وان لي في أسرة مينغ، وتقديرا لإنجازات هو ون قوانغ على مدى 23 عاما من عمله، كرمه البلاط الملكي بمنحه الحق في بناء بوابة تذكارية في مسقط رأسه لكسب المجد والشرف لآبائه وأجداده. يبلغ ارتفاع البوابة التذكارية 3ر12 مترا وعرضها 95ر9 أمتار، وهي مصنوعة بالكامل من "أحجار ييشيان السوداء"، ومنحوتة بشكل رائع وتبدو شامخة.

تتكون مساكن هويتشو بشكل عام من القراميد السوداء والجدران البيضاء وقاعات وأفنية. من خارج المنازل إلى داخلها، ومن الأرض إلى السطح، تنتشر المنحوتات المصنوعة من الحجر والطوب والخشب في كل مكان، وليس ثمة منزل واحد من دون منحوتات، الأمر الذي يجعل هذه المساكن تتمتع بقيمة فنية عالية. في الوقت الحاضر، تشمل المساكن المفتوحة للزوار، دار دونغيوان ومنزل دونرن ومعبد جينغآي للأسلاف.

تتكون دار دونغيوان من ثلاثة صفوف من الغرف، بما في ذلك قاعة الشرفة والقاعة الرئيسية والقاعة الأمامية. تستخدم القاعة الرئيسية لاستقبال الضيوف الكرام، والقاعة الأمامية لاستقبال الأقارب، أما قاعة الشرفة فهي مكتب صاحب الدار ومكان للمدرسة الخاصة التقليدية. صُممت معظم المنازل في قرية شيدي على شكل المقطع الصيني ""، تحيط بها الممرات وتتوسطها الأفنية، حيث تتساقط مياه الأمطار من السطوح من الجوانب الأربعة وتتدفق إلى الأفنية. كان الناس في ذلك الوقت يعتقدون أن الماء يمثل الثروة، لذا كانت مياه الأمطار تنساب إلى الأفنية، وهذا يعني أيضا جمع الثروة. علاوة على ذلك، تواجه أبواب البيوت في قرية هونغتسون مياه الجداول المتدفقة عبر القرية.

منزل دونرن هو مسكن عائلة هو قوان سان، أحد كبار تجار هويتشو. بُنيت في فترة الإمبراطور كانغ شي لأسرة تشينغ، وتبلغ مساحته 174 مترا مربعا. منزل دونرن جليل ومهيب، فهو ضخم ومضئ. وأمام القاعة الرئيسية للمنزل فناء كبير يُعرف باسم "الفناء الأم"؛ ولكل من الغرفتين الجانبيتين فناء صغير يشبه المنور، ويُعرف باسم "الفناء الابن". ويُعد ذلك فريدا ونادرا من بين العديد من المنازل القديمة في قرية شيدي.

بُني معبد جينغآي للأسلاف لأول مرة خلال فترة الإمبراطور وان لي لأسرة مينغ، ودُمر لاحقا في حريق. أُعيد بناؤه في أوائل أسرة تشينغ، ويعود تاريخه إلى أكثر من أربعمائة عام، وتبلغ مساحته 1800 متر مربع. تمت تسميته بـ"معبد جينغآي للأسلاف" للتعبير عن الاحترام والمحبة المتبادلين بين الإخوة، ولإلهام الأجيال اللاحقة باحترام الكبار وحب الصغار، واحترام ومحبة أبناء العائلة الواحدة لبعضهم البعض. هيكل المبنى بسيط ومهيب وشامخ، وهو مكان لمناقشة شؤون العائلة، وهو أيضا مكان لحفلات الزفاف وتعليم وتأديب الأبناء والأحفاد المخالفين للقواعد.

في بعض المنازل بقرية شيدي الكثير من معلقات دوبيتات الشعر، التي تتمحور محتوياتها حول النصح بالتعلم وسعة الأفق والتواضع والانفتاح. وقد لخصت دوبيتات الشعر هذه بدقة شديدة روح تجار هويتشو الذين يهتمون بالكونفوشية، ويكمن سبب انتشار تجار هويتشو في جميع أنحاء البلاد في ذلك الوقت في هذا النوع من روح المودة وحب المعرفة وكرم الأخلاق.

قرية هونغتسون

بُنيت قرية هونغتسون في أسرة فترة سونغ الجنوبية (1127- 1279م)، وكانت في الأصل المكان الذي تعيش فيه عائلة وانغ، ويرجع تاريخها لأكثر من 800 عام. تتكئ القرية على سلسلة جبال هوانغشان، وقام أبناء هونغتسون القدماء بتخطيطها وبنائها على شكل ثور، ومنظومة المياه الاصطناعية فيها فريدة للغاية. جبل ليقانغ الشاهق والأخضر هو رأس الثور، والأشجار القديمة الباسقة هي قرونه، أما البنايات السكنية المتناثرة من الشرق إلى الغرب فتشبه جسم الثور الضخم، والينابيع الصافية هي أمعاؤه، وبركة يويتشاو التي تمر الينابيع بالقرية وتتدفق إليها هي معدته. وبحيرة نانهو الواقعة في خارج القرية والتي تجري المياه إليها بعد الترشيح هي بطن الثور. هناك ينابيع صافية تتدفق أمام كل منزل في القرية، ويُعد تخطيط منظومة المياه هذا من أفضل ما في فن القرى الصينية القديمة.

أنشئت بركة يويتشاو في فترة الإمبراطور يونغ له لأسرة مينغ، عندما وجد وانغ سي تشي، وهو أحد أبناء قرية هونغتسون، ينبوعا طبيعيا في القرية يتدفق دون توقف طوال السنة، دعا المتخصصين لوضع خطة لإدخال المياه إلى الينابيع الطبيعية في مركز القرية، وإنشاء بركة لتوفير مياه لمكافحة الحرائق والشرب والغسيل وغيرها، واصل الأسلاف حفر وإنشاء بركة يويتشاو على شكل نصف القمر. مياه البركة زمردية طوال السنة، وسطح الماء مستو كالمرآة، والجدران البيضاء والقراميد السوداء مرتبة بدقة حولها من جميع الاتجاهات وتنعكس المناظر على المياه.

بُنيت بحيرة نانهو في فترة الإمبراطور وان لي لأسرة مينغ. نظرا لارتفاع عدد السكان، لم يعد مخزون مياه بركة يويتشاو كافيا، لذلك حوّل أبناء القرية رقعة من الأراضي الزراعية إلى بحيرة، وتم بناء جسر حجري يربط ضفتي البحيرة.

في القرية أكثر من 140 منزلا قديما محفوظا بشكل جيدا من أسرتي مينغ وتشينغ، وهي بسيطة وأنيقة. منزل تشنغتشي هو المسكن القديم المحفوظ بشكل أفضل في محافظة ييشيان، وهو بناية فخمة ومنحوتة بدقة، بناها أحد تجار الملح في أسرة تشينغ، وتبلغ مساحته أكثر من ألفي متر مربع، وهو بناية مشيدة من الطوب والخشب. تُعد المنحوتات الخشبية على العوارض والأقواس والبوابات وألواح النوافذ في القاعة الرئيسية، التي تتميز بطبقات معقدة وصور أشخاص، من أروع المنحوتات الخشبية ضمن فن "المنحوتات بثلاثة أنواع من المواد" لهويتشو.

شُيد منزل شورن، وهو مسكن قديم آخر، خلال أسرة تشينغ، وكانت مقر إقامة مسؤولي أسرة تشينغ في ذلك الوقت. في الوقت الحاضر، يُعرف منزل شورن باسم معرض الفنون الشعبية، وهو قاعة خاصة تضم مقتنيات أسلاف صاحب المنزل الخاصة. بغية ترويج ثقافة وتاريخ هويتشو، جمع صاحب المنزل أجهزة الورش القديمة والأدوات الحجرية والرسومات المحفورة بأسلوب هويتشو والمستخدمات الشعبية وأدوات الكتابة الخاصة بتجار هويتشو وكتب أشجار عائلات هويتشو وما إلى ذلك، من أبناء القرية والمتاحف لسنوات عديدة، ليظهر مرة أخرى بعض جوانب الحياة الاجتماعية في هويتشو في ذلك الوقت.

الاستخدام الحديث

استنادا إلى حماية التراث الثقافي العالمي وتوارثه، طورت محافظة ييشيان عددا من مشروعات الترفيه والتجربة السياحية، مثل مشاهدة الزهور وركوب الدراجات وتجفيف المحاصيل في الشمس والتصوير الفوتوغرافي والأنزال الشعبية والجولات الدراسية وعادات الزفاف والجولات الليلية وغيرها. وتُعرف محافظة ييشيان باسم "قرية في لوحة"، حيث تشبه كل قرية قديمة ذات الأجنحة والمقصورات والجدران البيضاء والقراميد السوداء لوحة فنية رائعة مرسومة بالحبر. وتطور محافظة ييشيان سوق الجولات الدراسية ورسم المناظر الطبيعية، وتوفر لمجموعات الدراسة والرسم خدمات متكاملة مثل الإقامة والمطاعم والتدريب والإرشاد وغيرها، وهو ما تطور تدريجيا وأصبح وسيلة فعالة للتنمية المستدامة للتراث الثقافي العالمي.

في السنوات الأخيرة، خصصت محافظة ييشيان 20% من عائدات تذاكر المواقع السياحية لتكون أموالا خاصة لحماية الآثار التاريخية، واستثمرت قرابة 15 مليون يوان (الدولار الأمريكي يساوي 2ر7 يوانات تقريبا حاليا) لتكون صندوقا خاصا لحماية التراث الثقافي، وعملت على دعوة الأشخاص ذوي الكفاءات والذوق الرفيع والمحبين للعمارة القديمة في هويتشو للمشاركة في إنشاء الصناعة وحماية التراث الثقافي واستخدامه. وفي حماية وترميم البنايات القديمة، تتمسك المحافظة بمبدأ "إصلاح البنايات القديمة لتبقى كما كانت عليه من قبل"، وعدم الإضرار بالتصميم الأصلي والمكونات الأصلية والمحافظة على المظهر الكامل للبنايات القديمة. ومعظم وسائل الترميم يدوية.

بعد تشغيل خط السكة الحديدية الفائقة السرعة، تم اختصار زمن السفر من محافظة ييشيان إلى شانغهاي وخفي وووهان وهانغتشو ونانتشانغ وغيرها من المدن الكبرى في الصين إلى حد كبير، مما جذب العديد من الزوار لزيارة المحافظة والتعرف على ثقافة هويتشو التقليدية.

 

 

©China Today. All Rights Reserved.

24 Baiwanzhuang Road, Beijing, China. 100037

京ICP备10041721号-4