مجتمع < الرئيسية

كبيرة مصممي "تشانغتشنغ": لتصبح الصين قوة فضائية

: مشاركة
2022-08-04 11:47:00 :Source تشانغ هوي:Author
 

 

في الساعة العاشرة وأربع وأربعين دقيقة صباح اليوم الخامس من يونيو عام ألفين واثنين وعشرين بتوقيت بكين، أطلقت الصين الصاروخ الحامل من طراز "تشانغتشنغ (المسيرة الطويلة)- 2F"، فصوب العالم أنظاره مرة أخرى نحو مركز جيوتشيوان لإطلاق الأقمار الاصطناعية بالصين. بعد حوالي 577 ثانية، انفصلت مركبة الفضاء الصينية المأهولة "شنتشو- 14"، التي تحمل ثلاثة رواد فضاء عن الصاروخ الحامل بنجاح، ودخلت المدار المحدد لها.

في قاعة التوجيه بمركز إطلاق الأقمار الاصطناعية، كانت السيدة رونغ يي كبيرة مصممي الصاروخ الحامل من طراز "تشانغتشنغ- 2Fتراقب انعطاف الصاروخ ورميه برج الهروب والأربع معززات وغطاء الحمولة وتحقيق الفصل بين مركبة الفضاء والصاروخ على التوالي من خلال شاشة المراقبة، فتأكدت أن "الصاروخ السحري" الذي صمموه أنجز مهمة الإطلاق بنجاح مرة أخرى.

حياة الإنسان أولا في مشروع الفضاء المأهول

تؤكد رونغ يي دائما على أن ضمان سلامة دخول الرواد إلى الفضاء هو المهمة والمسؤولية الخاصة للعاملين في بحث وصنع الصاروخ الحامل المأهول. فإذا كانت حمولة الصواريخ الأخرى تُقدَّر بثمن فإن حمولة "تشانغتشنغ- 2F" هي رواد الفضاء الذين لا تُقدَّر حياتهم بثمن.

الأكاديمية الصينية لتكنولوجيا إطلاق المركبات التابعة للشركة الصينية لعلوم وتكنولوجيا الفضاء هي التي نهضت بمهمة بحث وصنع الصاروخ الحامل من طراز "تشانغتشنغ- 2F"، ومنذ رحلته الأولى في عام 1999، يحمّل "تشانغتشنغ- 2F" كل مهام إطلاق مركبات شنتشو الفضائية المأهولة وطائرات الفضاء المستهدفة. ولأنه نفذ عمليات الإطلاق بمعدل نجاح بلغ 100%، يحمل لقب "الصاروخ السحري".

يتكون مشروع رحلات الفضاء المأهولة الصينية من رواد الفضاء والتطبيقات الفضائية ومركبات الفضاء والصواريخ الحاملة وموقع الإطلاق واتصالات القياس والتحكم ومواقع الهبوط ومختبرات الفضاء وغيرها من الأنظمة الهامة. تحدد قدرة الصاروخ الحامل سعة مجال تطوير الفضاء للصين، مما يعكس الدور الأساسي والرائد للصاروخ الحامل في تطور مشروع الفضاء كله. أما الصاروخ الحامل المأهول، فهو كيان شامل لتكنولوجيا الصاروخ الحامل ذي الموثوقية العالية ومتطلبات الأمان العالية، فيُعتبر أساسا هاما لتطوير مشروع الرحلات الفضائية المأهولة.

وُلدت رونغ يي في عام 1978، وحصلت على درجة البكالوريوس من الجامعة الوطنية لتكنولوجيا الدفاع، ودرجتي الماجستير والدكتوراه من جامعة تشينغهوا، وانضمت إلى الأكاديمية الصينية لتكنولوجيا إطلاق المركبات ما بعد الدكتوراه في عام 2006، فبدأت رابطة لا تنفصم بينها وبين الصاروخ الحامل من طراز "تشانغتشنغ- 2F". قالت رونغ يي: "شاركت في مهمة إطلاق مختبر الفضاء "تيانقونغ- 1" ومركبة الفضاء "شنتشو- 8" في عام 2011، وقد نفذت مهمة الإطلاق تسع مرات حتى الآن. من حسن الحظ أنني شاركت في كل مهمات الإطلاق للخطوتين الثانية والثالثة لمشروع الرحلات الفضائية المأهولة."

أشارت رونغ يي إلى أن أبرز ميزة للصاروخ المأهول هي الموثوقية العالية ومتطلبات الأمان العالية. عندما بدأت الدولة تأسيس مشروع بحث وصنع الصاروخ الحامل من طراز "تشانغتشنغ- 2F" في بداية تسعينات القرن الماضي، كانت درجة موثوقية الصواريخ في ذلك الوقت حوالي 90ر0، ولكن درجة الموثوقية المطلوبة لصاروخنا من هذا الطراز ارتفعت إلى 97ر0. من أجل تحقيق هذا الارتفاع البالغ 07ر0، بذل المتخصصون في بحث وصنع الصاروخ جهودا مضنية في الدراسة وأجروا اختبارات متكررة نهارا وليلا.

قالت رونغ يي بصراحة: "من الصعب جدا أن ترتفع موثوقية الصاروخ بعد وصولها إلى حد معين. قام فريقنا البحثي بعدد كبير من الاختبارات لرفع وتأكيد موثوقية الأجهزة والمنتجات المعنية. في بعض الأحيان، من أجل تأكيد بارمترات منتج، يحتاج الباحثون إلى العمل بشكل مستمر لمدة 7 أو 8 ساعات.

في النهاية، لم يحقق "تشانغتشنغ- 2F" هدف درجة الموثوقية البالغة 97ر0 فحسب، وإنما أيضا وصلت قيمة تقييم الموثوقية الفعلية إلى 9894ر0، وبذلك حقق الهدفين اللذين كان تحقيقهما مستحيلا في البداية.

إبداعات لا تتوقف

في الحادي والعشرين من شهر سبتمبر عام 1992، قررت اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني تنفيذ مشروع الرحلات الفضائية المأهولة، حيث حددت خطة تطوير إستراتيجية من "ثلاث خطوات": الخطوة الأولى هي إطلاق مركبة الفضاء المأهولة واستعادتها بأمان، وبناء مشروع أولي لدعم مركبات الفضاء المأهولة التجريبية، وإجراء تجارب التطبيقات الفضائية؛ والخطوة الثانية هي تحقيق اختراقات في تكنولوجيا التقاء والتحام مركبات الفضاء المأهولة ومركبات الفضاء الأخرى، وإطلاق مختبر فضائي لحل مشكلة التطبيقات الفضائية بنطاق معين ورعاية مأهولة قصيرة الأجل. أما الخطوة الثالثة فهي بناء محطة فضائية مأهولة، لحل مشكلة التطبيقات الفضائية بنطاق واسع ورعاية مأهولة طويلة الأجل.

باعتباره أحد الأنظمة الهامة لمشروع رحلات الفضاء المأهولة في الصين، تم تدشين بحث وصنع الصاروخ الحامل من طراز "تشانغتشنغ- 2F" رسميا في نهاية عام 1992. وتم إطلاقه في العشرين من نوفمبر عام 1999 لأول مرة بنجاح، حيث أرسل أول مركبة فضاء تجريبية صينية بدون طاقم "شنتشو- 1" إلى الفضاء. وفي الخامس عشر من أكتوبر عام 2003، أرسل الصاروخ الحامل من طراز "تشانغتشنغ- 2F" يانغ لي وي أول رائد فضاء صيني إلى الفضاء، مما جعل الصين ثالث دولة في العالم قادرة على إرسال الإنسان إلى الفضاء. في الثاني عشر من أكتوبر عام 2005، أرسل الصاروخ الحامل من طراز "تشانغتشنغ- 2F" رائدي الفضاء فِيّ جيون لونغ ونيه هاي شنغ إلى الفضاء، وبذلك تحقق اختبار طيران رواد الفضاء لأيام عديدة، وتم إنجاز "الخطوة الأولى" لمشروع رحلات الفضاء المأهولة الصينية بنجاح. وفي الثالث من نوفمبر عام 2011، أرسل الصاروخ الحامل من طراز "تشانغتشنغ- 2F" مركبة الفضاء المأهولة "شنتشو- 8" إلى الفضاء بنجاح، وأنجز أول التقاء والتحام آلي بين مختبر الفضاء التجريبي "تيانقونغ-1" ومركبة الفضاء "شنتشو- 8" ، ليكوّنا مجموعة، فنجحت الصين في أول اختبار للالتقاء والالتحام في الفضاء، وأصبحت ثالث دولة في العالم تتقن تماما هذه التكنولوجيا بشكل مستقل. وفي السابع عشر من أكتوبر عام 2016، نجح الصاروخ الحامل من طراز "تشانغتشنغ- 2F" في إرسال مركبة الفضاء المأهولة "شنتشو- 11" التي حملت رائدي الفضاء جينغ هاي بينغ وتشن دونغ، حيث بقي رائدا الفضاء بنجاح في الفضاء لمدة 33 يوما وأكملا سلسلة من التجارب العلمية والتكنولوجية ، فتحققت بذلك الخطوة الثانية لمشروع رحلات الفضاء المأهولة الصينية.

قالت رونغ يي: "من أول رحلة له في عام 1999 إلى عام 2021، تم إطلاق الصاروخ الحامل من طراز "تشانغتشنغ- 2F" بشكل أساسي مرة واحدة فقط كل ثلاث أو خمس سنوات. وابتداء من العام الماضي، تم إطلاقه مرتين في السنة، هذه زيادة كبيرة في حجم عملنا. خلال العشرين سنة الماضية لم تتوقف جهودنا لتحسين تقنيات "تشانغتشنغ- 2F". تتميز صناعتنا ككل بآلية ممتازة لاكتشاف الأخطاء ومشاركة المعلومات، فإذا وجدنا أي خطر كامن في صاروخ من طراز ما، نبلِغ فرق بحث وصنع الصواريخ من الطرز الأخرى على الفور، ويشارك الجميع في التحليل، ثم نبذل أقصى جهودنا في التحسين، فيأتي ارتفاع الموثوقية من كل ذرة من الخبرات المتراكمة."

رسالة مجيدة ومسؤولية جسيمة

وفقا لما قالته رونغ يي، ينصب تركيز العمل في هذا العام بلا شك على ضمان نجاح إطلاق المركبة الفضائية المأهولة "شنتشو- 15" بواسطة الصاروخ "تشانغتشنغ- 2F"، لأن هذه المهمة ستكون أيضا المعركة النهائية لمرحلة بناء محطة الفضاء الصينية. واعتبارا من عام 2023، ستدخل محطة الفضاء الصينية مرحلة التشغيل الرسمي، وستجري رحلة أو رحلتان للمركبة الفضائية المأهولة كل سنة. وسيعمل فريقها على ضمان جودة المنتجات المتعلقة بهذه المهمة وتحسين إجراءات المهمة.

رونغ يي، كونها كبيرة المصممين وخبراء التكنولوجيا في الأكاديمية الصينية لتكنولوجيا لإطلاق المركبات، فإنها مفعمة بالثقة بالصاروخ الحامل من طراز "تشانغتشنغ- 2F". قالت: "الصاروخ من هذا الطراز يحتل مكانة رائدة نسبيا في العالم، من حيث الموثوقية والأمان وقدرة الحمل ودقة دخول المدار."

في السنوات العشر الأخيرة، حققت الصين تطورات واختراقات ملحوظة في مجال رحلات الفضاء المأهولة، وتعتقد رونغ يي أن الفضل في ذلك يرجع إلى مزايا النظام الاشتراكي الصيني المتمثل في حشد القوى لإنجاز الأعمال الهامة، والقوة الجبارة للبلاد ودعم البلاد القوي لمشروع الفضاء.

بعد الرحلة الأولى الناجحة للصاروخ "تشانغتشنغ- 5" في عام 2016، علقت بعض وسائل الإعلام الأجنبية بأن الشيء الأكثر إثارة للخوف في صناعة الطيران في الصين ليس الإنجازات العظيمة التي حققتها مثل هندسة الرحلات الفضائية المأهولة، ولكن العدد الكبير من العلماء والمهندسين الشباب لديها. قالت رونغ يي: "يمكن أن نجد في التقارير التلفزيونية أنه في كل مرة نطلق فيها مهمة، هناك العديد من وجوه الشباب، ونكلّف الشباب بتحمّل الأعمال الهامة في المشروعات الهامة."

تعتقد رونغ يي أن أبرز المزايا لفريقها هو الشعور القوي بالمسؤولية وروح التعاون والتضامن، ويرجع ذلك إلى حب واحترام الجميع لهذه القضية، والتأثير المتبادل بينهم.

عندما تحدثت رونغ يي عن أعمال بحث وصنع الصاروخ الحامل من طراز "تشانغتشنغ- 2F"، قالت إنها تشعر بأن ذلك رسالة مجيدة ومسؤولية جسيمة لأنه مشروع مجيد وعظيم يجذب اهتمام أبناء الشعب في جميع أنحاء البلاد. ويتطلب بحث وصنع الصاروخ الحامل المأهول ضمان سلامة حياة رواد الفضاء، فتكون الموثوقية والأمان أهم وأكبر مهمة لنا إلى الأبد. وأضافت قائلة: "مجال الفضاء هو رمز وتجسيد للقوة العلمية والتكنولوجية للبلد والقوة الوطنية الشاملة. أما مشروع رحلات الفضاء المأهولة فهو مشروع يجسّد ذلك، ومن الصعب إنجاز هذه المهمة بدون عصر من الازدهار الوطني. أنا محظوظة أن أكون في هذا العصر العظيم وهذا المشروع العظيم."

يصادف عام 2022 المعركة الحاسمة لإنجاز الصين بناء محطة الفضاء الصينية، كما يصادف الذكرى السنوية الثلاثين لتأسيس مشروع الفضاء المأهول الصيني. أمام الأعمال الهامة التي تواجهها، قالت رونغ يي بحماسة ونشاط: "سنواصل الكفاح لنحقق ونشهد مزيدا من روعة مشروع الفضاء الصيني."

 

 

©China Today. All Rights Reserved.

24 Baiwanzhuang Road, Beijing, China. 100037

京ICP备10041721号-4